المصدر الأول لاخبار اليمن

الرئيس المشاط لصحيفة “الثورة”: الرؤية الوطنية هي تخطيط على المستوى الوطني والقومي، تمتد حتى 2030

صنعاء//وكالة الصحافة اليمنية//

أكد فخامة الأخ المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، أن اليمن خسر باستشهاد الرئيس صالح الصماد قائدا عظيما ورمزا من رموزه، لما تميز به من صفات جسدت النموذج القرآني.

وتطرق الرئيس المشاط في حوار مع صحيفة “الثورة” نشرته في عددها الصادر اليوم، إلى العديد من القضايا المرتبطة بجريمة اغتيال الرئيس صالح الصماد، والدور المحوري لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في إدارة تلك الأيام الصعبة وتجاوز المحنة التي أراد منها العدوان اغتيال الدولة وإسقاطها بشكل كامل.

ولفت إلى عوامل نجاح الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، والتي من أهمها وجود الإرادة السياسية لدى القيادة الداعمة للرؤية الوطنية وخططها المرحلية.. مؤكدا أن الرؤية الوطنية هي استكمال لمشروع الرئيس الشهيد الصماد (يدٌ تحمي ويدٌ تبني).

وفي ما يتعلق بالتعيينات أكد الرئيس المشاط، أنها تأتي في إطار تطوير الأداء والتدوير وليست استهدافا لشخص ولا تحمل أي أبعاد سياسية.. منوها بمستوى الانسجام داخل المكونات السياسية.

وأكد انفتاح الجمهورية اليمنية في علاقات ودية مع كل الدول والحكومات وأنها ترغب في سلام دائم وشامل.. مشيرا إلى أنه وجه رسالة إلى الرئيس الروسي بهذا الخصوص.

وسلط رئيس المجلس السياسي الأعلى في الحوار، الضوء على الحرب الاقتصادية التي يتعرض لها اليمن، وجهود مكافحة الفساد.

في ما يلي نص الحوار:

أجرى الحوار رئيس التحرير/ عبدالرحمن الأهنومي

* في البداية نرحب بكم فخامة الرئيس مهدي محمد المشاط، ونشكر لكم قبولكم الطيب لإجراء هذا الحوار مع صحيفة “الثورة”، ونبدأ مع فخامتكم من ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصماد.

المحور الأول: الرئيس الشهيد الصماد الأنموذج والقدوة في حمل المسؤولية

الثورة: ما هي الصفات والمميزات التي اتصف بها وانفرد الشهيد الصماد، حتى جعلته بهذا المستوى من الحضور في وعي اليمنيين؟

الرئيس:

الأخ الرئيس الشهيد صالح الصماد رحمة الله تغشاه كان الأخ العزيز والرفيق، تميز بالعديد من الصفات التي قلما تتكرر جميعا في شخص واحد، فقد كان شديد الارتباط بالله سبحانه وتعالى وعلاقته بالقرآن الكريم قوية، ومن كانت علاقته بالله كذلك فبالتأكيد أنه سيحمل كل القيم والصفات الحميدة، كالتضحية والعطاء والنزاهة والإحسان والوفاء والصدق، وقد مثَّل الأنموذج والقدوة في تحمل المسؤولية، حيث تولى قيادة اليمن في أصعب مرحلة مر بها عبر التاريخ، وأدى واجبه على نحو مشرِّف.

ومنذ أن تعيَّن رئيساً للمجلس السياسي الأعلى حتى استشهد لم يزهُ يوماً بالسلطة ولم يطمع بها، كان على قدر المسؤولية وأميناً عليها، فعمل بكل جد ودون كلل أو ملل، مؤدياً واجبه مبتغياً في ذلك مرضاة الله دون أن ينظر أو يطمع بشيء من هذه الدنيا، كل ذلك جعل من حضوره في وعي الشعب كبيرا رغم أنه لم يقض في منصبه بالسلطة سوى وقت قصير، إلا أنه كان كافياً ليحظى بمحبة الناس وتقديرهم ويحجز مكانة خاصة في نفوسهم غير قابلة للنسيان.

فالشهيد الرئيس رحمه الله استطاع أن يجسد النموذج القرآني العظيم ليكون الشاهد الحي الذي يطبق هذا المشروع بكل تعاليمه وقيمه ومبادئه على أرض الواقع.

الثورة: استشهاد الرئيس الصماد كحدث ومنعطف تاريخي حاسم في الحرب وفي تاريخ اليمن أيضاً، من حيث تغييب قائد عظيم كالصماد أولاً، ثانياً أثره على مستوى اليمن بشكل عام، ثم من خلال استهدافه كرمز للدولة ورأسها، تعتقدون ما هي الأهداف التي أرادها العدوان من وراء ذلك؟ هل كان هدف إسقاط الدولة مثلا؟ أم أن ثمة أهدافاً أخرى.. وهل تحقق له ما أراد؟

الرئيس:

كان واضحاً للجميع أن هدف العدوان هو إسقاط اليمن بالكامل واحتلاله، لكن الكثير من العوامل الداخلية والوطنية منعته من تحقيق ذلك، فالرئيس الشهيد الصماد بما مثّله في منصبه كرئيس في تلك المرحلة الحساسة والصفات التي تحلى بها بالإضافة للتأثير الكبير الذي مثّله كقائد ورئيس على المستويات العسكري والأمني والسياسي والاجتماعي وإلهامه للشعب، كل ذلك جعل منه هدفاً للعدوان، بل على رأس أهدافه، فاعتقد العدوان باغتياله أنه سيزيح أحد العراقيل التي تمنع احتلاله لليمن، دون أن يدرك أن الرئيس الصماد قد أصبح أنموذجاً وفكرةً ألهمت كل اليمن وظلت حاضرة ومؤثرة وما تزال كذلك إلى اليوم، وبالتالي يدرك الجميع اليوم أن اغتيال الرئيس الصماد أدى لنتائج عكسية غير التي رغبت دول العدوان في تحقيقها، فكان استشهاده دافعا للشعب لإكمال المسيرة التي سار عليها في حياته.

الثورة: كنتم على علاقة وثيقة بالشهيد الصماد سلام الله عليه خصوصا في الأيام الأخيرة من خلال عملكم ومهامكم العملية إلى جانبه.. حين تلقيتم خبر الاستشهاد كيف كان شعوركم وموقفكم النفسي؟ هل تتذكرون اللحظات الأخيرة التي جمعتكم بالشهيد؟ كيف قضيتم الأيام الأولى الفاصلة بين الاستشهاد وبين الإعلان عنه؟

الرئيس:

في الحقيقة، ما شعرت به في تلك اللحظات لا أستطيع أن أصفه لكم لصعوبة الموقف وهوله، والألم الكبير عندما يفقد الإنسان عزيزاً مثل الشهيد الصماد رحمة الله عليه، فهذه اللحظات لا يمكن أن تمحى من ذاكرتي.

وخلال الأيام الأولى الفاصلة بين الاستشهاد وإعلان الخبر، كنت أفكر باستشراف كيف سيكون إعلان الخبر، وما هي ردة فعل الناس، ومدى تألمهم، لأني أعرف مدى علاقتهم بالشهيد رحمة الله تغشاه، وأيضاً ترتيب استكمال إجراءات التشييع، وكانت كل هذه عوامل ضاغطة ترسخت في ذاكرتي لن أنساها أبداً ما حييت.

وقد انشغلنا في تلك الأيام بترتيب ما يتعلق بمكان دفن الجثامين للشهيد ورفاقه، واستكمال الترتيب للتشييع، والحفاظ على سرية الموضوع حتى يتم الإعلان عنه، وناقشنا مع رئيس الأركان وقائد المنطقة العسكرية الخامسة، وقائد الثورة كل تلك التفاصيل التي خرجت إلى العلن.

أما اللحظات الأخيرة التي جمعتني بالشهيد كانت عصر الاثنين في مقيل أنا والدكتور حسين مقبولي والأستاذ محمد السياني محافظ البنك آنذاك، وكان اللقاء حول استعدادنا لصرف نصف الراتب قبل رمضان، وكان يركِّز عليه بشكل كبير، وكنا نبحث حول الإمكانات لتنفيذ هذا التوجيه، ومن ثم أكملنا المقيل.

الثورة: جرت ترتيبات معينة عقب الاستشهاد، أولا للإعلان عن الحدث، ولاختيار البديل.. نتذكر وقتها اجتماع مجلس الدفاع الوطني، واجتماع للمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ.. كيف أديرت تلك اللحظات الحساسة والمصيرية؟ وكيف جرى الترتيب لاختيار البديل.. هل كان لكم ردة فعل معينة إزاء اختياركم خلفا للشهيد، سيادة الرئيس؟

الرئيس:

اللحظات أديرت بحكمة واقتدار من قبل قائد الثورة حفظه الله، من حيث إعطاء الإرشادات للإخراج الذي لمسه الناس في الأخير جميعاً، وكنا مساهمين بشكل كبير مع مجموعة من الرفاق في هذه الترتيبات، بعد ما تم التشاور مع السيد القائد.

وكانت فعلاً لحظات حساسة ومصيرية عشنا فيها الآلام، عشنا فيها استشراف المستقبل، اختصرنا فيها كل مسيرة النضال في الماضي والمستقبل، كنا نتصور كيف ستكون ردة فعل الجماهير، لمعرفتنا كيف كانت علاقتهم بالشهيد رحمة الله تغشاه.

أما ترتيبات اختيار البديل فقد تمَّت بشكل سلس، ولم تواجه أي صعوبة، لأن عمل المجلس السياسي الأعلى كان يُدار بشكل جماعي، وفي تلك اللحظات الحرجة طلبت أنا شخصياً من سكرتارية المجلس عقد لقاء، وقامت السكرتارية بعمل الإجراءات اللازمة لعقد اجتماع للمجلس السياسي الأعلى، ولم يكن الجميع لديهم علم بالخبر إلا بعد وصولهم، وبدأ السيد القائد حفظه الله يكلمهم وهو من أطلعهم على الموضوع.

أنا كنت في لحظات حساسة، فكيف تستطيع أن تكتم ألمك أو تخفي شعورك بالحزن وأنت مطلع على أمر جلل كهذا، فقدان أخ عزيز وعظيم مثل الرئيس الشهيد صالح علي الصماد، فقد حضر الجميع ذلك الاجتماع وهم طبيعيون، بينما كانت أعيننا تفيض بالدمع، وقلوبنا تكاد تنفطر، كان الألم جاثماً على نفوسنا جميعاً، ولما عُقد الاجتماع، وفي اللقاء مع السيد القائد حفظه الله أطلع الجميع على فاجعة الخبر، وكانت ردة الفعل مؤلمة جداً، لولا الحنكة والحكمة واللباقة التي يُعرف بها السيد حفظه الله.

كانت مسألة الصدمة كبيرة جداً جداً جداً، وصلت إلى مستوى أن البعض بدأ يصرخ بصوت عالٍ من شدة الألم، ومن ثم استطاع السيد حفظه الله أن يحتوي الموقف، ويهدئ النفوس، ومن ثم قال لنا جميعاً “أنتم مجلس سياسي ولديكم لائحة داخلية لاختيار البديل، الوضع حرج، وينبغي لكم أن تحسموا الموضوع قبل أن يعلن خبر استشهاد الرئيس الصماد رحمه الله، وتكونوا قد أجريتم الترتيبات اللازمة، بحيث لا توجد أي ثغرة يستغلها العدو، وأنا سأقطع اللقاء معكم (كان عبر دائرة تلفزيونية) وأترككم في اجتماع رسمي تختارون من تريدون بكل شفافية، وعرض على الشيخ صادق أمين أبوراس إذا لديه الرغبة أن يكون رئيساً للمجلس السياسي الأعلى فلا مانع لديه وسنكون له عوناً وداعماً، ما لم فاختاروا من تريدون، وقطع الاتصال”.

ومن ثم خرجت بعض الشخصيات التي حضرت ذلك اللقاء من غير أعضاء المجلس السياسي الأعلى كالشيخ يحيى الراعي والشيخ علي القيسي، وأبو أحمد الحوثي وآخرين، وبقينا أعضاء المجلس السياسي الأعلى في اجتماع استمر عشر دقائق تقريباً، ووقع الاختيار عليَّ تلقائياً، حينها كنت مليئاً بالألم والحسرات، كان المشهد مؤثراً وكان علينا التحلي بالشجاعة، بحيث لا يلحظ منا العدو أي انكسار، وبعد ذلك تواصل بنا السيد حفظه الله وأطلعناه على نتيجة الاجتماع، فقال: “أنا مُبارك لما توصلتم إليه”.

ثم قمنا بدعوة مجلس الدفاع وعقدنا الاجتماع ورأستُ الاجتماع في حينه، وأطلعناهم على مجريات اجتماعنا في المجلس السياسي الأعلى وأنه تم اختيار (مهدي المشاط)، وتم تكليف الأستاذ أحمد حامد والدكتور ياسر الحوري، واللواء جلال الرويشان لصياغة بيان النعي، وتم إعلانه بعد ساعة من الاجتماع.

وفي الحديث عن تلك اللحظات الهامة في تاريخ يمننا الحبيب لا بد أن نُشيد بالموقف العظيم والمسؤول والشجاع والوطني لأعضاء المجلس السياسي الأعلى، والشيخ يحيى الراعي والدكتور عبدالعزيز بن حبتور، والشيخ علي القيسي، واللواء جلال الرويشان، وكل الحاضرين دون استثناء الذين كانوا بحجم الوطن في تحمُّلهم للمسؤولية ومعنوياتهم العالية التي ناطحت السحاب وما أبدوه من إصرار على المضي في ذات النهج الذي سار عليه الشهيد الرئيس الصماد وقدَّم روحه في سبيله حتى تحقيق النصر لشعبنا العظيم والاستقلال التام لوطننا الحبيب.

الثورة: من الذي أدار لحظات حاسمة للبلاد كتلك التي مرت بها اليمن، واستطاع أن يُدير الأمور بحنكة واقتدار.. بدءاً بإخفاء خبر الاستشهاد ووصولاً إلى الإعلان بعد الترتيب وقلب الطاولة على تحالف العدوان؟

الرئيس :

كان الفضل والدور البارز والكبير في إدارة تلك اللحظات الصعبة والحاسمة في تاريخ اليمن للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بحكمته ونورانيته وارتباطه بالله، استطاع أن يدير كل تلك الترتيبات التي تمَّت، بدءاً من إخفاء خبر استشهاد الرئيس صالح الصماد رحمة الله تغشاه، أو الترتيب للبديل بالشكل الذي أُخرج به ذلك الخبر، والذي قلب الطاولة على دول العدوان.

وكان لقائد المنطقة الخامسة اللواء يوسف المداني بحكمته وحنكته ورباطة جأشه الدور الكبير في إخفاء الموضوع على الجميع، حتى بقية رفاق الشهيد الذين كانوا متابعين لموكب الشهيد.

الثورة: سيادة الرئيس قُلتم في أول خطاب لكم “بأن العدوان قد اختارها حرباً مفتوحة”.. وقتذاك قال الكثير من المتابعين للشأن اليمني بأن الطرف الذي اغتال الشهيد الصماد قد يبدو رابحاً مؤقتاً فقط، ولكنه خاسر على المدى البعيد..هل ارتكبوا خطأ في حساباتهم فعلا سيادة الرئيس؟ ومن الذي نفّذ قرار التصفية وباشر العمل؟

الرئيس:

بنظرة بسيطة للواقع في الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس الصماد، سواء واقع اليمن وما تحقق من إنجازات عظيمة على كل الصُّعد، واقع تحالف العدوان الذي تفكك بنسبة كبيرة وواقع دول العدوان ذاتها العسكري والأمني والسياسي، يمكن بكل سهولة أن نحكم على نتيجة جريمة الاغتيال وانعكاساتها السلبية على دول العدوان، ورغم أن فقداننا للصماد يُعدُّ خسارة، غير أن حضوره كأنموذج ومشروع ملهم وقدوة عوَّضَ جزءاً من تلك الخسارة، وبالتالي نقول وبكل ثقة إن دول العدوان لم تحقق أياً من أهدافها بإقدامها على اغتيال الرئيس الصماد، وأن العدوان لم يكن رابحاً على أي مستوى، بل ما حدث كان العكس تماماً.

الثورة: وُضِعْتُم على رأس قائمة مستهدفة وضعها العدوان الأمريكي السعودي.. هل حياتكم صارت معرضة للخطر.. وهل سبق وأن تعرضتم لاستهداف من نوع معين؟ هل أثر ذلك على أدائكم لمهامكم العملية؟

الرئيس:

كل الشعب اليمني مستهدف من قبل هذا العدوان وليس مهدي أو فلان، وما دماء مهدي المشاط إلَّا كدماء أي مواطن يمني، وكل حياة الشعب اليمني العظيم الصامد معرضة للخطر سواءً كانوا في الأسواق أو الطرقات أو المستشفيات أو غيرها، الجميع معرضون للخطر.

أما محاولات الاستهداف فقد تعرضنا لعدة محاولات لا أودُّ الحديث عنها، ولم تؤثِّر على أدائنا ومهامنا العملية، لأننا منطلقون من النهج الذي انطلق منه الشهيد الصماد رحمة الله تغشاه، ونرى دماءنا رخيصة في مقابل حمايتنا لشعبنا والسهر على أمنه واستقراره، والشهادة في سبيل الله هي أمنية لنا، بل هي ما نعشقه، وندعو أن نلقى الله شهداء، وهذا لا يخيفنا ولا يؤثِّر على أداء مهامنا أبداً.

المحور الثاني: الرؤية الوطنية لبناء الدولة

الثورة: بعد استشهاد الرئيس صالح الصماد، أعلنتم المضيّ في مشروع «يدٌ تحمي ويدٌ تبني»، وأعلنتم بداية العام الحالي إطلاق المرحلة الأولى من الرؤية الوطنية لبناء الدولة.. اليوم وبعد مضيّ عامين على استشهاد الرئيس الصماد، هل عوامل النجاح في التنفيذ متوافرة؟

الرئيس :

نعم، للرؤية الوطنية العديد من عوامل النجاح، ولعل أهمها وجود الإرادة السياسية لدى القيادة الداعمة للرؤية الوطنية وخططها المرحلية، والآن معظم مؤسسات الدولة منخرطة في تنفيذ ما تم التخطيط له، وبإذن الله تعالى بالمتابعة والتقييم ستكون هناك بوادر كبيرة للنجاح، وسيتم تقييم كل ذلك مع مرور ستة أشهر من البدء بالتنفيذ.

الثورة: هل الظروف تسمح بالقيام بكل ما تتطلّبه موجبات بناء الدولة؟

الرئيس:

بالتأكيد أن العدوان والحصار المفروض على اليمن يمثلان إشكالية أمام تنفيذ كل ما تطمح إليه الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة، وقد جاءت الرؤية عبارة عن ثلاث مراحل، الأولى تأسيس وبداية في البناء، ونقول إن الكثير من القضايا التي تتطلب التأسيس جاري العمل عليها، وبإذن الله تعالى نتيجة توفر الإرادة السياسية ستتوفر الظروف المناسبة والملائمة لكل أجهزة ومؤسسات الدولة لتمضي قدماً في ما تم التخطيط له من مبادرات وأنشطة للعام 2020م.

الثورة:  قلتم في أول خطاب لكم عقب توليكم زمام المبادرة بأن “يدٌ تحمي ويدٌ تبني”، هو برنامج ومشروع رئيسنا الشهيد، وهو نفسه البرنامج والمشروع الذي ستمضون عليه، ولاحقا دشنتم إطلاق الرؤية الوطنية لبناء الدولة.. إلى أي مدى يمكن أن يؤدي هذا المشروع إلى حلول لأزماتنا.. وهل يمثل برنامجاً مكتملاً للإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية؟

الرئيس:

لا شك أن الرؤية الوطنية هي تخطيط على المستوى الوطني والقومي، تمتد حتى 2030م، وبهذا المسار اليمن تضع قدمها بين مصاف الدول المتقدمة في إطار التخطيط المنهجي المبني على التحليل ودراسة الوضع الراهن ووضع الحلول وفق المعايير والأُسس الدولية المتعارف عليها، ونحن أيضاً نُسخِّر كل ذلك في إطار الممكن.

ولهذا نقول إن الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة هي استكمال لمشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد رحمه الله (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، وسندفع في اتجاه تكامل العمل الإداري مع السياسي والاقتصادي والزراعي، واذا تم تنفيذه كما خُطط له سيعتبر قفزة في أداء الدولة والحكومة بشكل عام في إطار التخطيط والتنفيذ، وبالنسبة إذا كان هناك فجوات في التخطيط فبالإمكان تلافيها في المرحلة الثانية والثالثة.

والرؤية تقدّم الكثير من الحلول للأزمات، حيث تركِّز في الأساس على تسهيل الإجراءات وخدمة المواطن وبناء القدرات والخدمات الأساسية، لأن الكثير من احتياجات المواطنين بسيطة والإشكالات تكون وراءها أشياء بسيطة، وإذا ما انخرط العمل وفق منهجية الرؤية لبناء القدرات، ووفق المستهدف في إطار الرؤية الوطنية ستكون هناك قفزة في مختلف المجالات، سواءً في إطار المجالات المتعلقة بالتنمية المجتمعية الاقتصاد أو المنظومة العدلية والضبطية وغيرها.

الثورة: ما الذي تحقق حتى الآن بعد عام من إطلاق الرؤية الوطنية لبناء الدولة؟

الرئيس :

بعد عام من تدشيننا للرؤية الوطنية في إبريل 2019م أستطيع القول إنه تم إنجاز خطة المرحلة الأولى وهي الصمود ومتطلبات الصمود، وإحراز بعض التحسن في الجوانب المتعددة الأخرى، وهذا يُعدُّ بحد ذاته إنجازاً في كل الظروف القائمة، والآن هناك نماذج وقوالب العمل التي تمَّ تعميمها على مختلف الجهات بالنسبة لتقارير الإنجاز وتقارير المتابعة، وكذلك آليات المتابعة التي تتم لما تمَّ التخطيط له في إطار الخطط التنفيذية التي قدمتها مختلف الجهات للرؤية الوطنية، وهي في المُجمل تهدف إلى إحداث تحوّل وطني في مختلف القضايا بإذن الله سيكون له تأسيس بصورة مناسبة، ونحن راضون عمَّا تم إنجازه خلال عام منذ تدشين الرؤية الوطنية.

الثورة: الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة بدأت كفكرة في عهد الرئيس الشهيد صالح الصماد.. ما الدوافع التي جعلت الشهيد يتبنى هذا المشروع من وجهة نظركم، وإلى أي مدى سار الشهيد بمشروعه؟

الرئيس:

هناك دوافع كثيرة كانت وراء إطلاق الرئيس الشهيد صالح الصماد لهذا المشروع، ولعلنا نستطيع أن نقول إن الرئيس الشهيد تولى قيادة الدولة، ووجد أن مؤسساتها مشلولة ومقيّدة، وواجه العديد من الإشكالات والعوائق في تسيير تلك المؤسسات، وملاحظته لأكثر من عام ونصف خلال ترؤسه المجلس السياسي الأعلى للفجوات في مؤسسات الدولة والأخطاء التي ترتكب والفراغات التي يعانيها العمل المؤسسي، وهو بنفسه كان يعمل في خطوة متقدمة في إطار تقديم الدولة وأداء رجال الدولة والتزامهم وانضباطهم، وكان يريد أن يكون أداء كل مؤسسات الدولة على النحو الذي يلزم، لكي تكون دولة في خدمة الشعب وليس شعب في خدمة الدولة، ولهذا انطلق في هذا المشروع الكبير ووضع لبنته الأولى، والآن الحمد لله خرج إلى النور والجميع يعمل في إطاره.

الثورة: المضي قدماً بمشروع الرؤية وتجسيدها على أرض الواقع كانت ضمن أولوياتكم بعد تحمل المسؤولية خلفاً للشهيد، كيف تنظرون إلى حجم هذه المسؤولية، وما تقييمكم لما تم إنجازه في هذا المشروع الوطني الهام؟

الرئيس:

تقييمنا لما أنجز من مشروع (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، أن اليد التي تحمي حققت تقدماً كبيراً في مختلف المجالات العسكرية، ولعلكم تلاحظون أن اليد التي تحمي تقدمت بشكل كبير، ولعل العالم بأسره شاهد ورأى هذا التطور في أداء الجيش واللجان الشعبية برياً وجوياً وبحرياً، ومن يتابع يدرك أن أداء القوة الصاروخية والطائرات المسيّرة يؤكد هذا التطور، وبالنسبة لـ”يد تبني” فهذه قضايا ممثلة في محاور الرؤية، وما يتم تنفيذه في إطارها في الجانب المؤسسي والجانب الخدمي، وهو يمضي بشكل كبير بصورة مناسبة ونتمنى أن يواصل الجميع العمل بروح المجاهدين من أبناء الجيش واللجان الشعبية في كل مؤسسات الدولة، ولا شك أن النجاح سيكون حليف الجميع.

