المصدر الأول لاخبار اليمن

ماالذي تخشاه إسرائيل بعد سقوط ابن سلمان ؟!

  تحليل : وكالة الصحافة اليمنية يقترب أسبوعا الغموض من تمامهما، تتعالى أصوات القلق والتساؤل والتهديد أحيانًا من دوائر أمريكية وأوروبية ودولية بشأن قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده التي دخلها غير آمن فلم يخرج منها حيًا، فواشنطن، الحليف الرئيسي للرياض “محبطة”، والعلاقة بين الجانبين قد تكون “على المحك” لو تأكد مقتل […]

 

تحليل : وكالة الصحافة اليمنية
يقترب أسبوعا الغموض من تمامهما، تتعالى أصوات القلق والتساؤل والتهديد أحيانًا من دوائر أمريكية وأوروبية ودولية بشأن قضية
اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده التي دخلها غير آمن فلم يخرج منها حيًا، فواشنطن، الحليف الرئيسي للرياض
“محبطة”، والعلاقة بين الجانبين قد تكون “على المحك” لو تأكد مقتل خاشقجي أو تورط الجانب السعودي في اختفائه.

ومع تعاظم المؤشرات في تورط سعودي بعملية إخفاء أو اغتيال خاشقجي، فإن ثمة إدانة دولية واسعة النطاق وغير مسبوقة، تتعرض لها
إدارة محمد بن سلمان، لكن باستثناء “إسرائيل” التي هبت لنجدة ولي العهد، وأبدت قلقًا واضحًا على مستقبل المنطقة إثر تهاوي مكانة
نظام الحكم السعودي في الولايات المتحدة بعد قضية تفجر خاشقجي.

وبحسب ما تبيِّن تصريحات لمسؤولين نقلتها صحيفة “جيروزاليم بوست”، ثمة تداعيات كارثية على مصالح “إسرائيل” الإستراتيجية، فليس من
مصلحة “إسرائيل” أن ترى وضع السعودية يتضاءل في واشنطن، لأنه إذا حدث تطور كبير في الشرق الأوسط، فسيكون له تأثير عليها، رغم
أنها قد لا تكون لها علاقة مباشرة بحادث اختفاء أو قتل الصحفي السعودي.

العالم ساخط على ولي العهد و”إسرائيل” راضية

مع مرور الأيام دون إجابات قاطعة عن مصير جمال خاشقجي بدأت دوائر عالمية جمة في الخروج عن صمتها المترقب، فبحسب صحيفة “واشنطن
بوست” الأمريكية ستكون جريمة غير مسبوقة في العصر الحديث لو تأكدت شكوك مصرعه داخل قنصلية بلاده، فيما ستلقي هذه الواقعة بظلالها
على المملكة الغنية، التي لم تشفع لها أموالها في شركات الدعاية العامة، هذه المرة، لتضليل الرأي العام والمستثمرين.

كانت تركيا صاحبة الأرض أول المعنيين، وفيها يُستدعى السفير السعودي للمرة الثانية للقاء مسؤولين بالخارجية التركية، أما الرئيس
التركي فبدأ يتحدث بشكل مباشر عن الأزمة محملاً قنصلية الرياض تبعات إثبات ادعائها أن خاشقجي خرج منها، وأوروبيًا، تشاركت كل من
فرنسا وبريطانيا وألمانيا نداءات القلق والمطالبة بفتح تحقيقات عاجلة تقود للكشف عن مصير الصحفي المختفي.

أما بالنسبة لـ”إسرائيل”، فهي تتابع بترقب التطورات في قضية اختفاء خاشقجي، ولكنها لا تتحدث عن الموضوع علنًا، فاختفاء خاشقجي
يعيد للأذهان المواقف التي كان يعلنها في لقاءاته ومقالاته عن معارضته للتقارب السعودي الإسرائيلي، وبالتالي فإن إثارة قضيته من
جديد، والحديث عن مقتله أو اختطافه، قد يسفر عن تطور سلبي بالنسبة لها؛ لأنه قد يتسبب بتراجع الدعم الذي تقدمه واشنطن للرياض،
ما سيترك آثارًا سلبية على تل أبيب.

