المصدر الأول لاخبار اليمن

من بير العزب الى شيراتون.. ثلاث صور خاصة تكشف كيف اشتغلت امريكا في صنعاء طيلة 40 عاماً

خاص/ عادل عبدالاله العصار //وكالة الصحافة اليمنية// حزمت أمريكا حقائبها وغادرت صنعاء، ومعها غادر كل ما كان مبهما وغامضا وسريا.. رحلت أمريكا ومعها رحلت كل ملفاتها السوداء وكل سياساتها وأجنداتها ومشاريعها التي طالما وجهتها لاستهداف الشعوب. رحلت أمريكا وأغلقت وكر مؤامراتها في صنعاء وقررت مرافقة أدواتها التي كانت تستخدمها وتوجهها لتنفيذ مؤامراتها ضد اليمن واليمنيين. […]

خاص/ عادل عبدالاله العصار //وكالة الصحافة اليمنية//

حزمت أمريكا حقائبها وغادرت صنعاء، ومعها غادر كل ما كان مبهما وغامضا وسريا.. رحلت أمريكا ومعها رحلت كل ملفاتها السوداء وكل سياساتها وأجنداتها ومشاريعها التي طالما وجهتها لاستهداف الشعوب.

رحلت أمريكا وأغلقت وكر مؤامراتها في صنعاء وقررت مرافقة أدواتها التي كانت تستخدمها وتوجهها لتنفيذ مؤامراتها ضد اليمن واليمنيين.

 

اجتهدت أمريكا وحرصت وهي تغلق أبواب سفارتها على إخفاء وطمس بصماتها، واعتقدت أنها لم تترك خلفها غير مبانٍ فارغة يحرسها نسر الامبريالية المعلق على سور سفارتها التي كانت عامرة بالساسة والخونة والعملاء الذين اتبعوا خطاها وساروا على نهجها وخلفها حتى أردتهم وأوردتهم الهاوية..

أمريكا كعادتها في تزييف الحقائق وتجميل قبحها في عيون شعوب الأرض، اجتهدت كثيرا لإقناع العالم بأنها البلد الأكثر احتراما لإرادة الشعوب والأكثر إيمانا بحقها في الحياة، والأكثر حرصا على حماية الحقوق والحريات، والأكثر احتراما للأخر.

اتقنت أمريكا تجسيد كل أساليب التخفي وحرصت على أن يظل بريق زيفها قناعا جميلا يحول دون التعرف عليها ورؤيتها على حقيقتها، وربما نجحت أمريكا في إقناع العالم على رؤيتها بالشكل والصورة التي تحب أن تبدو عليها في عيون شعوب الأرض، لكن ورغم أنها تمتلك من وسائل وأساليب الترغيب والترهيب ما يجعلها صاحبة السياسة الأجمل وحامية السلام وراعية الديمقراطية والمدافعة عن حقوق الإنسان، إلا ان الحقيقة تظل أكبر من كل زيف وأباطيل أمريكا، ولا يمكن للحقيقة إلا أن تظل تتجلى في أكثر من صورة وأكثر من وجه لتفضح الادعاءات وتؤكد استحالة تنفيذ جريمة دون أن يترك المجرمون خلفهم دليلا يشير إليهم ويفضح قبح أفعالهم ويكشف كل ما حرصوا على إخفائه من أسرار..

 

هنا ومن خلال ثلاث صور سنحاول كشف ثلاثة أوجه لأمريكا في اليمن، ثلاث صور لسفارة واحدة، ثلاث صور تنعكس من خلالها ثلاث سياسات أمريكية لا تقتصر على اليمن فقط وإنما تشمل كل العالم، ثلاث صور لن نبحث من خلالها عن جرائم أمريكا المباشرة وغير المباشرة أو نبحث عن أدلة تورطها  أو نقوم برفع بصماتها أو الاشارة إليها وإدانتها من خلال كشف جرائمها في مختلف المجالات.

