المصدر الأول لاخبار اليمن

كيف تساعد بريطانيا «السعودية» على انتهاكات حقوق الإنسان؟!!

جمَّع مئات البريطانيين خارج شارع «داونينج» في العاصمة البريطانية لندن؛ وذلك للاحتجاج على لقاء رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الزيارة التي تستمر لمدة ثلاثة أيَّام، والتي بدأت من أمس الأربعاء.

 وهتف المتظاهرون ضد ابن سلمان رافعين شعارات مثل: «ارفعوا أيديكم عن اليمن»، و«أوقفوا تفجير اليمن الآن»؛ وذلك للاحتجاج على الضربات الجوية التي يشنها النظام السعودي في صدارة عدد من الدول المدعومة من قوى دولية أخرى، والتي يُطلق عليها «التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن».

وغير الهجوم على ابن سلمان نفسه، هاجم المتظاهرون القيادة البريطانية، المتمثلة في رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، رافعين شعارات تطالب بوقف بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية؛ وذلك بسبب أفعالها التي تنتهك حقوق الإنسان في عدد من الدول، سواء في اليمن، أو غيرها.

 وكان الديوان الملكي السعودي قد أعلن عن توجه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى بريطانيا في زيارة يلتقي خلالها كبار المسؤولين الإنجليز، مثل الملكة إليزابيث، وولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، ورئيسة الوزراء البريطانية، وذلك لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

 واختتم ولي العهد السعودي زيارته لمصر الأربعاء، والتي استمرت لثلاثة أيام، قابل فيها عددًا من المسؤولين المصريين، وتعتبر هذه الجولة هي أول جولة خارجية رسمية لولي العهد السعودي بعد توليه هذا المنصب منذ يونيو (حزيران) الماضي.

 وخلال ثلاثة أعوام تقريبًا من الصراع في اليمن، منذ تدخل المملكة العربية السعودية عسكريًا من أجل استرداد شرعية الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، فإن المملكة ارتكبت الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان، بحسب الكثير من المراقبين والتقارير الحقوقية الموثة، فمنذ مارس (آذار) 2015 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2017 وصل عدد القتلى في اليمن من المدنيين إلى أكثر من 4125 قتيل، فضلًا عن إصابة ما يقرب من 21 ألف مصاب من المدنيين أيضًا، وذلك طبقَا لمكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ومنظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية.

 وتتمثل انتهاكات المملكة العربية السعودية ليس فقط في أعداد القتلى، وإنما في المدن المدمَرة أيضًا، وعشرات الضربات الجوية، المقصودة، أو الخاطئة، التي تقتل المئات والآلاف من المدنيين أيضًا، هذا بالإضافة إلى استخدام الذخائر العنقودية المحظورة دوليًا، وذلك في مناطق عدة في اليمن، كما أنها بريطانية الصنع أيضًا.

 وبالإضافة إلى هذا وذاك، فإن إعاقة وصول المساعدات الإنسانية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في اليمن،؛ أدى إلى حدوث المجاعات في عدة مناطق، وغياب الأمن الغذائي عن النساء والأطفال، بالإضافة إلى الهجمات العشوائية في المناطق المختلفة، كان أيضًا من أبرز انتهاكات المملكة في اليمن.

 التظاهرات ضد زيارة ولي العهد السعودي، ورئيسة الوزراء البريطانية؛ لاستقبالها لابن سلمان، تدفع للبحث حول الأسباب الفعلية، والمواقف المختلفة التي أزعجت البريطانيين – وربما غيرهم – من هذه الزيارة، ولذلك يستعرض هذا التقرير أبرز المواقف التي ساعدت فيها بريطانيا المملكة العربية السعودية على مختلف أنواع انتهاكات حقوق الإنسان.

1- مشاركة بريطانيا المباشرة في اليمن إلى جانب السعودية

 يشهد اليمن منذ عام 2014 نزاعًا داميًا، أو حربًا أهلية بحسب تسمية الكثيرين، زاد التصعيد فيه بتدخل المملكة العربية السعودية عسكريًا ضمن تحالف عربي في أوائل عام 2015، ويتركز النزاع بين الحكومة اليمنية، تحت قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والمدعومة مما يعرف إعلاميًا باسم التحالف العربي لدعم الشرعية، في مواجهة جماعات الحوثي المسلحة، والمدعومة من قبل الرئيس اليمني المقتول علي عبد الله صالح قبل الخلاف بينهما، وإيران.

 وبعد حوالي ثلاثة أعوام كاملة من الصراع، لا تبدو أية علامات على هدوء الأوضاع في وقتٍ قريب؛ فبين الصراع الجاري بين الحكومة اليمنية في مواجهة جماعات الحوثي المسلحة، ووسط كل هذا الصراع، تجد الجماعات الجهادية من اليمن ساحة لها، تفعل فيها ما يحلو لها، وأيضًا توجد قوات دولية، وتحركاتها العسكرية، والتي تؤكد أنها لمكافحة الجماعات الجهادية.

