المصدر الأول لاخبار اليمن

الأمراء المعتقلون.. أحدث أوراق الضغط الأمريكي على السعودية

متابعات // وكالة الصحافة اليمنية //


تطورات غير عادية شهدها ملف الأمراء المعتقلين بالسعودية خلال الأيام القليلة الماضية بعدما كشفت تقارير غربية عن محاولة بعضهم الحصول على مساعدة جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة ذات الصلة بإدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في مواجهة ولي عهد المملكة وحاكمها الفعلي “محمد بن سلمان”، ما أثار تساؤلات لدى المراقبين بشأن تداعيات الخطوة ودلالات توقيتها.

وتهدف “الحملة” التي يديرها حلفاء للأمراء المعتقلين في واشنطن إلى استغلال حالة الغضب بين جناحي الكونجرس (الديمقراطيين والجمهوريين) ضد “بن سلمان” منذ جريمة اغتيال الكاتب الصحفي “جمال خاشقجي”، وهو غضب تصاعد بعدما أسفرت حرب أسعار النفط، التي شنتها السعودية، عن أضرار بالغة لالعديد من الشركات المنتجة للنفط الصخري في الولايات المتحدة.

ويسعى الأمراء لدفع نواب الكونجرس لاستخدام نفوذهم للضغط على الإدارة الأمريكية لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة وتقديم دعاوى ضد “بن سلمان” في المحاكم الدولية.

وفي هذا الإطار، وقع “باري بينت”، الاستراتيجي الجمهوري ومستشار “ترامب” أثناء حملته الرئاسية عام 2016، عقدا مع عميل على علاقة مع أمير سجين منافس لـ “بن سلمان”، كما اتصل ممثلون للأميرة المعتقلة “بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز”، مع محامين وشركات استشارات في واشنطن ولندن من أجل دعم قضيتها، وفقا لما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادرها.

ويبرز في هذا السياق اسم شركة “سوناران بوليسي جروب”، التي تملك ملف تسجيل بوزارة العدل الأمريكية، وتولت تمثيل منافسي “بن سلمان” منذ عام 2017، وأبرزهم ولي العهد السابق الأمير “محمد بن نايف”، الذي كان المرشح الأول لخلافة الملك “سلمان بن عبدالعزيز” قبل صعود “بن سلمان” إلى سدة الحكم.

وتعد “سوناران” ‘إحدى الشركات القليلة التي تمتلك الجرأة على تمثيل الأشخاص الذين تتردد جماعات الضغط الأمريكية في تمثيلهم، ويديرها “روبرت ستريك”، المعروف بعلاقاته القوية مع دوائر السياسة الخارجية في إدارة “ترامب”، والمقرب من “كريستين فونتينروز”، التي كانت مسؤولة بارزة في مجلس الأمن القومي وتدير ملف العلاقة مع السعودية قبل استقالتها عام 2018.

أضواء الصحافة

ووفقا لما أكدت عليه “فونتينروز” لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن الأمراء المسجونون يرون أن “الوقت مناسب للضغط على بن سلمان كي يطلق سراح السجناء” بالمملكة.

وتواجه السعودية في الوقت الراهن مجموعة تحديات ضخمة، مع تهاوي أسعار النفط، في الوقت الذي يتفشى فيه فيروس “كورونا” عالميا، في حين لا تزال المملكة متورطة في الصراع الدموي في اليمن وتعاني علاقاتها مع الكثير من حلفائها توترا غير مسبوق.

بالتزامن مع ذلك، لا يبدو أن المواقف المناهضة للسعودية في واشنطن باتت مقتصرة على الكونجرس فحسب، ولكن امتدت إلى مؤسسات أخرى في الدولة الأمريكية، بينها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ، الذي سرب في الأسبوع الماضي هوية مسؤول سابق بالسفارة السعودية في واشنطن، يشتبه في تقديمه دعمًا قويا لاثنين من المشاركين بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

ورغم أن المكتب الفيدرالي أكد أن تسريب اسم المسؤول السعودي جرى عن طريق الخطأ، فإن العديد من المراقبين شككوا في هذه الرواية في ظل ما يعرف عن المكتب الفيدرالي من انضباط تشغيلي كبير، وبالنظر إلى طريقة إدارة “ترامب” للعلاقة مع السعودية بعقلية رجل الأعمال، ومطالبته المملكة بـ”الأموال” نظير الحماية بشكل مستمر، فإن ما حدث كان أمرا متعمدا.

