المصدر الأول لاخبار اليمن

قرار ترامب بخصوص القدس أعاد الشعوب العربية الى أحضان محور المقاومة وتشكيل وعي جديد للمنطقة

تحليل/أعده لوكالة الصحافة اليمنية / عامر الفايق

استغلت الولايات المتحدة الأمريكية ما يسمى بالربيع العربي في 2011م  للعودة الى تسيد النظام الدولي مرة أخرى لكن فقط لعقود خمسة إضافية.

وبفعل الأغبياء الذين تقبلوا خطة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية قبل 2010م لنظام دولي فيه (دول الإعتدال مقابل دول الممانعة) – التي نسميها الآن دول المقاومة (ايران سوريا العراق لبنان وألحقت فيها مؤخراً اليمن) – والذي قبل الأغبياء في هذا النظام من حكام دول عميلة قبلوا نظام يملؤه الصراع بين الشيعة والسنة وكان أكبر عنصر تدميري فيه لخمس سنوات تقريباً المملكة العربية السعودية والإمارات.

لقد استطاعت الولايات المتحدة جمع أموال ضخمة كبيرة جداً بالمقارنة مع عقود سابقة ، وذلك من خلال بيع السلاح ، ديدن الولايات المتحدة ، والأموال التي ضخت من دول الخليج بذريعة الاستثمار والودائع وغيرها لتبقى على رأس هذا النظام الدولي.

لكن هزائم العدوان على اليمن وآخرها هزيمة الفتنة الداخلية – هزيمة عملاء الداخل – ، وعربياً هزيمة داعش في العراق واكتمال تحرير سوريا واستقرار لبنان أخرج وصعّد محور المقاومة في المنطقة ليؤدي دوره وبقوة باكتمال حلقات النصر للشعوب الحرة والثائرة.

عن اليمن بقليل من التفصيل وانطلاقاً منه نحو العالم ولأهميته الجيوبولتيكية لمحور المقاومة ولتغير المعادلة كان العدوان السعودي الاماراتي الأمريكي في اليمن قد رضخ مؤخراً للحل السياسي المتمثل بالمفاوضات في جنيف والكويت وعمان..

وبعد أن اتضحت الصورة فقد كانت بعض القيادات اليمنية من حزب المؤتمر الشعبي العام في الداخل تتلقى الدعم والمساندة في إعاقة تقدم المفاوضات بالتنسيق مع قيادات المؤتمر المقيمة في الرياض والقاهرة والمؤيدة للعدوان الامريكي السعودي على اليمن ، وكانت القيادات التي في الداخل تدعي أنها مع المكونات الوطنية ضد العدوان.

بعد أحداث الخميس 30 نوفمبر 2017م ، والتي خلالها انكشفت آخر الأقنعة عن رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح – وأصبحت هذه المليشيات علناً مع دول العدوان على اليمن – اكتملت الصورة التي كانت تحت رصد حركة أنصار الله منذ وقت مبكر ، وأخمدت نار هذه المخططات والتي كان يوقد لها منذ مدة ، ولقي زعيم الميليشيا الخائنة حتفه ، وبالتالي تبرز مواقف ومآلات جديدة وخريطة جديدة ألبت القوى الوطنية في اليمن مواكبةً لتألبها في المنطقة العربية.

يأتي مؤخراً إعلان رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب يوم أمس الأول الاربعاء قراره بأن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل في خطوة أمريكية مقابلة لهزيمة مخطط الولايات المتحدة وإسرائيل وعملائهم من حكام الدول الخليجية العميلة وعلى رأسهم السعودية والإمارات وسقوط مخططهم المسمى بالشرق الأوسط الكبير الذي يريد جعل إسرائيل الدولة الوحيدة الأولى  والمرجعية في المنطقة.