 وبالرغم من تأييد بريطانيا المعنوي للمملكة العربية السعودية، إلا أنها أيضًا تتواجد بصورة مباشرة في أرض المعركة في اليمن؛ سواء بالدعم اللوجيستي، أو التدريبات التي يتلقاها جنود سعوديون، أو الاستخبارات، أو الأسلحة.

 وقد أشارت صحيفة «الجارديان» البريطانية في عام 2016 أن بريطانيا متواجدة بشكلٍ دائم في غرفة القيادة الخاصة بالتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والذي تقوده المملكة العربية السعودية، هذا بالإضافة إلى وجود الولايات المتحدة أيضًا إلى جانبهما. وفي الوقت نفسه اتهمت صحيفة «التليجراف» البريطانية المملكة المتحدة؛ بسبب ما اعتبرته «إشعالًا» للحرب في اليمن؛ حتى تتمكن المملكة من بيع المزيد من الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط.

2- الأسلحة البريطانية: ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى المملكة

 تعتبر بريطانيا ثاني أكبر مُورِّد للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وذلك بعد الولايات المتحدة الأمريكية؛ في الوقت الذي تعتبر فيه المملكة أكبر سوق للأسلحة البريطانية، وفي المجالات العسكرية بشكلٍ عام؛ حيث وصلت قيمة عقود الأسلحة والمعدات العسكرية بين البلدين منذ بدء السعودية حملتها العسكري في اليمن 2015 إلى 3.3 مليارات جنيه إسترليني، أي ما يقرب من 4 مليار دولار تقريبًا.

 وبالإضافة إلى ذلك، فقد قضت محكمة بريطانية خلال العام الماضي بقانونية مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية؛ وذلك بعد أن  عمل ناشطون في مجال حقوق الإنسان على وقف تصدير الأسلحة البريطانية إلى المملكة؛ بسبب الانتهاكات التي ترتكبها الأخيرة في اليمن، وقالت المحكمة: «إنه يحق للحكومة البريطانية الاستمرار في توريد السلاح إلى السعودية».

 ومن بين أهم مبيعات السلاح البريطاني إلى السعودية منذ بدء الحرب على اليمن في أوائل عام 2015 طائرات مقاتلة، وطائرات بلا طيار، بقيمة 2.2 مليار جنية إسترليني، بالإضافة إلى ذخائر وصواريخ وقنابل بقيمة 1.1 مليار جنية إسترليني، وعربات مدرعة ودبابات بقيمة 430 مليون جنية استرليني.

 الجدير بالذكر، أن وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، قد أقر في أواخر عام 2016 أمام مجلس العموم البريطاني بأن السعودية استخدمت هذه القنابل في اليمن.

 هذا وقد كشفت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن زيـادة كبير في مشتريات الأسلحة السعودية من بريطانيا؛ لتصل إلى 500% منذ اندلاع حرب اليمن قبل أكثر من عامين. ووفقًا للصحيفة، فقد بِيعَت أسلحة بقيمة 4.6 مليار جنيه خلال العامين الماضيين، بعد أن منحت الحكومة تراخيص بيع وتصدير الأسلحة إلى السعودية على نحو متزايد، على الرغم من صدور تهم بارتكاب مخالفات بحق المدنيين تُرتكب في اليمن.

3- تجاهل الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الوطن العربي

 قامت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بزيارتها الأولى إلى منطقة الوطن العربي في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، وذلك بعد أشهر قليلة فقط من تصويت البريطانيين على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وجاءت الزيارة الأولى لرئيسة الوزراء البريطانية إلى البحرين؛ حيث التقت عددًا من المسؤولين العرب هناك، وأبرمت الكثير من الصفقات التجارية والاقتصادية.

 وبالرغم من الغضب الذي دار حينها بسبب تجاهل تيريزا لانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها عدد من الدول العربية، أو الدول الخليجية، في تعاملها مع المدنيين بشكلٍ عام، إلا أن زيارة تيريزا إلى الشرق الأوسط جاءت لتوقيع مزيد من المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية مع أطراف أخرى بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي الذي جاءت نتيجة استفتاء الخروج منه بالموافقة على خروج بريطانيا منه، وأعلنت رئيسة الوزراء حينها قائلةً: «جئت لحضور هذه الزيارة التاريخية، وأثق أنه مع الوقت ستأتي حقوق الإنسان إلى المنطقة».

