المصدر الأول لاخبار اليمن

الصين تعزز وجودها في الشرق الاوسط بعد تراجع الدور الامريكي

متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //

نشرت صحيفة “اندبندنت البريطانية” مقالاً عن انحسار الدور الأمريكي في الشرق الأوسط وبروز الدور الصيني، للكاتب وليد فارس، الأمين للمجموعة الأطلسية النيابية.

وأوضح الكاتب ” فارس” انه مع الإعلان عن توقيع اتفاق تعاون استراتيجي واقتصادي وأمني بين إيران والصين، لمدة 25 عاماً، انقلبت موازين القوى في الشرق الأوسط، بين ليلة وضحاها، وهذا الانقلاب ولو كان فقط على الورق حتى الآن، فإنه سيتحول إلى واقع تدريجياً، رويداً رويداً، يوماً بعد يوم، شهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة، حتى يصبح حقيقة دامغة تاريخية بحجم حقبة الحرب الباردة، ويطول عمرها كعمر الإمبراطوريات التاريخية، هذا إن لم تتحرك الولايات المتحدة والمنطقة لتواجه نتائج ما حدث.

واستعرض الكاتب  بنود الاتفاق الصيني – الإيراني، وتأثيره على الاتفاق النووي وكيف يمكن التعاطي معه، حيث قال:

بعد مرحلة طويلة من المحادثات بين بكين وطهران، لا يٌعرف مداها بالضبط، أعلنت وزارتا خارجية البلدين عن توقيع اتفاق تعاون وتنسيق مشترك لربع قرن ربما، شبيه بالاتفاقات بين الاتحاد السوفياتي وكوبا ودول أوروبا الشرقية. اتفاق يشمل قطاعات واسعة، اقتصادية ودفاعية ودبلوماسية، بحسب ما تم إعلانه حتى الآن.

أولاً، تتعهد الصين بشراء كميات هائلة من النفط والغاز الإيراني بحجم يعيد لطهران مستوى في التصدير لم تشهده منذ عقود، وذلك لقاء ثمن منخفض، يوفر احتياطاً واسعاً لبكين، وسيولة كبيرة للنظام الإيراني، وستتحدى الصين الحصار الاقتصادي الأميركي من دون أي تفاوض مع واشنطن.

ثانياً، تقوم الصين باستثمارات في الاقتصاد الإيراني بحوالى 400 مليار دولار لسنوات، أي أكثر من ضعفي حجم صفقة الاتفاق النووي، مما سيربط الاقتصادين بعرى قصوى، تتحدى أي عزل مالي من الغرب، إضافة إلى ربط العملة الإيرانية بالعملة الصينية القوية.

ثالثاً، ستمد الصين شبكة الإنترنت التابعة لها إلى عموم إيران، وتحميها من الاستهدافات السيبرانية، وتساعدها في منع اختراقها.

رابعاً، سيتم تبادل معلومات استخبارية بين الحكومتين حول خصومهما المشتركين في المنطقة وعالمياً، مما يعني حماية إضافية للنظام الإيراني عبر قوة عظمى تتمتع بقدرات واسعة.

خامساً، سيتم تعزيز التنسيق الدبلوماسي بين الطرفين دولياً وفي الأمم المتحدة، مما سيوفر فيتو صينياً مستمراً ضد أي قرار غربي، إضافة إلى الفيتو الروسي. أي عملياً وضع طهران تحت المظلة الدبلوماسية الصينية -الروسية.

سادساً، وربما الأهم استراتيجياً، إقامة تعاون عسكري صيني- إيراني يشمل تصدير أسلحة متطورة إلى إيران، من طائرات حربية تضاهي النماذج الغربية، ودبابات متقدمة وصواريخ وأعتدة وأنظمة إلكترونية حديثة، أضف إلى ذلك تحديث المطارات والقواعد العسكرية الإيرانية والموانئ.

نتائج الاتفاق استراتيجياً

نتائج هكذا معاهدة، وإن كانت لا تزال على الورق، كبيرة جداً على الصعيدين الإقليمي والدولي، فالصين ستنقذ النظام الإيراني مالياً عبر عملية الشراء الواسعة للنفط والغاز، وستوفر سيولة جارفة لطهران .

المعاهدة ستكون شبيهة بمعاهدات الدفاع والصداقة السوفياتية إبان الحرب الباردة التي ربطت الكتلة الأوروبية الشرقية وكوبا وفيتنام الشمالية وكوريا الشمالية، وحتى بعض الدول الأفريقية، بموسكو عبر “الكوميكون”، وقد تتحول هذه المعاهدة مع الوقت إلى رابط شبيه بـ “معاهدة وارسو”، والفرق أن العمود الفقري لهذا المحور لن يكون العقيدة السياسية، لانتفائها بين الماركسية والخمينية، بل التلاقي على بقاء هذه الأنظمة المتشددة ومصالحها الاقتصادية.

المعادلة الفعلية للمعاهدة هي الطاقة الرخيصة للصين، في مقابل استمرار النظام الإيراني، وأضف إلى ذلك تمدد نفوذ بكين باتجاه الخليج والمتوسط، وهذا يطرح السؤال الأبعد: ماذا بالنسبة إلى العرب وأميركا؟

المعادلة الجديدة، إن تجسدت، تأتي مع تطورين متناقضين. أولاً ستصل القوة العسكرية الصينية إلى إيران، كما وصلت القوة الروسية إلى الأسد في سوريا، وتجعل أي تهديد حربي للنظام أصعب وأعلى كلفة على أي طرف إقليمي ودولي، ومن هنا ستتحرك طهران على أساس أن وراء ظهرها قوة خارقة، أي أيضاً أن ينتشر المستشارون الصينيون في إيران، وفي المرافئ العسكرية ومنصات الصواريخ والقواعد الجوية، وأن تتموضع قوات خاصة صينية في طهران والمدن الأخرى. هذا بالطبع ليس خبراً ساراً لدول التحالف العربي إذا استفادت منه إيران.

ولكن بكين ستكون أسرع مما يعتقده البعض، فهي ستصل إلى إيران على متن المعاهدة، ولكنها ستعرض على دول الخليج عروضاً باهرة للتهدئة والتعاون الاقتصادي، فقد أعلن وزير خارجيتها أن حكومته ستعرض على السعودية ومجلس التعاون سلسلة اتفاقات اقتصادية وتجارية حول النفط والنقل البحري، و”جعل الخليج منطقة آمنة للجميع”، وكأن بكين تقول للجزيرة العربية إنها ستحمي إيران، لكن بإمكانها أن تحمي العرب من طهران أيضاً!

قد يعجبك ايضا