المصدر الأول لاخبار اليمن

الكويتيون يغردون خارج سرب “التطبيع” الخليجي

  تقرير: وكالة الصحافة اليمنية بينما كانت الطائرات الحربية تقترب من الرؤوس في حرب تحرير الكويت في الوقت الذي انقسمت فيه مواقف الدول العربية حيال استقلال الدولة الكويتية ما بين داعم لتحركات الرئيس العراقي صدام حسين ومندد بها، وجدت تل أبيب في هذا التوقيت فرصتها السانحة لفتح قنوات اتصال مع الكويت، رافضة الممارسات العراقية بحق […]

 

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية

بينما كانت الطائرات الحربية تقترب من الرؤوس في حرب تحرير الكويت في الوقت الذي انقسمت فيه مواقف الدول العربية حيال استقلال
الدولة الكويتية ما بين داعم لتحركات الرئيس العراقي صدام حسين ومندد بها، وجدت تل أبيب في هذا التوقيت فرصتها السانحة
لفتح قنوات اتصال مع الكويت، رافضة الممارسات العراقية بحق الشعب الكويتي.

وبينما كان يأمل الإسرائيليون ردًا إيجابيًا من الكويت عقب تحريرها جراء موقفهم السابق، غير أن أميرها الراحل الشيخ جابر الأحمد
الجابر الصباح كان له رأي آخر، إذ قال قولته المأثورة “دولة الكويت ستكون آخر دولة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل”، لتبقى
نهجًا وعهدًا لمن خلفه رغم ألحان التطبيع التي تعزفها دول الجوار خلال السنوات الأخيرة.

“هل التطبيع مع إسرائيل ممكن؟” سؤال حمل عنوان مقال للكاتب الكويتي صقر الغيلاني نشرته صحيفة “الأنباء” الكويتية، اليوم الأحد،
بمناسبة دخول القضية الفلسطينية عامها الـ60، غير أن الكاتب لم يضع جوابًا كالمعتاد، تاركًا للقارئ حرية الاختيار، إلا أنه وضع
شرطًا للإجابة بـ”نعم” وهي إن كان باستطاعته تجاهل دماء الفلسطينيين وما عانوه من تمييز واضطهاد.

الكاتب استبعد فرضية حصار القضية الفلسطينية في عباءتها السياسية فحسب، ومن ثم فالمرونة في التعاطي معها قد يخرجنا من جدلية
الرفض التام لكل أشكال التطبيع مع المحتل، فالقضية كما يراها ذات أبعاد إنسانية ودينية وعربية والقبول بالتطبيع من وجهة نظرة
يعني “أن نشرع جريمة الاحتلال من أجل السلام”، مستذكرًا قول الراحل غسان كنفاني عندما سأله الصحافي ريتشارد كارلتون عن مبادرة
السلام مع “إسرائيل” فقال “لا حوار بين السيف والرقبة”.

التطبيع مرفوض

على مدار الأيام الماضية كثف الشارع الكويتي من فعالياته الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني بأشكاله كافة، حيث عقدت الحركة
الشعبية الوطنية ندوة بعنوان “لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني” في الـ28 من أكتوبر الماضي، حضرها لفيف من السياسيين والمهتمين
بالشأن العربي منددين بكل أشكال التطبيع.

رئيس حزب المحافظين المدني حماد النومس، في كلمته على هامش الندوة اعتبر “من يتقدم تجاه التطبيع يعد خائنًا للقضية العربية
الإسلامية، ولهذا علينا رفض هذا التطبيع ومن يسعى إليه من قطيع المطبلين مع العدو الغاصب”، مطالبًا أعضاء مجلس الأمة بعقد اجتماع
موسع مع الخبراء الدستوريين لإصدار قانون يجرم التطبيع أو الدعوة إلى المصالحة مع العدو.

كما نظم اتحاد الطلبة بجامعة الكويت فعالية تضامنية أخرى مع فلسطين ورافضة للتطبيع أول أمس، رافعًا شعار “لا للتطبيع”، مجرمًا كل
التحركات العربية والإسلامية التي تهدف إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع دولة الاحتلال، كاشفًا أن مثل هذه الخطوات تعد خيانة
واضحة للقضية الفلسطينية.

