المصدر الأول لاخبار اليمن

فنزويلا وأمريكا الجنوبية تنتصر.. فمتى تتحرر أوروبا من الهيمنة الامريكية ؟

تحليل/ميخائيل عوض/ وكالة الصحافة ليمنية//

 

 

ثمانية دول لا تحكمها السطحية والتقلبات في أمريكا الجنوبية تمردت على الهيمنة الاستعمارية الأمريكية وانتفضت في وجه سيطرتها.

البرازيل والمكسيك وكولومبيا تصفق للنصر الساحق لفنزويلا ومشروعها “البوليفاري” وقد هزمت أمريكا بوضوح لا لبس فيه، فقد اضطرت واشنطن صاغرة إلى إلغاء عقوباتها والتخلي عن عملائها وعادت إلى رشدها بالتعامل مع الرئيس الشرعي والمنتخب نيكولاس مادورو.

وبإعطائها الاذن لشركة شيفرون النفطية بالعودة إلى فنزويلا والالتزام بالإجراءات والشروط السيادية لفنزويلا، وبقطع علاقتها وتخليها عن أدواتها وعلى من راهنت أمريكا عليهم واسندتهم وتبنت انقلابهم، فأهدت فنزويلا الثورية اعترافاً بانتصار الشعب الفنزويلي الذي عانا الامرين من الحصار والافقار والتآمر والتهديد بالغزو وبالحروب والفوضى.

وبالتفاف الشعب حول القيادة والجيش الذي حمى الثورة وانتصر لسيادة فنزويلا وحريتها تكون الشافيزية والبوليفارية قد جددت شرعيتها الثورية وانتزعت نصراً تاريخياً واعدت نفسها للعب دور قيادي في إعادة تشكيل أمريكا الجنوبية وانتزاع دورها في عالم جديد يتشكل وتجري ولادته بمخاض دموي قاس في الحرب الأوكرانية.

والأهم ان صمود فنزويلا وانتصارها الواضح يتحقق والبرازيل قد عادت وبعزيمة أكبر إلى خط اليسار وهذه المرة الراديكالي والثوري وتستند عودتها إلى تجربة حزب العمال وقائده لولا ديسيلفا، في النضال والرئاسة والصعود بالبرازيل إلى القوة السادسة الاقتصادية عالميا وبعد أن تم الانقلاب عليه وسجنه ومحاولات الثأر من تجربته المضيئة وتاليا فلولا الرئيس في حقبته الجديدة وحزب العمال وغالبية الشعب البرازيلي سيستفيد من التجربة ويعيد صياغة جهده وأهدافه وخططه متحوطاً من الاعيب واشنطن وأدواتها واختراقها في النسيج الاجتماعي وفي الدولة والجيش والقضاء والبرلمان والنقابات، وجهود تقليص الوجود والنفوذ الأمريكي في البرازيل يستند إلى تجربة مادورو وفنزويلا وإلى تجربة اليسار المكسيكي والبوليفي وانتصار اليسار لأول مرة في كولومبيا، وبهذا ترتسم لوحة لخريطة تحالفات وتظافر دول وشعوب وقوى باتت أكثر خبرة وتجربة واكتشفت معطيات وخطط أمريكا وسيناريوهات تأمرها وواجهت وصمدت وافشلتها وانتصرت.

أمريكا اللاتينية والكاريبي مثلت الحديقة الخلفية لأمريكا وشكلت العناصر المحورية في صعود أمريكا وتحولها إلى الهيمنة العالمية وبانحسار أمريكا وهزيمتها وانكسار أدواتها فيها تعتبر أحد أهم المؤشرات على ما باتت أمريكا عليه من ضعف وتراجع وانكشاف وتمرد الامم والشعوب والقارات على هيمنتها الأحادية والمتعجرفة.

وليست أمريكا اللاتينية والكاريبي وتحولاتها الشواهد الوحيدة او اليتيمة على مسارات التراجع والانحسار لأمريكا وربما تبلغ قريبا ذروتها ويشهد العالم تحولات فرط دراماتيكية بتسارع انهيار العالم الانكلوساكسوني المأزوم وغير القادر على انتزاع نصر واحد لترميم نفسه، فأوروبا نفسها وشعوبها وحتى نخبتها المتأمركة الحاكمة باتت في حالات تشكيك بالسياسات الأمريكية وحروبها التي تستهدف إسقاط اوروبا ونهبها واضعافها لمعالجة الازمات الامريكية البنيوية والهيكلية. والتمردات الأوروبية تتسارع بمعدلات كبيرة في الشارع ونهوض حركات شعبية وتحركات متواترة رفضا للإملاءات الأمريكية وتوريط الاتحاد الاوربي في الحرب مع روسيا بزعم اسناد ودعم اوكرانيا بينما تنهار البنى الاقتصادية والقطاعات القائدة وتعاني الصناعة الالمانية والأوربية من ازمات إفلاسيه وترحل الى أمريكا بناتج إلزام أوروبا بالقطيعة والعقوبات على روسيا ووقف إمدادات النفط والغاز الروسية ونسف خط ستريم٢ لتأمين صادرات الغاز الأمريكية وتدفيع أوروبا أربعة اضعاف السعر ما سرع من انهيار وإفلاس قطاعات الصناعات الأوروبية وخاصة الالمانية.

العالم بقاراته الست يزداد معرفة بالعجرفة والذاتية الأمريكية ويدفع ثمن ولاء النخب لليبرالية الأمريكية المتعجرفة والبلطجية والتي لا هم لها إلا مصالح الحفنة وقادة لوبي العولمة بما هي أمركة ظالمة للأمم والشعوب.

من قاوم أمريكا ورفض أوامرها وإملاءاتها أسهم بتراجعها وانسحابها وخسائرها في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والأكثر أهمية في نذر انتفاض أوروبا وشعوبها.

ماذا عن رهانات وأوهام بعض العرب واللبنانيين من كهنة معبد أمريكا المتداع ..فنزويلا انتصرت وبإسناد ودعم صريح من إيران .. ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي تتحول الى اليسار.

وأوروبا تحث الخطى للخروج من مضلتها التي لم تقيها حر الشمس ولا صقيع الشتاء فمن تغطى بأمريكا نام عريان على قول الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

ماذا عن المراهنين على أمريكا الذين يعطلون انتخاب رئيس لبناني وينتظرون تغيرات دراماتيكية في صالحها في سورية ولبنان وإيران.

فهل من يخسر في أوروبا وأمريكا اللاتينية وافريقيا وآسيا قادر على النجاح وإعادة صياغة التوازنات في العرب والشرق.

*كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا