المصدر الأول لاخبار اليمن

رسمياً أبوظبي تتحول إلى وكر للجاسوسية

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//

بات معروفاً تفسير أي عمل تجسسي يُكتشف أن دولة الإمارات تقف وراءه؛ فأبوظبي أعلنت حجتها مسبقاً لأعمال تجسسية قادمة، وأخرى افتضحت في وقت سابق، ليس هذا فحسب بل باتت وكراً لإدارة نشاطات تجسسية لدول أخرى.

ولن يستدعي الأمر توضيحاً إماراتياً لما كشفت عنه إيران عبر بثّ تلفزيونها، الاثنين (22 يوليو الجاري)، فيلماً وثائقياً يُظهر ضابطاً في المخابرات الأمريكية يجند إيرانياً في دولة الإمارات، ضمن شبكة تجسس عملت لحساب الـ”CIA”.

فالتبرير الإماراتي يتخذ حجة “الدفاع عن أنفسنا”، وأن عمليات التجسس تستهدف دولاً “غير صديقة” لأبوظبي.

التبرير الإماراتي هذا جاء على لسان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، يناير الماضي، رداً على سؤال حول إفادة بنيويورك عن مشروع للتجسس على الدول تعتمده الإمارات، بعد أن أصبح لأبوظبي اسم مفتضح في عالم التجسس.

وأقر المسؤول الإماراتي بأن بلاده لديها “قدرة إلكترونية”، لكنه نفى استهداف مواطنين أمريكيين أو دول تجمعها ببلاده “علاقات طيبة”، في تأكيد أن الإمارات تتجسس على دول لا ترتبط معها بعلاقات جيدة، مثل قطر وإيران.

وأضاف قرقاش مبرراً تجسس بلاده على الدول بالقول: “نحن نعيش في جزء صعب جداً من العالم. يتعين علينا أن نحمي أنفسنا (…) نحن لا نستهدف دولاً صديقة ولا نستهدف المواطنين الأمريكيين”.

وتسارع من تُتهم إلى النفي وتقديم الدلائل والقرائن التي تعكس ما يتم إثباته عليها من الدول، لكن في الإمارات كان الأمر مختلفاً؛ إذ التزمت الدولة وقيادتها وإعلامها الصمت بعد إعلان السلطات التركية، الجمعة (19 أبريل)، اعتقال عنصري استخبارات يعملان لمصلحة مخابرات أبوظبي، خلال وجودهما في مدينة إسطنبول.

وساد الصمت المطبق السلطات الإماراتية، إذ لم تخرج بموقف واحد ينفي أو يؤكد صحة ما قدمته السلطات التركية من اعترافات للرجلين بمحاولة تأسيس شبكة تجسس للاستخبارات الإماراتية في تركيا تضم عملاء من بلدان مختلفة.

الاعتماد على خبرات أمريكية
ما يؤكد الرواية الإيرانية الجديدة حول تجنيد الجواسيس في الإمارات، كان تحقيقاً لوكالة “رويترز” نشرته في يناير الماضي، خلص إلى أن الإمارات استخدمت مجموعة من المتعاقدين الأمريكيين في مجال المخابرات للمساعدة في عمليات تسلل إلكتروني؛ لاستهداف حكومات منافسة ومعارضين ونشطاء حقوقيين.

وشكل المتعاقدون، وهم ضباط مخابرات سابقون، الجانب الرئيسي من برنامج تجسس يدعى “مشروع ريفين”.

وبحسب “رويترز” ذكر ضباط سابقون ووثائق أن المشروع استهدف أيضاً الأمريكيين وهواتف آيفون الخاصة بموظفي سفارات فرنسا وأستراليا وبريطانيا.

التحقيق كشف أيضاً عن تجسس أبوظبي على هواتف: أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي، بالإضافة إلى نائب رئيس الوزراء التركي السابق محمد شيمشك.

وبحسب التحقيق الذي استند إلى مقابلات مع 9 من العاملين الأمريكيين في المشروع الذي أُطلق عليه اسم “الغراب الأسود”، فإن محاولات التجسّس شملت أيضاً الناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان.

الفريق التجسّسي المتخصص بالأمن السيبراني، الذي شكّلته الإمارات من أجل ملاحقة معارضيها وأعدائها، سعى إلى محاولة اختراق الهواتف الشخصية للمستهدَفين بمساعدة أداة تجسّس يطلَق عليها اسم “كارما”؛ وهو ما يبيّن مدى فاعلية تأثير انتشار أسلحة الأمن السيبراني، خاصة عندما تكون بيد دول صغيرة.

وبحسب العملاء الأمريكيين الذين عملوا في البرنامج التجسّسي للإمارات، فإن “كارما” سمح بجمع الأدلة من عشرات الأهداف؛ من بينهم ناشطون مُنتقدون للحكومة، ومنافسون إقليميون في قطر، والمعارضة الإماراتية، وحركة “الإخوان المسلمين”.

واشترت الإمارات هذا البرنامج من أحد البائعين خارج البلاد، دون أن تتمكّن “رويترز” من تحديد منشأ هذا البرنامج.

الإمارات والتجسس عبر الفضاء
عمليات التجسس التي بات للإمارات اسم يتردد فيها، لا سيما اعتمادها على دولة الاحتلال الإسرائيلي في هذا الشأن؛ بحسب ما تكشف في مرات عديدة من خلال الصحافة العالمية، ووسائل الإعلام العبرية خاصة، تعتمد على وسائط مختلفة من بين أهمها الأقمار الصناعية.