عضو مجلس الأمة الكويتي أسامة الشاهين الذي شارك في هذه الفعالية أشار إلى أن هذا الحراك الطلابي والنقابي والشعبي تكمن أهميته
في كونه يعكس الرأي الحقيقي للشعوب العربية والمسلمة، مضيفًا “مع الأسف الشديد فإن معظم دول المنطقة تفتقد مساحات من
الديمقراطية والحريات التي تكفلها القوانين، وبالتالي لا تعبر البرلمانات والحكومات في تلك الدول عن آراء الشعوب، فنجدها في
أحيان كثيرة تهرول نحو التطبيع، لكن لو استفتيت الشعوب بشكل محايد فستجد أن أكثر من 98% منها مناهضة للتطبيع”.

دعم القضية الفلسطينية

مرت العلاقات الكويتية الفلسطينية بموجات من المد والجذر، فلم تكن طيبة على طول الخط كما يتوقع البعض، بدأت بحميمية شديدة
وتقارب ملفت للنظر، إذ كانت الكويت تتولى جزءًا كبيرًا من تمويل منظمة التحرير الفلسطينية، كما أنها احتضنت تأسيس حركة “فتح”
على يد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورفيقه أبو جهاد، فوق أراضيها، كذلك بعض قيادات حركة “حماس” بداية تأسيسها.

لكن سرعان ما دخلت هذه العلاقات نفقًا مظلمًا عقب موقف منظمة التحرير الفلسطينية وعرفات من دخول قوات صدام حسين إلى الكويت عام
1990، إذ عارضت تدخل التحالف الدولي لتحرير الكويت، ما تسبب في ترحيل أكثر من 200 ألف فلسطيني ولدوا في الكويت وعاشوا فيها
نحو الأردن وغيرها، لتنقطع العلاقات بين البلدين بصورة شبه كاملة.

وظل التوتر يخيم على أجواء العلاقات بين الجانبين حتى 2013 حين قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتذارًا للكويت عن موقف
المنظمة من الغزو العراقي، وعليه افتتحت السفارة الفلسطينية في الكويت، وهو ما شكّل نقطة تحول كبيرة في العلاقات الثنائية بين
البلدين.

الكويت ومن خلال عضويتها في مجلس الأمن، التي بدأت مطلع العام 2018 ومن المفترض أن تستمر حتى 2020، نجحت في تحقيق العديد من الأدوار الإيجابية لدعم القضية الفلسطينية، والزود عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه والدفاع عنه أمام الحملات القمعية التي تشنها
قوات الاحتلال الغاشم.

حزمة من التحركات التي قامت بها الكويت عبر مندوبها في مجلس الأمن منصور العتيبي ساهمت بشكل كبير في دعم القضية الفلسطينية،
منها تقدمه بمشروع لحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، المشروع الذي حظي بموافقة دول مجلس الأمن، لكنه
سقط بفعل “الفيتو” الأمريكي عليه.

لكنها وفي المقابل نجحت في إسقاط مشروع أمريكي مضاد لتأييد “إسرائيل”، وإسقاط بيان إدانة لتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود
عباس، هذا بخلاف الهجوم الشديد الذي شنه رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، للوفد الإسرائيلي في مؤتمر الاتحاد البرلماني
الدولي (137) العام الماضي، وطالبه بطرده، واصفًا الوفد بقتلة الأطفال، وأجبرهم على المُغادرة، وهو أمر لم يكن معهودًا من الوفود
الدبلوماسية الكويتية الخارجية من قبل.

علاوة على ذلك فقد دعم الكويتيون العديد من المشروعات الإسكانية والاقتصادية في قطاع غزة والضفة الغربية، هذا في الوقت الذي كانت
تمارس فيه كل من الرياض وأبو ظبي ضغوطهما على السلطة الفلسطينية لتمرير صفقة القرن عبر وقف الدعم المقدم الذي تسبب في تأزم
الوضع المعيشي للفلسطينيين.

