المصدر الأول لاخبار اليمن

لماذا فشلت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول أزمة سد النهضة؟

متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية //

 

باءت المفاوضات، التي جمعت أطراف أزمة سد النهضة واختتمت أعمالها الثلاثاء، بالفشل، وعجزت الدول الثلاث المشاركة فيها، وهي مصر والسودان وإثيوبيا في إعطاء بوادر أمل على الأقل في الطي النهائي لهذا الملف في يوم ما. واتهمت كل من مصر والسودان إثيوبيا بـ”غياب الإرادة السياسية” للدفع بالمحادثات. فيما يتخوف مراقبون من أن تطورات هذه الأزمة قد تهدد استقرار المنطقة. فلماذا تتعثر المفاوضات بين البلدان الثلاثة؟

لاتزال مفاوضات سد النهضة بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا تراوح مكانها دون أن تحقق أي اختراق يذكر. وكانت مفاوضات كينشاسا التي اختتمت الثلاثاء بين الأطراف الثلاثة، برعاية أفريقية، آخر حلقة في أزمة عمرت طويلا، انتهت بدورها بالفشل.

وتنظر القاهرة إلى هذا الوضع باستياء كبير لاسيما أن الوقت لا يلعب لصالحها مع إصرار أديس أبابا على مواصلة ملء السد. وعبر وزير الخارجية سامح شكري عن ذلك في تصريح له بالقول: “كل ما تم تداوله من أطروحات مختلفة بشأن أزمة سد النهضة، كان دائما يجد رفضا من الجانب الإثيوبي، وصل إلى درجة التنصل من الإجراءات التي نشأت على أساسها المفاوضات من البداية”، قبل أن يضيف بلهجة شبه تصعيدية: “مصر ستتخذ ما تراه ملائما في الفترة المقبلة لحماية الأمن القومي المائي”.

وبنفس الحدة، جاء رد الخرطوم على ما آلت إليه هذه المفاوضات عبر بيان لوزارة الري والموارد المائية السودانية، قالت فيه إن “هذا التعنت الإثيوبي يحتم على السودان التفكير في كل الخيارات الممكنة لحماية أمنه ومواطنيه بما يكفله له القانون الدولي”.

ظل مشروع هذا السد مصدر توتر بين البلدان الثلاثة منذ وضع حجر الأساس في نيسان/أبريل 2011. وقد شيد على النيل في شمال غرب إثيوبيا قرب الحدود مع السودان. وبإمكانه أن يصبح أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا مع قدرة إنتاجية تبلغ حوالى 6500 ميغاوات.

وتصر إثيوبيا على مواصلة مخططها في ملء السد الصيف المقبل على الرغم من الاحتجاجات المصرية والسودانية، إذ تطالب القاهرة والخرطوم بتوقيع اتفاق قبل ذلك، يحمي ثروتهما المائية. وأعلنت أديس أبابا في تموز/يوليو 2020 أنها أنجزت المرحلة الأولى من مشروعها بسعة بلغت 4,9 مليارات متر مكعب، تسمح باختبار أول مضختين في السد.

وتعتبر إثيوبيا أن الطاقة الكهرومائية الناجمة عن السد ستكون حيوية لتلبية حاجات الطاقة لسكانها البالغ عددهم 110 ملايين. ويعول رئيس البلاد أحمد أبي على هذا المشروع لتحقيق طفرة تنموية، نافيا أن تكون “نيته” إلحاق الضرر بمصر، موضحا: “ما أريد أن يفهمه إخواننا ’في مصر والسودان‘ هو أننا لا نريد أن نعيش في الظلام.. نحن بحاجة إلى مصباح.. لن يضرهم النور بل يمتد إليهم”.

أما مصر، فترى في مشروع السد تهديدا لوجدوها، إذ تعتمد على النيل لتوفير حوالى 97 بالمئة من مياه الري والشرب. وفي المقابل يخشى السودان من تضرر سدوده في حال عمدت إثيوبيا إلى ملء كامل للسد.

وبالتأكيد، ترى مصر والسودان هذا الملف بمنظور يخالف المقاربة الإثيوبية، بدءا من الإطار العام الذي تدور فيه المفاوضات بين الدول الثلاثة. فمصر والسودان تطالبان بضم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكذا الأمم المتحدة إلى الاتحاد الأفريقي الذي يرعى المفاوضات، وهو ما ترفضه أديس أبابا.

وتعتقد إثيوبيا “أن المشكلات الأفريقية يمكن حلها من قبل الأفارقة أنفسهم.. نحن نحترم الحكمة الأفريقية والمفاوضات الحالية الجارية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي ونأمل أن تنجح”، حسب قول متحدثة باسم وزارة خارجية أديس أبابا. فيما اعتبرت وزارة الخارجية المصرية أن “هذا الموقف يكشف مجددا عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية”.

وعلى قناة “صدى البلد” المصرية، انتقد الإعلامي أحمد موسى بحدة تعثر المفاوضات، واعتبر أن مصر تدفع ثمن “ما حدث في 2011” جراء الأوضاع في البلاد وقتها، مشيرا إلى أن أديس بابا استغلت الوضع حينها للبدء في بناء السد. ويرى موسى أن إثيوبيا “اختارت التوقيت” اليوم أيضا لمواصلة مشروعها بإصرار، لأن مصر “مشغولة بمشاكلها الداخلية”.

ويهدد استمرار هذه الأزمة استقرار المنطقة، خاصة مع اللهجة التصعيدية التي بدأت تتحدث بها كل من مصر والسودان جراء استيائهما من “التعنت” الإثيوبي. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صارما الثلاثاء في تعليقه على تطورات هذا الملف.

وقال السيسي: “نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر (..) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”، متوعدا: “لا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا (..) مياه مصر لا مساس بها والمساس بها خط أحمر وسيكون رد فعلنا حال المساس بها أمرا سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل”.

لكنه شدد على أن “التفاوض هو خيارنا الذي بدأنا به والعمل العدائي قبيح وله تأثيرات تمتد لسنوات طويلة لأن الشعوب لا تنسى ذلك. واستضاف السودان، الذي يخوض أيضا نزاعا حدوديا مع إثيوبيا، تدريبات للقوات الجوية المصرية اختتمت السبت.

وقد “تطول هذه الأزمة” باعتبار أنه لا يلوح في الأفق القريب أي مخرج لها، حسب قراءة المحلل السياسي علي فضلي لفرانس24. فبالنسبة له، لا مناص من “أخذ الملف من الوسط وقيام الدول الثلاث بالنظر إلى مستقبل شعوبها” لإنجاح المفاوضات.

بوعلام غبشي

قد يعجبك ايضا