المصدر الأول لاخبار اليمن

موجة غضب ضد العرب بألمانيا وتخوفات من ترحيلهم ..جريمة يدفع ثمنها اللاجئون!

وكالة الصحافة اليمنية:

مرة أخرى وجدوا أنفسهم في بؤرة الحدث، بعد أن ضجَّت شبكات التواصل الاجتماعي، وتحدَّث الإعلام عن ملاحقة شاب عراقي يُشتبه باغتصابه وقتله لفتاة ألمانية تدعى سوزانا فيلدمان (14 عاماً)، في شهر مايو/أيار الماضي، ثم فراره إلى كردستان العراق مع عائلته.

وصبَّ الألمان جامَ غضبهم على اللاجئين والمهاجرين، وعلى الحكومة لفشلها في ترحيل الشاب المشتبه به، علي باشا، بعد رفض طلب لجوئه منذ عامين، وعلى سياسة اللجوء التي سمحت بقدومه من الأساس للبلاد في العام 2015.

موجة الغضب تعالت حدّ دفع صفحة موقع “شبيغل أونلاين” بموقع فيسبوك إلى كتابة تعليق على خبر نشرته، السبت 9 يونيو/حزيران، عن الجريمة، قائلة: “أيها الناس نحن نتفهم غضبكم. لكن انتبهوا لو سمحتم إلى عدم نشر المزيد من الكراهية. شكراً

أيَّد عدد من المعلقين على المنشور برغبتهم تنفيذ حكم الإعدام على المشتبه به الحالي في العراق، ما أثار استغراب معلقين آخرين، متهمين إياهم بأنهم لا يقلون دموية عن مرتكب الجريمة. فيما كثير من المتابعين العرب نأوا بأنفسهم عن التعليق.

تباينت على الجانب الآخر ردات فعل اللاجئين على شبكات التواصل الاجتماعي، بين مقلِّل من شأن القضية، داعياً إلى اعتبارها جريمة كشأن غيرها من الجرائم.

وآخرين ركَّزوا على القول إنه ليس بعراقي أو عربي، بل كردي من كردستان العراق، إشارة إلى هربه إلى هناك ثم القبض عليه أمس في مدينة زاخو، على أن يصل مساء السبت على متن طائرة ألمانية رفقة رئيس الشرطة الاتحادية الألمانية إلى فرانكفورت.

عبَّر المدون السوري البارز عبدالرحمن عباسي، عن أسفه للجوء البعض إلى هذا الأسلوب، والبحث عن تفاصيل صغيرة، مذكراً بأنه من المؤسف أيضاً أن يستخدم قسم كبير من المجتمع الألماني جريمة كهذه ليحكم على جميع اللاجئين، وأن يكون حزب “البديل لأجل ألمانيا” مستعداً للوقوف أمس دقيقة صمتاً في البرلمان على الضحية سوزانا فيلدمان، وعدم استعداده للوقوف دقيقة صمتاً عند موت اللاجئين.

لا نريد للفاسدين أن يدمروا كل شيء

في الأثناء فَرضت حالة من الخوف نفسَها على بعض المقيمين الذين خشوا أن تؤثر القضية وما حظيت به من تغطية إعلامية على حياتهم واستغلالها لغايات أخرى نشر موقع شبيغل في مدينة فيسبادن، التي شهدت الجريمة، تعليق 4 من طالبي اللجوء الشبان من المنطقة العربية، الذين عبَّروا عن حالة الحزن الشديدة التي انتابتهم بعد سماع خبر الجريمة، التي تورَّط فيها “علي”، الذي قالوا إنهم كانوا يعرفونه، وزعموا ترويجه للمخدرات.

وعبر الشبان الأربعة عن خشيتهم من الأثر المباشر لهذه الجريمة على حياتهم في ألمانيا. لاسيما بعد عودة النقاش بين الساسة حول تقصير مدة البت في طلب اللجوء والمداولات القضائية بعدها، وأن المشتبه به كان قد سُمح له بالبقاء في البلاد، لتقديمه طعناً ضد رفض منحه اللجوء.

وأظهر أحدهم للمراسل رسالة بريد إلكتروني وصلته من سيدة ألمانية يعرفها، تحذر من أن النقاش حول اللاجئين سيصبح عدوانياً أكثر.

يعتقد الأربعة أن ما سيتلو هذه الجريمة هو تعالي الأصوات المطالبة بترحيل من هم مثلهم، وبأسرع ما يمكن، خارج البلاد، مؤكدين أنهم على عكس المشتبه به المذكور يبذلون قصار جهدهم لتعلم الألمانية والاندماج ويحترمون القوانين.

يقول أحدهم إنه ينوي أن ينضم لبرنامج تدريب مهني كمساعد ممرض، مؤكداً أنهم لا يريدون لأناس مثل علي أن يدمروا كل شيء.

تخوفات مشروعة

وقال عبدالرحمن عباسي، الذي نشر مع زميله علاء فحام كتاباً عن الاندماج، في حديث مع عربي بوست، إنه من الصحيح القول إن أغلبية اللاجئين ليسوا مجرمين، لكن على الرغم من ذلك ستبقى هناك نسبة ترتكب جرائم.