لذلك بدأت تقارير الصحافة الإسرائيلية تتناول واقعة اختفاء خاشقجي – التي وُجهت فيها أصابع اتهام للموساد بإمكانية مساعدة
المنفذين في الوصول إليه – ليس بالإدانة كما فعلت حليفتها الولايات المتحدة، بل تناولت تأثيرها على العلاقات السعودية
الإسرائيلية، والجهود المأمولة من تل أبيب لكبح جماح أي ضغوط أمريكية متوقعة على الرياض بعدما هدَّد ترامب بفرض “عقاب شديد” على
المملكة إن ثبت تورطها في عمليه اغتياله.

وفي ضوء معطيات تضج بها صحف العالم وشاشاته ووكالات أنبائه وتصريحات رؤساء ومسؤولين، وتدفع في مجملها لتعزيز الاشتباه لقتل
خاشقي في القنصلية، علَّقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية باحثةً عن أحد جوانب القصور بين الجانبين، قائلةً إن “السعوديين لم
يتعلموا منا كيف ينفذون الاغتيالات”، في إشارة إلى فشل السلطات السعودية في تنفيذ العملية دون انفضاح أمرها، لا سيما بعد ما
نقلته شبكة “سي إن إن” وصحيفة “واشنطن بوست” عن تسجيلات قاطعة بيد الأتراك تُظهر وقائع صادمة ومقززة لنهاية جمال خاشقجي
المأساوية داخل قنصلية بلاده.

انشغلت الصحف الإسرائيلية بالتعاون السعودي الإسرائيلي أكثر من مصير ابن سلمان نفسه، وبحسب رونين بيرغمان محلل الشؤون
الاستخبارية بالصحيفة، فإن صحة هذه التقارير الواردة من إسطنبول تشهد أن هناك مجالاً واحدًا على الأقل لم تنقل فيه “إسرائيل”
تعليماتها إلى السعودية، وهو “كيف يمكن تنفيذ الاغتيالات”، علمًا أن هناك تعاونًا بين الاستخبارات الإسرائيلية والسعودية في عدد من
المجالات المشتركة.

ويشير إلى هذا التعاون المحلل الأمني في صحيفة “معاريف” العبرية، يوسي ميلمان، الذي فجَّر مفاجأة تصلح للمتابعة حين قال في
تغريدة ما لبث بعد ساعات أن حذفها: “آمل ألا يكون هناك أي دور للموساد في مساعدة السعودية في قتل خاشقجي حتى ولو بشكل غير
مباشر”، وجاء شعور ميلمان بهذا الإحساس بسبب العلاقة الآخذة بالتوطيد بين “إسرائيل” والسعودية في المرحلة الأخيرة، وبسبب صورة
الموساد كمنظمة للاغتيالات وتصفية الخصوم.

ما تخشاه “إسرائيل” بعد سقوط نجم ابن سلمان

مع تعاظم المؤشرات في تورط ابن سلمان بعملية إخفاء أو اغتيال خاشقجي، تتهاوى مكانة ولي العهد السعودي ويخفت بريقه في الولايات
المتحدة كمصلح، وبحسب الرؤية الإسرائيلية، فإن أي تطور يفضي إلى المس بمكانة نظام الحكم السعودي في واشنطن، لا يخدم المصالح
الإستراتيجية لـ”إسرائيل”، لأنه سيحرم تل أبيب من الاستفادة من التأثير السعودي على الإدارة الأمريكية، الذي كان يُوظَّف على نطاق
واسع في تحقيق مصالح مشتركة للجانبين.

وبحسب عيران ليرمان، النائب السابق لمستشار الأمن القومي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس المساعد لـ”مركز يروشليم
للدراسات الإستراتيجية”، في حديثة لصحيفة “جيروزاليم بوست”، فإن “التساؤلات داخل الولايات المتحدة عن مدى صلاحية ابن سلمان كزعيم
للسعودية وكشريك “مريح” للولايات المتحدة، تفجرت في واشنطن قبل قضية خاشقجي”، فالعقوبات التي فرضها ابن سلمان على كندا في
أعقاب انتقاد وزيرة خارجيتها واقع سِجل حقوق الإنسان في المملكة، أدت إلى تعاظم الدعوات داخل واشنطن لإعادة النظر في العلاقة مع
الرياض.

لكن مع توارد الأنباء عن اغتيال خاشقجي تعززت مطالب إعادة تقييم علاقة واشنطن مع الرياض داخل أروقة صنع القرار الأمريكية، حيث
أصبحت العلاقات الأمريكية السعودية على طاولة الإدارة الأمريكية بضغوط من الكونغرس، بل قد يتعقد إطلاق حلف الشرق الأوسط فيما لو قرر
المشرعون الأمريكيون معاقبة الرياض على تلك الجريمة.