خطوة الإدارة الأمريكية بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل خطوة للإستغناء عن وجود ودور حلفائهم من حكام الخليج والسعودية في المنطقة ودورهم فيها كقيادة عربية إسلامية

ومع أن خطوة الإدارة الأمريكية بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل خطوة للإستغناء عن وجود ودور حلفائهم من حكام الخليج في المنطقة ودورهم فيها كقيادة عربية إسلامية ، إلا أن الولايات المتحدة وإدارتها الجديدة مصرة على الإنفراد بقرارها في دعم إسرائيل الكبرى . اسرائيل الدولة المطلة على المتوسط والمهيمنة على البحر الأحمر وصاحبة الذراع واليد الطولى التي تهيمن على سيناء ومصر ولبنان وسوريا والعراق واليمن والدول الخليجية.

إن هذا القرار وما وراءه والذي تعتبره الشعوب العربية شراً وإرادة أمريكية إسرائيلية خبيثة وتواطؤ عربي من قبل الأنظمة العميلة ، وتندد به الشعوب العربية والمسلمة الحرة وخرجت لرفضه الملايين في عواصم ومدن الدول العربية الإسلامية اليوم الجمعة سيكون بارقة أمل لتوحد الأمة.

بل إنه الذي قد وحّد وألب الشعوب العربية بداية من أكثر المدن الفلسطينية كبؤرة لأحداث مشرفة مستقبلية تواكبها خروج ملاييني في عدة عواصم ومدن عربية تندد بالقرار ، وتوحد كلمة الأمة حول محور المقاومة في اليمن وفي لبنان وفي العراق وفي سوريا وفي غيرها من الدول العربية والإسلامية.

فقرار ترامب كان أحمقاً ، اسقط اقنعة دول الممانعة وعراها تماماً أمام الشعوب العربية والاسلامية كأنظمة متواطئة مع المشروع الامريكي الاسرائيلي ، وضحت بكرامة الامة المتمثلة في قضيتها المركزية “فلسطين”. بالمقابل ظهرت دول الممانعة “محور المقاومة” وعلى رأسها انصارالله وحزب الله وإيران ، كحامل وحيد وحقيقي وصادق لقضية الامة العربية والاسلامية ، ليس فقط حاملاً سياسياً ، بل عسكرياً أيضاً.. مما يعني أننا امام موجة هائلة قادمة ستجتاح وعي شعوب المنطقة وتعيد تشكيلها وصياغتها بشكل ينسف كل ما حاول الاعلام التضليلي لدول الاعتدال سيما الاعلام السعودي والخليجي غرسه في وعي الشعوب عن محور المقاومة في محاولة لتوجيه عداء الشعوب الى هذا المحور حينا تحت عناوين طائفية وحيناً تحت عناوين سياسية وأمنية.

قرار ترامب وحد موقف الشعوب العربية والاسلامية ودفعها باتجاه احضان محور المقاومة كحامل سياسي وعسكري لقضايا الامة المركزية

إن هذا الرأي العام الجديد بدأ بالتكون حالاً وهو رأي عام بالغ الأهمية من الناحية السياسية يؤدي الى العديد من المكاسب من جوانب عدة تصب في رصيد الشعوب العربية والمسلمة الحرة ومحور المقاومة العربية والإسلامية.

فمن جانب الانظمة العميلة في المنطقة العربية والإسلامية وكذا النظام الأمريكي والإسرائيلي يعتبر القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية للقدس اعترافاً بأن القدس عاصمة لإسرائيل ، والموقف الذي يتبناه الآن محور المقاومة في المنطقة أن القرار حماقة أمريكية إسرائيلية ومحورها المقابل في المنطقة لمحور المقاومة ،  أيضاً إنه قرار غير نافع وغير مدروس العواقب ويؤكد شكوك نحو الإتجاه نحو عدم قبول العالم بالسلام وإحلاله في المنطقة العربية من قبل الدول العظمى في النظام الدولي القائم وخصوصاً الولايات المتحدة الامريكية.

وبالنسبة لمحور المقاومة فهو قرار يمثل سخرية بمقدسات الأمة واستهزاء بالتضحيات والدماء العربية والمسلمة التي تتطلع للحرية والإستقلال عن الهيمنة الإمريكية والإسرائيلية وبالتالي الرفض التام الوجودي لإستمرار أنظمة العمالة في الداخل وبقائها.

