المصدر الأول لاخبار اليمن

قضية شائكة تستدعي تدخل حازم ومسئول وعاجل من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ..

  تحقيق خاص: وكالة الصحافة اليمنية هل يعلم المجلس السياسي الأعلى أن المستأجرين الذين يواصلون الصمود بدون راتب منذ 24 شهر يعيشون أحوال مأساوية وقد زادها المؤجرين مأساوية مصحوبة بقلق فتاك.؟. ذاك القلق الفتاك مصدره تهديدات المؤجرين منذ منتصف هذا العام وحتى الآن للمستأجرين بأن عليهم دفع الايجارات المتأخرة، والتوقيع على عقود جديدة تتضمن زيادة […]

 

تحقيق خاص: وكالة الصحافة اليمنية

هل يعلم المجلس السياسي الأعلى أن المستأجرين الذين يواصلون الصمود بدون راتب منذ 24 شهر يعيشون أحوال مأساوية وقد زادها المؤجرين مأساوية مصحوبة بقلق فتاك.؟.
ذاك القلق الفتاك مصدره تهديدات المؤجرين منذ منتصف هذا العام وحتى الآن للمستأجرين بأن عليهم دفع الايجارات المتأخرة، والتوقيع على عقود جديدة تتضمن زيادة كبيرة في مبلغ الايجار لاتقل عن 10 ألف ريال دفعة واحدة.
وفي حين يكافح الناس من أجل البقاء أحياء وقد تخلوا عن أبسط احتياجاتهم إلا الأساسية جداً، وأن بعضهم _ وهم في الغالب مستأجرين نازحين _ يكتفون هم وأطفالهم غصباً عنهم بوجبة واحدة، وجبة متواضعة جداً ولا يمكن أن تجعلهم يصمدون أمام موجة البرد التي بدأت مبكراً هذا العام وتنذر ببرد قارس وربما مميت ..وبالرغم من ذلك يجدون أنفسهم مهددين برميهم في العراء مع نهاية شهر ديسمبر المقبل ، هكذا بدون رحمة، وبكل قساوة.


من سيكون لهؤلاء المغلوبين على أمرهم، الصابرين على معاناتهم لإدراكهم أن البلد يشن عليه حرباً عدوانية؟.. من سيكون لهم إن لم يكن المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ التي لم تنقذ أحداً منذ قرابة العامين ؟!.
ليس ثمة مبرر لتجاهل معاناة الناس، إلا التخلي عن أمانة المسئولية.. ولا نعتقد أن المجلس السياسي الأعلى رئيساً وأعضاء ممن يتخلون عن أمانتهم..ونعلم أنهم منشغلين بقضايا وطنية كبيرة، إلا أن ذلك لا يعفيهم من ضرورة تلمس أحوال الناس ومعاناتهم وخاصة في قضية هامة تستدعي إيقاف المؤجرين وفرملة جشعهم وإنقاذ المستأجرين سواء كانوا نازحين أو غيرهم من خطر رميهم خارج منازلهم.
وكيف يطالب من لم يجد قوت يومه، ولم يعد قادراً على إسكات أفواه اطفاله التي أضناها الجوع، على دفع كامل الإيجارات وفوق ذلك دفع زيادة في مبلغ الايجار الذي ان حدثت المعجزة واستطاعوا توفيره فإنهم لن يستطيعوا مواجهة زيادة اضافية و “جشعة”؟!.
ليس لائقاً بدولة وحكومة وسلطات أن يتم تهديد مواطنيها بطردهم من منازل يستأجرونها إلى قارعة الضياع والبرد والتسكع في طرق المعاناة التي قد تجر الكثيرين منهم إلى عالم الجريمة علها تقيهم الجوع والبرد والمخافة.

اتصال بعد منتصف الليل..!

الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليل الخميس الفائت تلقى عبدالملك حسن اتصالاً من المؤجر يطالبه بتسديد الايجارات المتأخرة
لشهرين فقط، ليس ذلك وحسب بل وطلب منه أن يغادر الشقة التي يسكنها قبل نهاية شهر ديسمبر القادم.
كان عبدالملك قبل الاتصال قد تهيأ للنوم، إلا أن اتصال المؤجر أقض مضجعه وحرمه من نوم كان يحتاجه جداً.. يقول عبدالملك لوكالة
الصحافة اليمنية:” ليس عندي متأخرات ايجار كثيرة، فقط شهرين ..ووحده الله يعلم كيف أني أوفر مبلغ الايجار على حساب أهم الأساسيات
التي احتاجها أنا وعائلتي المكونة من 8 أشخاص، وذلك حتى لا يرفع المؤجر صوته فوقي ولا يجرحني بأي كلمة”.
ويضيف :” وبالرغم من ذلك ، هذا المؤجر يظل يطاردنا ويفزع مناماتنا وبعض لحظات الراحة التي نسترقها خلسة من معاناة جاثمة فوق
صدورنا، فمرة يريد رفع الايجار 10 ألف ريال دفعة واحدة، ومرة أخرى يلاحقنا بالتوقيع على العقود رغم أننا مازلنا في منتصف العام، ثم
لا يكتفي بذلك فنفاجأ به يطالبنا بالخروج من شقته بلهجة تهديدية ملوحاً بأنه قد يتصرف بطريقة عنيفة معنا”.

ما يعانيه عبدالملك وعائلته، تعاني منه مئات العائلات في العاصمة صنعاء وبعض المدن الأخرى،وهي تضع المستأجرين أمام خيار تحدي
المؤجرين ولو بعنف مماثل، لكن ذلك لن يكون حلاً لقضية شائكة كهذه، خاصة في ظل ظروف تحاول فيها دول تحالف العدوان اقتناص فرص
لإثارة الشارع والمجتمع الذي أذهل العالم بصموده الجبار لمدة تقترب من نهاية عامها الرابع.
وثمة سؤال مهم نضعه أمام الجهات المسئولة:” لماذا يطالب المستأجرين بالخروج منازل الايجار وهم يسددون بانتظام، وليس التأخير
لمدة شهرين فقط بمدة طويلة خاصة وأن الوضع المالي لأغلب الناس وفي مقدمتهم المستأجرين صعبة جداً؟!”.


زيادة ايجار 100%

وهذه رسالة، تقدم بها المواطن رشيد الطالب الجامعي الذي يعول أسرته من خلال استثمار صغير جداً متمثل بمكتبة لبيع المواد
الدراسية والقرطاسية داخل محل صغير جداً مستأجر ب15 ألف ريال، إلا أنه تفاجأ من مالك العقار يطالبه بزيادة الإيجار 100%، وبعد أن
حاول رشيد التأكيد على الرجل أن الزيادة في الوقت الحالي وبهذه النسبة المبالغ فيها جداً أمراً غير معقول خاصة مع ظروف البلد وأوضاعها الاقتصادية المتردية ، إلا أن مالك العقار لم يتفهم أبداً، فما كان من رشيد إلا أن اشتكاه إلى مدير قسم شرطة الحميري بحي
الزراعة في العاصمة صنعاء.
وجاء في شكوى رشيد : “تحية الحق والعدالة..بما أن الشكوى لغير الله مذله ، إلا أن الساكت عن الحق شيطانٍ أخرس ،في خظم الأوضاع التي تشهدها البلاد، وما أسفره العدوان الغاشم على توقف حركة السير في جميع الجوانب الأقتصادية والأجتماعية والسياسية،لم اكن أنا ومثلي الالأف من أصحاب المحلات التجارية الصغيرة ( البقايل) ضحايا العدوان فقط بل ضحايا ظلم وبطش مالكي المحلات الذين قاموا برفع الإيجار علينا تعسفًا وإذلالاً وتجبرًا بدون أي دافع سوى لأهدافًا لايعلمها إلى الله ، وكما أننا لسنا أيسر حالاً منهم ،ما يجعل العقل اللبيب يقف متفكرًا عن
ماهية الأسباب والدوافع إلى هذا الظلم، فأنا رشاد البروي صاحب بقالة الأفاق امام فندق نجد بحي عثرب مستأجر لهذه البقالة بمبلغ
12000 أثني عشر ألف منذُ أن دخلتها،إلا مقبل خمسة أشهر بالتحديد إذا قام المالك عثمان المخلافي برفع الأيجار عليا الى 15000 خمسة
عشر ألفًا ، متجاهلاً مايحدث في البلاد من كوارث أفقدتنا نصف أبنائنا وكل ما نملك ، ومهددًا لي بالخروج إن لم استمعه أواسدد له
المبلغ، ولأن لي مديونية عند الناس تجاوزت المليون والنصف خلال الأزمة الراهنة، بجانب ظروف أسرتي الصعبة، ما أجبرني على تسديد
ذلك المبلغ ، إذ كنت حينها الوفي المخلص،الذي لم يتوانئ او يتقاعس عن تأخير الف ريال ، وبعد طول أمد الحرب وازدياد المعاناة
للشعب اليمني ، وأنتم أدرى منا بحال الشعب ، أتى اليوم هذا المالگ ليفرض عليا قرارات اضدهاديه مطالبًا مني أن أُسدد الأيجار
30000 ثلاثون الف ريال ،أو الخروج من المحل، بحجة أن السعودية طردت المغتربين وهو احدهم، متجاهلاً بذلك قانون عقارات الأيجارات
الذي ينص على تجديد عقد الإيجار تلقائيًا عند كل سنه جديدة، ومتجاهلاً أوضاع البلاد، ومديونيتي عند الناس، وحينما طلبته أن يشتري
المحل مني ويدفع خسارتي المرصودة في كشف الديون، إلى أنهُ رفض ذلك”.

تهديدات المؤجرين تتزداد حدة

“هذا الشهر شارفع الايجار عشرة الف ريال ما عاد يخارجنا مع هذه الازمة”.. هكذا يطلق المؤجرون تهديداتهم للمستأجرين المسحوقين بأزمة
المرتبات. ولا رادع حقيقي يحمي المستأجر. فالحكومة أذن من طين وأذن من عجين.

في أقسام الشرطة يضيع أنين المستأجرين وتتبخر شكاويهم.. الضابط يقول لك اذهب الى النيابة فنحن ممنوعون تماماً من التدخل في
مشاكل الايجارات. تذهب الى النيابة فترسلك الى قسم الشرطة بأمر إحضار للمؤجر.. لكن..

دائما كلمة “لكن” تعترض المسحوقين في اقسام الشرطة وتبدد سكينة نفوسهم.. فالقسم غير مستعد أبداً للتعاون مع المستأجر ويعمل على
تمييع قضاياهم بصورة مذلة ومهينة.. والمستأجر الذي لم يتسلم راتبه منذ عامين لا يملك ثمن اسطوانة الغاز ، لكن ضابط الشرطة في
القسم يطلب من المستاجرين حق الطقم ، وحق العسكري ، وحق القات ، لكي يتحرك بأمر النيابة لإحضار المؤجر البلطجي الانتهازي.

وطالما لا يملك المستأجر قيمة رغيفه بالتالي لا يملك حق الضابط وحق الطقم وغيرها من طلبات قسم الشرطة ، فهو مضطر الى تقبل رمي
اثاث منزله على الرصيف من قبل احمر العين المؤجر الذي لا ضابط ولا رادع له.

انتهازية وخذلان

كثير من المستأجرين الذين التقت بهم وكالة الصحافة اليمنية في العاصمة صنعاء يشكون من انتهازية وتخاذل اقسام الشرطة أكثر مما
يشكون من همجية ووحشية المؤجرين . أحدهم – فضل عدم نشر اسمه – أكد في حديثه للوكالة أنه تردد مطولاً على قسم الشرطة حاملاً أمراً
من النيابة لإحضار المؤجر الذي يطرده من المنزل بسبب عجزه عن تسديد الايجار.، ولكن ضابط القسم بجوار مستشفى المؤيد في الجراف
وعساكره فشلوا تماماً في تنفيذ امر النيابة ، ولم يدر المواطن المظلوم هذا سبباً لفشلهم إلا التأول بأنهم يتلقون حق القات من
المؤجر الذي لا يتجاوب معهم ويرفضون جلبه.

أننا حين نطرح مآسي المواطنين ومشكلاتهم في هذا التحقيق ننقل تساؤلات الكثير منهم عن سبب غياب دور الدولة في وضع حد لجشع
المؤجرين وحماية المستأجرين فضلاً عن عدم اهتمام الحكومة بمساعدة المستأجرين من خلال الضريبة العقارية التي لا تأبه الحكومة
بفرضها على المستأجرين رغم ما سيحققه ذلك من تعزيز لخزينة الدولة بالايرادات النقدية بمليارات الريالات شهرياً.

مقترح مهم

أحد المستأجرين قدم مقترحاً : ” لو أن الدولة تتابع ضريبة العقارات لكان بمقدورها مساعدتنا وحمايتنا من جشع المؤجرين بإعفائهم
من الضريبة خلال أعوام العدوان مقابل تخفيض الايجارات ومساعدة الموظف الحكومي في أزمته المالية”.. الحكومة بالطبع غير آبهة لما
ينشره الاعلام عن آلام ومعاناة المواطنين المحاصرين من قبل 17 دولة عالمية ، فكثيراً ما يتناول الاعلام قضايا معاناة المواطن ولا تجد
لذلك أثراً لدى السلطات المعنية كأن لا شيء يعنيها سوى مواجهة العدوان عسكرياً رغم أن وضع واستقرار المواطن من أهم ركائز حماية
الجبهة الداخلية.

مأساة الحاج حسن والقيفي

قبل عامين وبضعة أشهر اضطر الحاج حسين (70) عاماً، مغادرة منزله وحارته القديمة التي عاش فيها طيلة حياته في تعز بسبب ظروف
الحرب القاهرة التي وصلت إلى كل حارة وشارع وبيت هناك.

استقر به مقام النزوح المؤلم في العاصمة صنعاء وبعد شهرين من البحث قضاهما في ضيافة أحد أقاربه استأجر منزلاً بالدور الخامس في
إحدى البنايات السكنية مقابل (35) ألف ريال ، وعلى الرغم من أنها أكبر بكثير جداً من إمكانياته المالية خاصة في ظل انقطاع
الرواتب وغلاء المعيشة التي فرضتها الحرب والحصار.

تخلى الحاج حسين عن كثير من أساسيات ومتطلبات الحياة بما في ذلك نفقات علاج زوجته المريضة ، وأثقل كاهله بالديون كي يواجه
مبلغ الايجار الشهري الذي يؤرق به المؤجر مضجعه ويقلق حياته .
في شهر أغسطس الفائت الفائت تفاجأ الحاج حسين بالمؤجر يبلغه قراره اللا إنساني برفع مبلغ الايجار (45) ألف ريال ، أي بزيادة 10
ألف ريال دفعة واحدة في الايجار.

زيادة ثقيلة واجبارية

كان القرار الجشع ذاك بمثابة صدمة مدوية لرجل طاعن في السن وعائلته الكبيرة المكونة من 9 أفراد.. وقد أبدى الحاج حسين اعتراضه
على تلك الزيادة المجحفة في الايجار خاصة أنه وجميع جيرانه المستأجرين وعددهم (16) غالبيتهم من موظفي القطاع العام والعسكري لا
يستطيعون سداد مبلغ الايجار بانتظام وتتراكم عليهم الايجارات شهراً بعد آخر ، فكيف سيستطيعون مواجهة الزيادة الجديدة ؟!.

لكن .. جاء رد المؤجر – وهو بالمناسبة أحد كبار تجار العاصمة – إما أن تدفع الزيادة أو تترك شقتي وتخليها كي أؤجرها لغيرك. .
مردفاً بلهجة متغطرسة :” أنا حر بحقي وإذا أنت عاجز عن دفع الايجار بالزيادة الجديدة روح دور لك شقة على قدرك “!.

من سيحمي الحاج حسين وأمثاله كثيرين جداً ، أغلبهم نازحين جارت عليهم الحرب العدوانية واضطرتهم إلى مغادرة منازلهم التي
يمتلكونها في مدن وقرى وصلت إليها الحرب بكل مآسيها واستهدفهم فيها طيران العدوان بكثافة ووحشية ..أين يذهبون وهم أصلاً لا
يملكون حتى تكاليف النقل ؟!.

أحد جيران الحاج حسين ،استفزته لهجة المؤجر المتعالية ، وبعد أن بآت محاولته في توضيح ظروفه وجيرانه التي هي ضمن ظرف عام في
البلد بأكمله بالفشل اشتعل غضباً وقال للمؤجر:” ما بدفع أي زيادة وما بخرج من الشقة ومستعد أقاتل ولا أقبل بإهانتي وعائلتي”.

الموظف بين عسرين

تتفاقم مشكلات الايجارات يوماً بعد آخر وهذا أمر يؤثر على وضع البلد الأمني خاصة العاصمة فقد تدخل في حالة لا استقرار ،مما يستدعي
تدخل الدولة ممثلة بالجهات القانونية لوضع حد حازم ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في ظل ظرف طارئ يعيشه البلد ولابد من
تظافر الجهود بين المجتمع والشعب لتجاوزه.

