المصدر الأول لاخبار اليمن

المفطرون في نهار رمضان .. من يتَحدون؟ وعلى من يتحايلون ؟!

استطلاع خاص: وكالة الصحافة اليمنية لم يعتد أسامة ناصر (20عاماً) على الصيام، فقد نشأ وهو يرى والده لا يصوم رمضان أبداً، دون أي عذر شرعي، لذلك لم يجد أسامة أباً  يأخذ بيده ويعلمه منذ صغره على الصوم. في حديث أسامة لوكالة الصحافة اليمنية بدى الشاب الذي يدرس في عامه الجامعي الأول غير مبالٍ بتفريطه لفريضة […]

استطلاع خاص: وكالة الصحافة اليمنية

لم يعتد أسامة ناصر (20عاماً) على الصيام، فقد نشأ وهو يرى والده لا يصوم رمضان أبداً، دون أي عذر شرعي، لذلك لم يجد أسامة أباً  يأخذ بيده ويعلمه منذ صغره على الصوم.

في حديث أسامة لوكالة الصحافة اليمنية بدى الشاب الذي يدرس في عامه الجامعي الأول غير مبالٍ بتفريطه لفريضة الصيام، وقال بلهجة متهكمة : ” لوما يصوم أبي باصوم أنا..!”.

عقاب

بالرغم من أن زيد نعمان قد وصل إلى ال55 من عمره إلا أنه لا يستطيع الصيام، ..ويقول زيد… :”في مرحلة الطيش والمراهقة كنت ضمن شلة أصدقاء سوء وكنا نقترف أعمالاً آثمة ولا أحد يردعنا، ومن ضمن تلك الأعمال إفطار نهار رمضان، ليس لأننا جائعين أو متعبين ومرضى  وإنما تمرد، وشغف بأن نجرب فعلاً مغايراً لما يفعله كل الناس”.

ويضيف:” وهكذا عاماً بعد آخر أصبح الإفطار عندي وشلتي عادة، ولم نشعر إلا وقد سارت السنوات سريعاً وإذ بنار رجالاً في منتصف الخمسين من أعمارنا مبتلين بعديد أمراض شكلت عائقاً ومانعاً للصيام كالغسيل الكلوي وعديد أمراض أخرى، فأدركنا أن الصوم الذي ضيعناه في عز شبابنا وصحتنا صار غير ممكن لنا”.

توقف زيد لحظة ثم عاود حديثه لوكالة الصحافة اليمنية بأسى امتزج بصوته المبحوح ودمعة فرت من عينيه وقال:

” أتمنى أن أصوم كبقية خلق الله، ولو حتى مثل أولادي الذين استحي منهم.. لقد عاقبني الله بالفشل الكلوي، وكنت أظن أنني أقوى من المرض، وغير ملزم بأداء العبادات الواجبة ومن بينها الصيام وها أنا الآن عاجز تماماً”.

تحايل..!

سمير (26عاماً) من أسرة ثرية توفر له كل متطالبات الترف التي يعيشها واعتاد عليها، بما في ذلك سيارة فارهة، ومصروف يومي كبير يمكنه من شراء نوعية قات باهضة الثمن.

تَعود سمير على قضاء (12ساعة ) في تناول القات، وذلك في الأيام العادية حيث لديه متسع من الوقت ، غير أنه في رمضان يضيق عليه الوقت وينفلت منه سريعاً، فيجد نفسه على المشارف آذان الفجر مما يعكر مزاجه جداً ويجعله يبدو كمدمن لم يشبع من جرعة المخدرات خاصته..!

إهتدى سمير إلى طريقة يحتال بها على رمضان – هكذا ظن وسولت له نفسه – وهي السفر يومياً طيلة شهر رمضان، حيث يذهب بسيارته وبرفقة صديق أو اثنين إلى خارج مدينة صنعاء، وتحديداً طريق الحديدة – صنعاء ، عند الساعة الثالثة قبل الفجر قاطعاً مسافة تصل إلى أربع ساعات ذهاباً وعودة..!

يظن سمير أنه بهذه الحيلة قد امتلك عذراً شرعياً (السفر) يعفيه من الصيام ويجعله يستمتع بالقات لبضع ساعات اضافية ، بالرغم من أنه يبدأ “تخزينته” عند السابعة والنصف مساءً أي بعد تناوله لوجبة العشاء مباشرة، وإذا ما حسبنا ساعات “تخزينته ” فتصل إلى تسع تقريباً وهو معدل زائد جداً عن المعدل الطبيعي والمعتاد (6-7 ساعات ) كحد أقصى.

 طعام وسيجارة وجنس ..!

ومن عجائب المفطرين وطرائفهم ، ما قاله أحمد حسن (45عاماً) لوكالة الصحافة اليمنية عن أحد أصدقائه ممن لم يتعودوا على الصياد: “اعتاد صديقي وسيم الإمساك بسبحته بيده وتحريكها بين الفينة والأخرى ، وذات صباح رمضاني وتحديداً عند التاسعة ذهبت إليه في مكتبه الخاص بغرض إنجاز عمل معين معه وكان ذلك بناء على اتصال منه”.

ويواصل أحمد :” تفاجأت بصديقي وسيم يفتح لي باب المكتب وفي إحدى يديه السبحة وفي اليد الأخرى سيجارة ويبدو عليه أنه أنهى تخزينته للتو.. فحاولت أن أبُدي تذمري منه لكنه قطع عليا تذمري بتحريك يده الممسكة للسبحة بطريقة أضحكتني ..وكلما أتذكر تلك الواقعة لا أتمالك نفسي من الضحك والدعاء لصديقي وسيم بالهداية ..”.

وعلى العكس من الحالات التي سبقت ، لا يفطر صلاح ….(30 عاماً) بسبب الجوع أو العطش أو الرغبة بالتدخين،  بل الرغبة الجنسية التي لا يستطيع كبحها والتحكم بها، فتقوده بجنون إلى ممارسة الجنس وإجبار زوجته على ذلك الفعل المحرم في نهار رمضان والمحلل طيلة ليله.. ويبرر صلاح ذلك الفعل بأنه لا يجد وقتاً مناسباً لتفريغ شهوته الجنسية إلا في الصباح لأن أطفاله لا يتركون له فرصة في الليل أبداً كونهم يسهرون معه ومع والدتهم حتى مطلع الفجر.

للمفطرون  تقاليد غريبة، خاصة أولئك الذين يتعمدون إفطار نهار رمضان، فأغلبهم يتشابهون في الوجبات التي يتناولونها (البطاط ، والسحاوق ، الزبادي ، التونة ، وطبعاً السيجارة الحاضرة دائماً وقبل تلك الأصناف).

فلسفة الصيام

وعلى الرغم من أنّه لا يوجد الكثير من الدراسات التي تربط ما بين الصيام بمفهومه الإسلاميّ وبين أثره على نفسية الأفراد والمجتمعات خارج نطاق الكتب الدينية والإسلامية البحتة، إلّا أننا نستطيع من خلال إعادة النظر في الدراسات السيكولوجية الحديثة التي ترتبط بشكلٍ أو بآخر بالآثار والفوائد التي تسوقها الكتب الدينية للصوم والالتزام به على كلٍ من الصحة النفسية والروحيّة للأفراد.

وبشكلٍ عام، يقدّم شهر رمضان وصيامه فرصةً كبيرة للأفراد المسلمين لتعزيز قدراتهم على التحكم في ذواتهم وضبط أنفسهم، الأمر الذي يعود بالفوائد الإيجابية المتعددة على كثيرٍ من الجوانب الشخصية أيضًا، مثل تحسين قدرة الفرد على تحمّل ضغوطات الحياة وتوتّرها من جهة، وتحسين فرصه على النجاح من جهة أخرى.

فكرة الصوم، مثله مثل الكثير من الأوامر الدينية، تتمركز حول كبح الرغبات اللحظية لفترة معينة من الزمن. وبكلماتٍ أخرى، حول ضبط النفس ومحاولة التحكّم بها.

واختصارًا، يتفق الكثير من الباحثين على أنّ التحكم في النفس وضبطها بوصفه عملية إدراكية معرفية فهي القدرة على تغيير استجابات الفرد لجعلها تتماشى مع معايير عُليا مثل القيم والأخلاق والمُثل والتوقعات الاجتماعية، إضافةً للسعي إلى تحقيق أهداف طويلة الأجل على حساب المُتع الآنية والحالية.

الإسلام في أصله متجذّر على فكرة ضبط النفس والتحكّم بالذات، ومعظم طرقه تنطوي على بعض الطقوس أو الأفكار التي تقوم على فكرة ضبط النفس وتطويرها، مثل مواعيد محددة للصلاة أو الدعوة إلى الابتعاد عن المحظورات التي تضرّ بالنفس والآخرين والالتزام بالسلوكيات النافعة وغيرها الكثير. وفكرة الصوم، مثله مثل الكثير من الطقوس الدينية، تتمركز حول كبح الرغبات اللحظية لفترة معينة من الزمن. وبكلماتٍ أخرى، حول ضبط النفس ومحاولة التحكّم بها.

ويجب أنْ نعي أكثر أنّ ما وراء فكرة الصوم ليست فقط الامتناع عن الطعام والشراب والشهوات الجنسية وحسب، وإنما هي فرصة لتدريب النفس أكثر على التحكّم بالرغبات الآنية والاندفاع وراء تحقيقيها بشكلٍ فوريّ وعاجل، مهما كان نوع تلك الرغبات، سواء على سبيل الطعام أو الجنس أو الكلام أو الأفكار أو العواطف وغيرها.

قد يعجبك ايضا