المصدر الأول لاخبار اليمن

جنوب اليمن .. ترويض بسياط الخدمات لن يمنع الانفجار

جنوب اليمن .. ترويض بسياط الخدمات لن يمنع الانفجار

تحقيق مصور/ إبراهيم يحيى// وكالة الصحافة اليمنية//

 

“أوضاع لا تحتمل لكنها مستمرة”. لسان حال الجميع، يقابله السؤال: كيف يطيق المواطنون في ما يسميه التحالف وفصائله المتناحرة “المناطق المحررة” جنوبي وشرقي البلاد، تردي الاوضاع العامة وشظف العيش؟. ويصدح الحال بالاجابة، يلخصها في سياط الترويض، واختزال الطموحات في مجرد العيش.

 

يواصل التحالف بقيادة السعودية والامارات و”حكومة هادي” ترويض المواطنين في مناطق سيطرتهم عبر سلاح التعذيب بالخدمات العامة، وفي مقدمها قطع الكهرباء، بين حين واخر، لالهائهم عن ما يجري واختزال اقصى طموحاتهم في توفير سبل العيش في حدها الادنى.

 

ومن جديد، انقطعت خدمة الكهرباء، الاثنين، عن احياء واسعة في مدينة عدن، بالتزامن مع خروج تدريجي للخدمة عن جميع مديريات عدن، جراء “انفجار احد محولات الطاقة الكهربائية في مديرية دار سعد” حسب مصادر محلية، واخرى فنية في المؤسسة العامة للكهرباء.

 

المصادر أفادت، أن “انفجارا ضرب أحد مولدات الطاقة في منطقة اللحوم الشرقية بمديرية دار سعد، شمالي عدن في آخر ساعة من مساء الاثنين، ما أدَّى إلى خروج كلي للكهرباء عن الخدمة ودخول كامل المنطقة والكثير من أحياء المديريات الاخرى في ظلام دامس”.

 

وفي مديريات المنصورة، الشيخ عثمان، كريتر، والمعلا، شكا الاهالي من “تزايد ساعات انقطاع التيار، ضمن جدولة امداد الكهرباء على الاحياء، وأمتداد ساعات الانقطاع الطويلة إلى كثير من الأحياء بعد ان كانت محصورة في بعضها، وتفاقم معاناة الأهالي مع حرارة الجو”.

 

مصادر في مؤسسة الكهرباء ومحطات توليد الطاقة في عدن، حذرت في وقت سابق، من “خروج كلي للخدمة بدءاً من يوم الأربعاء القادم 16 سبتمبر2020م نتيجة قرب نفاد وقود المازوت”. موضحة أن “ساعات توليد التيار قد تنخفض إلى ساعتين فقط في كل 24 ساعة”.

 

الحال نفسها، مع باقي مدن جنوب اليمن الخاضعة لسيطرة قوات التحالف ومليشيات فصائله المتنافرة، تتفاقم معاناة المواطنين من تردي الاوضاع وتدهور الخدمات العامة، وفي مقدمها المياه والصرف الصحي والكهرباء، علاوة على انقطاع المرتبات لاشهر، والانفلات الامني.

 

وتعاني مديريات محافظة ابين منذ اسابيع انقطاع التيار الكهربائي جراء امتناع التحالف و”حكومة هادي” عن سداد الديون المتراكمة للشركة التجارية المولدة للطاقة في مدينة جعار، رغم تحذيراتها المسبقة والمتكررة بأنها ستضطر قسريا للتوقف عن العمل لافتقاد نفقات الوقود.

 

في المقابل، يلجأ المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات التحالف وسلطات مليشيا فصائله المختلفة، في مواجهة قيض الطقس وارتفاع شدة الحرارة، إلى اعتلاء أسطح المنازل وافتراش شوارع الاحياء على الأرائك، مجازفين بحياتهم وتسليم انفسهم نهبا لبعوض نقل الأوبئة.

 

الاوبئة، وبال اخر يعاني منه المواطنون في جنوب اليمن، بعد انتشار صنوف شتى من الاوبئة يتصدرها المكرفس وحمى الضنك والملاريا بجانب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، جراء انهيار القطاع الصحي ونهب الفصائل المتناحرة مخصصاته، وركود مياه الامطار وتراكم القمامة.

 

فعليا، انعدام وظائف الدولة وواجباتها، يوفر بيئات خصبة لتخلق الاوبئة المتنوعة وانتشارها، من ذلك طفح مياه الصرف الصحي (المجارير) وبحيرات مياه الامطار الراكدة، وأكوام النفايات والقمامة المتراكمة، فضلا عن انقطاع المياه النظفية المتجدد عن شبكة المياه العمومية.

 

حصدت الاوبئة والامراض المنتشرة في المحافظات الجنوبية ارواح الآلاف من عشرات الالاف من المصابين بما يسمى “الحميات”، حسب تأكيد تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمات طبية دولية كاللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي ومنظمة اطباء بلا حدود.

 

وإمعانا في إحكام الخناق واختزال طموحات عامة المواطنين في مجرد العيش، تتفاقم تداعيات انهيار قيمة العملة اليمنية في مقابل العملات الاجنبية وبخاصة الدولار والريال السعودي والدرهم الاماراتي، الاكثر اعتمادا في مناطق سيطرة التحالف ومليشيات فصائله المتناحرة.

 

يهدد الجوع والمرض ملايين اليمنيين في جنوبي وشرقي اليمن، جراء ارتفاع فاحش في اسعار السلع والادوية والخدمات، يفوق مقدرات السواد الاعظم على مجاراته، في ظل شح فرص العمل ومحدودية الدخل، بما في ذلك مرتبات الالتحاق بالمليشيات المتنوعة، المخفضة مؤخرا.

 

سياسيون وناشطون يمنيون في المحافظات الجنوبية، لا يخفون تذمرهم وسخطهم على تردي الاوضاع، رغم اشهار فصائل التحالف المتناحرة سياط البطش والقمع بالاختطاف والتعذيب والقتل في احيان كثيرة، للاصوات المرتفعة في الانتقاد والاعتراض والتعبير عن الاحتجاج.

 

يتهم المواطنون والناشطون “حكومة هادي” و”إدارة الانتقالي” وقبل هذا وذاك “قيادة التحالف” بأنها تشترك في “تعمد تردي الاوضاع وتدهور الخدمات”، ويرون أن ذلك “سلاح لقمع المواطنين واختزال اقصى طموحاتهم في الحصول على مقومات العيش ولو في حدودها الدنيا، مقابل الصمت”.

 

ورغم التقاء مليشيات فصائل التحالف المتناحرة، في قمع مسيرات المواطنين المحتجة على الاوضاع والمطالبة بمقومات العيش، يرى مراقبون أن الشارع في مناطق سيطرة التحالف وفصائله، يغلي، باتجاه الانفجار الكبير، الذي يولده استمرار الضغط، بلا بصيص امل في الانفراج.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا