المصدر الأول لاخبار اليمن

فضيحة تاريخية .. كيف انقلب مجلس الأمن على الأمم المتحدة في الحرب والحصار على اليمن ؟

تقرير/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

في الوقت الذي نرى خطابات قادة العالم تتحدث عن ضرورة التمسك بالقوانين الدولية في احترام سيادة الدول وحقوق الشعوب خاصة ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرقاء، ومبالغة المجتمع الدولي في مطالبته لروسيا إلى احترام السيادة الأوكرانية، وقيامه بفرض عقوبات طالت حتى القطط الروسية، فقد تغاضى طوال 8 سنوات عن غزو قوات أجنبية لليمن بل وسارع إلى سن قوانين تشرع ذلك الغزو وانتهاك سيادة اليمن.

تحرك يمني

 

أفضت بشاعة الجرائم التي ترتكبها طاحونة الحرب في اليمن طوال السبع السنوات الماضية، وبغطاء دولي من قبل مجلس الأمن، إلى تحرك حقوقي وشعبي وبدعم من ناشطين عرب وأجانب، لمطالبة مجلس الأمن الدولي بوقف دعمه وإشرافه على الحرب والحصار المفروض على اليمن منذ مارس 2015.

واطلقت اللجنة الوطنية للمطالبة بإيقاف جرائم مجلس الامن في اليمن، مساء الخميس الماضي، حملة تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، حملت عنوان “أوقفوا جرائم مجلس الامن في اليمن” وهشتاق أخر باسم “مجلس الأمن أداة بيد أمريكا وبريطانيا”.

وأكدت اللجنة التابعة للمجلس اليمني لحقوق الإنسان، في بيانها، أن حملة التغريدات تأتي لفضح الدور العدواني لمجلس الامن وجرائمه في اليمن من خلال دعمه ومشاركته في الحرب على اليمن الذي تشنه دول التحالف منذ 26 مارس 2015، وسعيه لطمس جرائم الحرب والإبادة التي لا تسقط بالتقادم وفي مقدمتها استهداف الأعيان والمنشآت العامة والمدنية والحصار الجماعي ومخالفته لأنظمة ولوائح ومواثيق الأمم المتحدة .

وطالبت اللجنة، من المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية سرعة تشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن إهدار الطفولة في اليمن بإشراف مجلس الأمن الدولي:

ودعت اللجنة، كافة أحرار وشرفاء العالم المشاركة الواسعة في حملة التغريدات بشأن الجرائم التي ترتكب يحق اليمنيين خاصة الأطفال بإشراف ورعاية مجلس الأمن.

رابط الهاشتاق وبنك المعلومات

https://bit.ly/36qAhwN

صراع داخلي مهد الغزو الأجنبي

 

جمعة الكرامة

شهدت اليمن في فبراير 2011، أزمة سياسة إثر المظاهرات الشعبية ضد نظام “علي عبدالله صالح” وقد نجح “الربيع العربي” اليمني في الحصول على استقالة صالح في فبراير 2012، الذي خلفه نائبه “عبد ربه منصور هادي”، إلا أن هادي فشل في تهدئة الصراعات ومعالجة مشاكل البلاد، جراء قيامه بدعم حاشية الفساد، مما زاد في تفاقم الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة ، وانتشار الفساد في الأنظمة المؤسسية، الأمر الذي جعل البلاد معرضة للإفلاس ولانهيار في شتى المجالات.

وهكذا قرر الشعب اليمني الخروج سلمياً لتجديد ثورته بثورة شعبية جديدة عرفت باسم ثورة “21 سبتمبر”، إلا أن نظام هادي واجه المسيرات الاحتجاجية بعنف مفرط سقط خلاها عشرات القتلى والجرحى في صفوف المحتجين السلميين الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى إرسال مبعوثها “جمال بن عمر” والذي نجح في التوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة اليمنية من خلال تشكيل حكومة كفاءات وطنية برئاسة “خالد بحاح”.

وبإيعاز من القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا  تم تعطيل هذا الاتفاق من خلال توجيهاتهم إلى هادي ورجاله لتقديم الاستقالة واللجوء إلى مدينة عدن جنوب اليمن، حينها شكل هادي ورجاله في عدن عصابات مسلحة معززة بعناصر من تنظيم القاعدة هاجمت فيها أجهزة الأمن وأقسام الشرطة.

وشهدت مدينة عدن في 15 مارس 2015، فوضى عارمة ارتكب فيها جرائم ذبح وسحل بحق المئات من رجال الأمن والشرطة ومدنيين من أبناء المحافظات الشمالية، الأمر الذي دفع الثوار في اليمن إلى شن حملة أمنية دفعت “هادي” للهروب إلى سلطنة عمان قبل أيام من قيام التحالف بشن عملية عسكرية في اليمن.