فمنذ أكثر من عام دخل اليمنيون في أزمة الايجارات السكنية التي شكلت عبئاً ثقيلاً أضيف إلى أعباء كثيرة هي نتاج العدوان على
اليمن من قبل التحالف الامريكي السعودي الذي بادر الى قطع المرتبات واصدار قرار نقل البنك المركزي الى عدن لسلب لقمة عيش
الموظف اليمني من فمه.
وبسبب انقطاع الرواتب لم يتمكن أغلب الموظفين من الايفاء بمبالغ الإيجارات التي تراكمت عليهم شهراً بعد آخر.

تصاعدات حدة المشاكل بين المستأجرين والمؤجرين لدرجة العراك بالأيدي والأسلحة والوصول إلى أقسام الشرطة والنيابات والمحاكم ..
ولم تحل المشكلة حتى الآن بصورة قاطعة.

المشكلة بحاجة إلى قرار سياسي من المجلس السياسي الأعلى يضع لها حداً نهائياً ، وإلى حلول ضبطية هي ضمن اختصاصات الدولة
ومسؤولياتها ، والحاجة ملحة الآن وأكثر من أي وقت مضى لإصدار قانون يمنع توسع هذه المشكلة ويحمي المستأجرين من بطش وتهديدات
المؤجرين ،وفق ما هو متاح في ظل ظروف البلد الحالية.. مع مراعاة مسئولة لكل الأطراف بما في ذلك المؤجر.

ولأن الله لا يجمع بين عسرين، فعلى “الدولة” أن لا تجمع على المواطن والموظف عسرين :”انقطاع الرواتب،وسداد الايجارات أو التهديد
بالطرد من شققهم السكنية “…فثمة إشكاليات تتفاقم باستمرار وقد تتحول إلى أمر مزعزع للسكينة العامة وهذايدعو للقلق، قلق
المجتمع ومن قبله وفوقه قلق السلطات.

بداية إيجابية لم تستمر

في بداية العدوان على اليمن تعامل كثير من المؤجرين بإيجابية مع المستأجرين ، فخفضوا مبالغ الايجارات ومنحوا المستأجرين فرصة
لالتقاط أنفاسهم ، لكن أغلبهم لم يستمر فيما بدأه من فعل إيجابي كان تحت وقع النزوح المفاجئ والكبير للسكان في مناطق المواجهات
المشتعلة وتلك التي حوّلها طيران تحالف العدوان إلى أهداف لصواريخه.

طال أمد العدوان ، وفرض على البلد حصاراً اقتصادياً خانقاً ، فتنامت الأزمات واتسعت دائرة المعاناة التي حوطت

المواطن من كل الاتجاهات.. لكن تبقى “الايجارات” أم المشاكل هي الأكثر إقلاقاً.

قد يتحمل المواطن ويصبر على انقطاع الراتب ، لكن أن يطرد مع أطفاله في الشارع فهذه مأساة مهينة ومذلة لا طاقة لأحد بها.

مكرمة تأجيل الطرد..!

في أحد أحياء العاصمة صنعاء كان صالح القيفي (60) عاماً يبحث عن منزل للإيجار بعد أن أمهله المؤجر أسبوعاً فقط لإخلاء منزله كونه
لم يستطع دفع الإيجارات منذ 5 أشهر.

القيفي الذي جاء نازحاً من مناطق الاقتتال في تعز قال لوكالة الصحافة اليمنية أنه حاول استعطف المؤجر كي يصبر عليه فقام بزيارته
بمعية بناته الخمس وزوجته ، فهو غير قادر على الانتقال إلى منزل آخر ، ذلك يتطلب تكاليف ليست في متناوله كتكاليف سيارة النقل
ومبلغ إيجار شهرين المطلوبة مقدماً من الملّاك ، لكنه بعد أخذ ورد وترجي مع المؤجر استطاع الخروج بمكرمة التنازل عن إيجارات
الخمسة أشهر بشرط إخلاء المنزل في ظرف أسبوع واحد..!

عراك وقتل وانتحار..!

وعلى عكس حالة صالح القيفي ، تطور الخلاف بين مؤجر ومستأجر مطلع العام الحالي في حي العدل بالعاصمة صنعاء قبل فترة بسبب تراكم
الإيجار ليصل إلى حد استخدام السلاح من قبل المستأجر الذي قتل المؤجر بعدة عيارات نارية أصابته في رأسه ورقبته ..لينتهي ذاك
الخلاف بالمؤجر في ثلاجة مستشفى وبالمستأجر داخل السجن المركزي .