التغريد خارج السرب.. لماذا؟
بينما تفتح مسقط أبوابها لرئيس الوزراء الصهيوني ملوحة بأن الكيان الصهيوني دولة آن وقت الاعتراف بها، في الوقت الذي يعزف فيه
النشيد الوطني الإسرائيلي في أبوظبي ويدافع فيه بنيامين نتنياهو عن حليفه محمد بن سلمان في أزمته الأخيرة بسبب مقتل الصحفي
السعودي جمال خاشقجي، وتستقبل الدوحة وفدًا رياضيًا إسرائيليًا التزامًا بتعليمات الاتحاد الدولي، وتستقبل البحرين وفودًا إسرائيلية
متونعة، كانت الكويت الاستثناء الأكثر خصوصية بين جيرانها فيما يتعلق بالتقارب مع “إسرائيل”.

الموقف الكويتي الثابت تجاه القضية الفلسطينية من جانب والرافض للاعتراف بدولة الاحتلال من جانب آخر، لا شك أنه بات مثار قلق
لجيرانها، على رأسهم السعودية والإمارات، واللتين تقودان حملة إقليمية للتطبيع مع تل أبيب، في محاولة للحصول على رضا حاخامات
الكنيست ومن ثم رضا واشنطن، ولعل هذا ما يفسر زيارة الوفد الإنجيلي الأمريكي الأخير لكل من أبو ظبي والرياض وهو الوفد المعروف
عنه دعمه المطلق للصهيونية.

نجحت الكويت خلال الأونة الأخيرة في إجهاض مخططات مصر والسعودية والإمارات تكوين إجماع عربي بشأن القضية الفلسطينية، وما يرافقها من ضغوط على بقية الدول لتمرير ما عرف بـ”صفقة القرن”، تلك الصفقة التي يعتبرها حكام الدول الثلاثة جواز سفر نحو ترسيخ أنظمة حكمهم مهما كانت الضغوط الشعبية الداخلية والإقليمية.

السياسة الكويتية تجاه تل أبيب تأتي في سياق آخر كونها رسالة واضحة المعالم للحليفين، محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، للرد على
محاولاتهما السيطرة على منظومة التعاون الخليجي، وجرها إلى نفق التطبيع بأشكاله كافة، وإن لم يأخذ الصبغة الرسمية كما حدث في
القاهرة وعمان.

ففي الوقت الذي أطلقت فيه مصر والسعودية أجهزتهما الإعلامية لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية واعتبار حركة “حماس” إرهابية
وملاحقة المتعاطفين معها، بل وصل الأمر إلى اتهام قطر بالإرهاب كونها أحد الداعمين لتلك الحركات، حرصت الكويت على القيام بدورها
انطلاقًا من شعورها القومي مواصلة دعم قطاع غزة وحركة حماس وسمحت بشكل كبير، خلال السنوات الأخيرة، للجمعيات الخيرية فيها بإقامة
المشاريع داخل القطاع، وهو ما رآه المراقبون جزءًا من الرسالة المراد إيصالها.

رغم تمسك الموقف الكويتي النخبوي والشعبوي على حد سواء بثوابته التاريخية الرافضة للتطبيع بأشكاله كافة، علنًا كان أو سرًا، إلا
أنه موقف ربما يوصف بـ”اليتيم”، موقف فريد ووحيد وسط حلبة اجتمع فيها الجميع على الهرولة نحو التقارب مع دولة الاحتلال، إما
بدافع الحفاظ على الكراسي أو الحصول على الدعم ورضا واشنطن.

التسارع الخليجي العربي نحو التطبيع قد يضع الموقف الكويتي تحت ضغوط قوية، بين مطرقة الحفاظ على أمنه واستقراره وسندان التمسك
بثوابته الوطنية، وهو ما يجعل من القادم تحديًا حقيقيًا للكويتيين في السباحة ضد التيار، خاصة بعدما بات أشقاؤهم السعوديون
والإماراتيون والبحرينيون زعماء التطبيع في المنطقة، وخرج التقارب مع الكيان الصهيوني إلى النور والعلن بعد سنوات طويلة من
العلاقات السرية في الخفاء.

…………………………….

المصدر: noonpost

قد يعجبك ايضا