المصدر الأول لاخبار اليمن

السلع والبضائع المنتهية .. سموم تباع على أرصفة الشوارع !!

 

خاص// تحقيق // وكالة الصحافة اليمنية//

تنتشر السلع والمواد الغذائية المنتهية، والقريبة على الانتهاء في الأسواق طيلة العام، لاسيما على أرصفة الشوارع، الذي يحاول الكثير من التجار التخلص منها، وبيعها للمستهلك” المواطن” الذي أصبح بالنسبة لهم” مُستقبل لكل فاسد” دون مراعاة للأمانة التجارية، والوازع الديني، والأخلاقي في مثل هذه التعامل من الغش التجاري، في بيع السموم، للمواطنين مع سبق الإصرار والترصد، الأمر الذي لا يجب السكوت عنه مطلقا باعتبار تلك السلع من المواد الغذائية التي تشكل كارثة صحية تهدد حياة أبناء المجتمع.

قد يقول البعض أنها ظاهرة قديمة، ولكنها متجددة وتزداد من عام لآخر، حين تحولت ارصفة الشوارع إلى شبه محلات تجارية متنوعة لتصريف كل المنتجات الفاسدة والمقلدة والمغشوشة، ومن مختلف الأصناف من المواد الغذائية والمشروبات والعصائر  ومستحضرات التجميل.

غياب الجهات

يأتي ذلك في ظل غياب دور الجهات المعنية ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة، وصحة البيئة وحماية المستهلك، وقيادات السلطة المحلية في المحافظات والمديريات، حيال  هذه الظاهرة التي  لا تقل عن العدوان، بل أن تلك السموم أشد فتكاً الانسان اليمني، كونها عدو صامت الذي يقتل الكثير ونرجعه للقضاء والقدر.

 ومع ذلك  تشهد تلك البضائع اقبالا كبيراً وواسعاً من قبل المواطنين، نتيجة انعدام التوعية الصحية، والغياب الكامل لدور جمعية حماية المستهلك، التي لن تفيق إلا بعد استهلاك واستنفاذ صحة المستهلكين.

وفي حين أصبح المواطن يبحث عن الأقل سعراً  دون الاهتمام بالجودة والقيمة الغذائية، زاد من توسع هذه الظاهرة التلاعب بالأسعار، وعدم قيام وزارة الصناعة والتجارة بضبط السوق الغذائي.

بسطات “فاسدة”

في ميدان التحرير – شارع علي عبد المغني “باب السباح” قلب أمانة العاصمة، وغيره من الأسواق التي تعج بمختلف البضائع الفاسدة، والقريبة على الانتهاء، والتي تلفت الأنظار الازدحام حول “بسطات” بيع المواد الغذائية والمشروبات والعصائر وبشتى أنواعها، دون إدراك ووعي يتجمع حولها الكثير من الرجال والنساء لتموين الأسرة.

ترقبنا حركة الإقبال على تلك السلع، ما رأيناه لا يصدق، البعض يشتري تلك السلع دون أن ينظر إلى تاريخ الانتهاء، ولكن حين أصبح السعر بالنسبة لهم هو الأهم، والأقل كلفة عما هو في المحلات التجارية، غاب الوعي الصحي الغذائي للمواطن، دون الإدراك بعواقب تلك السلع المسمومة والتي قد تتسبب بكوارث صحية يدفع ثمنها الكثير منهم، وتسجل ضد القاتل المجهول.

ارتفاع متواصل للأسعار

أحد المواطنين” احمد حسين صالح قشوة ” بعد أن اشترى زجاجة العسل ومشروب غازي، والذي تبقى على صلاحيتهما فترة لا تزيد عن 13 يوما، وبعد أن سألناه عن جودة ورداءة السلع وخطورتها على الأسر والتي قد تتسبب بتسمم وامراض أخرى أجابنا قائلاً :” على الله ، قل بسم الله، ولا يوقع شيء”، لافتا أن الوضع لا يسمح للشراء من النوع الممتاز، خصوصا وان الأسعار في المحلات التجارية ترتفع من يوم لآخر.

مشيرا أن هذه البضائع تتناسب مع حال المساكين، من الفقراء، والناس يشتروا ولا يوقع أي شيء مما نقوله” بحسب رده على استفسار الوكالة.

الطمع والحاجة

حاولنا فتح باب الحديث عن بيع مثل تلك السلع مع إحدى الأمهات بالقرب من احدى البسطات لبيع أدوات التجميل في شارع هائل، ولكن سرعان ما كان ردها مقتضب وسريع تعليقاً على شراء علبة ” الشامبو ” التي يبدو سعرها مقارب لما هو في المحلات التجارية بقولها:” أصحاب المحلات طماعين، والفارق بالسعر تنفع نشتري بها أي حاجة”.

غياب الضمير

كما يبدو أن صحة البشر لا تُهم ، الكثير من المسؤولين القائمين على هذا الأمر،  باعتبار أن المواطن عبارة عن رقم لا أكثر.

