المصدر الأول لاخبار اليمن

60 مليار دولار تركها صالح وراءه ، جناها من الفساد والجريمة واستثمرها نجله خالد في صفقات مشبوهة وغسيل أموال

تقرير خاص// وكالة الصحافة اليمنية "الإمارات" المستفيد الوحيد من ثروة اليمن المنهوبة

في ال24من أغسطس الفائت ظهر الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وسط منصة ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء لمدة أربع دقائق فقط، ملقياً خطاباً سريعاً – على غير عادته- طالب فيه المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ صرف رواتب الموظفين وتحسين الوضع الاقتصادي للبلد.

كان صالح قد حشد جماهير المؤتمر لذلك اليوم تحت مبرر الاحتفاء بالذكرى ال35لتأسيس المؤتمر الشعبي العام..ثم محاولاً الظهور منتشياً ألقى كلماته المبطنة بالمكر – كعادته – متناسياً أن تحالف العدوان – الذي يستثمر صالح في إحدى دوله (الإمارات ) مدينة سياحية بتكلفة 12 مليار دولار وتكتظ بنوكها بأرصدته وعائلته – قد فرض حصاراً خانقاً على البلد في استخدام قذر للوضع الاقتصادي وتأزيمه ، بعد فشلهم في تحقيق انتصارات حقيقية على أرض الواقع.

أراد صالح أن يتنصل من كل المسئوليات، وأن يحمل أنصار الله مسئولية أي انتكاسات اقتصادية أو أخطاء إدارية..لكن ذاكرة الشعب ووعيهم لم تكن متاحة لألاعيبه وأكاذيبه، كما أن مستور الرجل -الذي جمع ثروة قدرتها تقارير اللجان الأممية والمنظمات الحقوقية والصحافة العالمية ب64مليار دولار- قد أنكشف منذ العام 2011.

وفي حين جمع الرئيس المخلوع 64مليار دولار بالفساد والجريمة ، عاشت اليمن طيلة عهده أسوأ أوضاعها الاقتصادية غير المسبوقة عبر تاريخها..وأصبحت أحد أسوأ البلدان في الفساد المالي والإداري وحتى السياسي.

ويتذكر اليمنيون كيف تحولت بلدهم إلى ساحة ملغومة بالمؤامرات والحروب والأزمات في عهد  الرجل الذي سطى على السلطة منتصف العام 1978بطريقة مريبة بعد اغتيال رئيسين (الحمدي والغشمي) في ظرف 6 أشهر فقط.

ورغم الأزمة السياسية التي ألمت باليمن آنذاك بفعل اغتيال رئيسين ،إلا أن صالح تسلم بلداً متعافياً اقتصادياً بفضل الاصلاحات التي أحدثها الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي والتي وصفت بالمعجزة كونها نهضت باليمن الذي كان قد خرج من جملة حروب وكوارث اقتصادية في زمن قياسي لم يتجاوز ثلاثة أعوام.

استفاد صالح من اقتصاد الحمدي المزدهر وخططه الخمسية ،فوضع البلد والشعب على هامش اهتماماته ، ومهد لنفسه سلطة خطط أن تكون أبدية وحكم 33عاماً مستغلاً ثروة البلد وجاعلاً  إياه اقتطاعية خاصة به وعائلته ومن والاهم.

وحين ظن الراقص على رؤوسهم الثعابين –كما كان يحب أن يسمي نفسه – أنه دائم لن يزول عن كرسي السلطة ،فاجاءه اليمنيون بإنتفاضة هزت أركان نظامه الهش الممتلئ فساداً ، وصدمته مطالب المنتفضين بمحاسبته وتجميد أرصدته فقد أنهكتهم ثلاثة عقود من التجويع والأزمات والحروب والجرع.

