المصدر الأول لاخبار اليمن

من هو الرجل الخفي الذي يقف وراء انهيار العملة اليمنية، ولماذا؟!

  تحليل : وكالة الصحافة اليمنية   يشعر ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بنشوة انتصاره على الاقتصاد اليمني، وربما ينسيه ذلك مرارة هزائمه المتوالية في ساحة المعارك الممتدة داخل الساحل الغربي اليمني، لكنه حين ذهب إلى الاقتصاد ليسجل انتصاراً مخزياً عليه يبدو أنه لايعلم أنه في الأصل ومنذ 50 عاماً اقتصاداً  مترنحاً. وينهار اقتصاد […]

 

تحليل : وكالة الصحافة اليمنية

 

يشعر ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بنشوة انتصاره على الاقتصاد اليمني، وربما ينسيه ذلك مرارة هزائمه المتوالية في ساحة المعارك الممتدة داخل الساحل الغربي اليمني، لكنه حين ذهب إلى الاقتصاد ليسجل انتصاراً مخزياً عليه يبدو أنه لايعلم أنه في الأصل ومنذ 50 عاماً اقتصاداً  مترنحاً.

وينهار اقتصاد اليمن فيُمعن الرجل القوي في أبو ظبي محمد بن زايد في الإنكار، يستقبل بعضًا ممن أقعدتهم حربه هناك، وثمة قتلى يعودون إلى مطار أبو ظبي في توابيت تحرص سلطاته على عدم بث صورهم، بل على صور تُظهر الرجل قويًا متماسكًا، وهو يقلد بعض ضباطه أوسمة الشجاعة.

لا توجد كوليرا في بلاده، بل في اليمن الذي أصبح مهددًا بموجة ثالثة محتملة من هذا الوباء، وهو كما يقول مسؤولون أمميون نتيجة حرب يشنها الرجل وحليفه في الرياض، وقد طالت أكثر مما يجب، ويخسر فيها الجميع، وإن بدرجات متفاوتة، أما الخسارة الكبرى ففي اليمن حيث يتآكل كيان الدولة وتنهار مؤسساتها وتتراجع بشكل مريع قيمة العملة اليمينة، ما يعني تحول اليمن في نهاية المطاف إلى منطقة كوارث.

من يقف وراء انهيار العملة اليمنية؟..هذا السؤال فجرته تغريدات وزير في حكومة عدن الذي غرد بها ملمحًا إلى تحمل أبو ظبي مسؤولية إضعاف اقتصاد بلاده، وسط موجة غضب شعبي انفجرت في عدد من محافظات اليمن ضد الارتفاع المستمر لأسعار السلع الأساسية جراء تواصل تراجع الريال اليمني أما العملات الأجنبية ووصوله درك غير مسبوق.

تلميح أشبه بتصريح وجهه وزير النقل اليمني في حكومة بن دغر صالح الجبواني، وقال في تغريدته: “انهيار العملة ليس نتيجة طبيعية لتفاعلات الاقتصاد وإنما هو أمر مقصود تقف وراءه جهة ما بهدف إسقاط الحكومة وابتزاز الرئيس”، لم يصرح الجبواني هذه المرة باسم تلك الجهة، لكنه قدم من القرائن ما هو أبلغ من التصريح في تحديد هويتها.

 

أولاً فيما يسميها معركة يناير، أي المحاولة الفاشلة لقوات الحزام الأمني والمجلس الانتقالي المدعوم جميعها إماراتيًا للسيطرة على مقار الحكومة في عدن، وثانيًا خلال أزمة جزيرة سقطرى، حين حاولت قوات إماراتية الاستيلاء بالقوة على الأرخبيل اليمني، وفي كلتا الواقعتين تكرر اسم الإمارات، فأي مصلحة لها في إيذاء اقتصاد اليمن باستهداف عملة البلد؟

الهدف بحسب الجبواني هو إسقاط حكومة بن دغر ثم ابتزاز عبد ربه منصور هادي لتنصيب أخرى تُضفي صبغة رسمية على الانهيار والتشظي، وتلك كلمات خطيرة لا تنفصل عن تصريحات أخرى مناوئة لأبو ظبي، وجَّه فيها وزير النقل المقرب من الرئيس المستقيل هادي إلى السلطات في صنعاء تبريراً لفشل رئيسه وحكومته ايجاد حلول ، وقبلهم ما وصفه بـ”الكيان الموازي” الذي فرضه التحالف السعودي الإماراتي
للتنكيل بالريال اليمني.