سنكتفي هنا بقراءة سريعة للسياسة الأمريكية من خلال ثلاث صور لسفارة وممثلية دبلوماسية واحدة تتجسد من خلالها الصورة الأكثر واقعية لثلاث سياسات أمريكية لم تشهدها اليمن وحسب بل شهدها العالم بشكل عام خلال فترة حكم 10 رؤساء أمريكيين وشهدت السياسة الأمريكية في عهودهم انقلابا على القيم والمبادئ والاخلاقيات السياسية التي أرساها رؤساء أمريكا التاريخيين أمثال جورج واشنطن وبنجامين فرانكلين وابراهام لنكولن وسعى لتجديدها الرئيس الـ35 جون كينيدي، وهي القيم التي يمكننا قراءتها والتعرف عليها من خلال الصورة رقم “1” لمبنى أول سفارة أمريكية في اليمن، والتي كانت تقع داخل حي سكني في منطقة بير العزب وسط العاصمة، وتحيط بها منازل المواطنين من كل الجهات ويربطها بالشارع العام زقاق ضيق بالكاد يتسع لمرور سيارة واحدة، وتتشاركه السفارة مع جيرانها من المواطنين العاديين.

 

أول سفارة لأمريكا في العاصمة صنعاء في منطقة بير العزب..
سفارة امريكا الاولى في العاصمة صنعاء.. بين حواري العاصمة ومختلطة بالبيئة السكانية لا حواجز امنية ولا قلق او تعالي على المواطنين الذين يستضيفونها وسط احيائهم

 

أمريكا في بير العزب

هنا في هذا القصر الصنعاني العتيق في حي بير العزب كانت تتجسد سياسات رؤساء أمريكا التاريخيين ويتجلى البعد الحقيقي للتمثيل الدبلوماسي القديم للامريكيين في البلدان العربية عامة وفي اليمن خاصة ، فهي نفسية امريكية تحكم تحركاتهم في دول العالم ، بأساليب مرنة وخداعية لتخترق الشعوب وتصل الى عقر دورهم..

فوجود سفارة امريكا في هذا الحي السكاني الشعبي في العاصمة صنعاء لم يكن اعتباطيا او محض الصدفة ، بل كان مدروسا للغاية ، فمن هذا الموقع يقدم الامريكيين آنذاك انفسهم بجلود ناعمة تسترضي المجتمع وتعكس له البساطة والتواضع وعدم التعالي عليه ، خلافاً لما آلت اليه سياسيات امريكا حالياً.

أمريكا غير مضمونة لأحد.. فأساليبها في المكر والخداع السياسي لاختراق الشعوب تمتاز بالخبث والدهاء ، فهي حرصت على استمالة المجتمع اليمني آنذاك بوضع سفارتها في قلب احيائه الاكثر شعبية ، ومنحها فرصة واسعة للاختلاط بشرائح المجتمع ورؤوسه وقواعده ، لتستقطب ما استطاعت وتغرس في نفوسهم حب امريكا ولغتها وكرمها وكل زيف آخر.

 

آنذاك كانت امريكا بحاجة الى اختراق المجتمع مباشرة سياسيا ودبلوماسيا وثقافياً ، ولم تبلغ حاجتها للتحرك تحت مبررات مكافحة الارهاب والمخاوف الامنية واستحداث الحواجز والظهور بمظاهر باذخة ، لهذا وفي في هذا القصر الأثري بمنطقة بير العزب كانت السفارة الأمريكية تزاول نشاطها الدبلوماسي وتقدم خدماتها وتعيش مع المواطنين في أمن وسلام ، وهنا في هذا الحي وهذه الشوارع والأزقة لم يكن لأمريكا حواجز اسمنتية أو أي نوع من الموانع التي تحول دون عبور المواطنين، ولم يكن لها اجراءات أمنية تستفز المواطنين أو تصادر حرياتهم وحقوقهم أو تمنعهم من ترجمة وتجسيد مواطنتهم في أرضهم ووطنهم، وهي الحقيقة التي عبر عنها عدد من أبناء الحي الذين التقيناهم هناك (عبدالرحمن خوجه، عبده أمين أبوراس، محمد السلطان) والذين تحدثوا عن الفترة التي كانت السفارة الامريكية تتخذ من أحد مباني الحي مقرا لها، مؤكدين أن علاقتهم بالسفارة خلال تلك الفترة كانت أشبه بعلاقة الجيران، ولم يشهدوا ما يعكر صفو وهدوء الحي وأكدوا أن ” الحراسة الخاصة بالسفارة كانت عادية جدا، تتمثل في بعض الجنود بأسلحتهم الشخصية وضابط أمن واحد لحماية ومرافقة السفير في نفس السيارة”.. كما ان الحراسة كانت رمزية، “لأننا نحن سكان الحي من كنا نحمي السفارة كما نحمي بيوتنا وبيوت جيراننا ونتحمل المسئولية في ذلك”، مشيرين إلى أن السفارة لم تكن في عزلة عنهم وكانت تقدم بعض الخدمات لسكان الحي.