ويحاصر كوكب الأرض أقمار صناعية صغيرة بعضها “مدني” وأغلبها “عسكري”، إذ تنفي معظم دول العالم حين إطلاقها للأقمار أنها تستخدمها لأسباب عسكرية، بل تؤكد أنها أطلقتها لأهداف تخدم البيئة والمناخ والأبحاث العلمية، وهي في أصلها عسكرية بحتة، وفقاً لمختصين.

ودولة الإمارات -على محدودية أثرها مقارنة بالدول العظمى بما يخص التوسع الفضائي ونشر الأقمار الصناعية حول الأرض- تدفع أموالاً طائلة من أجل ذلك، وتسعى جاهدة لبناء منظومة أقمار صناعية عسكرية تفيدها في موضوع التجسس وتستكمل عبرها مشروع التخريب الذي تنتهجه في المنطقة، بحسب متابعين.

وعلى الرغم من دفع أبو ظبي بالمزيد من الأقمار الصناعية إلى الفضاء فإنّ آخرها لم يستطع الصعود، حيث فشلت عملية إطلاق الصاروخ الفرنسي من طراز “فيغا” المحمل بقمر صناعي عسكري إماراتي، من قاعدة “كورو” الفضائية الفرنسية في 11 يوليو الجاري.

وكان من المتوقع أن يصبح القمر الصناعي العسكري الإماراتي الذي كان يحمله الصاروخ، قمراً صناعياً إماراتياً عاشراً على مدار الأرض، وتخطط الإمارات لزيادة عدد أقمارها إلى 12 قمراً صناعياً بحلول عام 2020.

فضائح الإمارات التجسسية
شركة البرمجيات وخدمات الإنترنت “موزيلا” الأمريكية، صاحبة محرك البحث “فايرفوكس”، قالت في بيان لها، يوم الثلاثاء 9 يوليو الجاري: إنها “ترفض مسعى الإمارات لأن تصبح حارساً معترفاً بها دولياً لأمن الإنترنت، ومفوضة للتصديق على سلامة المواقع لمستخدمي (فايرفوكس)”.

وأضافت موزيلا أنها اتخذت هذا القرار لأن شركة أمن الإنترنت “دارك ماتر” كانت ستضطلع بدور الحارس، وأن تحقيقاً لـ”رويترز” وتقارير أخرى ربطت بينها وبين برنامج اختراق إلكتروني تديره الدولة، وذلك في إشارة إلى المشروع الإماراتي السري المعروف بـ”رافين”، أو “الغراب الأسود”.

وقالت سيلينا ديكلمان، مديرة القطاع الهندسي في موزيلا: إن “تقارير رويترز، بالإضافة إلى ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز ومؤسسة إنترسيبت الإخبارية، جعلت الشركة تخشى من أن تستخدم دارك ماتر دور حارس الأمن على الإنترنت للقيام بعمليات مراقبة”.

وبحسب صحف عالمية ومنظمات دولية بينها العفو الدولية “أمنستي”، فإن الإمارات تعاونت مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في التجسس وملاحقة النشطاء والصحفيين والحقوقيين، إلى درجة محاولة التجسس على أحد موظفي المنظمة.

ما دفع “أمنستي” إلى الدعوة لمقاضاة وزارة الحرب الإسرائيلية؛ لرفضها إلغاء ترخيص التصدير الممنوح لمجموعة “إن إس أو” (مقرها تل أبيب) التي تزود السعودية والإمارات وحكومات قمعية أخرى ببرامج تجسس.

قرصنة “قنا”
لا شك أنّ اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا) وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، في 23 مايو 2017، كان من بين أبرز الخروقات الأمنية التي تنضم إلى قائمة الخطط الاستخبارية التجسسية التي تتبناها الإمارات، والتي دشنت من خلالها أكبر أزمة يعيشها الخليج العربي حتى اليوم.

ولإثبات ضلوع الإمارات والسعودية في الحادث لم تلبث قناتا “العربية” و”سكاي نيوز عربية” أن بثتا تلك التصريحات المفبركة، وعشرات العواجل على لسان الشيخ تميم، ولم تكتفيا بذلك بل كانت اللقاءات والحورات قد أُعدت واستُقبل المحللون في ساعة متأخرة من الليل.

وبعد وقت قصير من اختراق “قنا” سارعت الدوحة إلى الإعلان عن قرصنة الوكالة ونفي التصريحات المنسوبة لأميرها، وطالبت وسائل الإعلام بتجاهل تلك التصريحات الملفقة.

وأشارت كبريات الوكالات في العالم، مثل “رويترز” و”فرانس برس”، إلى عمليات اختراق إلكتروني تعرضت لها وكالة الأنباء القطرية، وهو ما أسفر عن بث تصريحات مفبركة.

وفي 20 يوليو 2017، أعلنت وزارة الداخلية القطرية التعرف على عنوانين للإنترنت في دولة الإمارات استُخدما لتنفيذ عملية الاختراق.

وأكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يوم 24 يناير 2018، وقوف الإمارات وراء عملية اختراق الوكالة القطرية، وقالت إن الأمر تم بعلم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وفي مايو الماضي، عبر مشرعون أمريكيون في رسالة إلى وزير الخارجية، مايك بومبيو، ومدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس، عن قلقهم البالغ من بيع تقنيات تجسس متقدمة إلى دول تنتهك حقوق الإنسان، من بينها الإمارات والسعودية.

وطالبت رسالةُ المشرعين الحزبين الديمقراطي والجمهوري “بومبيو وكوتس” بوقف تزويد الحكومات المنتهكة لحقوق الإنسان بقدرات المراقبة المتطورة.

(الخليج أون لاين)

قد يعجبك ايضا