ولعل أكثر ما يدل على تهاوي مكانة المملكة في واشنطن في أعقاب اختفاء خاشقجي مطالبة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس
الشيوخ السيناتور الجمهوري البارز بوب كروكر بتفعيل “قانون ماغنتسكي” ضد المسؤولين السعوديين المسؤولين عن إخفاء أو اغتيال
خاشقجي، وهو ما يعني أن لدى ترامب 120 يومًا لفرض عقوبات، لكن ذلك يطرح سؤالاً عن ماهية هذه العقوبات، خاصة أنه لا يريد الإضرار
بصفقات السلاح.

كما يفاقم الأمور تعقيدًا بالنسبة لـ”إسرائيل” أن اختفاء خاشقجي أدى إلى تعزيز مكانة تركيا من خلال احتكارها السيطرة على مجريات
التحقيق في القضية، وقد سبق لنظام الحكم السعودي أن عمل على المس بمصالح تركيا الإستراتيجية، من خلال دعم التطلعات القومية
للأكراد، لأن الرياض ترى في أنقرة “قوة إقليمية تهدد أمنها القومي”.

ومع تزايد هذه الضغوط من الجانب التركي من ناحية، وعلى ترامب من اتجاهات كثيرة، لم يستبعد المحللون الإسرائيليون أن تتحرك
المنظمات اليهودية التي تعمل لصالح “إسرائيل” في الولايات المتحدة داخل الكونغرس لمحاولة مساعدة السعودية في الخروج من هذه
الورطة، والمحافظة على مصالح تل أبيب مع الرياض، وهناك ما يدلل على أن نظام الحكم في الرياض سيتطلع إلى تدخل “إسرائيل”
لمساعدته، لمواجهة الانتقادات الحادة التي يواجهها ابن سلمان داخل أروقة الكونغرس، بحسب عيران ليرمان، نائب رئيس معهد القدس
للدراسات الإستراتيجية، والمساعد السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الذي عمل كمسؤول فرع اللجنة الأمريكية اليهودية في ”
إسرائيل”.

تداعيات كارثية على مصالح “إسرائيل” الإستراتيجية

في إطار توارد مؤشرات تهاوي مكانة ولي العهد في الخارج، تخشى الأوساط السياسية في تل أبيب أن يؤثر السيناريو الأكثر فظاعة عن
مصير خاشقجي على استمرار العلاقات مع الرياض، ففي حال أقدمت واشنطن تحت تأثير الضغوط على تخفيف علاقاتها بالمملكة، سيترك ذلك
آثاره على علاقة الرياض بتل أبيب، وهو ما يمثل تحديًا جديدًا قد يأتي بنتائج عكسية إن قررت المملكة تغيير مسار علاقاتها مع ”
إسرائيل”.

يؤكد ذلك أحد الشخصيات الإسرائيلية المرتبطة بعلاقات وثيقة بعدد من كبار القيادات السعودية، وهو دوري غولد المدير العام السابق
لوزارة الخارجية، وأحد مساعدي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بقوله إن مصالح “إسرائيل” ستتعرض للخطر بسبب قضية
خاشقجي على اعتبار أن هذا التطور في الرياض سيمس بالتوازن الإستراتيجي القائم في المنطقة.

ويرى غولد، الذي يرأس حاليًّا المركز الأورشاليمي لدراسات المجتمع والدولة أن قضية خاشقجي تفضي إلى إضعاف نظام الحكم الذي يقوده
ابن سلمان ويعزز في المقابل مكانة إيران، حيث يمكن استخدام هذه المشكلة من الإيرانيين لدق إسفين بين الغرب والسعودية، والقناعة
المتوفرة في تل أبيب تقول إن كل ما من شأنه تعزيز موقف إيران في الشرق الأوسط هو سيء لـ”إسرائيل”، فالسعودية الضعيفة تعني
إيران القوية.

وبحسب توقعات المسؤولين والمعلقين الإسرائيليين، فإن التراجع الكبير بمكانة نظام الحكم السعودي في واشنطن يسهم في تقليص قدرة
“إسرائيل” على احتواء “الخطر” الإيراني، إلى جانب أنه سيفضي إلى تراجع التعاون بين تل أبيب والرياض، وسيؤدي إلى عدم استفادة
القيادة الإسرائيلية من دور ولي العهد الجديد في الضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات سياسية.

