المصدر الأول لاخبار اليمن

مأرب تطرد الغزاة وتعود إلى حضن صنعاء .. ملف متكامل يرصد التفاصيل منذ اللحظة الأولى

 

متابعات | وكالة الصحافة اليمنية //

 

 

ملف خاص:   ” مأرب تطرد الغزاة: صنعاء حصنٌ منيع “

 

يوماً إثر يوم، تقترب قوات صنعاء من إسقاط آخر معاقل التحالف السعودي ــــ الإماراتي في الجبهة الشرقية من اليمن، والمتمثّل في مدينة مأرب، بعدما باتت في ضواحيها.

تقدّم كبير يوازيه تكثيف الاتصالات مع المشائخ والوجهاء بحثاً عن مخرج سلمي، وتقابله حالة انهزام في صفوف المعسكر الموالي لـ»التحالف»، حيث عمليات الفرار المتواصلة من المدينة، والانسحابات السعودية المتتالية من أبرز المعسكرات المحيطة بها.

هذا المشهد ليس إلا حلقة أخيرة في مسلسل بدأ منذ مطلع العام الجاري، تمكّن في خلاله الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» من استعادة مساحات شاسعة كانا قد خسراها في تلك الجبهة، حيث استطاعت القوات الموالية لـ»التحالف» فتح ثغرة تُهدّد من خلالها العاصمة صنعاء بشكل مستمرّ.

أمّا اليوم، فقد انقلبت الصورة تماماً: صنعاء أصبحت آمنة بشكل تامّ من أيّ هجمات خارجية وهي الآمنة أصلاً من الداخل، والجوف لم تعد خاصرة ضعيفة كما في الماضي، فيما مأرب المدينة على وشك السقوط، الذي سيستتبع حتماً سقوط المنشآت النفطية والغازية المحيطة بها، بما يتيح سحب ورقة تجويع اليمنيين من يد «التحالف».

أمّا إذا اختار الأخير الانتقام من صنعاء، عبر قصف تلك المنشآت، فلن يكون الردّ إلّا بالمثل، من خلال تصعيد الهجمات الجوية على المنشآت الحيوية السعودية، وإعادة تفعيل جبهة الحدّ الجنوبي، وفق ما تؤكّد مصادر مطّلعة.

 

 

صنعاء ما بعد مأرب: هنا الحصن السبئي الكبير

كتب: دعاء سويدان

 

كثيرة هي المعارك التي خلّدها التاريخ. بعضها دخلته بوصفها محورية غيّرت مسارات وبدّلت مصائر؛ وأخرى ولجته من بوّابة كونها الأغبى كما هي «معركة كارانسيبيس» التي قاتل فيها الجيش النمسوي نفسه، بينما كان من المفترض أن يحارب العثمانيين.

 أمّا معركة «تحرير» صنعاء، فلربّما تكون المَضحكة الأكبر في التاريخ العسكري.

يكاد المتتبّع لمسارها لا يعثر، أصلاً، على النقطة الصفر لانطلاقها من كثرة ما أُطلقت على مرّ سنوات. من «قادمون يا صنعاء»، إلى «نصر 1»، ثم «نصر 2»، وصولاً إلى «نصر 3»، كان «تحرير صنعاء»، بالنسبة إلى التحالف السعودي ــــ الإماراتي، «مسألة وقت»، مثلما ردّد كثيراً الناطق السابق باسم «التحالف»، أحمد عسيري. على أن مسألة الوقت هذه ظلّت عصيّة على التحقّق طوال أربعة أعوام (ما بين 2016 و2019).

صحيح أن القوات الموالية لـ»التحالف» استطاعت السيطرة ــــ على مراحل ــــ على البوّابة الشرقية للعاصمة من جهة محافظة مأرب، والمُتمثّلة في مديرية نهم التي لا تبعد عن وسط صنعاء أكثر من 60 كيلومتراً، إلا أن هذا «الإنجاز» لم يُفِد السعوديين والإماراتيين سوى في اجترار «الانتصارات» في وسائل إعلامهم، وتقديم المهازل التي مَثّل «المراسلون الحربيون» لتلك الوسائل بطلها المطلق.

