المصدر الأول لاخبار اليمن

التحالف السعودي الإماراتي.. حتمية تاريخية أم لقاء عابر

وما الأحداث الأخيرة في سقطرى إلا تأكيد على ذلك، حيث ضربت أبوظبي عرض الحائط بالتحالف العربي وأهدافه، واحتلت عسكرياً -وبشكل انفرادي- الجزيرة اليمنية، بينما تحاول السعودية التوسط وكأنها طرف ثالث في المعادلة، فكيف يُفهم ذلك في إطار التحالف بين الطرفين؟

تحليلات / د. ماجد محمد الانصاري / وكالة الصحافة اليمنية //

أثارت الأحداث الأخيرة في سقطرى النقاش مجدداً، حول حقيقة التحالف السعودي الإماراتي في الحرب في اليمن، وبشكل عام في الحراك الإقليمي والدولي الذي يقوده البلدان، فمنذ انطلاق الثورات المضادة عمل الطرفان في خندق واحد، لتثبيت نموذج الدولة القمعية عربياً.

ورغم فترة برود محدودة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، فإن هذا التحالف عاد ليشكّل القوة الدافعة الرئيسية في أحداث المنطقة. وبشكل عام كان هذا التحالف يبدو منطقياً، في ظل عداء النظامين لفكرة التحول الديمقراطي في المنطقة، وتوافق المصالح في معاداة المكونات الشعبية المطالبة بالإصلاحات السياسية عربياً، ومنها حركات الإسلام السياسي.

 

وتعضد زواج المصالح هذا مع بروز حاجة محمد بن سلمان لعرّاب في واشنطن، وميسّر لمشروعه في السيطرة على مقاليد الحكم في بلاده، ورغبة أبوظبي في تثبيت أقدامها في الرياض، بعد الفتور الذي ساد الشهور القليلة الأولى لتولي سلمان بن عبدالعزيز، جاء حصار قطر ليمثّل فصلاً جديداً في التحالف السعودي الإماراتي، يقرّب الطرفين أكثر، ويربطهما من حيث المصائر والصورة العامة دولياً.

منذ اليوم الأول، بدا واضحاً أنه طالما بقي هذا التحالف قائماً ستستمر الأزمات التي يشعلها بالتفجر هنا وهناك، ولذلك راهن المتضررون من هذا التحالف على حدوث شقاق بين الطرفين، يعطّل مشروعهما في المنطقة، ولكن فرصة ذلك كانت محدودة جداً، لما يتمتع به هذا التحالف من صلابة ناجمة عن الإحساس المشترك بالتهديد، والحاجة إلى الهيمنة على القرار السياسي العربي.

المساحة التي كان يحدث فيها التعارض الأكبر بين مصالح الطرفين هي اليمن، حيث بات واضحاً أن هناك هدفاً إماراتياً للاستحواذ على اليمن الجنوبي ومقدراته، والسيطرة على مفاصل السلطة هناك، بما يؤثر سلباً على الأمن القومي السعودي.

وما الأحداث الأخيرة في سقطرى إلا تأكيد على ذلك، حيث ضربت أبوظبي عرض الحائط بالتحالف العربي وأهدافه، واحتلت عسكرياً -وبشكل انفرادي- الجزيرة اليمنية، بينما تحاول السعودية التوسط وكأنها طرف ثالث في المعادلة، فكيف يُفهم ذلك في إطار التحالف بين الطرفين؟

هناك مؤشرات يمكن أن يُفهم منها أن وتيرة التحالف في انخفاض، هناك مثلاً التصريحات الأميركية التي تشير إلى مرونة سعودية وتصلب إماراتي حيال إنهاء الأزمة الخليجية، ومنها غياب التصريحات السعودية الداعمة للإمارات صراحة في مسرحية اختراق الأجواء القطرية، وبطبيعة الحال ما يحدث في اليمن هو مؤشر آخر.

 

لكن لا بد من الحذر في قراءة المشهد، واعتبار ذلك بداية النهاية للتحالف السعودي الإماراتي، وذلك لعدة أسباب:

– أولها أن الحاجة التي دعت إلى قيام هذا التحالف ما زالت قائمة، بل إن استشعار التهديد يبدو أكبر مع فشل المغامرات المختلفة، من اليمن إلى قطر، في خلق حالة استقرار عربية كما وعد الطرفان،

– ثانياً لا يبدو أن تضارب المصالح بين الطرفين وصل إلى مرحلة تجعل أحدهما مضطراً إلى إجراء حقيقي على الأرض. في الحالة اليمنية يخطئ من يظن أن السعودية لا تريد انقساماً يمنياً، على العكس يبدو أن صانع القرار في الرياض أيقن أن انتصاراً شاملاً في اليمن لم يعد ممكناً، وبالتالي لا بد من العودة للموقف التقليدي السعودي، المؤيد لوجود يمنيين متنافسين، كما أن مجاملة الإمارات في اليمن، والسماح لها بالامتداد هناك، هو -على ما يبدو- ثمن الخدمات الإماراتية في واشنطن وغيرها،

– وأخيراً فإن الأعداء المشتركين يقرّبون بين طرفي التحالف أكثر من المصالح المشتركة، وهذه العداوات لا يبدو أنها ستزول قريباً.

ورغم الأسباب المذكورة أعلاه، لن تكون مبالغة لو قلنا إن التحالف تجاوز فترته الذهبية، حيث بدأ كل طرف يرسم مصالحه بشكل موازٍ لهذا التحالف، كما يبدو من زيارة بن سلمان لواشنطن، وغياب بن زايد عن البيت الأبيض، ما يعني أننا قد نشهد خلال الفترات المقبلة تقاطعاً علنياً في المصالح بين الطرفين، وإن كان بشكل لا يهدّد وجود التحالف، لكنه على الأقل يخفّف من حدته.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر.

قد يعجبك ايضا