وفي الوقت الذي اقترب المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، للتوصل إلى اتفاق جديد بين الأطراف اليمنية، سارعت دول التحالف إلى شن عملية عسكرية عشية 26 مارس 2015، عرفت باسم “عاصفة الحزم”، انهت المساعي الأممية لإحلال السلام في اليمن، وهو ما أكده المبعوث الأممي في تصريحات صحفية عدة كان أخرها تصريحه لقناة “الحدث” السعودية في 25 مارس 2021.

وبضغط من قبل دول التحالف، ألغى هادي استقالته وعاد إلى عدن في سبتمبر 2015 ، إلا أن القتال استمر منذ ذلك الحين فيما بين الفصائل المسلحة التابعة لقوات التحالف، ما أضطر قوات التحالف إلى سحب هادي للجوء في الرياض الأمر الذي مهد الطريق لميليشيات “المجلس الانتقالي الجنوبي” التابعة للإمارات، لفرض سيطرتها الكاملة على المدينة نهاية عام 2018.

تشريع الحرب والحصار

في 14 أبريل 2015 ، صوت مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة على قرار يضع اليمن فيه تحت “الفصل السابع” بهدف إعطاء صبغة قانونية  للتدخل الأجنبي والحصار، والمساهمة في فرض عقوبات تجرم أي تيار وطني العمل على مقاومة ذلك التدخل والحصار.

ومنح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 ، الصادر في 14 أبريل 2015 ، بأثر رجعي تفويضًا مطلقًا لدول التحالف ، الذي شمل بالإضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا 13 عشرة دولة عربية وإسلامية ( السعودية ومصر والأردن والسودان والمغرب ودول الخليج ، باستثناء عمان).

وأجاز القرار العمل العسكري للتحالف والسيطرة على التحركات داخل وخارج اليمن ، بما في ذلك استخدام الحصار ، الذي سرعان ما تسبب القتال في خسائر بشرية مروعة خاصة في صفوف المدنيين، كما أدى الحصار إلى تسريع ما يُعرف عمومًا بأسوأ أزمة إنسانية منذ قرن.

وجاء قرار مجلس الأمن الدولي (2266) مخالفاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314:  الذي ينص أنه “لا يجوز الاعتداء على إقليم أي دولة بإخضاعه، ولو مؤقتاً، لاحتلال عسكري، والعدوان هو استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي”.

منذ ذلك الحين ، شهدت الحرب في اليمن تطورات وأحداث جسيمة، دون نتائج ملموسة للتدخل الأجنبي أو تحقيق أي إنجاز عسكري، سوى ارتفاع إعداد الضحايا المدنيين وجعل اليمن أكبر كارثة إنسانية في العالم خلال قرن، حيث قدرت تقارير وكالات الأمم المتحدة الأخيرة، أن القتال والكارثة الإنسانية تسببا بالفعل في مقتل 250 ألف يمني.

هادي يفضح الملعوب

ولكون القرار الأممي جاء بعد 3 أسابيع من الغزو والتدخل الأجنبي في اليمن ومخالفاً لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة (3314) ، عملت الأمم المتحدة على إيجاد ثغرة قانونية للقرار اللاإنساني والغير القانوني من خلال التذرع أن الرئيس اليمني المستقيل والمنتهية ولايته “هادي” هو من طلب التدخل الأجنبي.

إلا أن هادي قليل الخبرة السياسية وضع الأمم المتحدة في موقف محرج عبر تصريح مثير للدهشة في إحدى القنوات التابعة لقوات التحالف، بعدم علمه بالتدخل الأجنبي في اليمن إلا بعد أيام من ذلك التدخل.

وأكد هادي أنه استغرب من سماعه لذلك التدخل العسكري موضحاً أن طلبه بالتدخل الأجنبي قوبل قبل شهر من انطلاق العملية العسكرية لقوات التحالف في بلاده برفض أمريكي وسعودي.

اليمن تسقط الأقنعة

الحرب على اليمن كشفت أن المجتمع الدولي لا يهمه مصالح الشعوب وسكانها بقدر ما يهمه مصالح الأنظمة الاستعمارية التي تهيمن عليه فهو من يحمي القوى الدولية خاصة الأنظمة الاستعمارية ويشرعن لها احتلال وتمزيق أكثر من دولة في العالم.

كما كشفت الحرب في اليمن، أن القانون الدولي يتم تطويعه حسب مقتضيات هيمنة النظام الغربي والسياسة الأمريكية التي تعطي صكوك الغفران للأنظمة المستبدة والدكتاتوريات التي وصلت إلى الحكم بمساعدة البيت الأبيض وبعض دول أوروبا، وتقف ضد أنظمة وطنية لا تسير وفق النهج الأمريكي .. وما يحصل في اليمن منذ 8 سنوات يعطي صورة واضحة عن السياسة الغربية الإجرامية والنفاق العالمي بحق الشعوب المستضعفة وما خلفته تلك السياسة من جرائم وكوارث فيها.

قد يعجبك ايضا