«نحن هنا، أين أنتم؟»؛ عبارة اشتُهر بها أحد أبرز هؤلاء خلال تغطيته معارك نهم، حيث كان يتنقّل، والقيادات العسكرية التابعة للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، من تُبّة إلى تُبّة، مبشِّراً بقرب «سحق الانقلابيين»، و»إعادة الشرعية»، و»استعادة اليمن إلى الحضن العربي».

انطفأ صوت أولئك بما يُمثّلون، فيما بات معسكرهم محصوراً داخل مساحات محدودة من محافظة مأرب.

 أمّا «الانقلابيون» فاستطاعوا، خلال أشهر معدودة منذ مطلع العام الجاري، استعادة كامل مديرية نهم، والسيطرة على مساحات واسعة من محافظَتي الجوف ومأرب، حتى باتوا اليوم على أبواب مدينة مأرب، التي يبدو سقوطها، بالحرب أو بالتفاوض، قاب قوسين (بدأ مسلسل الانتكاسات، عملياً، أواخر 2018، مع تمكّن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على معظم مديرية صرواح في مأرب، كاشفَين بذلك ظهر القوات المناوئة لهما في نهم، وهو ما جعل صرواح تنال نصيباً كبيراً من القصف الجوي بلغ أكثر من 25 ألف غارة).

دائماً ما عزا «التحالف» المراوحة في معركة صنعاء إلى سببين رئيسيين: الحرص على أرواح المدنيين، والضنّ بأرواح العسكريين.

 سببان يستبطنان الكثير من التضليل الذي بات ملازِماً للمنصّات الإعلامية السعودية ــــ الإماراتية، وخصوصاً في ما يتعلّق بالحرب على اليمن.

 على مستوى الخسائر المدنية، أثبتت الرياض وأبو ظبي أنهما لا تحتاجان إلى معركة برّية كبرى حتى تُوقعا مجازر في صفوف العزّل، وما أرقام الضحايا الذين حصدتهم الغارات الجوية التي بلغت حتى عام 2019، 257 ألف غارة، إلا أوضح دليل على ذلك.

 أمّا السعي إلى تفادي الزجّ بعدد كبير من القوات البرّية، فتلك «كذبة» أخرى يراد من ورائها تمويه حقيقة العجز عن خوض هكذا غمار، والذي تجلّى نموذج مصغّر منه في معارك الحدّ الجنوبي، حيث لا يستطيع الجنود السعوديون الثبات أمام هجمات المقاتلين اليمنيين، فيما في الجوّ تكاد تكون الطائرات السعودية عمياء تماماً لولا السند المعلوماتي من الحلفاء الغربيين، ومع ذلك فهي تضرب خبط عشواء في معظم الأحيان.

    منذ البداية، ظهر أن كلّاً من الرياض وأبو ظبي تعزف على وتر منفرد

لكن، حتى المقاتلون من القوى المحلية الحليفة، والذين لا يبدي «التحالف» أدنى اكتراث لحيواتهم، لم يفلح الزجّ بأعداد كبيرة منهم في الميدان، هو الآخر، في قلب المعادلة في صنعاء لمصلحة السعودية والإمارات.

بدا هؤلاء، خلافاً لمقاتلي «أنصار الله»، أعداء لدودين للأرض التي يقاتلون عليها، جاهلين تضاريسها وخفاياها وسبل مؤالفتها، ولم تشفع لهم في ذلك محاولتهم استنساخ تجربة الحركة في توليد الحماسة في صفوف عناصرها.

زاد الأمرَ تعقيداً فقدانُ الدافعية المشتركة لتحقيق الهدف. منذ البداية، ظهر أن كلّاً من الرياض وأبو ظبي تعزف على وتر منفرد.