بائعو السلع والمنتجات الغذائية، في الأسواق وعلى أرصفة الشوارع وعبر مكبرات الأصوات، ولكن ” لا حياة لمن تنادي” في ضبط مثل تلك المخالفات التي تتاجر بأرواح البشر، لاسيما من بسطاء الناس.

سموم قاتلة

و يؤكد عنيد نعمان عزالدين المهندس الغذائي والمعيد بكلية الزراعة قسم التقانة الحيوية وتكنولوجيا الأغذية في جامعة ذمار، أن الأغذية المعرضة لأشعة الشمس في الأسواق تفسد ويتحول الغذاء إلى غير صحي ويصبح سماً قاتلاً.

ويضيف:” ولهذا فإن ارتفاع درجة الحرارة لأي منتج غذائي يؤدي إلى تنشيط الميكروبات، وتفرز الأنزيمات والسموم، وذلك عن طريق انخفاض القيمة الغذائية، لاسيما المنتجات المعلبة”.

 مشيراً إلى أنه من أشهر الميكروبات التي تفرز التسمم الغذائي ” البوتشليني” الذي تسببه بكتيريا لا هوائية محبه للحرارة ” clostridium butulinum“، وكذلك حدوث تزنخ للزيوت والمواد الحافظة.

أمراض خطيرة

 أما الدكتور أحمد علي عوض – طب عام فيؤكد أن خطورة تلك المنتجات، بأنها تفرز مواد سامة، ونستقبل الكثير من الحالات المرضية ” تسمم وتلوث الأغذية” بشكل كبير جدا.

ومع ذلك تكمن الأهمية والضرورة بوضع حد لهذه الظاهرة التي تفتك بالعشرات من الأطفال والنساء وكبار السن، دون الإدراك بأنها أحد أهم الأسباب في ازدياد الحالات المرضية للكثير من أبناء المجتمع.

حاولنا معرفة أسباب ومصادر تلك السلع ومن يقف ورائها، من بعض البائعين، ومنهم من رفض الحديث، ووصف ” الصحفيين” بأننا بلا عمل أو مهنة.

تجار الجملة

تواجدت عند أحد الباعة وفي حديث لي كمستهلك، كشف أحد البائعين في سوق الزهراوي، طلب بعد عدم ذكر اسمه، بعد رفض شقيقه الحديث حول ذلك، أكد أنهم يأخذون تلك البضائع من تجار “باب اليمن” و”سوق السلام” الذين لديهم مخازن خارج محلاتهم، والتي يتم استيرادها من أسواق دبي، مشيرا بأنه يتم شرائها وبأسعار أقل من البضائع الأخرى.

وأوضح أن بعض التجار لديه عمال وبسطات ” تصريف” تلك البضائع الشبه المنتهية والمنتهية في الأسواق.

وأكد بالقول:” لسنا راضيين  عن ذلك ولكن يجب أن يتم ضبط التجار الكبار، وهم من  يقومون بتصريف بعض المسئولين في الجهات المختصة بمبلغ مالي، ليسمحوا لهم ببيعها لنا، ونحن من ندفع الثمن .

صحة البيئة

ويقع الدور الكبير على إدارة صحة البيئة في المحافظات وأمانة العاصمة، ومكاتب الصناعة والتجارة، والذي يجب أن يكون لها دور وإسهامات قوية لـ ” حماية المستهلك” من خلال تحريك الجهات المعنية  وكذلك بالتحذير، والتوعية للمستهلكين.

ويوضح القائمون على صحة البيئة في أمانة العاصمة مدى معاناتهم مع هذه الظاهرة، ولاسيما في الوقت الراهن الذين يبذلون قصارى جهدهم.

و أكد الدكتور محمد الأصبحي مدير الإدارة العامة لصحة البيئة في أمانة العاصمة، أن إدارته نفذت أكثر من 15 ألف نزول ميداني، واستطاعت أن تتلف ” 1172 “طن، من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الإنساني، وتسجيل 5 ألف مخالفة ميدانية للمحلات التجارية، الجملة والتجزئة، حيث تم إغلاق 67 محلاً تجارياً، وإحالة 998 قضية للجهات القضائية خلال العام الماضي.

مشيرا أنه يتم مصادرة السلع وإتلافها وفوق كل ذلك، فرض الغرامات المالية، والقانون هنا لم يفرض عقوبات صارمة، ولكن بلغت الغرامات من تلك المخالفات بأكثر من 10 مليون ريال خلال العام المنصرم.

 حماية المستهلك

ما تسمى “جمعية حماية المستهلك” في بلادنا في الأساس لم تقدم للمستهلك اليمني أي حماية، في ظل الانتشار الواسع للسلع والمواد الغذائية المنتهية ومقربة الانتهاء التي تعج بها الأسواق، سوى الإبلاغ  كحد أدنى في أداء الواجب، حيث أكد رئيس الجمعية أن البضائع والسلع المنتهية تملأ الشوارع والمحلات والعربات، فيما دور أجهزة الرقابة محدود جداً بحجة عدم الإمكانيات.

