المصدر الأول لاخبار اليمن

“ثانوية جمال عبدالناصر” تتربع على عرش اليمن

استطلاع خاص/ وكالة الصحافة اليمنية ألقت الحرب التي يشنها التحالف منذ أربع سنوات بحملها على اليمنيين مخلفة أكبر أزمة إنسانية في العالم، وانعكست آثارها سلبا على شتى المجالات، بما فيها التعليم، حيث استهدف التحالف 888 منشأة تعليمية وأسهم انقطاع مرتبات المعلمين في توقف الكثير منهم عن العمل لعدم قدرتهم حتى على دفع مواصلات الطريق إلى […]

استطلاع خاص/ وكالة الصحافة اليمنية

ألقت الحرب التي يشنها التحالف منذ أربع سنوات بحملها على اليمنيين مخلفة أكبر أزمة إنسانية في العالم، وانعكست آثارها سلبا على شتى المجالات، بما فيها التعليم، حيث استهدف التحالف 888 منشأة تعليمية وأسهم انقطاع مرتبات المعلمين في توقف الكثير منهم عن العمل لعدم قدرتهم حتى على دفع مواصلات الطريق إلى المدرسة، علاوة على ما خلفته الحرب الاقتصاديات من أعباء ضاعفت تلك المعاناة، وتجاوز أثرها الأكاديميين إلى الطلاب وأسرهم.

 

في صنعاء العاصمة، شباب وفتيات أجبرتهم الحرب على النزوح من قراهم ومدنهم الواقعة في محافظات أخرى إلى المدينة التي تتسع للجميع، فما كان منهم إلا أن انطلقوا في سبيل تحقيق أحلامهم معلنين أنهم أقوى من الظروف وأقوى من الحرب وأقوى حتى من تلك الأحلام وإن كان أبسطها الحصول على مرتبة في قائمة العشرة الأوائل للثانوية العامة في الجمهورية.

 

دموع في قمة المجد

 

علاء عبدالله علي، شاب قروي من منطقة ريفية تتبع محافظة الحديدة، تلقى تعليمه الأساسي في إحدى مدارس مديرية برع قبل أن ينتقل إلى صنعاء للالتحاق بثانوية جمال عبدالناصر للمتفوقين، نتيجة تردي الوضع التعليمي في الحديدة.

 

يقول علاء لـ “وكالة الصحافة اليمنية”: “كان هدفي هو أن أحصل على الترتيب الأول في الجمهورية حتى يتسنى لي مواصلة الدراسات العليا في الطب البشري عبر منحة دراسية إلى ألمانيا”، ويضيف: “صحيح أنني لم أتوقع هذا المركز بالتحديد لكنني أيضا لم أكن أتوقع الابتعاد عنه، حيث كنت أخبر نفسي أنني ربما أحصل على الترتيب الثاني أو الثالث، وهذا ما جعل خبر النتيجة مفاجأة لا أستطيع وصفها.. كان أسعد يوم في حياتي”.

 

كان لعلاء في ثانوية عبدالناصر تجربة خاصة، كثف من خلالها ساعات مذاكرته من 5 ساعات في السنة الأولى إلى 8 ساعات في الثانوية العامة، وكان يجمع الأسئلة والاستفسارات وما صعب عليه فهمه ليضعها على مدرسيه في اليوم التالي، فهو يرى أن للمدرسة – الأولى من نوعها في اليمن – دور بارز في صناعة أوائل الجمهورية لما تمتلكه من كادر تعليمي متميز ومتعاون مع الطلاب يستحق أن يهديهم علاء تفوقه إلى جانب أهله وعلى رأسهم والده ووالدته وخاله وإخوته وزملائه.

 

حصل علاء على المرتبة الأولى في اليمن بنسبة 99.38 في المئة وهي المرة الأولى التي يحصدها طالب دون منافس، يقول علاء: “لابد أن يضع الطالب لنفسه هدفا يسعى للوصول إليه ويرسم لذلك خطة يتبعها دون تفريط أو تقصير، ومن خلال ذلك سيحقق ما يريد”.