خلع الشعب صالح في ثورة فبراير2011، لكنه نجا من المسألة والحساب هو ومنظومة حكمه،بفضل أميركا والسعودية والإمارات – نفس تحالف الشر الذي يدمر اليمن الآن – اللواتي تآمرن مع صالح ورؤساء أحزاب على تحويل الثورة الشعبية ضده إلى أزمة ،ثم لاحقاً تم التوقيع على مبادرة (خليجية)حصنت  صالح ومنظومته الفاسدة وأعادته إلى الحكم مجدداً ولكن من وراء ستار رجل ضعيف عمل نائباً له ما يقرب من 17 عاماً، واختاره هو لخلافته بمباركة جميع  مرتزقة وعملاء اليوم الذين قدموا اليمن لقمة سائغة لثلاثي الشر..أو هكذا ضنوا.

ولم يستسلم بعض الناشطين الحقوقيين اليمنيين  للمبادرة الخليجية فذهبوا أكثر من عاصمة عالمية  للحث على المساعدة في تجميد أرصدة صالح وعائلته وأرصدة نظامه، فالأموال بالنسبة لهم ولكثير من اليمنيين تمثل القوة الرافعة للاقتصاد اليمني ما بعد صالح ،وهي القوة التي استخدمت  لدعم أعمال العنف ضد الشعب اليمني أثناء كفاحه الذي بدأ في فبراير 2011 واستمر حتى السقوط الأخير لصالح في 4ديسمبر2017بعد تزعمه لمليشيات خيانة أرادت أن تدمر العاصمة صنعاء فوق رؤوس ساكنيها لكنها  اصطدمت بجدار وطني منيع للغاية.

ولكن كيف استطاع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح جمع ثروة خيالية (64)مليار دولار من بلد فقير يعيش الكفاف ويعتمد على المساعدات الخارجية ..؟ّ!

يقول تقرير قدمته لجنة العقوبات الأممية لمجلس الأمن الدولي قبل 6أعوام تقريباً أن علي صالح جمع 64 مليار دولار عن طريق استغلال عقود النفط ، بمعدل ملياري دولار سنوياً على امتداد الفترة الواقعة بين عام 1978 وتاريج إجباره على التنحي عن الحكم عام 2012.

وأوضح التقرير أن صالح خبئ أصول الأموال التي جمعها في 20 دولة بمساعدة شركاء الأعمال والشركات الوهمية وأنه جمع هذه الثروة الهائلة عن طريق ممارسات الفساد طوال فترة حكمه لليمن، وخصوصا ممارسات الفساد المتعلقة بعقود النفط  و الغاز، حيث يطلب الأموال من الشركات الأجنبية مقابل منحها تصريحات رسمية بالتنقيب عن الغاز والنفط.

وقال التقرير الذي تم إعداده آنذاك من قبل لجنة من أربعة خبراء، نقلا عن مصادر حكومية لم تسمها، أن صالح خلال فترة حكمه التي امتدت 33 عاما،

كان يكدس ملياري دولار سنويا، جزء كبير منها من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد الذي بلغ متوسطه 11.5 مليار دولار بين عامي 1990 -2013،وفقا للبنك الدولي.

تقرير الأمم المتحدة قال أن صالح جمع أموالاً تقدر ما بين 32و60 مليار دولار، وأن معظم هذه الثروة تم تهريبها إلى الخارج تحت أسماء وهمية أو أسماء آخرين في صورة ملكية أو نقدية وأسهم وذهب وسلع ثمينة أخرى، وزعت علي 20 بلدا على الأقل في العالم، وأن أغلبها جاء من سرقة أموال برنامج دعم الوقود، والذي يستخدم ما يصل إلى 10 %من الناتج المحلي الإجمالي في اليمن، فضلاً عن المشاريع الأخرى التي تنطوي على إساءة استخدام السلطة والابتزاز والاختلاس.

 

 

إلى ذلك وفي أواخر يوليو 2017 فتحت لجنة العقوبات الأممية الخاصة باليمن ملف خالد علي عبدالله صالح لاسيما أن اللجنة دعمت موقفها بتوصية خاصة توثق عمليات مشبوهة يقوم بها كتحويلات مالية وعمليات غسيل أموال مرتبطة بشركات تابعة له في الداخل والخارج.

ويدير خالد الأصول المالية نيابة عن والده وكانت تقارير سابقة كشفت معلومات عن جزء من أموال الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

وعمل خالد على التحايل على تدابير تجميد الأصول وتمكين أبيه من الوصول إليها وثمة أدلة موثقة تشير إلى أنه في 23 أكتوبر 2014 نقلت جميع أسهم علي عبدالله صالح إلى نجله خالد في شركتي “عبدالله ليمتيد، ووايسن ليتميد”.