وأشار أن جمعية حماية المستهلك دورها توعوي، لكن نتيجة الحصار والعدوان وتدني مستوى المعيشة، وكذلك ضعف الرقابة في دخول السلع التي لا تخضع للمواصفات القياسية والرقابية من المنافذ الحدودية للبلد.

تداخل المهام

أما مدير مكتب الصناعة والتجارة في أمانة العاصمة  خالد الخولاني  فقد أكد بأن مكتبه يضبط المخالفات أولاً بأول، حيث تم ضبط أكثر من 600 طن من السلع والمواد الغذائية المنتهية أو المشارفة على الانتهاء.

مشيرا إلى أن هذه المهمة أضيفت للصناعة والتجارة في 2009، في مجال الرقابة على الغذائية، والتي كانت من مهام مكتب الأشغال، لافتا إلى تداخل المهام بين “الصناعة والتجارة والأشغال العامة” في مجال الرقابة على السلع والمواد الغذائية في الأسواق.

موضحاً أن هاتف الشكاوى الخاص بالمكتب ” مفصول” ولكن بإمكان المواطنين الاتصال على الرقم الساخن ” 174 ” الخاص بالوزارة للإبلاغ عن أي مخالفات.

تفعيل الحلول

ويرى عدداً ممن التقيناهم ضرورة تفعيل دور الجهات المعنية والتنسيق فيما بينها، من أجل الحد والتقليل من ظاهرة انتشار السلع والبضائع المنتهية والمقاربة على الانتهاء في الأسواق.

ويشدد المواطنين على  ضرورة ضبط وتوحيد الأسعار ومنع هذه الظاهرة باعتبارها خطراً تهدد صحتهم، بالرغم أنها تلبي احتياج الكثير من الأسر من حيث الأسعار الرخيصة وبفارق كبير في بعض السلع من المحلات التجارية.

 ويؤكد المهندسين الغذائيين  على ضرورة أن تكون هناك رقابة فعلية ومشددة على  تلك السلع  لأنها ستؤثر على الإنسان في قادم الأيام وقد لا تظهر الأعراض للأمراض في حينها.

ولهذا يجب أن تكون الجهات المعنية حاضرة ومسؤولية أمام الله، في كل ما قد يتعرض له المستهلك، باعتبارها جريمة تستهدف الأمن القومي للبلد، وبالدرجة الأولى الأمن الصحي للمواطن.

 ويطالب  الباعة بتشديد الرقابة في الموانئ، وضبط مثل تلك البضائع، وليس ضبطها في أرصفة الشوارع بعد دخولها السوق وتوزيعها، قائلين :” ما الفائدة أننا نحن من نصبح في مواجهة الحملات، أما التجار  الكبار فلا تتحدث إليهم الجهات المعنية ولا تكلف نفسها بالنزول اليهم وأخذ تلك البضائع وإتلافها قبل أن تباع للأسواق،.

 من جهته دعا مدير عام إدارة صحة البيئة في أمانة العاصمة  إلى توحيد الجهود بين الجهات المعنية” الأشغال، والصناعة والتجارة، وأجهزة الأمن والقضاء” قائلاً: إذا وجدت النوايا الصادقة، بالتأكيد ستختفي كل مظاهر انتشار السلع والمواد الغذائية، وذلك بالاستشعار بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطن.

 مشيراً إلى ضرورة  توسيع وتكثيف دور التوعوية وهو الأهم، الذي يبدأ بالمواطن في إيجاد ثقافة ووعي في السلامة الغذائية والصحية. وهذا جانب محوري في حماية المستهلك.

و يؤكد مدير مكتب الصناعة والتجارة بأمانة العاصمة على ضرورة تكاتف الجهود بين مختلف الجهات، وتكثيف النزول الميداني، بالإضافة إلى أنه يجب على المواطن أن يتحلى بدرجة عالية من الوعي عند شراء أي منتج، والحرص على شراء البضائع غير المعرضة للشمس.

فيما يرى رئيس جمعية حماية المستهلك ان التوعية تسهم بدور كبير جدا، والذي كما أشار أن حماية المستهلك لجأت لإعداد برامج توعوية عبر الإذاعات في سبيل إيصال الرسالة الصحيحة للمستهلك ورفع مستوى الوعي بمخاطر السلع المنتهية أو المغشوشة والمقلدة وغيرها.

الكثير من السلع والمنتجات الغذائية في الأسواق بين يدي المستهلك ” أرصفة الشوارع” لا تخضع للجودة والمواصفات، والأغلب منها مقارب على الانتهاء، وعلى مرأى الجهات المعنية في أمانة العاصمة والمدن اليمنية.. والمسألة تحتاج إلى اضطلاع الجهات المختصة بدورها تجاه المواطن والوطن خاصة في ظل  ظروف العدوان الغاشم على بلادنا .

// محمد العلوي//  

قد يعجبك ايضا