المصدر الأول لاخبار اليمن

“الإرهاب”.. الولاية الـ 52 لأمريكا (الجزء الأول)

من رحم السعودية ولد تنظيم “القاعدة” وفي الحضن الأمريكي ترعرع الإرهاب

تقرير خاص// وكالة الصحافة اليمنية//

“وفق اتفاقية الحماية الأمريكية وتنفيذا لوصية عبدالعزيز آل سعود لا يحق للسعودية تشكيل جيش وطني يزيد تعداده عن 20 ألفا“ لكن ولأن الاتفاقيات ليست نصا سماويا وتلبية للسياسات السعودية التي تستهدف توسيع نفوذها الاقليمي والدولي تم كسر قيود الاتفاقية وبمساعدة الطرف الثاني شكلت جيشها السري بعيدا عن حدودها وخارطتها الجغرافية جيش عقائدي بلا هوية وبشكل وملامح لا تشبه الجيوش اسمته القاعدة..

في افغانستان ولدت قاعدة البيانات التي أوكلت المخابرات الأمريكية والسعودية لمجموعة من الأفراد- أبرزهم أسامة بن لادن وعبدالله عزام – مسؤولية الإشراف عليها والسيطرة من خلالها على عملية تدفق المجاهدين من مختلف بلدان العالم ومن قاعدة البيانات ومكاتبها المتعددة المسميات ولدت القاعدة الحركة والتنظيم الذي سرعان ما شهد تطورا تنظيميا وإداريا وعسكريا وبعد أن كانت افغانستان ميدان معاركه وحروبه اتسعت خارطته العسكرية حتى شملت كل العالم..

وبالعودة إلى ماضي تنظيم القاعدة وتحديدا فترة الحرب ضد الاتحاد السوفياتي أو الحرب ضد الشيوعية في افغانستان نجد أن القاعدة وبقية التنظيمات التي أنشأتها الولايات المتحدة ومولتها السعودية حظيت باهتمام غربي وعربي كبير لدرجة إطلاق مصطلح “ثوار“ على أفراد مثل هذه الجماعات التي كانت بمثابة خنجر غرسته الولايات المتحدة الامريكية في خاصرة الاتحاد السوفياتي..

لكن وبعد خروج الاتحاد السوفياتي من أفغانستان وانهياره بداية عقد التسعينيات تغيرت تلك النظرة وبدأت الولايات المتحدة الامريكية تهيئة تنظيم القاعدة وتجنيده لمساعدتها في تنفيذ سياساتها وأجنداتها المتمثلة في السيطرة والهيمنة على العالم لدرجة أن القاعدة تحولت إلى دليل يتبعه جيش وصواريخ الولايات المتحدة الامريكية وأينما ذهبت القاعدة تبعتها أمريكا بجنودها وصواريخها وحروبها العبثية..

السعودية هي الأخرى اتجهت لاستثمار تنظيم القاعدة “جيشها السري“ الذي بنته ودربته ومولت حروبه في أفغانستان وسعت للاستفادة من تعدد جنسيات أفراده واستغلت انتماءاتهم للعديد من الدول العربية والإسلامية في تنفيذ سياساتها وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لمعظم الدول العربية والاسلامية..

وابتداء من أفغانستان وباكستان ومرورا بالعراق وانتهاء باليمن وتحت مبرر ومسمى محاربة القاعدة تمكنت الولايات المتحدة الامريكية والسعودية من التواجد بل وفرض وجودها وتدخلاتها في الشؤون الداخلية والاطلاع على الأسرار والمعلومات العسكرية كخطوة أولى للمزيد من التدخلات التي تجاوزت حدود تقديم المساعدات ووصلت حد التدخل في رسم السياسات العسكرية والأمنية لهذه الدول وما شهدته وتشهده اليمن خير دليل على حقيقة ما يقدمه تنظيم القاعدة من خدمات للولايات المتحدة والسعودية اللتان تحرصان على دعم وحماية هذا التنظيم الأمريكي السعودي (الفكرة والتمويل) وتمتلك حق توجيهه لخدمة سياساتها الرامية لاستهداف الاستقرار وزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في الكثير من البلدان العربية وفي مقدمتها اليمن والعراق وسوريا وهم الجيران غير المرغوب بهم سعوديا ويجتهد نظام آل سعود على أن لا تشهد هذه البلدان أي نوع من الاستقرار السياسي ويحرصون على تدمير بناها الاقتصادية بشكل عام..

متى وأين نشأ تنظيم “القاعدة”؟

في منتصف الثمانينات قام كل من أسامة بن لادن وعبدالله عزام بتأسيس جمعية للتبرعات بمقر رئيسي في باكستان، سميت بـ” مكتب الخدمات”، عرفت لاحقاً باسم “مكتب الكفاح”.