 كان الهمّ الرئيسي، بالنسبة إلى الأخيرة، كيفية قضم النفوذ السعودي في الجبهة الشرقية، سواء عبر استمالة القبائل الموالية تاريخياً للمملكة، أو من طريق مناكفة حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون) الحليف التقليدي للرياض، أو من خلال محاولة إنشاء تشكيلات شبيهة بتلك التي بُنيت في الجنوب كـ»الحزام الأمني» و»النخبة الشبوانية» و»النخبة الحضرمية»، أو حتى عبر تنفيذ عمليات اغتيال وقصف ضدّ القيادات والقوات التابعة لهادي مثلما حدث في استهداف اجتماعات تضمّ وزير دفاعه غير مرّة.

 وعلى رغم أن الإمارات فشلت في انتزاع السيطرة على الجبهة المذكورة قبيل إعلان انسحابها من قاعدتها في مديرية صرواح في محافظة مأرب مطلع تموز/ يوليو 2019، إلا أن الخلافات بينها وبين وكلاء السعودية خلّفت آثاراً مريرة على معسكرهما، حيث بات التشرذم والحقد وغياب الحافز العنوان الأبرز، إن لم يكن الوحيد.

وهي سمات يضاعف تأثيراتِها استمرار أبو ظبي في مساعيها إلى تضييق الخناق على منافسيها، عبر رئيس الأركان الموالي لها، صغير بن عزيز، الذي لم يترك وسيلة لإضعاف «الإصلاح» إلا لجأ إليها.

على رغم كلّ ما تَقدّم، لم ييأس «التحالف» من إمكانية النفاذ إلى صنعاء. راهَن في كانون الأول/ ديسمبر 2017 على أن يدفع انفجار الخلاف بين «أنصار الله» والرئيس الراحل علي عبد الله صالح نحو إسقاط العاصمة، لكن ذلك لم يحدث.

 وفي عام 2018، أخذته «الأحلام» إلى تصوّر إمكانية بلوغ صنعاء من خلال الحديدة، إلا أن رمال الساحل الغربي لم تثبت تحت قدميه.

وفي عام 2019، أراد الوصول إلى هدفه هذه المرّة عبر إشعال فتن قبلية متنقّلة في محيط صنعاء (كما حدث في مديرية كشر، المعقل الرئيسي لقبائل حجور، في محافظة حجة)، غير أن الجيش و»اللجان الشعبية» سرعان ما تحرّكا لإخماد تلك الفتن وتأمين المناطق التي شبّت فيها.

هكذا، كانت صنعاء ــــ الحصن، وفق ما تُترجم به تسميتها في اللغة السبئية، تزداد بعداً، عاماً بعد عام، عن الغزاة، إلى أن باتت اليوم في أمان مطلق.

 

الوعد بدخول صنعاء على ظهر دبابة يتبخّر: مأرب تطرد الغزاة

كتب: رشيد الحداد

 

منذ مطلع حزيران/ يونيو الماضي، عاد التصعيد العسكري في جبهات مأرب إلى أعلى مستوياته، حيث استطاعت قوات صنعاء تحقيق إنجازات متتالية، تمثّلت في تقدّمها في تسع مديريات.

 وسيطر الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» على مديريات العبدية والمأهلية ورحبة، ووصلا إلى حدود مركزَي مديريتَي الجوبة وجبل مراد جنوب مأرب في غضون أشهر.

 كما أمّنا مديريتَي صرواح ومجزر، واستكملا السيطرة على ما تبقّى من مديريتَي مدغل ورغوان غرب المدينة، وتقدّما باتجاه جبهات النضود والعلم شرق منطقة صافر النفطية.

وفيما لا تزال المواجهات على أشدّها في عدد من جبهات جبل مراد وأطراف رغوان وبعض مناطق مدغل، يُسجّل تقدّم ملحوظ لقوات صنعاء في الأطراف الشمالية لمدينة مأرب، من اتجاه وادي نخلاء ومنطقة السحيل.

في ظلّ تلك التطوّرات، لم تعد مدينة مأرب جاذبة للقيادات العسكرية والمدنية والحزبية الموالية لحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، مثلما كانت قبل سنوات، بل أصبحت طاردة لهم، وخصوصاً بعد اقتراب الجيش و»اللجان» من محيطها من اتجاهات متعدّدة، وانهيار خطوط دفاع قوات هادي.