الثورة: ما مدى توقعاتكم لتحقق أهداف الرؤية في ظل الواقع والوضع السياسي الذي يمر به اليمن؟

الرئيس:

نحن ننطلق من اعتبار أن الصعوبات التي نواجهها جراء العدوان والحصار ستكون حافزاً وفرصة نستغلها للترتيب بصورة جيدة لوضع مؤسسات الدولة، وتوحيد المفاهيم حول التخطيط والإدارة، لتكون الرؤية الوطنية نبراساً للجميع وحاضنة لكل أعمال مؤسسات الدولة، وتقييمنا أنها رغم الوضع السياسي القائم إلا أنها أوجدت حراكاً كبيراً في مختلف المحاور، بما في ذلك محور المصالحة والحل السياسي، والعمل عليها يؤكد أن لدينا مشروعاً وطنياً جامعاً يقرّب الحلول السياسية أكثر من أي شيء، إضافة إلى أن الرؤية الوطنية انطلقت من مخرجات الحوار الوطني الشامل المتفق عليها، وبالتالي فهي تؤسس لمرحلة سياسية مهمة وأيضاً تبعث للعالم رسالة أننا نملك مشروعاً وقد تحوّل إلى حقيقة وإلى تخطيط، وهذا التخطيط يُنفَّذ بالممكن، ولدينا العديد من الأنشطة والمبادرات، وإذا ما تكاتفت الجهود وتضافرت سيتم تحقيق جزء كبير مما تم التخطيط له، وما تبقى يرحَّل للمرحلة الثانية، وأعتقد أنه ستكون هناك نجاحات ملموسة الأثر في كل مرحلة من مراحل التنفيذ بإذن الله تعالى.

الثورة: هل ترون أن الرؤية تحمل عوامل نجاحها من حيث أنها جامعة وضامنة للحقوق وتعبر عن الجميع لا عن مكون سياسي أو فئة؟

الرئيس:

الرؤية الوطنية هي مشروع وطني جامع بما تضمنته من غايات وأهداف وأنشطة، وهي تحمل عوامل نجاحها، وإذا فشل القائمون على مؤسسات الدولة عن تنفيذها فسيأتي من يحمل هذه الرؤية الوطنية على عاتقه ليمضي نحو النجاح في إطار مؤسسات الدولة، وهي ليست بالإعجاز ولكنها شخّصت الإشكالات والإخفاقات وجاءت بالمعالجات اللازمة، ولذلك جاءت الأهداف الاستراتيجية واضحة وضوحاً شديداً، وبناءً عليها تمت عملية التخطيط ومراجعة الخطط بحيث تتواءم كلها لتحقق الأهداف التي انطلقت منها الرؤية وتصنع تغييراً في مؤشرات الوضع العام ككل في جميع المجالات التي تضمنتها الرؤية، وبإذن الله تعالى سيكون لنا اختراق في هذا الجانب، لأن الأعمال التي تبذل كثيرة وقد لا نستطيع أن نعطيها حقها، ولكن إذا تمت أول عملية تقييم قريباً ستكون هناك أرقام ومؤشرات تحدد ماذا أُنجز، وما هي القضايا التي شهدت تأخراً أو تراجعاً.

الثورة: ما هو دور المكونات السياسية الأخرى في إعداد الرؤية وفي تنفيذها؟ وما دور المكونات السياسية وفي المقدمة أنصار الله في الالتزام بالرؤية والعمل على تحقيقها؟

الرئيس:

للمكونات السياسية دور مهم جداً في الرؤية الوطنية، وكل من اطلع عليها سيجد أن فيها نفس الدولة، والإرادة الحقيقية لبناء الدولة والتي تتبناها القيادة، وللأحزاب السياسية والمجتمع المدني دائماً أدوار مهمة منوطة بها في إطار مراقبة الخطط ومتابعتها وتمارس جزءاً من الرقابة المجتمعية، وتمارس دورها عبر البرلمان، وقد كان للأحزاب والمكونات السياسية وكل فئات الشعب دور كبير في الرؤية الوطنية، وساهمت برؤاها وأفكارها على المسودة الأولية، وقمنا بتضمينها في تعديل مسودة الرؤية الوطنية حتى أصبحت في شكلها النهائي، وأيضاً لها دور في مراقبة تنفيذ الخطط والضغط على مؤسسات الدولة لإنجاز ما التزمت به أمام الشعب من خلال الرؤية أو من خلال الخطط المرحلية.

الثورة: هل هي قابلة للتعديل أو التطوير، وما هي آليات ذلك؟

الرئيس:

الرؤية الوطنية وخططها المرحلية ليست جامدة ولا يصح أن تظل جامدة، بل هي مرنة وقابلة للتطوير وللتحديث، ولكن تزمين هذا التطوير والتحديث يجب أن يكون في وقته المناسب بعد أن نكون قد عملنا في ترجمة أهداف الرؤية إلى خطط تنفيذية يتم تنفيذها ميدانياً، حينئذ مع منتصف المرحلة الثانية أو نهايتها يكون هناك مجال واسع لمراجعة المحاور المتعلقة بالبناء الاجتماعي أو بالمنظومة العدلية، أو الحل السياسي أو بالتعليم أو بالصحة، وكل ذلك يعتمد على المؤشرات والنتائج التي سيصل القائمون على الأطر المختلفة للرؤية إلى تقييمها، وكذلك  بمشاركة مختلف فئات الشعب وجمع ملاحظاتهم يمكن الخوض في تحسين ما يمكن تحسينه، وبحسب المتغيرات.

وبالتالي لا يوجد في العالم خطط جامدة أو رؤى جامدة، لأنها لن تواكب المتغيرات، وهذا أمر أساسي في منهجية التخطيط للرؤية الوطنية، ومن مميزاتها أنها وضعت الكثير من الأفكار في الأهداف الاستراتيجية كأهداف شاملة يمكن التخطيط في إطارها ووضع الكثير من المبادرات والأنشطة المختلفة.

الثورة: شهدنا خلال الفترة الماضية عدة تغييرات في إطار الحكومة.. يقال أن هذه التغييرات تحمل أبعاداً سياسية ناتجة عن تباينات سياسية بين مكونات معينة..هل هذا صحيح سيادة الرئيس؟

الرئيس:

كل التعيينات تأتي في إطار تطوير الأداء إلى الأفضل، ولم تحمل أي أبعاد سياسية، فالانسجام داخل المكونات السياسية منقطع النظير، وكل ما يقال إشاعات غير صحيحة.

 هناك انسجام تام داخل المكونات السياسية، والتغييرات التي تحصل تأتي في إطار التدوير، لأن البعض قد يكون ناجحاً في مجال معين ولكن لا ينجح في عمل آخر، ومن هذا المنطلق نعمل التدوير بحيث نجعل الرجل المناسب في المكان المناسب.

وبالتالي فإن التعيينات لا تأتي في إطار استهداف لا لشخص ولا لمكون ولا لحزب، وهي في إطار التدوير من أجل أن يكون الأداء أفضل، ولم تستهدف أي أحد إلى الآن كاستهداف شخصي أبداً.

الثورة: تؤكدون دائماً انحيازكم المطلق إلى المواطن، وقلتم هذا الكلام في أكثر من خطاب.. السيد الرئيس إذا كنا نرى استجابة فعلية من الحكومة لتوجيهاتكم المستمرة لوزرائها بالتعامل بشفافية مع المواطن فإن البعض يسأل عن الأثر في الواقع، ويقول بأن هناك استهتاراً وارتجالاً في عمل مؤسساتنا الحكومية مع غياب أي تخطيط أو بديل لكثير من المشاكل.. ويُحمِّلون الحكومة بشكل مباشر مسؤولية التعثر في كثير من الخدمات؟

الرئيس:

الوضع ليس كما يتصور الكثير، هناك عصامية كبيرة من قبل رجالات الدولة، ولكن الظروف صعبة فوق ما يتصوره الكثير من الناس، فمثلاً نحاول عمل جرعات معنوية للشعب بأن الأمور إلى الأفضل والأمور مستقرة، وهناك صعوبة كبيرة جداً يمر بها البلد نتيجة العدوان والحصار.

ومن يتعامل وكأن الوضع مستقر فهذا نتيجة لسطحية الفهم للواقع، فالوضع الذي تمر به بلادنا استثنائي، وهناك جهود جبارة تبذل، وأي ترهل او استهتار غير مقبول من أي مسؤول كائناً من كان، فحياة المواطن لدينا هي بالشكل الذي نحرص عليها أكثر من حياتنا وأكثر من حياة أقاربنا، فأي مواطن هو أخي، ولا نفرق بين مواطن ومواطن آخر، ولا نقبل من أي مسؤول أن يستهدف أي مواطن.