وفي 1984 بدأ مكتب الخدمات بافتتاح فروع متعددة في الولايات المتحدة بلغت أكثر من 30 فرعاً في عدد من المدن الأميركية، كان الأول في مدينة توكسون بأريزونا. وفي عام 1986 قام خالد أبو الذهب أحد أعضاء تنظيم القاعدة والذراع اليمنى للعميل المزدوج “محمد علي” بافتتاح الفرع الرئيسي لـ” مكتب الكفاح” في بروكلين، والذي أصبح لاحقاً أحد أهم الفروع في الولايات المتحدة.

وفي ديسمبر 1987، قام كل من مصطفى شلبي، وفواز دامرا، وعلي الشيناوي، بإدراج المكتب رسمياً باسم “مركز الكفاح للمهاجرين”، كان مقره بداية في “مسجد الفاروق”، والذي كان أمامه “فواز دامرا”، إلى أن تم إنشاء مقر مستقل للمركز بجانب مسجد الفاروق. تولى مصطفى شلبي الأميركي من أصول مصرية مسؤولية إدارة المكتب إلى جانب اثنين من المساعدين: محمد أبو حليمة، الذي اتهم لاحقاً بتورطه في التخطيط لتفجير مركز التجارة العالمي في عام 1993، إلى جانب السيد نصير، الذي قام باغتيال إحدى الشخصيات اليهودية في مدينة نيويورك في عام 1990.

قام مركز “الكفاح” في بروكلين بتجنيد المهاجرين العرب والعرب الأميركيين للقتال في أفغانستان، وحتى بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي في 1989، وبلغ عدد من جندهم المكتب في بروكلين ما يقارب الـ200 مقاتل، قام مكتب الخدمات بتسهيل حصول المقاتلين على التأشيرات، وتوفير تذاكر السفر، والمضافات لهم في أفغانستان، وتوجيههم إلى “مكتب الكفاح” في بيشاور بباكستان، وربطهم بفصائل مقاتلة أفغانية منها بقيادة عبد رب الرسول سياف، وقلب الدين حكمتيار.

وقد أكدت مراسلات ومخاطبات القاعدة  فإن العديد من عناصرها تلقوا تدريباتهم في مركز الكفاح للمهاجرين بمدينة بروكلين الأمريكية.

ووفقاً لأحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي “ماك وليامز وأحد موظفي طاقم السفارة الأميركية في كابول” فقد تورطت الولايات المتحدة في تجنيد المقاتلين العرب باستقطاب العديد منهم من خلال شبكة من مكاتب التجنيد في أفغانستان، وكان الفلسطيني عبدالله عزام، المسؤول الأول عن عملية التجنيد بتأسيس مكتب الخدمات الأفغاني في عام 1984 بهدف جمع الأموال وتجنيد المقاتلين.

وأكد ماك وليامز قيام عبدالله عزام بزيارات رسمية متكررة إلى الولايات المتحدة، بهدف التجنيد، تحت شعار الجهاد ضد السوفييت، وكان التعاون بين عزام والولايات المتحدة من خلال مكتب الخدمات وفقاً للخطة الموضوعة من قبل وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

وبحسب ما جاء في إحدى أشرطة عبدالله عزام والذي بدأ زياراته المتكررة إلى الولايات المتحدة في بداية الثمانينات، كانت بمناسبة افتتاح “مكتب خدمات” المجاهدين في نيويورك وفتح حسابا بنكيا لهم في بنك “أندباندس” وحساب اخر في بنك “أوف أميركا” والذي وصفه “عزام” بأنه أدق وأفضل البنوك.

تورط جهاز الاستخبارات الأميركي في مساعدة وتمويل الأفغان العرب ورد في شهادة “عبدالله أنس” فيما دوّنه في مذكراته “ولادة الأفغان العرب سيرة عبد الله أنس بين مسعود وعبد الله عزام”، والتي تحدث فيها عن مدى أهمية الدور الذي لعبه مكتب الخدمات مفيداً أنه وبحسب ما ذكره له شخصياً عبدالله عزام فتأسيس المكتب كان مع مجموعة من الشخصيات من بينهم أسامة بن لادن بهدف تنظيم مشاركة العرب في الجهاد الأفغاني، تفادياً لإبقائهم في مضافات أفغانية متفرقة، ووضعهم في مواقع مستقلة لضمان المشاركة مع الجميع وليس مع طرف واحد ضد آخر.

وبحسب “عبدالله أبو أنس” فقد جاءت فكرة تأسيس مكتب الخدمات في أواخر عام 1984 ومطلع 1985 لأبعاد ثلاثة: “إغاثية، وإصلاحية، ودعوية”، حيث بدأ بافتتاح معاهد ومدارس في داخل أفغانستان، كما فتح معاهد دينية للأفغان الذين فروا من أفغانستان والذين كان يقدر عددهم بـ3 ملايين..

وأشار “أنس” في مذكراته إلى أن المسؤول عن البريد في مكتب الخدمات كان ينزل كل يوم إلى مكتب البريد ويأتي بعشرات الرسائل تضم شيكات، الواحدة منها بعشرة آلاف أو عشرين ألف دولار من التبرعات.

يتبع

قد يعجبك ايضا