 

لكن لا يُعرف إن كان ما قاله الجبواني هذا من فرط تهور أم جرأة، وليس معروفًا ما إذا صدرت تعليقاته بإيعاز من الرئيس المستقيل هادي أو دونما تنسيق معه.

 

كيف تُفكك أبو ظبي اليمن؟..ليس سؤالاً افتراضيًا هنا، بل وقائع تحدث، وفيها تُجوَّف السيادة، وتُستبدل المؤسسات الأمنية بأخرى، وهو ما حدث عبر استحداث أبو ظبي قوات الحزام الأمني وأشباهها في اليمن، ثم يُشكك في هوية البلاد ويُدمر اقتصادها، وهو ما يقول البعض إنه يحدث وبتسارع، فالريال اليمني ينهار، وتلك نتيجة طبيعية للحرب.

 

مؤخرًا تعدى الدولار حاجز الـ700 ريال يمني؛ أي أن قيمة طباعة الريال أصبحت أكبر بكثير من قيمته الفعلية، وهو ما يُترجم فقرًا في الشوارع وأمراضًا تفتك باليمنيين ونقصًا فادحًا في الخدمات، ما يعني إعادة البلاد إلى القرون الوسطى فعليًا لا رمزيًا، ومن مصلحة منظومة كهذه إفقار البلاد وتفكيك نخبها القديمة بإظهارها عاجزة عن تقديم حلول عملية للمواطنين لتنتهي اللعبة بحل تريده أبو ظبي وفق مقاسها وشروطها.

 

لكن لم لا تتدخل الرياض؟ يتساءل البعض مع استحضار ذلك التغيير المفاجئ في المسميات من “عاضفة الحزم” إلى “إعادة الأمل”، ويرى هؤلاء أن تضارب الأجندات بين الحليفين انتهي إلى تسيَّد أبو ظبي للمشهد، وللرجل المتنفذ هناك خطط لا يستقيم أن يكون اليمينون أقوياءً فيها، فهو يستقبل أحيانًا قيادات في لحكومة هادي وبن دغر، لكنه يقوم على الأرض بما يفككها.

 

حتى الأموال التي قيل إن السعودية أودعتها في البنك المركزي لم تسهم في إنقاذ الريال، ما يفتح المجال لتأويلات يرى بعضها أن ثمة ما هو أكبر من الفساد ويحول دون تعافي الاقتصاد اليمني، ويذهب هؤلاء إلى أن اقتصادًا موازيًا يُستحدث، وهو يربط ما يُنفق بمن يدفع؛ أي بأبو ظبي التي تدفع رواتب القوات الأمنية الموازية التي أنشأتها، إضافة إلى تمويلها رجالات يُعتقد أنهم يُجهزون لقيادة اليمن لاحقًا.

 

ليست أزمة اقتصادية صرفة، فالبعدان السياسي والأمني نقرأها في سلوك التحالف السعودي الإماراتي، وحصاره البحري المستمر على بلد يستورد ثلاثة أرباع غذائه، فضلاً عن عدم تسليمه حكومة حليفه في عدن موانئ تحت سيطرته لإعادة تشغيلها، ومنعه إعادة ضخ النفط والغاز وتسويقهما، كذلك منعه اليمنيين من الاستفادة من مواردهم الزراعية والسمكية.

 

إحجام التحالف على مدى ثلاث سنوات عن دعم اقتصاد اليمن، ثم تدخل السعودية في مطلع العم الحاليّ فقط لتقديم وديعة متواضعة لم يُمكَّن البنك المركزي اليمني من استخدامها لدعم استقرار مقبول للريال اليمني، وكل تلك العوامل تعمق الشكوك في مسؤولية التحالف عن تداعي اقتصاد اليمن وانهيار عملته، وتدارُك الوضع – كما يرى خبراء – لن يتم في أجواء حرب ودسائس ولن يتأتى حتمًا من دون عودة حكومة بن دغر إلى الداخل اليمني وتمكينها من المال والموارد والسلطة.

قد يعجبك ايضا