وفي محافظة ذمار نقلت الأخبار منتصف العام الفائت أنباءً صادمة عن حالتي انتحار لموظف تربوي من مديرية عتمة برصاصتين أطلقهما
على رأسه، وقبله لموظف حكومي أحرق نفسه بمادة البنزين ..والسبب وراء الحادثتين تراكم الايجارات وقلة الحيلة وضيق اليد أمام
وحشية جشع المؤجرين الذين لا يحملون ذرة من الشفقة تجاه المستأجرين.

وثمة قصص لمعاناة انسانية كثيرة جداً ، منها قصص نازحين طردوا من منازل استأجروها ولم يستطيعوا الايفاء بمبالغها فكانت الأرصفة
ملاذهم .. ومنهم من استدان مبلغاً مالياً وحمل عفش منزله أو ما تبقى منه وعاد إما إلى قريته البعيدة جداً أو إلى مسكنه السابق حيث
الحرب أصبحت بالنسبة له ولعائلته خياراً قاسٍ لكنه ربما أقل قسوة من تلك الإهانة التي يتلاقها يومياً من مؤجر جشع .

مؤجرون نافذون !

ولأن المؤجرون الطرف الأبرز في الاشكالية كان لابد لـ” وكالة الصحافة اليمنية ” الاستماع لوجهة نظرهم ..وقد التقت “الوكالة” بعدد
منهم ولخصت وجهة نظرهم في التالي:
يقول المؤجرون نحن نعاني أيضاً والكثير منا يعتمدون على مبالغ الإيجارات التي يحصلونها نهاية أو بداية كل شهر ، كما أننا لم
نستثمر في بناء الشقق السكنية إلا لنستفيد من عوائدها الشهرية.

يبدو كلام المؤجرين منطقي إلى حد ما ، فمنهم فعلاً من يعتمد اعتماداً كلياً على مبالغ الإيجارات كمدخول شهري يُصرف بها شؤون ومتطلبات
حياته.. و العجيب أن شريحة المؤجرين هذه قابلة للتفاوض مع المستأجرين والوصول معهم إلى حلول مرضية تضمن استلامهم مبالغ معينة –
أقل من التي كانوا يتقاضونها قبل الحرب – وتضمن أيضاً مراعاة ظروف المستأجرين المتأثرة بانقطاع الرواتب .

أما كبار الملاك والمستثمرين في هذا المجال فيبدو أنهم قد أصبحوا متخففين من الإنسانية لدرجة طرد المستأجرين إلى الشوارع ..
وعند استفسار بعضهم لماذا تتعاملون مع المستأجرين بقسوة بالغة و تقومون بزيادة ورفع مبالغ الإيجارات ؟!.. جاءت الأجوبة صادمة
للغاية ، حيث قال أحدهم :” أنا قد حلفت يمين أني برفع الإيجار “!، فيما رد آخر بحدة :” أنا حر بملكي أرفع زي ما أحب واللي ما
يعجبه طز فيه “..!. آخر قال لمحرر ” وكالة الصحافة اليمنية ” : ” يا أخي المستأجر قال أسير اشتكي به القسم ، ما على امه القسم
مني والا الدولة لا علاقة لها ، هذه العمارة ملك خاص بي وأنا حر في حقي أخرجه وقت ما اريد”.

قانونياً.. نظرية الظروف الطارئة

ولأن لكل مشكلة حلول قانونية فقد سعت وكالة الصحافة اليمنية للوصول إلى حل قانوني لمشكلة الايجارات السكنية كي تضعه أمام
السلطات العليا في البلد لإبداء الرأي فيه واصدار قرار ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر خاصة في الظروف الطارئة التي يعيشها
البلد.

وقد تحدث المحامي عمار حسن لـ ” وكالة الصحافة اليمنية ” قائلا : ” لا بد من التعامل مع نظرية الظروف الطارئة التي تتعلق
بالحروب والكوارث الطبيعية، فيجوز للقاضي – وفقاً لنص المادة211 من القانون المدني اليمني- رد التزامات المتعاقدين إلى الحد
المعقول بما يتناسب مع هذه الظروف”.

وأضاف :”هذا ما ينطبق على الظروف الراهنة في البلد.. وقد أصدرت المحكمة التجارية عدة أحكام بتخفيض القيمة الإيجارية لمحلات
تجارية ، فمن باب أولى المساكن، وهو ما أنتهجه معظم القضاة في القضايا المدنية المتعلقة بإيجارات السكن”.

 

قد يعجبك ايضا