في هذا السياق، يقرأ مراقبو الشأن السعودي تركيز الصحافة الأمريكية الضوء على ملف الأمراء المعتقلين في الآونة الأخيرة، على أنه ضوء أخضر ينبعث في واشنطن لتأطير العلاقة مع “بن سلمان” بشكل جديد.

وكان لافتا تركيز الصحافة الأمريكية على هذا ملف الأمراء، رغم مرور أشهر على سجنهم أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية أو هروبهم من المملكة، كما يظهر في حالة الأمير “سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز” (ابن عم ولي العهد)، الذي اشترى الإقامة الذهبية في قبرص، هو وزوجته وخمسة من أبنائه، بعد شهور من إعفائه من منصبه كأمير لمنطقة حائل (نيسان/ أبريل 2017).

ويلفت موقع “OCCRP” المتخصص في الإبلاغ عن الجريمة المنظمة حول العالم، إلى أن الأمير “سعود” قدّم طلبا للحصول على الجواز القبرصي، في ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد أيام فقط من حملة “بن سلمان” على أبناء عمومته في فندق ريتز كارلتون بالرياض، رغم أن قانون المملكة يمنع ازدواج الجنسية إلا باستثناء من الملك شخصيا، وهو ما قد يؤدي بالراغبين في الحصول على جنسيات دول أخرى لفقدان جوازهم السعودي.

ويشير أستاذ السياسة بكلية لندن للاقتصاد “ستيفن هيرتوج”، في هذا الصدد، إلى أن توقيت تحرك الأمير “سعود” للحصول على جنسية أجنبية يشير إلى شعور داخلي بالقلق تجاه “بن سلمان”، وهو ذات الشعور الذي يسيطر على الكثير من أمراء آل سعود.

وفي السياق ذاته، سلطت صحيفة “بزنس إنسايدر” الضوء على وضع الأميرة “بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز”، ونقلت عن أحد المقربين منها قوله إن تغريدة الاستغاثة التي نشرتها في 16 أبريل/نيسان الماضي كلفتها قطع الاتصال بينها وبين العالم الخارجي.

دفعة قوية

ومن شأن هذه التغطية المكثفة لملف الأمراء المعتقلين في السعودية أن تقدم دفعة قوية لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر في دعاواهم القضائية المرفوعة بموجب قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب،”جاستا”، باعتبار أن الممارسات الحقوقية لنظام “بن سلمان” تمثل ادعاءاتهم ضد المملكة.

ويسمح القانون، الذي أقره الكونجرس في سبتمبر/أيلول 2016، برفع دعاوى قضائية على الحكومة السعودية بدعوى تورطها في تمويل هجمات سبتمبر ومطالبتها بدفع تعويضات، ويعطل قانونا أمريكيا سابقا صدر عام 1976، كان يوفر الحصانة السيادية للدول وحكامها من الملاحقة القضائية داخل الولايات المتحدة.

ولكن نجاح الحملة الإعلامية للأمراء المعتقلين سوف يتوقف في النهاية على موقف إدارة “ترامب”، وإذا ما كان الرئيس الأمريكي سوف يفكر في ممارسة ضغوط جدية على حليفه السعودي أم أنه سيكتفي بابتزازه للحصول على المزيد من الأموال، في انتظار ما ستسفر عنه انتخابات نهاية العام الحالي، وإذا ما كان “ترامب” سوف يبقى في منصبه أم أن شاغلا جديدا سوف يقدم إلى البيت الأبيض.

قد يعجبك ايضا