ولهذا نستطيع أن نقول أن هناك جهوداً كبيرة يبذلها الكثير من المسؤولين، وهناك بعض الروتين المعروف والذي اعتاد عليه كثير من رجال الدولة ويشكّل لنا صعوبة، لأن بعض المسؤولين يفكر بذهنية أن الدولة في وضع مستقر، وهذا غير صحيح، والبعض وصل إلى حالة الإحباط في ظل الخلفية التي يعرف كيف كانت تدار الدولة سابقاً وهي في الوضع المستقر، وبالتالي فإننا نحتاج إلى تكثيف الجهد معه لإيصاله إلى قناعة بأن العمل سينجح بالإمكانات المتاحة والبسيطة، ومع الاستمرارية والإصرار أثبت الواقع للكثير من مسؤولي الدولة أننا يمكن أن نعمل شيئاً ونقدّم للمواطن خدمات، وذلك ببذل أقصى جهد لما يمكن أن نقدمه رغم صعوبة الوضع.

ولا يعني هذا أن الكل لا توجد عليه ملاحظات، توجد ملاحظات لكنها لا تصل إلى مستوى الاستهتار، قد تصل إلى مستوى عدم الاستيعاب، أو عدم فهم المرحلة، ونحن نواصل ونواكب ونبدأ ترتيب البيت اليمني على المستوى الرسمي وعلى كل المستويات، والأمور أرى أنها إلى خير، بين كل فترة وأخرى الأمور تتحسن إلى الأفضل.

ومن يقول ‘ن عمل المؤسسات الحكومية هو ارتجال ولا يوجد تخطيط فهذا الكلام غير صحيح، نحن تقدمنا برؤية وطنية، وشرف لنا أن الشهيد الرئيس الصماد رحمة الله تغشاه كان له الباع الأكبر في تحديد مسار جهود كل مؤسسات الدولة في وعاء واحد، وقد عملنا عليها ليل نهار قرابة السنة، حتى خرجت إلى النور، ولم يحصل أن توصلت أي حكومة من الحكومات المتعاقبة على شعبنا اليمني في أي مرحلة من المراحل (رغم استثنائية مرحلتنا) إلى رؤية مثل هذه الرؤية، وهناك تخطيط استراتيجي، وهناك خطط تفصيلية، وكلما مر الوقت كلما بدأ مفعولها وأثرها، صحيح أنها تتأخر، ولم تكن النتيجة بشكل سريع أو بالشكل الذي نطمح إليه، وهذا بسبب الوضع الاستثنائي الذي نمر به.

الثورة: أيضاً سيادة الرئيس في موضوع مكافحة الفساد، تم الحديث عن حملة لمواجهة الفساد لكن البعض يرى أن الإجراءات المفترض اتخاذها حول المسؤولين ممن تدور حولهم شبهات الفساد لم تحدث.. هل هذا صحيح سيادة الرئيس؟

الرئيس:

المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي وما يطرحه بعض الإعلاميين أو السياسيين فإنه يخلص إلى أن الكثير ينقصهم الإلمام والاطلاع في كيفية بناء الدولة، وكيفية القوانين القائمة، ما هي المشكلة الموجودة وكيف يكون حلها، بمعنى أنه يتابع “القشور”، ومن ثم يعمل إجراء ويبني رأيه ويصدر قراره نتيجة لتلك “القشور” بدون وجود أي خلفية قانونية أو معرفة لماهية السبب الحقيقي لهذه المشكلة.

فأن يتم اختزال (مكافحة الفساد) في اتخاذ إجراءات حول مشبوهين أنا أعتبرها أبسط حالات مكافحة الفساد، لكنك لو وقفت أمام بنية قانونية عليها الكثير من الملاحظات، منها ما يتعلق بأننا في وضع استثنائي والقوانين شرعت لوضع مستقر، وهنا تحتاج إلى تعديل أو إلى قوانين جديدة، وإذا أردت أن تؤقلم بنية البلد القانونية مع الوضع الاستثنائي فهذا ليس ببسيط في ظل الإمكانيات المتاحة.

كذلك في ما يتعلق بموضوع بناء الفرد الكادر الموظف، هذا يحتاج إلى وقت أيضاً، فعندما توجه العدو لحربنا، قبل الحرب العسكرية كانت هناك حرب ثقافية وحرب المفاهيم، وحرب استهداف رجال الدولة في ما يتعلق بالمواجهة الاستراتيجية التي هي مرحلة التثقيف والتنوير لتعيد من خلالها صياغة رجل الدولة ليفهم أنه خادم للناس، خادم للشعب، من منطلق عمله هو في موقع الخدمة لهذا الشعب، وليس المسؤول المتسلّط عليه، هذا يحتاج إلى وقت.

نحن لم نأتِ كحكام عسكريين، أمامنا فلان أخطأ بسرعة أتخذ إجراء، لا، نحن ندرس المشكلة ونكون منصفين، فمنها ما يتعلق بإمكانات الوضع، ومنها ما يتعلق برؤية القائم كيف يعدّل رؤيته، والمرحلة أسميتها بمرحلة الإنذار لكل المؤسسات، والإنذار يكون تكثيف الجهد في تفهيم مسؤول الدولة كيف يجب أن يؤدي عمله بالشكل الممكن في ظل الوضع الاستثنائي، ولما نستكمل كل مؤسسات الدولة ونعمل من خلال الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد في تخصيص برامج مع كل المؤسسات التي يمكن أن يحصل فيها اختلالات ماهي بسيطة.

ومن الأشياء التي أستغرب منها ولاحظتها في الفترة الأخيرة عندما بدأنا حملة مكافحة الابتزاز والرشوة، أن الكثير فهم بأن الإيرادات كما لو كان الوضع مستقر، والنفط وإيرادات الغاز موجود، وهذا غير صحيح، فالإمكانات محدودة، ولكن من حرصنا على المواطن نرى أن أي مسؤول يبتزه حتى بألف ريال ينبغي أن يُحاسب، وهذا عار في جبيننا أن يحصل هذا في عهدنا بعد كل هذه التضحيات التي تقدم بها شعبنا.

ولهذا نرى أن الكثير من المتابعين لا يعرف حجم المشكلة، حتى أن البعض يقول هناك تغيّر في التوجه وتماشٍ مع الفاسدين، وأقول لهم: هذا غير صحيح، وهذا ليس منسجماً مع قيمنا ومع تاريخنا ومع أخلاقنا ومع تضحيات شعبنا، ولن نقبل بأن يترسخ هذا، لأن تضحيات الشعب تقضي علينا بأن نكون حراساً أمناء على هذا الشعب، أن نبذل كل وقتنا في حراسة وحماية المواطن، وأن نبذل كل جهدنا وإمكانياتنا لتخفيف ولو الحد الأقصى من معاناته، وهذا هو منهجنا لن نتخلى ولن نتخلف عنه، ولن يؤثر فينا منصب ولا أموال، وسنستمر على هذا النهج إلى أن نلقى الله.

المحور الثالث: الحرب والمفاوضات والسلام وشروطه وما يعيق طريق التسويات السياسية

الثورة:  مع مضيّ خمس سنوات من العدوان على اليمن, وعلى ضوء المعطيات القائمة سياسياً وعسكرياً إضافة إلى الوضع الإقليمي والدولي، هل نحن أمام مسار للسلام أم مع فصل جديد من فصول المواجهة؟

الرئيس:

مبدئياً نؤكد أن السلام هو الخيار الأمثل للجميع ولمصلحة كل الشعوب، وأن استمرار الحرب لم يعد حتى في مصلحة دول العدوان ذاتها، فقد بات العالم يعي ويدرك أنها تورطت وغرقت في مستنقع اليمن، وبالتالي كان على دول العدوان أن تعيد قراءة الأحداث على مدى السنوات الخمس ومسار المواجهة لتعي أنه يستحيل عليها تحقيق أهدافها، لأن الشعب اليمني قدّم التضحيات الكبيرة، وقد أثبت أنه قادر على المضي نحو تحقيق الاستقلال وصون سيادة بلده ووطنه، والطبيعي أن تدرك دول العدوان ذلك وتنخرط بجدية في طريق السلام، بالتعاون المشترك سنتمكن جميعنا من تحقيقه، ونحن من جانبنا قد قدمنا العديد من المبادرات التي تؤكد رغبة كل اليمنيين الشرفاء في السلام، والأمل أن يغتنم العقلاء في الجانب الآخر هذه المبادرات، وهذه الرغبة لدينا لطي صفحة الحرب، وفتح صفحة جديدة تبدأ بالوقف الكلي والنهائي للحرب بكل أشكالها الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، ومعالجة كل آثار الحرب واستئناف علاقات طبيعية تقوم على أساس حسن الجوار، والاحترام المتبادل ومبدأ عدم التدخل، والمصالح المشتركة.

الثورة: بخصوص مبادرة السلام التي أعلنتموها عشية العيد الخامس لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، عدا عن التصريحات السعودية التي نشرتها وسائل الإعلام، هل ما زالت المبادرة قائمة فعليا؟ وهل ما زالت أساساً للمفاوضات مع الجانب السعودي؟

الرئيس:

المبادرة ماتزال قائمة طالما لم نعلن انتهاءها، والمبادرة كانت واضحة من حيث أنها احتفظت بحق الجيش واللجان الشعبية بالرد على أي انتهاكات للعدوان واستمرار الغارات.

الثورة: تداولت بعض وسائل الإعلام تسريبات عن لقاءات مع السعوديين، هل هذا الكلام صحيح؟ وعلى أي مستوى؟ وماذا نتج عن هذه اللقاءات إن حصلت فعلاً؟

الرئيس:

نعم هناك بعض التواصلات وهناك تبادل للرؤى بدأت بعد إعلاننا المبادرة، وهي تواصلات تتسم بالقوة والضعف، وبالمدِّ والجزر، حسب طبيعة الأحداث والتطورات، ونحن لا نغلق أي باب قد يفضي إلى السلام مع تمسكنا الدائم بضرورة وقف العدوان ورفع الحصار واستجابتنا دائماً هي للمساعدة على تحقيق ذلك، ومتى ما كان هناك أي نتائج إيجابية وجذرية لتلك التواصلات فإن ذلك سيكون ملموسا على مستوى الواقع.

الثورة: سربت وسائل إعلام عن تواصل بينكم وبين خالد بن سلمان.. صحيح فخامة الرئيس؟ وماذا نتج عن هذه التواصلات إن حصلت؟

الرئيس :

في ما يتعلق بالتواصل نحن لدينا تواصلات كثيرة ومستمرة مع دول العدوان والعديد من الجهات الدولية، صحيح أنها تكثف في حين وتنكمش في حين آخر، فالتواصل مستمر مع الكثير من الجهات الدولية، في أوضاع معينة تكون التواصلات مكثفة، وفي أوضاع أخرى تنخفض، ولكن التواصل في إطار الكلام ولم ينزل إلى الواقع أعتقد أنه لا يكون إيجابياً، إذا لم تتبع الأقوالَ الأفعالُ فلن يكون ذلك إيجابياً.

الثورة: هل أنتم مستعدون الآن للجلوس مع سلمان أو ولي العهد السعودي لمناقشة إنهاء الحرب، بعد المبادرة التي أطلقتموها ليلة الحادي والعشرين من سبتمبر؟

الرئيس:

سبق الجواب على هذا السؤال.

الثورة: لم تقدّموا أية تنازلات تحت أي ضغط خارجي؟ أو وساطات أو أي من الضغوط؟

الرئيس:

خلال مراحل العدوان قدمنا العديد من المبادرات في سبيل تحقيق السلام، وأيضاً خلال المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة قدمنا الكثير من التنازلات، وكل ذلك بهدف تحقيق السلام العادل والشامل والمستدام، وبالمستوى المشرف الذي ينشده ويستحقه أبناء الشعب اليمني، أما التنازلات بمعنى المساس بسيادة واستقلال البلد فهذا ما لا يمكن تقديمه على الإطلاق، لأنه سيكون تفريطاً وليس تنازلاً إيجابياً.

الثورة: نبقى في المبادرة بحد ذاتها سيادة الرئيس. قال البعض إن مجرد المبادرة ووقف إطلاق الصواريخ والعمليات العسكرية فيه تنازل، ورأى أن المبادرة عبارة عن طوق نجاة للطرف الآخر، كما أن البعض استنكر هذه المبادرة أو منح هذا العدوان السعودي فرصة لالتقاط الأنفاس كونه يواجه أخطاراً داهمة منها انخفاض سعر النفط والمشاكل الداخلية، وحاليا وباء كورونا ولا يحمل نوايا جادة في السلام. ما تعليقكم؟

الرئيس:

المبادرة كانت تعبيراً آخر عن رغبتنا في السلام، على الرغم من أننا في وضع الدفاع عن النفس ضد عدوان غاشم، أما أن يتم اعتبارها تنازلا فهذا غير صحيح لأنها لم تكن مبادرة من دون مقابل، فالمبادرة كما تعرف كانت مشروطة بوقف الغارات على نحو شامل، ونصت على الاحتفاظ بحق الرد إزاء أي انتهاكات من قبل العدوان لهذا المضمون.

ولذلك هي أتاحت للجيش واللجان الشعبية ممارسة الحق الطبيعي في الرد، ومثلما تسمعون عن غارات جوية لتحالف العدوان، فأنتم تسمعون في المقابل أيضاً بعمليات صاروخية وجوية من قبلنا.

الثورة: أعلنتم في خطاب سابق أن المبادرة ليست شيكاً على بياض، وأنها ستنتهي عمليا إذا لم يبادل الطرف الآخر التحية بمثلها.. متى يمكن القول بأن المبادرة لم تعد قائمة؟

الرئيس:

المبادرة لا تقيّد عمليات الجيش واللجان الشعبية، سواء القوة الصاروخية أو سلاح الجو المسير طالما أن العدوان ينتهكها، فالمبادرة كما أسلفنا تمنحنا حق الرد على الانتهاكات وحجم الرد يتناسب مع حجم الانتهاكات، والمبادرة قائمة طالما لم نعلن انتهاءها.

الثورة: يرفض الطرف الآخر تحييد الاقتصاد رغم المبادرات المتكررة من جانبكم، كيف تقيّمون دور الأمم المتحدة في هذا الإطار؟ وأيضاً ما هي الخيارات والبدائل لديكم في حال استمر الوضع أكثر؟

الرئيس:

لقد دعونا مراراً وتكراراً لتحييد الاقتصاد الوطني منذ بداية العدوان على بلادنا، ولكن دول العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية عمدت إلى استخدام الاقتصاد كأداة حرب محاولة منها لإركاع أبناء الشعب اليمني من خلال تجويعه وحصاره وخنقه، وقد كان موقف الأمم المتحدة تجاه هذه الحرب الاقتصادية وتدمير الاقتصاد الوطني سلبياً جداً، حيث كانت الغطاء لكل الخطوات التي قامت بها دول العدوان وعلى رأسها أمريكا ابتداءً من نقل البنك إلى عدن، وطباعة العملة بأرقام مهولة لتدمير الريال، ونهب ثروات الشعب النفطية والغازية وغيرها، ولكن مؤامراتهم ستبوء بالفشل أمام يقظة أبناء الشعب اليمني وتحركه المسؤول.

ولقد دشّنا بداية عامنا الجاري البرامج الوطنية التنفيذية للتعافي الاقتصادي والتي تهدف بالانتقال بالعمل الاقتصادي إلى طور متقدم من خلال بناء جسور التعاون بين مؤسسات الدولة مع الهيئات الشعبية والرسمية وتوفير المناخ الذي يساعد على قيام بيئة جديدة في الفعل والأداء الاقتصادي.

ومثلما استطاع شعبنا العزيز أن يصل إلى صناعة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والطائرات المسيّرة ذات المسافات البعيدة، فهو قادر بتوفيق الله وعونه على ابتكار بدائل اقتصادية تساعد في الحد من آثار الحرب الاقتصادية الكبيرة التي يباشرها العدوان الأمريكي السعودي بحق شعبنا اليمني العزيز، وأودُّ التنبيه إلى أن الحصار ومع كونه عملاً إجرامياً وجريمة حرب ضد الإنسانية إلا أنه عبر التاريخ كان حافزاً للكثير من البلدان للاعتماد على نفسها، ولذلك نحن ككل تلك البلدان نواصل العمل ليل ونهار لتحويل هذا التحدي الكبير إلى فرصة ستكون لها آثارها الإيجابية بإذن الله.

