المصدر الأول لاخبار اليمن

“تحقيق خاص ” : حملة “ليمننة” المحلات التجارية في اليمن

تحقيق: وكالة الصحافة اليمنية

فوضى عارمة تشهدها المدن اليمنية التي أبطالها التجار وساحاتها الشوارع والمحلات التجارية.

سباق غريب يخوضه التجار اليمنيين في تسمية محلاتهم التجارية ومشاريعهم الاستثمارية بأسماء عربية وغربية، تعكس الغربة الثقافية والوطنية التي يعيشونها داخل الوطن ويجبرون المواطن على معايشتها معهم.

واذا مررت في الشارع فلن تجد بين كل خمسة محلات تجارية سوى محل واحد يحمل اسم او صفة يمنية، فيما تجد اثنين منها بأسماء عواصم او رموز عربية واثنين بأسماء مدن او ماركات غربية.

تغريب تجاري

نحن نعيش غربة تجارية داخل بلادنا فقدنا بسببها جزء كبير من هويتنا وثقافتنا اليمنية، ولو احصينا اسماء المحلات في مدينة صنعاء مثلا سنجد أن القدس وبغداد والاندلس ودبي والرياض والقاهرة حاضرة أكثر من أي مدينة يمنية، حاضرة أكثر من صنعاء ذاتها، وكذلك الأمر في بقية المحافظات اليمنية.

هذا الاندهاش والثقة بالآخر الخارجي علماً او مكاناً تعكس ضعف ثقتنا بعالمنا  واماكننا، وتعبر بالخط العريض عن مدى تأثرنا بالثقافات الأخرى الدخيلة على وطننا ومجتمعنا.

وعلى العكس تماما فمن المستحيل أن تجد محل تجاري واحد ولو بين كل ألف محل تجاري يحمل اسم مدينة يمنية او رمز يمني في القدس او بغداد او القاهرة او دبي او غيرها.

وجهة نظر

الدكتور فرحان هاشم معيد في جامعة صنعاء يرى أن فكرة قيام الحكومة بحملة ليمننة المحلات التجارية قد تكون فكرة سلبية لما ستعكسه من تقوقع في محيط صغير بعد المد القومي والديني وغيره، غير أنه أكد على ضرورة أن توجد جهة كوزارة الصناعة والتجارة لتتبنى قانونا ينظم تسميات المحلات التجارية ويمنع التعامل مع الاسماء الخارجية او الغير صالحة او غير الواضحة والمعبرة عن فكرة المحل او الغرض التجاري.
وذكر بأن هناك مثلا قانوناً ينظم عمل الاحزاب السياسية ويمنع انشاء الاحزاب الطائفية والمذهبية، لذلك فإنه من الممكن استصدار قانون لمنع تسمية المحلات والبيوت التجارية بأسماء غير يمنية إلا في حالة أنها تكون عبارة عن فروع لشركات خارجية او وكالات أجنبية، ما عدا ذلك فيجب أن يتخذ من البيئة والثقافة اليمنية إسماً له.

حياة الارتجال

الاستاذ صالح السهمي من أمانة العاصمة قال أنه وبمجرد مرورك في الشارع ستعرف بأن معظم تلك المحلات التجارية ذات الأسماء الغير يمنية انما تعبر عن حياة الارتجال التي يعيشها اولئك التجار، وهم في الغالب اصحاب مشاريع صغيرة سرعان ما تتلاشى كونها لم تقوم على أي دراسة اقتصادية حقيقية، وطالب الجهات المختصة بالقيام بدورها في الحفاظ على البيئة التجارية اليمنية التي يعود تاريخها الى أقدم العصور.

استيراد الأسماء!

المواطن اسماعيل الرهمي أكد بأن التجار لا يقومون باستيراد المواد والبضائع من الخارج فحسب…بل يستوردون أسماء لمحلاتهم وشركاتهم وحتى لأولادهم وبناتهم وهو الأمر الذي ينعكس مع الأيام كثقافة لدى المواطن، مستدلا على كلامه بالأسماء الغربية التي بات الكثير يطلقونها على أبنائهم وابتعادهم عن الأسماء ذات الجذور والمعاني اليمنية.

سوق تجارية حرة
طرحنا سؤالاً على مسئول الاسماء التجارية في وزارة الصناعة والتجارة عن إمكانية سن قانون يلزم التجار باختيار أسماء لمحلاتهم ومشاريعهم من البيئة والتاريخ والثقافة ليمنية، أجابنا بالقول أنه لا يجوز قانونا ان نجبر التجار على تغيير اسماء محلاتهم، وان دور القانون حاليا يقتصر على اجبار التجار بكتابة الاسماء الغربية بحروف عربية، مضيفا بأن اليمن سوق تجارية حرة ولا يمكن فرض مثل هكذا قانون.

تسميات تضامنية..!

واذا ما اخضعنا الأمر وبحثنا عن أسباب تعريب وتغريب التجار اليمنيين لمحلاتهم سنجد أن جزء منهم قد عبروا بتلك التسميات العربية عن تضامنهم مع القدس وبغداد مثلا كما عبر آخرون عن حبهم لدبي والقاهرة وتونس وغيرها.

لكن ذلك لا يعبر عن حس تجاري استثماري، كون التجارة الناجحة بحاجة لدراسة اسم المحل او المشروع بعناية من النواحي الاجتماعية والثقافية وحتى النفسية للحصول على اسم وعلامة تجارية مميزة بنفس العناية التي يدرس فيها المشروع والجدوى الاقتصادية منه.

 

قد يعجبك ايضا