المصدر الأول لاخبار اليمن

“شاهد بالصور “..حارس الآثار الثمانيني الذي قتله “داعش” بوحشية بحجة عبادة الأصنام

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية
في نهار مختلف، جاء الخبر الصادم، “مقتل مدير آثار مدينة تدمر السورية خالد الأسعد”، غير أن الفاجعة فجيعتين، الأولى بوفاة عالم أثار فريد، والثانية بالوحشية التي قتل بها رجل ثمانيني.
صباح 18 أغسطس/ آب 2015 انتشرت على وسائل التواصل صورة صادمة لجثة مقطوعة الرأس معلقة على أحد أعمدة الإنارة في طريق رئيسي بمدينة تدمر السورية، (واحدة من أهم الممالك السورية القديمة التي ازدهرت بشكل خاص في عهد ملكتها زنوبيا تبعد 215 كيلو متر شمال مدينة دمشق).


أسفل الجثة لوحة ورقية بيضاء عليها بقع من دم، وعليها لائحة الاتهام التي بسببها قتل الرجل صاحب الـ81 حولا، وكأن القدر أراد أن تكون تلك الورقة البيضاء الملطخة بالدماء شاهدة على واحدة من أفظع جرائم تنظيم “داعش” الإرهابي.
خالد الأسعد تعرفه أعمدة تدمر، وحجارتها تميز رائحته، وتماثيلها تنام بين يديه، وزنوبيا أعطته أسرارها، يملك رصيد ضخم من الأبحاث والكتب والمراجع التي توثق تاريخ هذه المدينة الأعجوبة (تدمر) التي تشبه متحفا في الهواء الطلق.


للأسعد حوالي 40 مؤلفا عن الآثار في سوريا والعالم، عمل مع عدة بعثات أثرية أمريكية و فرنسية و ألمانية و إيطالية وغيرها خلال سنوات عمله الطويلة ونال عدة أوسمة محلية و أجنبية.
قتل خالد الأسعد، بوحشية تبدو عادية على التنظيم الإرهابي، وتهمته أنه يعمل “مدير لأصنام تدمر الأثرية” إلى جانب باقي التهم التي سجلتها لوحة الدم “موالاة النظام السوري، زار إيران مهنئا بانتصار ثورة الخميني، متواطئ مع المخابرات السورية وعلى علاقة مع مدير المكتب الأمني في القصر الرئاسي العميد حسام سكر”.


لكن هذا ليس كل شيئ، وخلف هذه الجريمة جرائم أخرى وقف فيها الأسعد بطلا يدافع فيها عن سوريا وتاريخها وحضارتها. يكشف الصحفي السوري خليل صويلح في مقاله بصحيفة “الأخبار” اللبنانية صباح إعلان مقتل الأسعد، إن الجماعة التكفيرية التي سيطرت على مدينة تدمر لم تحطم المدينة كما كان متوقعا، بل اكتفوا بتحطيم تمثال “أسد اللات” الذي كان يحرس بوابة المتحف، وتم تصوير هذا المشهد وتداوله على وسائل الإعلام لكنها كانت مجردة صورة رمزية للتداول، يقول صويلح “هم (داعش) يعلمون جيدا أهمية الكنوز التي غنموها”.
لكن أزمة التنظيم الإرهابي كانت في قرار اتخذته المديرية العامة للآثار، بتفريغ المتحف من محتوياته النفيسة، وعليه كان عليهم ( أعضاء التنظيم) أن يقتفوا أثر التماثيل النادرة، “.. ليس لتحطيمها، بل من أجل تهريبها، فالمافيات العالمية لتهريب الآثار تنتظر صفقة العصر”، حسب صويلح. ويضيف “كلمة السر كانت لدى شخص محدد هو خالد الأسعد الذي قضى نصف قرن من عمره يحرس هذه الكنوز، ويعرف سجل نفوس كل قطعة أثرية في هذه المدينة، ومثلما رفض مغادرة مدينته، رفض الإفشاء بأسراره لهؤلاء اللصوص، وحين فقدوا الأمل، قرروا إعدامه على طريقتهم”.
ووصف المدير العام للمتاحف والآثار السورية مأمون عبد الكريم، في تصريحات لوسائل الإعلام وقتها مقتل الأسعد بأنه “الجريمة الحزينة والمأساوية”.
وقال إن أسرة الأسعد أخبروه أن الأخير كان معتقلا منذ نحو شهر، بعد رفضه فرص الفرار من المدينة بعد سيطرة “داعش” الإرهابي عليها.
وأضاف أن التنظيم كان يريد معرفة أين اختفى “ذهب تدمر”، فخلال فترة الاحتجاز، سأل المسلحون الأسعد مرارا عن مكان يعتقد أن الذهب مدفون فيه، والأماكن التي اخفي فيها كنوز المدينة. وعندما رفض قتل.
هكذا قتل خالد الأسعد لأنه أصر على ألا يترك معشوقته تدمر بيد تتار جدد يدمرون وينهبون ويسرقون ويبتاعون تاريخها في مزادات عالمية، وهو ابن تلك الحضارة الإنسانية، لذلك أحدث مقتله هزة قوية في العالم كله، ونعته مؤسسة اليونسكو، وقالت مدير منظمة الثقافة والعلوم اليونسكو التابعة للأمم المتحدة إيرينا بوكوفا إنها حزينة وغاضبة وتدين هذه الجريمة البشعة. وأضافت “أنهم قتلوا الأسعد لأنه رفض خيانة نشاطه القوي من أجل حماية آثار تدمر”.


واستعاد الجيش السوري مدينة تدمر، من يد التنظيم الإرهابي “داعش”، وقال محافظ حمص طلال البرازي، الأربعاء الماضي (16 أغسطس/ آب 2018)، أن تدمر ستكون جاهزة لاستقبال السياح في صيف 2019.
وأكد على أن هناك مشروع لدى السلطات لإزالة جميع الأضرار، التي لحقت بمدينة تدمر العريقة.
وكشف محافظ حمص، أن اليونسكو وروسيا وبولندا وإيطاليا وغيرها من البلدان والمؤسسات والمنظمات الأوروبية غير الحكومية اقترحوا تقديم المساعدة في هذه المسألة.
​ومن جانبها، تحيى المؤسسات الثقافية السورية برعاية الحكومة ذكرى “العالم الفريد” في احتفالات يشارك فيها شخصيات وطنية وسياسية وإعلامية يتذكرون مآثر الأسعد وأقواله في علم الآثار ومناقبه وأخلاقه وحكايته مع تدمر.

المصدر: سبوتنيك

قد يعجبك ايضا