 وفي حين تمكّنت بعض القيادات من تأمين سكن لها في عواصم عربية وأجنبية، ولا سيما القاهرة والخرطوم وإسطنبول، غادرت أخرى المدينة التي كانت قد شهدت نهضة عمرانية كبيرة خلال السنوات الماضية متّجهةً نحو المحافظات الجنوبية، وخصوصاً شبوة وحضرموت والمهرة.

أمّا القسم الثالث، مِمَّن تركوا أسرهم في منازلهم في صنعاء قبل سنوات متوعّدين بالعودة على ظهر دبابة خلال أشهر حينذاك، فيتدارس الكثيرون منهم الاستفادة من قرار العفو العام الصادر عن «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء.

 وبفعل ذلك النزوح، انكمشت الحركة التجارية والاستثمارية في مأرب إلى أدنى المستويات.

ووسط مخاوف من سحب كمّيات كبيرة من العملات الصعبة من الداخل وتهريبها، وذلك بعدما أحبطت سلطات مطار القاهرة خلال الأشهر الماضية عمليات تهريب ملايين الدولارات من قِبَل قيادات عسكرية وسياسية مقرّبة من حكومة هادي أثناء محاولتها إدخال تلك الأموال إلى القاهرة، أفادت مصادر مطلعة في مدينة عتق في محافظة شبوة بنقل عدد من الاستثمارات التابعة لقيادات في حزب «الإصلاح» من مأرب إلى شبوة والمهرة خشية سقوط المدينة.

 وكانت الأشهر الفائتة قد شهدت، بالتزامن مع تجدّد المعارك، ركوداً في الحركتين التجارية والاستثمارية، وهبوطاً في أسعار العقارات جرّاء تراجع الطلب عليها، على عكس ما كان عليه الوضع قبل سنوات.

على خطّ موازٍ، علمت «الأخبار»، من مصادر مطّلعة في مدينة مأرب، أن قوات هادي بدأت بنقل مقارّ المناطق العسكرية الثالثة والسابعة والسادسة من مأرب إلى مناطق واقعة في نطاق محافظة شبوة، في وقت تجري فيه مشاورات لنقل مقرّ وزارة الدفاع أيضاً إلى منطقة العبر في محافظة حضرموت، بعدما أصبح تحت رحمة الضربات الصاروخية لقوات صنعاء، واقتراب الأخيرة من مركز المحافظة.

كذلك، أفادت المصادر بأن قوات هادي تمارس تحريضاً كبيراً ضدّ الجيش و»اللجان» عبر منابر المساجد والمدارس، وتُخوّف التجّار من دخولهما المدينة، واصفةً إيّاهما بـ»المغول»، وداعية الناس إلى الالتحاق بالجبهات للتصدّي لهما.

 وهو ما دفع بمحافظ مأرب الموالي لصنعاء، محمد بن علي طعيمان، إلى طمأنة أبناء المحافظة، والتأكيد أن قرار الحسم صدر من القيادة.

وفي ظلّ التقدّم الكبير لقوات صنعاء في ضواحي مأرب، دعا عدد من المكوّنات الشبابية والشعبية، السلطة المحلية في المدينة وحكومة صنعاء، إلى حقن الدماء والتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع، ويُجنّب مركز المحافظة، الذي يسكنه قرابة ثلاثة ملايين نسمة، منهم حوالى مليون نازح موجودون في 13 مخيماً، القتال، على أن تبقى السلطة المحلية الحالية تمارس عملها حتى يتمّ التوافق على منصب المحافظ.

لكن تلك السلطة لا تزال ترفض الاستجابة لمبادرة صنعاء المكوّنة من تسعة بنود، مُلوّحة بحرب شوارع. وهي فرضت، منذ أيام، حالة طوارئ غير معلنة، ونشرت الآلاف من الجنود على أسطح المنازل وفي مداخل المدينة وفي الشوارع، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما شهدته صنعاء قبيل سقوطها أواخر عام 2014 تحت سيطرة «أنصار الله».

 في المقابل، انتشرت في شوارع مدينة مأرب شعارات مؤيّدة لـ»أنصار الله» بشكل واسع، ما أثار حالة هلع في أوساط الجهات الأمنية التي اعتقلت عدداً من المواطنين على خلفية ذلك.

 

هجمات قوات صنعاء تُعطّل معسكر تداوين

كتب: رشيد الحداد

 

واصلت قوات صنعاء، خلال اليومين الماضيين، تقدّمها العسكري في الجبهتين الشمالية والغربية لمدينة مأرب.

 وعلى رغم كثافة الغارات الجوية، استطاعت إسقاط العديد من المواقع العسكرية التابعة لقوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي في أطراف رغوان، وألحقت خسائر فادحة بتلك القوات التي حاولت استعادة مناطق كانت قد خسرتها الخميس الماضي.

 وأكدت مصادر قبلية لـ”الأخبار” تَمكّن الجيش و”اللجان الشعبية” من إسقاط مواقع اللواءين 141 مشاة و113 مدرّع والسيطرة على سلاحها وعتادها.

 وأشارت إلى قيام طيران العدوان بشنّ سلسلة غارات على مناطق التماس بهدف إعاقة تقدّم قوات صنعاء، مضيفة إن بعض تلك الغارات استهدفت مجاميع قبلية موالية لقوات هادي وأوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوفها.

في هذا الوقت، كثّفت القوة الصاروخية الموالية لصنعاء هجماتها على المقارّ العسكرية التابعة لـ”التحالف” في محيط المدينة.

وخلال الـ 72 ساعة الماضية، تَعرّض مقرّ المنطقة العسكرية الثالثة الواقع في الأطراف الشمالية من مأرب لسلسة هجمات صاروخية أدّت إلى مقتل وإصابة عدد كبير من القوات الموالية لهادي.

 كذلك، تعرّض معسكر تداوين لعدد من الهجمات الصاروخية يومَي الخميس والجمعة، ما دفع اللجنة السعودية التي كانت موجودة فيه للتحقيق في هجمات سابقة، إلى الفرار مساء أمس والعودة إلى الرياض.

 وتزامنت تلك الخطوة مع سحب السعودية ما تَبقى من جنودها من معسكر تداوين، الذي أصبح فارغاً، وفق مصادر مطّلعة، ما يؤكّد نجاح الهجمات الجوية لقوات صنعاء في تعطيله وإخراجه عن جاهزيته.

وبعدما سقط مركز الاتصالات الخاص بمحافظة مأرب في منطقة نخلاء مساء الأربعاء، حاولت قوات هادي استعادة عدد من المناطق، وقطع طريق الجيش و”اللجان” إلى مدينة مأرب، لكنها فشلت في ذلك.

 

 

… «رجال الحرب والفزعة»

كتب: رشيد الحداد

 

تحت ذريعة التعاون مع حركة «أنصار الله»، حاولت ميليشيات «الإصلاح»، في خلال الأعوام الماضية، إخضاع قبائل مأرب بالقوّة، فشنّت حملات أمنيّة ضدّ قبائل عبيدة وجهم والدماشقة، وقصفت مناطق آل سمرة وآل حتيك في العرقين قرب صافر النفطية، وفي الوادي خاضت حرباً غير متكافئة مع الأشراف وقبائل آل مثنى.

تحت الذريعة نفسها، ارتُكبت جريمة إبادة أسرة آل سبيعان أواخر حزيران/ يونيو الفائت، بعدما رفض الشيخ محسن صالح سبيعان دعم قوّات تحالف العدوان، لتردّ ميليشيات «الإصلاح» بالهجوم على منزله وقتله مع ستة آخرين من إخوته وأبنائه.

 جريمةٌ أثارت استياء أبناء القبائل اليمنية، ووحّدت معظم قبائل مأرب والجوف وصنعاء وعمران ضدّ القوات الموالية لـ»التحالف» في المحافظة.