 

عسكرة السفارات

الانقلاب على القيم والمبادئ السياسية وهيمنة وسيطرة اللوبي اليهودي وشركات التصنيع العسكري على مراكز القرار الأمريكي انحرف بالسياسة الأمريكية عن مسارها 180 درجة لتتحول أمريكا التي ارتكزت اسس سياستها الخارجية على مبدأ النأي بالنفس وعدم التدخل في الشئون الدولية إلى أكثر البلدان تدخلا  في شئون دول العالم، لدرجة فرض سياساتها على الكثير من الدول واجبارها على قبول إملاءاتها في مختلف المجالات، وهي السياسة التي ظهرت على السطح في عهد الرئيس الـ 32 “روزفلت” وتجلت في عهود من جاءوا بعده لتبرز وتتحول إلى حقيقة وعنوانا رئيسيا للبيت الأبيض، بعد اغتيال جون كينيدي وتتجسد على أرض الواقع في عهد الرئيسان رونالد ريغان وجورج بوش الأب.

وهذه السياسة يمكننا قراءتها في الصورة رقم “2” كسياسة ارتكزت على مبدأ صناعة الأعداء وتجييش الأدوات والعملاء وعسكرة السفارات وتحويلها إلى ثكنات وغرف عمليات عسكرية تقوم بإدارة حروب أمريكا وصراعاتها في مختلف بلدان العالم.

هنا ومن خلال هذه الصورة للسفارة الأمريكية، في حي سعوان بالعاصمة صنعاء، تتجلى حقيقة الوجه الثاني للسياسة الأمريكية والتي تحولت السفارة بموجبها من ممثلية دبلوماسية إلى ساحة حرب مدججة بالمدرعات والحواجز الاسمنتية جعل اليمنيين يعيشون حالة طوارئ واستنفار أمني غير مبرر  وصل حد اغلاق الشوارع الرئيسية والفرعية وتعطيل حركة السير فيها ومنع العبور منها سواء للسيارات أو المشاة، واجبار سكان الحي على تفريغ المباني من ساكنيها واغلاق المحال التجارية في محيط السفارة اغلاقا نهائيا.

سياسة الهيمنة والاحتلال

نجحت أمريكا في فرض سياسة التدخل والسيطرة على مراكز صنع القرار في شئون الكثير من دول العالم واتجهت لفرض سياسة جديدة تترجم أطماعها في الهيمنة على العالم سياسيا واقتصاديا والسيطرة والاتساع وبسط النفوذ بالقوة وهي الحقيقة التي يمكننا التعرف عليها من خلال الصورة رقم “3” والتي تحول فيها فندق شيراتون إلى مقر للسفارة الأمريكية بل ومقر ومعسكر لجنود المارينز الذين استقدمتهم لحمايتها.

هنا ومن خلال هذه الصورة تتجلى حقيقة الوجه الثالث للسياسة الأمريكية التي بدأت ترجمتها الفعلية في عهد “بوش الأبن”  وتعززت في عهد صاحب الفوضى الخلاقة “باراك اوباما” ودخلت مرحلة الجنون والهستيريا في عهد الرئيس الـ 46 دونالد ترامب.

هذه هي أمريكا لمن لا يعرفها وهنا في قلب العاصمة صنعاء سيظل لقبح السياسة الأمريكية شواهد حية يمكنكم التعرف عليها في ثلاث صور في ثلاثة أحياء..

 

قد يعجبك ايضا