مشيراً إلى دور كل فرد من المجتمعات اللاجئة في ألمانيا، في توعية الأشخاص المحيطين بهم، لتفادي سلوكهم الإجرامي قدر الإمكان، والابتعاد عن العمل بشكل غير شرعي، وتصحيح الصورة المشوَّهة التي يكونها البعض عن العلاقة بين الرجل والمرأة، مؤكداً أن الحد من وقوع الجرائم مستحيل.

وبيَّن أنه يستغرب من اعتقاد الألمان أن كل من وصل إلى بلادهم أشخاص صالحون، موضحاً أنه المجتمع اللاجئ شأنه كشأن أفراد المجتمع الألماني المستضيف، يضم مجرمين محتملين، ولديه مشكلاته، لافتاً إلى وجود إسلاموفوبيا، وارتكاب جرائم اغتصاب من قبل المواطنين الألمان أيضاً، وداعياً إلى عدم استنكار تناول المشكلات التي تعاني منها المجتمعات اللاجئة، بل طرحها للنقاش ومعالجتها، كما يتعامل المجتمع الألماني نفسه مع مشكلاته أيضاً.

سوسن شبلي، السياسية الألمانية من أصل فلسطيني، التي تشغل منصب مفوضة الشؤون المجتمعية في ولاية برلين، دعت على حسابها بموقع تويتر، وسط “تقريع اللاجئين” حالياً، إلى التركيز على الجانب الإيجابي، عبر حملة شاركت فيها في برلين تظهر تعبير اللاجئين عن آرائهم في الأشياء التي يقدرونها في ألمانيا، والتزامهم في المجتمع.

هل يؤثر الإعلام المحلي سلباً في العلاقة بين السكان المحليين واللاجئين؟

وعن الأجواء المشحونة على شبكات التواصل الاجتماعي عند الحديث عن هذه القضية، عبَّر “عباسي” (مدون) عن أسفه لاضطرارهم عند حدوث كل جريمة للتذكير بأنهم ليسوا ملائكة، وعن إحساسهم بأن هناك من ينتظرون أي قضية صغيرة لاستغلالها، للقول إنهم لا يريدون اللاجئين في بلادهم.

منوهاً إلى الدور السلبي الذي تلعبه التغطية الإعلامية الكبيرة في إثارة العواطف حيال هذا الأمر، كشأن وصول 20 خبراً على هاتفه المحمول عن حدث سلبي كهذا، مؤكداً أن وقوع ضحايا جراء العنف اليميني المتطرف، أو موت طفلة لاجئة في بلجيكا جراء ملاحقة الشرطة لهم، أو الأخبار الإيجابية عن التحاق اللاجئين بالعمل، لم تحظ بمثل هذه التغطية الموسعة.

 وأشار إلى تركيز البرامج الحوارية التلفزيونية في ألمانيا على قضايا اللجوء والإسلام والمشكلات المرتبطة بذلك، وأثر ذلك على المجتمع، متسائلاً عن الانطباع الذي سيتكون عن المجتمع الألماني.

إذا تحدث هو بشكل يومي لمتابعيه عن العنصرية في ألمانيا، وجرائم اليمين المتطرف، وتجمعات النازيين الجدد، وفيما إذا كان ذلك لن يجعل اللاجئين يتخوفون من الألمان، ويوحي بأنهم جميعاً كذلك، ويعطي انطباعاً مضخماً مما هو عليه الواقع.

ولفت عباسي إلى أن هذه الجرائم التي تتسبب في ضجة على نطاق ألمانيا، ستزيد من خوف الألمان من التعامل أو الدخول في علاقات مع اللاجئين، وحتى على مستوى العمل، مشدداً على أنه ما زالت الأغلبية من الشعب الألماني ليست معادية للاجئين، وأن الضجة التي أحدثتها هذه الجريمة لن تكون الأخيرة، بل ستليها مستقبلاً وقائع مماثلة.

إلى متى يبقى المرء لاجئاً في ألمانيا؟

وكانت الصحفية في قناة “في دي إر” الألمانية العامة، إزابيل شياني، انتقدت في مقال لها بعنوان “بدون أي دفء إنساني” النقاش حول اللاجئين، وكيف باتت كلمة “لاجئون” وحدها كافية لتحقيق بعض الساسة أغراضهم، وكيف يتم الربط بين كلمة لاجئين والجريمة، وجعل جرائم فردية مشكلات مجتمعية ما يجعلها تثير الخوف من اللاجئين.

وبيَّنت أن كلمة “لاجئين” لم تعد مرغوبة بين هؤلاء الذين تُطلق عليهم هذه الصفة، لأنهم يشعرون بأنها لم تعد تشع إنسانية، وأصبحوا لا يريدون أن يُسمَّوا بذلك.

وتحدثت عن سؤال زميل سوري لها حديثاً “إزابيل إلى متى يظل المرء لاجئاً في ألمانيا. لم أعد أريد أن أكون ذلك”. ودعت الصحفية ومقدمة البرامج المتخصصة بشؤون اللاجئين إلى جعل النقاش حول اللاجئين أكثر موضوعية، كي لا يصبح معادياً للإنسانية.

قد يعجبك ايضا