«الإصلاح» الذي تمكّن من الاستفراد بمحافظة مأرب، وتحويلها إلى معقلٍ رئيسي له في خلال السنوات الماضية، تجاهل إصلاح الأخطاء التي ارتكبت على يد ميليشيات موالية له في حقّ القبائل المأربيّة، ومضى على نهج النظام السابق في التعامل بالقمع والتهميش والإقصاء مع أبناء المحافظة؛ فمارس سياسات الترهيب ضدّ أبناء القبائل وتعامل بتوجّس مع الموالين لـ»التحالف»، متّهماً الكثير منهم بالتماهي مع قوّات صنعاء، وتعمّد الزج بهم في معارك خاسرة في عدد من محاور القتال في مديريات مأرب، ليدفع الكثير منهم إلى الانسحاب من جبهات العلم والنضود شرقاً، وجبهات الجوبة وحريب ورحبة جنوباً، وجبهة المخدرة وصرواح وحلحلان ورغوان ومدغل غرباً.

حكومة هادي وميليشيات «الإصلاح» التي تقاطرت إلى مأرب كقوّات نازحة، تمكّنت من تعزيز حضورها في المحافظة بمساندة أبناء القبائل. وبعد استحواذها على الدعم المالي والسلاح المقدّم من تحالف العدوان، انقلبت على هؤلاء.

 دفع هذا شيخ مشائخ قبائل عبيدة، محسن بن علي بن معيلي، إلى توجيه رسالة إلى زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في آذار/ مارس 2018، هي عبارة عن عدد من أبيات الشعر، يطالبه فيها بإرسال قوات الجيش و»اللجان الشعبية»، بعدما ضيّقت ممارسات «الإصلاح» خيارات العيش الكريم للناس، مختتماً رسالته بالقول: «وأهل مأرب رجال الحرب والفزعة بعد هذا البلاء معاد أحد صابر».

    مضى «الإصلاح» على نهج النظام السابق في التعامل مع أبناء مأرب

تعاملت صنعاء مع قبائل مأرب كأصحاب قرار كونهم سكان الأرض الأصليين، فقدّمت عروض سلام مقنعة، ومنحت هؤلاء الحقّ الكامل في إدارة شؤون المحافظة، بشرط عدم السماح لأيّ طرف من تحالف العدوان باستخدامها كمنطلق للعمليات العسكرية ضدّ الجيش و»اللجان الشعبية».

 وزاد ثقة قبائل مأرب بـ»أنصار الله»، اعتمادها على قيادات عسكرية ومدنية كبيرة تنحدر من المحافظة.

ومنذ مطلع العام الجاري، بدأت عملية التواصل مع القبائل، وتم عقد لقاءات متعدّدة؛ أبرزها لقاء الحوثي مع زعماء قبائل مأرب أواخر نيسان/ أبريل الماضي، حين تم تسليمهم مبادرة سرعان ما وافقوا عليها.

 وبعدما وصلت أصداء المبادرة إلى الجانب السعودي، ردّت الرياض على مشائخ مأرب، بالتهديد والوعيد.

على رغم ذلك، استمر التواصل بين صنعاء وقبائل مأرب، إذ تمكّنت الأولى، عبر وساطات قبليّة، من إبرام عدد من الاتفاقيات مع قبائل كانت موالية لـ»التحالف» في مديريات رحبة والماهلية والجوبة ومراد ورغوان، سهّلت تقدّم قوات الجيش و»اللجان الشعبية» في عدد من مديريات المحافظة خلال الأشهر الماضية، كما عقدت قيادات عسكرية في صنعاء، على رأسها اللواء أبو علي الحاكم، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، عدّة لقاءات مع كبار مشائخ مأرب في الفترة بين حزيران/ يونيو وتشرين الثاني/ نوفمبر، استطاعت من خلالها تبديد المخاوف القبليّة من تقدّم قوات صنعاء، والاتفاق على التعاون في تحرير المحافظة من القوات الموالية للعدوان.

 

 

ملف خاص اعدته : جريدة “الأخبار” اللبنانية .

قد يعجبك ايضا