الثورة: قدمتم الرؤية الوطنية للحل السياسي وقد تضمنت جملة من الترتيبات السياسية والأمنية؟ هل ثمة توافقات أولية بشأنها، وهل تلغي مبادرة الحادي والعشرين من سبتمبر عملياً؟ وهل هي خاضعة للنقاش ومن الممكن أن تكون هناك تنازلات بشأنها؟

الرئيس:

في ما يتعلق بموضوع الوثيقة الشاملة للحل السياسي التي تقدمنا بها للمبعوث الأممي، من منظورنا أن الوثيقة منصفة لأنها ركزت على كل ملفات الحرب، والكلام القائم هو بين حل شامل، وبين وقف إطلاق نار مؤقت، وهذا الذي تتقدم به دول العدوان، ونحن مقتنعون أن الأفكار التي تقدمنا بها في إطار حصر وحشد ملفات الحرب، لأن الحرب ليست عسكرية فقط ولكنها ملفات متعددة منها الاقتصادي والسياسي، ووقف إطلاق النار ليس إلا جزءاً من وقف الحرب بشكل كامل، وأعتقد أنه لا تناقض بينها وبين مبادرة الواحد والعشرين من سبتمبر، عملياً ولا نظرياً، فمبادرة الحادي والعشرين من سبتمبر لها جانب آخر، وهذه الوثيقة تعتبر الحل الشامل لملف القضية وإنهاء الحرب، سواءً مع السعودية أو مع دول العدوان بشكل عام أو مع مرتزقتهم بالداخل.

وفي ما يتعلق بالتنازلات، فهي تتعلق بموضوع قناعتنا في أن هذه الملفات ملفات الحرب وإذا تم النقاش بجدية وواقعية حولها وممكن تتوقف الحرب على شعبنا، أعتقد أن الفكرة لا تخضع لموضوع تشدد أو تنازل، ولو ناقشنا موضوع “التنازلات” في إطار رؤية أو وثيقة، أو في إطار حصر مفاهيم ملفات حرب، فستلاحظ أن التنازلات تخضع لأمور تفصيلية أو تنفيذية، أما القضايا الاستراتيجية فربما أن الأطراف الأخرى مقتنعة من حيث المبدأ بأن ما تقدمنا به والملفات التي حشدناها في “وثيقة الحل الشامل” منطقية ولكن فيها تكتيكاً معيناً يحاول أن يدفع باتجاهه، ولا يمكن أن تعترف أن تكتيكها سلبي أو إيجابي، وبالتالي فالتنازلات لا يمكن أن تكون في إطار مبادئ أو استراتيجيات، وإنما تكون التنازلات في أمور تفصيلية تنفيذية.

الثورة: ما الذي يعيق الانتقال إلى مفاوضات الحل السياسي الشامل؟ وكيف هو الموقف الأممي، هل ما تقوله الأمم المتحدة بشأن خفض التصعيد هو القائم وهو ما يدور في الغرف المغلقة أيضاً، أم أن ثمة مساراً موازياً للمسار المعلن انبثق عن مبادرة السلام التي أعلنتموها؟

الرئيس:

إن من يعيق الوصول إلى مفاوضات تفضي إلى الحل السياسي الشامل هي دول العدوان وعلى رأسها أمريكا، فالحل السياسي كان متاحاً منذ مفاوضات موفنبيك، وكنا على وشك الوصول إلى حل سياسي شامل ومرضٍ لجميع الأطراف والمكونات السياسية اليمنية، إلا أن العدوان أعاق الوصول لهذا الحل، وقد اعترف بن عمر المبعوث الخاص للأمين العام آنذاك بذلك، وأعتقد أن الطرف الآخر لم يصل بعد إلى قناعة راسخة وواضحة بالدخول بوقف الحرب والدخول في حل سياسي شامل، ولذلك ما زلنا نلمس الكثير من المراوغة والمماطلة والكثير من الغموض وعدم الوضوح لدى تحالف العدوان، وأتوقع عندما تتوفر الرغبة والإرادة لديهم بالمستوى المتوفر لدينا فإن عملية السلام ستكون ممكنة ولن تكون صعبة أبداً.

أما الموقف الأممي فقد كان خلال المرحلة الماضية (ولد الشيخ) متواطئاً مع العدوان بشكل واضح في مواقفه وأهدافه، ولكن منذ تعيين المبعوث الجديد (غريفيث) نحن نحسن الظن فيه ونلاحظ فيه الإصرار للوصول إلى حل شامل، ولكنه عندما يرى رفض دول العدوان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لفكرة الحل الشامل، ينخفض الهدف لديه إلى مشاورات جزئية، وهذا بسبب تأثير دول العدوان وأمريكا على قرار الأمم المتحدة كما يعرف الجميع.

الثورة: إذا آلت كل المحاولات إلى الفشل، إلى أين نحن ذاهبون؟ وما المقصود بالخيارات الأكثر قوة وإيلاماً التي تتوعدون بها؟

الرئيس:

اذا رفضت دول العدوان دعوات السلام وأصرت على الاستمرار في عدوانها، فلن يكون أمام الشعب اليمني العظيم إلا مواصلة التوكل على الله والاستعانة به والتحرك الفعال للدفاع ومواجهة العدوان، وبعد ذلك يفعل الله ما يشاء.

المحور الرابع العلاقات السياسية والإصلاح السياسي

الثورة: بخصوص الإصلاح السياسي والمصالحة الوطنية والعفو العام هل لديكم برنامج عملي بهذا الخصوص؟

الرئيس:

بالنسبة للإصلاح السياسي نحن نعمل على ذلك، رغم أن مواجهة العدوان تستأثر بمعظم الجهود لكننا لم نغفل ذلك، وقد خصصت الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة والتي تم تدشين العمل بها جزءا يتعلق بهذا الجانب وهو الإصلاح السياسي.

أما ما يتعلق بالمصالحة الوطنية فنحن نعتقد أنها في حال تحققت ستختصر الطريق الشاق وتقرب اليمنيين من السلام المنشود، وقد أكدنا على تركيزنا على السلام سواء عبر التفاوض أو عبر المصالحات المحلية والوطنية، وأنشأنا اللجنة الوطنية للمصالحة كجهة مختصة للقيام بهذا الغرض، وقد بدأت اللجنة عملها بالتواصل مع الشخصيات القيادية المنضوية تحت مظلة العدوان وبدأت اللجنة عملها، وهناك آثار إيجابية لهذا العمل.

كما أن قرار العفو العام حقق الكثير من النجاحات وأثبتت الأيام صوابيته، فقد أسهم في عودة الآلاف من المغرر بهم والمخدوعين إلى حضن الوطن وإلقاء السلاح والعدول عن موقفهم المؤيد للعدوان، وهناك جهة متخصصة في وزارة الدفاع تتولى تطبيق القرار بالتعاون والتنسيق مع المشائخ والأعيان.

الثورة: رؤيتكم بخصوص ملف القضية الجنوبية، والوحدة والجمهورية.. يردد البعض بإسهاب أنكم ضد فكرة الجمهورية؟

الرئيس:

كان لمنظومة الحكم التي تولت إدارة اليمن في الفترة الماضية العديد من الإشكاليات الكبيرة كقضية صعدة، والقضية الجنوبية واللتين كانتا ضمن القضايا التسع التي ناقشها مؤتمر الحوار الوطني، وكنا بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 نطالب بالتحرك لحل المشكلة الجنوبية حلاً عادلاً، وأعلنا استعدادنا بالوقوف مع إخوتنا في الجنوب بكل إمكاناتنا لحل مشكلتهم ومعاناتهم ومظلوميتهم، لكن المتآمرين عليهم وعلينا كثر، وقد نصحناهم بصدق بأن لا يثقوا بالخارج، لأنه سيتعاطى مع هذه المشكلة تعاطياً تآمرياً، ويستغل هذه المشكلة وغيرها في البلد استغلالاً قذراً لتحقيق مطامعه.

اليوم وبعد خمس سنوات من العدوان الأمريكي السعودي على شعبنا اليمني العزيز أصبح الكثير من المحافظات الجنوبية تحت الاحتلال الأجنبي المباشر، ونرى أنها مسؤولية على كافة أبناء الشعب اليمني التحرك لنيل الاستقلال وامتلاك القرار، باعتبارهما شرط النهوض الأساسي بالبلد وبمصالح الشعب، ومن ثم نبدأ جميعاً مع إخوتنا الجنوبيين بمناقشة كل مشاكلنا الداخلية وصولاً إلى إيجاد الحلول والمعالجات المناسبة.

أما الوحدة فهي كمفهوم تشير إلى معانٍ راقية وسامية تتصل بالإخاء والتعاون والتكامل والقوة والنهضة والمكانة، وما نشهده اليوم في واقعنا إنما هو نتاج لتغييب الصانع الحقيقي للوحدة وهو الشعب، وتنصيب وتحكيم الأشخاص والأحزاب بدلاً عن الشعب، ولعل الوحدة كمنجز تشير إلى حالة من حالات الانحياز للشعب والإصغاء لإرادته.