وهو بالنسبة لمحور المقاومة والشعوب الملتفة حوله يمثل تأكيداً للتشكيك في نوايا الولايات المتحدة واسرائيل نحو اعدام الأمن والسلم الدوليين ، وهذا التأكيد لن يكون له في المقابل إلا نتائج وخيمة بداية من بروز انفعالات عربية واسلامية لدى الشعوب بالتوجه نحو خيار المقاومة الشعبية المسلحة والانتقال إلى استخدام القوة.

بدايات الارهاصات ان الإعلام الذي تستخدمه الولايات المتحدة واسرائيل وانظمة مثل النظام السعودي والإماراتي اصبح إعلاماً مزيفاً وناقلاً لكل مايزيف الحقائق ويبث الإشاعات والأكاذيب ولكل ما يخلق البلبلات ولايخدم الرأي العام الشعبي المتكون ضد سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل والأنظمة العميلة حالياً ، وبالتالي فقد تولدت بداية نتيجة ذلك العديد من الوسائل الإعلامية المناهضة لهذا العدوان على شعوب الأمة العربية والإسلامية الحرة وهي الآن تؤدي دورها بقوة في كشف الحقائق المغيبة وتفضح الإشاعات والإدعاءات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية والإماراتية حول محور المقاومة ، واصبح هذا الإعلام الحر ينقل الرأي العام الحر للأمة بمواكبة وبمصداقية وبما يخدم قضايا الأمة وشعوبها الحرة.

أمريكا واسرائيل والأنظمة العميلة سيكونون فقط أمام خيار التفاوض مع القوى الصاعدة والاستجابة للجماهير العربية بالعدول عن القرار العدواني أمام الخيارات العسكرية

أما من الناحية السياسية فإن الولايات المتحدة واسرائيل والانظمة العميلة ستؤول نحو قبول العودة إلى المفاوضات السياسية مع هذا المحور ولكن ذلك سيكون مشروطاً بالإستجابة للجماهير العربية بالرجوع عن القرار الأمريكي حول القدس لأن هذا القرار طعن من الظهر وخيانة من قبل من حذا حذو الولايات المتحدة واسرائيل من الأنظمة العربية العميلة ، وسيكون أول من يلقى الحساب والجزاء هي تلك الأنظمة إذا لم يتم الرجوع عن هذا القرار.

 من ضمن الحساب والجزاء هو تفكيك التحالفات والكيانات والتجمعات الدولية عند الدول الكبرى وعند الدول العميلة وبالتالي تشكيل تحالفات جديدة بديلة من القوى الصاعدة الدولية وبالتالي تشكيل تحالفات بين محاور المقاومات عند الشعوب العربية والإسلامية ترضخ لها القوى المستكبرة وبالتالي تقبل رأيها وقراراتها وتطلعاتها المشروعة بما يحافظ على حريتها واستقلالها.

ستكون الخيارات الغير سلمية موضوعة على الطاولة وستكون الكثير من الخيارات تحت الإستخدام إن لم تجدي الخيارات والقرارات  السياسية السلمية وستكون الحرب المادية العسكرية لمحور المقاومة ممكنة في أي لحظة باستخدام كل الإمكانيات المتاحة وايضاً استخدام الحصار والسيطرة على طرق التجارة والملاحة البحرية في بحار المنطقة في الخليج والطريق الممتدة من المحيط الهندي إلى بحر العرب إلى البحر الأبيض وستكون الكثير من الخيارات الأخرى مفتوحة.

إن النظام الدولي الذي تحاول الولايات المتحدة بإستخدام ربيبتها اسرائيل والأنظمة العربية العميلة الإستمرار في التربع على عرشه يؤول نحو التغير من نظام القطب الواحد إلى نظام دولي متعدد الأقطاب ووجب على اسرائيل التوقف عن طموحاتها الغير مشروعة ووجب على بعض الحكام العرب العودة إلى الحضن العربي (المقاوم) مالم فإن الواقع الذي ستفرضه القوى الدولية والقوى الصاعدة في المنطقة بمساندة شعبية عارمة ستجعل الواقع هو الذي سيفرض نفسه حتماً وليس مايجري في المنطقة إلا بداية مخاضاته.

قد يعجبك ايضا