وكشفت أدلة اضافية عن أن التحويل الفعلي للملكية جرى في تاريخ لاحق بعد إدراج صالح في قائمة العقوبات الدولية وحدد فريق تابع للأمم المتحدة شركتين تابعتين لصالح هما “ولدهورس انفستمنت، وولد هورس كوربوشين”.

ولاحظ الفريق الأممي أنه رغم تصفية الشركتين في يونيو 2011واصلتا إجراء تحويلات مالية بعد صدور العقوبات وحولت الشركتان 58مليوناً و148دولار في أكتوبر 2011،بعد صدور العقوبات الدولية إلى حساب خالد علي عبدالله صالح ،كما كشف التقرير عن مهام خالد في العمل كممول يتصرف بالنيابة عن والده أو بتوجيه منه في حركة الأموال التابعة للأسرة.

وبشأن شركتي “عبدالله ليمتيد” و”وايسن ليمتيد” أتضح للفريق الأممي أن شركة ثالثة تديرهما هي “إن دبليو تي مانجمنت إس إي” ومقرها جنيف وأن سجل الأعضاء ودفتر الأسهم للشركتين بينت أن خالد صالح قد اكتسب اسهمه فيهما من والده..وحول صالح خلال الفترة نفسها شركة خاصة إلى ابنه خالد هي شركة “فوكسفورد مانجمنت ليمتيد”.

وأكد الفريق الدولي امتلاك أدلة تؤكد تلقي خالد صالح تحويلاً مالياً قدره 33مليوناً و472ألف دولار ومبلغاً يقارب 735ألف يورو في الفترة من 24 إلى 29 أكتوبر 2014 عبر شركات “عبدالله ليمتيد، وفوكسفورد ،ومانجمنت ليمتيد، وأيسن ليمتيد”.

وأجرت إحدى الشركتين وخالد تحويليين ماليين إلى حسابين مختلفين الأول بقيمة 51مليوناً و539ألف دولار، مسجلة،والثاني بأكثر من 181ألف دولار على التوالي في تاريخ 29نوفمبر 2014 وذلك بعد إدراج صالح في قائمة الجزاءات في 7 نوفمبر من العام نفسه.

وكشف الفريق الدولي عن تعيين خالد شقيقه الأكبر أحمد مفوضاً للتوقيع على حساب شركة “ترايس بلوم ليميتد” وأن خالد هو المساهم الوحيد في شركة أخرى مسجلة في جزر فرجن البريطانية تدعى “توكاي ليميتد”.

كما حول خالد أموالاً من شركتي “ترايس بلوم ليميتد”  و “توكاي ليميتد” إلى حساباته في سنغافورا والامارات بعد إدراج والده في قائمة الجزاءات، واستخدم حساباً خاملاً في الامارات لغسل مبلغ 84مليون دولاراً في غضون 3 أسابيع ابتداء من 8ديسمبر2014 لكنها سحبت خلال الفترة نفسها وبهدف تسهيل غسيل تلك الأموال أنشأ خالد شركة في الامارات تدعى “ريدان  إنفستمنت  ليميتد” وحول الأموال إلى حساباتها.

وأكد فريق الخبراء الدولي أن لديه أدلة تشير إلى أن خالد صالح أنشأ الشركة في الإمارات وسيلة لأنشطة غسيل الأموال لصالح الأفراد المدرجين في قائمة العقوبات الدولية.. وتنقسم ملكية شركة” ريدان إنفستمنت  ليميتد “في الامارات بين أحد رجال الأعمال الاماراتيين يدعى “زايد أحمد علي عبدالله ديبان” وخالد صالح بنسبة 51-49%.

إلى هنا ومازالت حقائق النهب الممنهج  للثروة اليمنية لم تنكشف كافة تفاصيلها فما ذكرته الأسطر أعلاه فيضاً من غيض قصة فساد ونهب للمال العام عمرها 39 عاماً في بلد ظل عنواناً بارزاً للفقر.

 

قد يعجبك ايضا