 

قرار صائب

 

في ثانوية الناصر أيضا نماذج أخرى للتفوق، حيث حصدت عشرة مراكز في قائمة العشرة الأوائل للجمهورية، يقول علاء الحمادي، وهو الحاصل على الترتيب الثاني في اليمن إلى جانب الخريجة أسماء الكامل من مدرسة النهضة في الأمانة بمعدل 99.25 في المئة: “كان الالتحاق بثانوية جمال هدفي منذ الصف السابع لما كنت أسمعه عن تميز المدرسة، فبذلت الكثير من الجهود لتحقيق هذا الهدف وعندما وصلت إلى المدرسة كان لابد من بذل المزيد من الجهود حتى أكون في قائمة الأوائل”، ويضيف: “ابتعدت عن الهاتف طوال العام لأنه يأخذ الكثير من الوقت، وصببت جل اهتمامي على المذاكرة لأنني لم أكن أحتاج إلى الهاتف في هذه المرحلة المهمة في مسيرتي التعليمية”.

 

في مطلع العالم المنصرم اتخذت أم علاء قرارا بأخذ الهاتف من ولدها الذي رأته جديرا بالحصول على أحد أوائل الجمهورية ولم تعطه إياه إلا في اليوم الأخير لامتحانات الثانوية العامة، وخلال الفترة من العام ذاته كان لعلاء مواده القريبة إلى قلبه، وكانت أقربهن الرياضيات، فهو يرى نفسه مهندسا متميزا في المستقبل وبالتالي عليه أن يكون برفقة هذه المادة الممتعة.

اكتئاب

 

الأيام الأولى لعبدالمجيد العامري في ثانوية جمال عبدالناصر شهدت عناءً كبيرا وأصيب خلالها بالاكتئاب بسبب النظام التعليمي المكثف في المدرسة على عكس ما اعتاد عليه في مدرسة ردفان التي تلقى فيها تعليمه الأساسي، يقول العامري: “تلك الأيام هي الدافع لي نحو التفوق فقد اعتدت من خلالها على الجهد المبذول وإن كان كبيرا إلا أنه انعكس بشكل إيجابي على تحصيلي فقد نلت المرتبة السادسة على الجمهورية بمعدل 98.75 في المئة”، ويضيف: أن “الظروف التي تمر بها اليمن أثرت على الطلاب بشكل كبير لكنها سرعان ما تحول أثرها إلى دافع إيجابي لمواجهة الظروف من قبل الكثير منهم”، وفي رسالة للزملاء من بعده يقول العامري: “عليهم الاستفادة من وقتهم والاطلاع والقراءة لكل ما هو مفيد وكل ما سيضيف شيئا إلى معلوماتهم، فمهما كانت الظروف يظل الأمل أكبر وتظل التحديات هي من تنتهي بطعم الانتصار”.

 

حكاية نازح

 

دفعت الحرب في مدينة تعز بأسرة أمجد العريقي إلى النزوح من المدينة نحو صنعاء. ظروف صعبة لاقاها الطالب المتفوق في هجرته المفروضة عليه، كان لها الأثر الكبير في الدفع به نحو التميز منطلقا من معاناة لم يستطع التغلب عليها إلا من خلال النزوح إلى المدينة العاصمة.

 

وكزميله عبدالمجيد لم تكن الأيام الأولى له في عبدالناصر سهلة بل كانت أصعب ما واجهه بعد معاناة الحرب في تعز، حيث كان يسعى للمنافسة على الأوائل بينما يختلف وضعه عن كثير من الطلاب المستقرين في صنعاء.

 

سنوات مضت حاملة معها ذكريات ربما لا يريد العريقي تذكرها غير أنها عادت عليه بالمرتبة السابعة على مستوى الجمهورية، وبمعدل 98.63 في المئة.

 

نجاح ملفت

 

يقول الدكتور محمد القاسمي مدير المدرية: “طلاب ثانوية جمال عبدالناصر للمتفوقين مرشحون بقوة للحصول على المراكز العشرة الأولى في قائمة أوائل الجمهورية لأنهم نخبة ويتم استيعابهم بعد امتحان المفاضلة وامتحان الذكاء، ولعل ما يؤكد هذا هو حصد المدرسة لجميع المراكز الأولى على مستوى الأمانة من الطلاب غير المذكورين في قائمة أوائل الجمهورية، وتفرد المدرسة بالمرتبة الأولى دون منافس، كما أن أقل طالب في ثانوية عبدالناصر حاصل على معدل لا يقل عن 94 في المئة”.

 

وفي ظل استمرار الحرب والنزوح والمعاناة وتردي التعليم في الكثير من المدارس يظل الدور الكبير لثانوية الناصر في استيعاب الطلاب المتفوقين على مستوى اليمن وتطويرهم وتأهيلهم حتى يعود عليها ذلك بما جعلها في مجال التعليم داخليا في المركز الأول ومنافسة على مستويات عدة.

قد يعجبك ايضا