كما أن تراجع مكانة نظام الحكم السعودي في واشنطن سيمس بالجهود الإسرائيلية الهادفة إلى تسليط الأضواء على المشروع النووي
الإيراني والتهديدات الأخرى التي تشكلها طهران، فبحسب المحللين الإسرائيليين، جاء التحول الذي طرأ على موقف الولايات المتحدة إزاء
إيران نتاج التحركات الدبلوماسية التي قامت بها السعودية من وراء الكواليس، وليس فقط نتاج الجهود الإسرائيلية.

علاوة على ذلك، تخشى “إسرائيل” من تبدد الفرص التي كانت أكثر ملاءمة خلال حديث الإدارة الأمريكية عن تحالف عربي
إسرائيلياستخباراتي وعسكري ضد إيران، فيما عرف بحلف ناتو الشرق الأوسط، وإنشاء سكك حديدية من الدار البيضاء إلى الإسكندرية
ومنها إلى تركيا عبر تل أبيب واللاذقية، إضافة لإنشاء شركات كهرباء عابرة للحدود، وإنشاء منطقة حرة بين الأردن والسعودية ومصر لم
تتأخر الشركات الإسرائيلية في إبداء رغبتها بموطئ قدم للمشاركة فيها.

وكانت هذه الالتزامات تمهّد لعلاقة “قانونية” بين تل أبيب والرياض ضمن إطار القنوات الخلفية التي وفرها مشروع “نيوم”، تلك
العلاقات تتقاطع مع مصالح اقتصادية مشتركة على البحر الأحمر، وتشابك اقتصادي يمثل مدخلاً إلى علاقات علنية ورسمية، علاقات تتخذ من
المصالح الاقتصادية المشتركة والعداء لإيران مبررًا لها.

لكن يبدو أن حادثة خاشقجي تبدد مصالح تل أبيب الاقتصادية والسياسية، فالقرارت التي اتخذتها عدد من كبريات الشركات والشخصيات
العالمية بمقاطعة مؤتمر “دافوس الصحراء” الذي كان من المتوقع أن يعقد يوم 23 من أكتوبر في الرياض، فضلاً عن الانسحاب من مشروعات
اقتصادية مهمة في المملكة مثل مشروع “نيوم” الذي يعتقد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنه سيبني “طريقة جديدة للحياة”، ويرسي
قواعد “مدينة الأحلام”.

وعلى الصعيد السياسي، لا تتوقف التداعيات السلبية التي قد تترتب على تورط نظام الحكم في السعودية في اختفاء خاشقجي، فهذه
الواقعة جعلت وسائل الإعلام الأمريكية تجزم بأن رهانات جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس دونالد ترامب على العلاقة مع ابن سلمان في
خطر، بعد أن استثمر كوشنر الكثير من الجهود من أجل بناء علاقة قوية مع ولي العهد السعودي.

وبحسب رون كامبيس، مدير وكالة “Jewish Telegraphic”، في مقال نشره موقع “تايمز أوف إسرائيل”، ستشكل قضية خاشقجي تحديًا للتقارب
الإسرائيلي السعودي، لأنها ستمثل اختبارًا لمستقبل العلاقة بين كوشنر وابن سلمان، فقدرة كوشنر على مواصلة العلاقة مع ابن سلمان
ستتأثر بتهاوي صورة الأخير في الولايات المتحدة “كمصلح تحديثي” في أعقاب تزايد المؤشرات على أنه هو الذي أصدر الأمر بتصفية
خاشقجي بوحشية.

وتعيد قضية اختفاء خاشقجي للأذهان مواقفه المعارضة للتطبيع السعودي الإسرائيلي، فقد كرر في حديثه عن وجود حالة من عدم الرضا
داخل السعودية عن تطوير علاقاتها مع “إسرائيل”، رغم أن المملكة ترغب من إقامة علاقتها مع “إسرائيل”؛ للاستفادة من قوتها المؤثرة
في المنطقة؛ للعمل على إبعاد الوجود الإيراني من سوريا، بل إن خاشقجي أعلن أن “صفقة القرن” التي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب إلى ترويجها ستعطي السعودية أسمًا سيئًا، كما أبدى شكوكًا كبيرة في قدرة “إسرائيل” بصورة جدية على مساعدة المملكة لتخليص
المنطقة من النفوذ الإيراني المتزايد”.

المصدر: noonpost

قد يعجبك ايضا