 رؤية تيريزا لوضع حقوق الإنسان في منطقة الخليج ناتجة عن احتياجها للأموال الخليجية؛ حيث رفضت تيريزا المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان الموثَّقة في عدد من الدول الخليجية التي تحكمها أنظمة ثيوقراطية استبدادية في نظر المراقبين، وذلك في سبيل تعميق العلاقات الاقتصادية مع الخليج.وترى تيريزا أن التعاون الاقتصادي مع دول الخليج، سيؤدي بالتبعية إلى وضع أفضل في حقوق الإنسان؛ حيث قالت في تصريحٍ لها لهيئة الإذاعة البريطانية: إن «مما لا شك فيه أن هناك الكثير من الأشخاص داخل المملكة المتحدة يرفضون توقيع أي اتفاقات، أو بناء أية علاقات مع هذه الدول؛ بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، ولكن أفضل رد لهم أن تكثيف العلاقات مع هذه الدول سيؤدي إلى تشجيع خططهم للإصلاح»، مبررةً أن بهذه الطريقة ستصبح بريطانيا هي قوة الخير في العالم، كما أنه يؤدي إلى الحفاظ على سلامة الشعب البريطاني، وخلق فرص جديدة بسبب التجارة مع الخليج.

 الجدير بالذكر أن الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أكبر مستثمر في بريطانيا، وثاني أكبر سوق لتصدير المنتجات البريطانية خارج أوروبا.

4- ملايين الدولارات مقابل برامج التجسس

 أكثر من 42 مليون دولار هي قيمة معدات المراقبة والتجسس التي وافقت المملكة المتحدة على تصديرها لدول منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2015 وحتى الوقت الحالي؛ وذلك طبقًا لما أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة «ميدل إيست آي»، طبقًا لمصادر خاصة وحصرية بالصحيفة.

 كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في وقتٍ سابقٍ من العام الماضي أن شركة «BAE» البريطانية المتخصصة في التكنولوجيا، قد باعت سرًا عددًا من أجهزة التنصت والتجسس لست دول عربية، على رأسها المملكة العربية السعودية؛ وذلك في من أجل استخدامها عادةً في قمع مواطني هذه الدول.

 وقد وافقت المملكة المتحدة على بيع المعدات إلى عدد من دول الخليج والشرق الأوسط، أبرزها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وإسرائيل. وقد أثارت الصفقة – وقيمتها – مخاوف لدى الحقوقيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان حول الأمر.

 وجاء نصيب المملكة العربية السعودية من الصفقة، ومن مبيعات أجهزة المراقبة والتجسس في الفترة بين عامي 2015 – 2017، بحصولها على معدات بقيمة 818 ألف دولار، في الوقت الذي تتصدر فيه دولة الإمارات العربية المتحدة الصفقة بحصولها على أجهزة تجسس في الفترة نفسها بما قيمته 23.5 مليون دولار، فضلًا عن قدوم إسرائيل في المركز الثاني في الحاصلين على أعلى كميات من الأجهزة، وذلك بما يقابل 6.5 مليون دولار، ويليها تركيا بحصولها على معدات تجسس بما قيمته 3.4 مليون دولار.

 وأمَّا عن الدول العربية الأخرى، فقد حصلت 10 دول عربية أخرى – بجانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – على أجهزة التجسس بشرائها من المملكة المتحدة، كانت هذه الدول العربية هي عمان، والكويت، والعراق، وقطر، ومصر، والبحرين، ولبنان، وتونس، والمغرب، والجزائر.

 الجدير بالذكر أن هذه الصفقات تتم تحت مسمى «برمجيات الاتصالات»، وبالتالي فلا يكون عليها أي اعتراض قانوني، بل إنها أجهزة ومُعدات مُرخصة بالكامل، ولكن في الوقت نفسه، فإنه في البلدان التي يوجد فيها تهديدات واضحة بالقمع الداخلي، فإن بيع أجهزة التجسس والمراقبة محظور بموجب قانون الرقابة على الصادرات البريطانية الصادر عام 2008، طبقًا لما أوردته الصحيفة، ولكن – وفي ظل هذه الصفقة – فإن الإحصاءات تشير إلى تورط القيادة البريطانية في ممارسة عدد من الأنظمة العربية والشرق أوسطية للقمع بشكلٍ غير مباشر، وذلك بعد أن تمت هذه الصفقة ببيع أجهزة التنصت والتجسس، والتي عادةً ما تستخدم للقضاء على المعارضين.وتتراوح وسائل استخدام أجهزة التجسس والمراقبة؛ فبدايةً من الوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني، مرورًا بسجلات الهاتف المحمول، وختامًا بتحويل الهواتف الذكية إلى ميكرفونات سرية، بالإضافة إلى وجود أنواع أخرى من البرمجيات ضمن الصفقة تقوم بالسيطرة الكاملة على الهاتف الذكي من على بعد، في الوقت الذي لا يُمكن لصاحب الهاتف ملاحظة أن هاتفه تمت السيطرة عليه، والتحكم فيه بهذا الشكل.

 الجدير بالذكر أن هذه الأجهزة كانت حكرًا على أجهزة المخابرات الأمريكية، والأوروبية، فقط، من قبل، غير أن الاقتصاديات حاليًا في العالم تدع للأموال صوتًا يمكنه التحكم في كل شيء، وتغيير أي شيء.

قد يعجبك ايضا