اليوم عندما نتحدث عن الوحدة يجب أن نستحضر في أذهاننا أن موضوع وحدة الشعب اليمني هي أكبر من كل السياسيين، ومن كل الأحزاب السياسية، لأن صانعها هو الشعب، وهو وحده الحاكم فيها، وندرك أيضاً أن كل الإساءات والانحرافات التي فتكت بكل منجزات الشعب إنما هي نتاج لتحكيم الخارج والارتهان إليه بدلاً عن الشعب.

أما الجمهورية فنؤكد لك أنه لا وجود لها إلا هنا في صنعاء، في المناطق الحرة والطاهرة من دنس المحتل، وما يقوله المرتزقة حول (الجمهورية) والنظام الجمهوري هو يضعهم أمام حالة انكشاف كبيرة، لأن الناس يدركون جميعاً بأن المرتزقة يتحركون كأدوات تحت قيادة غير يمنية، وغير جمهورية، ولذلك هم فقط يفضحون أنفسهم بحديثهم عن الجمهورية وليس أكثر.

الثورة: سيادة الرئيس.. كان لكم زيارة إلى الصين سابقاً.. هل تتواصلون مع الصين؟ وماذا عن روسيا.. سبق وأن خاطبتم الرئيس الروسي فلادمير بوتين برسالة أعلنت عنها وسائل الإعلام، ماذا تضمنت الرسالة.. صحيح أنكم مع دور روسي في الحل السياسي؟

الرئيس:

 كان لدينا زيارة إلى الصين بالتنسيق مع الخارجية الصينية، وأيضاً بشكل مباشر وغير مباشر، فالصين لديها مجموعة علاقات واسعة جداً سواءً مع اليمن أو مع غيرها.

أما رسالتنا للرئيس بوتين فقد تضمنت شرحاً لطبيعة الوضع القائم في البلد، ومخاطر أطماع العدوان، وآثارها على المنطقة بشكل عام، وكيف أن الأثر ليس على منطقتنا بشكل خاص.

نحن من البداية نطلب من الروس ومن غير الروس القيام بدور، ليس من أجل الحل السياسي في اليمن فقط بل في إطار الحفاظ على المواثيق والمعاهدات الدولية، لكي لا تبقى رخيصة تدوسها أموال ودولارات النفط الخليجي والعصا الأمريكية، فقد يكونون هم في يوم من الأيام إذا فرطوا في تساهل وتجاوز القوانين والمعاهدات الدولية مستهدفين، لأن هذا العدوان أتى مختلفاً تماماً ولا يملك أي مسوغ قانوني ولا يستند إلى أية معاهدات أو قوانين دولية، وسكوت الروسي أو غيره سيجعل هذه الأطراف الطامعة أو المستكبرة تتجاوز في ملفات أخرى حتى يصل الضرر إلى روسيا، ولذلك فإننا مع أن يقوم الجانب الروسي بدوره من موقع مسؤوليته.

الثورة: لديكم تقييم لأداء الدول الكبرى إزاء جائحة كورونا، إلى أي مدى تشعرون بخطر الجائحة المتفشية؟ وهل من مخاوف لديكم في وصولها إلى اليمن لا قدر الله؟ ما الذي ستفعلونه في هذا الإطار على ضوء الإمكانيات المتاحة؟

الرئيس :

في إطار المسؤولية الملقاة على عاتقنا إزاء شعبنا عملنا كل الخطط والتدابير اللازمة لحماية الشعب حسب الإمكانات المتاحة لدينا، لأننا نشعر بالخطر والمخاوف من وصولها إلى اليمن، خاصة أن دول العدوان  تسعى بشكل كبير إلى إدخال هذا الوباء إلى اليمن.

أنا أسميه وباءً وليست جائحةً، لأن الجائحة تعني أنها عملية طبيعية دون تدخل البشر، وأنا أختلف مع هذا الموضوع، وسنستمر إن شاء الله في بذل كل قصارى جهدنا بما يحقق لشعبنا الحماية اللازمة من هذا الوباء.

الثورة: تشكو المنظمات دائما من إعاقة عملها في المناطق والمحافظات التي تدار من قبل الدولة الوطنية.. تعتقدون أن المنظمات لا تقوم بدورها الإنساني.. وهل صحيح أنها تتعرض لمضايقات من قبل مسئولين؟

الرئيس :

نحن في الفترة الأخيرة توجهنا بإصلاحات للإهدار غير المبرر في ما يُقدم من دعم للمواطن اليمني عبر هذه المنظمات ويقف وراء هذا الفساد مستفيدون كثر، منهم المنظمات نفسها بطرق مقوننة، مثلاً نفقات التشغيل تصل أحياناً إلى 60 %، ثم بعد ذلك تأخذ جهة بسيطة نسبة كذا، ولا يصل إلى المواطن إلا نسبة 11 %.

وهذا فساد وإهدار واستغلال ومحاولة للاتجار بمعاناة الشعب اليمني، وهذا غير مقبول ولا يرضى به ضميرنا أبداً.. حاولنا أن نعمل إجراءات بوقف هذا الإهدار الموجود، وقف هذا الفساد المنظم وغير المنظم الذي تفشى بشكل غير مقبول، وكان هناك الكثير من المنظمات الدولية منزعجة من هذه الإجراءات، ونحن من تبنيناها، ونعتقد أنها للحد من الفساد، والمنظمات لا تأتي ترفض بشكل غير مباشر، ولكن تشكو من إعاقات ومضايقات، ولكننا متأكدون أنها ليست في هذا الصدد، ونحن مصممون أن نوصل للمواطن الحد الأقصى من الدعم المقدّم من قبل الجهات الدولية، ومصرون على أن قرارنا صائب، ولدينا خطة واضحة للاحتياج قدمها المجلس الأعلى للتنسيق والإغاثة الإنسانية على كل المجالات الإنسانية والإغاثية، والتنموية، وهذا لأول مرة، مع أنهم يقولون لا توجد خطة، وهذا غير صحيح، وهم حين لم تكن هناك خطة لم يكونوا يتحدثون، وكل القصة ان المنظمات انزعجت من الإصلاحات التي حصلت، فعندما كانت للحكومة خطة واضحة للاحتياج السنوي على كل المستويات انزعجت المنظمات، وعبرت عن ذلك بمثل تلك الادعاءات.

وبالتالي فإننا سنمضي في الإصلاحات التي قمنا بها، ونتركهم يقولون ما يقولون ويصنفونها كيفما يشاءون.

الثورة: فخامة الرئيس مهدي المشاط.. تتقلدون منصب الرئيس للبلاد، غير أن الكثير من أبناء الشعب اليمني لا يعرف عنكم الكثير.. من هو مهدي محمد المشاط؟

الرئيس :

مهدي المشاط هو أصغر خادم لأبناء شعبه اليمني العظيم، يبذل أقصى جهده لخدمة هذا الشعب، يمنح هذا الشعب من جهده ومن حياته، يسهر كي ينام هذا الشعب في أمن واستقرار، يحاول أن يكثّف جهوده لتخفيف المعاناة على أبناء هذا الشعب جراء هذا العدوان الغاشم، وسيبقى على هذا النهج إن شاء الله حتى يلقى ربه.

الثورة: ما هي رسالة سيادة الأخ الرئيس للشعب اليمني، للجيش واللجان الشعبية، للإعلاميين، للعاملين في صحيفة الثورة؟

الرئيس :

رسالتي لكل أبناء الشعب اليمني بكل انتمائهم أن يحافظوا على المكتسبات التي تحققت بفضل الله نتيجة صمود هذا الشعب، نتيجة بسالة واستبسال جيشنا ولجاننا الشعبية، ونحافظ على اللحمة الداخلية، ونشمّر السواعد، لأننا أصبحنا في حرب وجودية، حرب إرادات.. الحرب لم تعد حرباً عسكرية أو سياسية أو إعلامية بل أصبحت حرباً وجودية، حرب إرادات، الجميع عليه مسؤولية كل من موقع عمله، سواءً إعلاميين، جيشاً ولجاناً شعبية، مسؤولين، الجميع معنيون في بذل الجهد أكبر من أي وقت مضى، وأي ضياع لتضحية مقدمة من قبل أبناء هذا الشعب، سنكون نحن من يتحمّل مسؤوليتها ومن سيلحقنا وزرها إن فرطنا، أدعو الجميع إلى شحذ الهمم ومواصلة المشوار، وأبشر الجميع بنصر الله سبحانه وتعالى القريب القريب، وشكراً.

قد يعجبك ايضا