المصدر الأول لاخبار اليمن

مظفر النواب.. ورحل الشاعر الثائر فرات العرب ونار العروبة

تقرير/ خاص/ وكالة الصحافة اليمنية //

 

 

 

رحل يوم أمس الجمعة الشاعر العراقي مظفر النواب الذي حمل لقب “الأخطر في حركة الشعر العربي” و أحد أبرز الشعراء المعارضين الذي كلل مواقفه ضد الاحتلال في شتى صوره بالشعر اللاذع الرافض للظلم والقمع والتخاذل العربي، وانحناء الحكام لرغبات الغرب.

النواب لم يكن مجرد شاعر خاليًا من مشاعر الثورة، لقد كان ثائرًا صاحب مواقف ثابتة، لم يسخر موهبته الشعرية التي بدأت باكرًا في الثناء على الحكام وعروشهم، ولم يفرد للغزل مساحات كبيرة في متون قصائده، لقد تغزل في الحق وهجا الأنظمة العربية، فكان شعره القوي الجزل اللاذع يحمله من سجن إلى آخر ومن منفى إلى ريف هروبًا من عدة أحكام أقساها ما أصدرته محكمة عراقية بحقه وهو حكم بالإعدام.
كانت أول قصائد النواب بعنوان “قراءة في دفتر المطر” 1969م، ولكن شهرته كشاعر وطني ومناضل جسور كانت عبر قصيدته “وتريات ليلية” التي أكدت أن ثورة الشعر والتوجيه والتوعية استعادت بريقها بولادة النواب، ليفجر بعدها قنبلة شعرية حملت عنوان ” القدس عروس عروبتكم” دعمًا للانتفاضة الفلسطينية، حاثًا أطفال فلسطين على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة.

الشاعر العراقي الراحل الثائر مظفر النواب

بالعودة إلى أصول الراحل مظفر، فقد ولد لأسرة كانت تحكم أحدى ولايات الهند الشمالية، وكانت ممن عارض الاحتلال البريطاني للهند، ما جعلها في صدام دائم مع الحاكم الإنجليزي الذي عرض على أسرة مظفر أن تختار منفاها فاختارت العراق.

تشرب الشاعر الراحل ثوريته منذ الصغر وكان هذا انعكاسًا طبيعيًا لمواقف أسرته في الهند، حيث فضلت خسارة ثروتها على أن تظل تحت سيطرة الإنجليز، وفي العراق أطلق النواب قصائده المعارضة آنذاك لنظام الرئيس العراقي صدام حسين وبقية الحكام، فتعرض للنفي إلى عدة دول منها سوريا ومصر ولبنان وارتيريا ودول أوروبية، قبل أن يعود إلى العراق عام 2011م،  تزامناً مع الانسحاب الأميركي إثر الغزو في العام 2003، حيث كان يرفض العودة إلى بلده في ظلّ “الاحتلال”.
لم يسلم الشاعر الثائر من المطاردات التي استهدفته حتى وهو في المنفى، فقد تعرض لمحاولة اغتيال في اليونان 1981م.

لقد لقب النواب إضافة إلى لقبه بالأخطر في حركة الشعر العربي، بالشاعر الثوري، وأحد أشهر شعراء العراق في العصر الحديث، حيث واصل نهجه في السخرية اللاذعة واستخدام الألفاظ القاسية في طريقة عرضه لقضية ما، خاصة تلك التي تتعلق بخنوع الحكام واستبدادهم على شعوبهم فقط.

تشييع مهيب لجثمان الشاعر العراقي مظفر النواب

القدس عروس عروبتكم

في هذه القصيدة سخر النواب بقسوة من ذل الحكام العرب وهوانهم تجاه أمريكا والكيان الصهيوني، فأثارت هذه القصيدة حنقهم وغضبهم، وفي مطلعها يقول:
من باع فلسطين وأثرى بالله
سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
ومائدة الدول الكبرى ؟
فإذا أجن الليل
تطق الأكواب بان القدس عروس عروبتنا
أهلا أهلا أهلا
من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة ؟
أقسمت بأعناق أباريق الخمر وما في الكأس من السم
أقسمت بتاريخ الجوع ويوم السغبة
لن يبقى عربي واحد إن بقيت حالتنا هذي الحالة
بين حكومات الكسبة
وكانت قصيدة قمم هي الأخرى حملت انتقادًا للقمم العربية التي كان يراها الشاعر الثائر مجد اجتماعات لإسقاط الواجب، تتم تحت مرأى القتلة ومسمع السفاحين، لم تنتصر لقضية عربية على الإطلاق ولم تخدم القضية الأولى فلسطين المحتلة بعد كل انعقاد، فقد قال في مطلعها:
قمم.. معزى على غنم
جلالة الكبش على سمو نعجة
على حمار بالقدم
وتبدأ الجلسة
لا ولن ولم
ونهي فدا خصاكم سيدي
والدفع كم؟

ثغرة نور.. منهج خالد

ولأن الإنسان الذي يُسخر حياته من أجل نصرة الآخرين، لا يموت، حيث يبقى ما تركه خالدًا، منهجًا، وثغرة نور يستمد منها المظلومين والموجوعين والذين يعبث بهم حكامهم قبل سياط الجلاد الغربي، فقد ترك الشاعر الثائر قصائد عديدة وصلت إلى 58 قصيدة كلها تنبض بالحرية والحب والحياة، تعارض الطغاة، وتعريهم ونفضح العملاء من العرب، ممن يتاجرون بكرامة الإنسان العربي والمسلم كي يحافظوا على عروشهم وثرواتهم بحماية جبابرة الدول العظمى أمريكا ومن ورائها.
توفي الشاعر الكبير عن عمر ناهز الـ 88 عامًا إثر صراع طويل مع المرض.

قد يعجبك ايضا