المصدر الأول لاخبار اليمن

شهادات من غزة: نتناول وجبة واحدة في اليوم وننتظر الاستشهاد في أي لحظة

متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية//

ليس هناك صباح في غزة، فالناس لا ينامون حتى ضوء الفجر، هي ساعة أو ساعتين يغفو فيها الجفن ويستيقظون على صوت الصواريخ التي تدك القطاع من أكثر من شهر، هكذا وصف محمد لـموقع “عربي بوست” بداية يومه في غزة.

ونقل محمد لـ”عربي بوست” الوضع الذي يمكن أن يعيشه أي مواطن داخل قطاع غزة خلال 24 ساعة، في ظل غياب المساعدات الإنسانية وتكثيف قصف الاحتلال على القطاع.

 محمد وصف حجم المأساة التي يعيشها رفقة عائلته بسبب الحرب المسعورة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من شهر، وأوقعت أكثر من 10 آلاف شهيد من المدنيين وعشرات الآلاف من المفقودين.

 

طوابير للحصول على الماء الصالح للشرب في غزة

24 ساعة داخل غزة

يقول محمد في حديثه مع “الموقع”، نبدأ اليوم صائمين، نعقد نية الصيام عند آذان الفجر بدون وجبة سحور، ونبدأ يومنا نلملم شتات ما خلّفه قصف منزل العائلة الذي نزحت له أنا وأسرتي الصغيرة قبل استشهاد ابني الصغير.

بعدها يكمل محمد يومه بين ركام المنازل وأكوام الجثث الملقاة في الشوارع، يساعد في البحث عن أقارب وجيران اختفوا بعد القصف، فمن يعثر عليه حياً يُنقل إلى المستشفى، ومن يستشهد نبدأ رحلة البحث عن الكفن.

وأضاف المتحدث أنه يقضي أكثر من نصف يومه في البحث عن ربطة خبز واحدة، وهذه الكمية طبعاً لا تكفي، ونحصل عليها بعد الوقوف في طابور طويل، و”نخشى ألا نجد الخبز في الأيام المقبلة، بسبب إغلاق كل المخابز في القطاع أبوابها”.

“الطوابير أمام شاحنات توزيع الخبز طويلة، وتحتاج ساعات وساعات وأنت تقف على قدم واحدة لتحصل على ربطة خبز، ولا يمكنك الحصول على أخرى إلا بعد مرور 24 ساعة”، يقول محمد لـ”عربي بوست”.

وإذا كان الخبز متوفراً بنسبة قليلة، فإن الماء أصل الحياة أصبح رفاهية وسط غزة، وبسبب انهيار المنازل لم يعد الماء الصالح للشرب متوفراً داخل القطاع، وأصبح يُباع في براميل لا تتوفر على شروط السلامة الصحية، وبأسعار كبيرة.

ويقول المواطن محمد ” نشتري الماء بثمن مرتفع من براميل تباع في نقطة معينة، فحتى أصحاب الماء لم تعد لهم إمكانية أن يجوبوا الأزقة لبيع الماء بسبب ندرة الوقود”.

طابور للحصول على الخبز في غزة

 

أزمة تموين

وأضاف المتحدث أن المحلات التجارية أصبحت فارغة من كل السلع التموينية بشكل كلي بالأسواق، حتى المناطق الجنوبية منها لم تعد صالحة للعيش الكريم داخل غزة.

أما عن جودة الماء، فيقول المواطن محمد إنه غير صالح للشرب، لكنه يفي بالغرض، فكله رمل وشوائب بسبب ظروف نقله وتوزيعه، لكنه يبقى الخيار الوحيد أمامنا، وإلا سنموت عطشاً.

ليست أسرة محمد وحدها التي تعيش الوضع المأساوي الذي تخلفه الحرب، فكل أهل غزة في سفينة واحدة، ومع الحصار المفروض على القطاع أصبحت أبسط حاجيات الإنسان غير متوفرة.

وقطع الاحتلال الإسرائيلي خطوط المياه الرئيسية المغذية الصالحة للشرب عن قطاع غزة منذ أن أطلق الاحتلال الإسرائيلي حربه المدمرة على الفلسطينيين في 7 أكتوبر المنصرم.

وباتت أزمة المياه تتعمق بشكل متسارع منذ بداية حرب غير مسبوقة على غزة، قطع خلالها الاحتلال الإسرائيلي كل الإمدادات من كهرباء وماء وعلاج ووقود، وباتت الأوضاع الإنسانية فيها مأساوية.

وقصفت الطائرات الإسرائيلية مركبات توزع مياه وخزانات فوق أسطح بنايات ومؤسسات صحية كان آخرها الأحد، في مستشفى الرنتيسي للأطفال وسط مدينة غزة.

أزمة مواد غذائية في غزة

حقيقة الوضع

يقول محمد “ما يُنشر بالإعلام لا يصف حقيقة الوضع، فعدد المفقودين أكثر مما يتخيل، الناس هنا يبحثون بالليل والنهار بشكل ذاتي، وبالاعتماد على وسائل بدائية وسط الركام، علهم يجدون جثث أقاربهم”.

وأضاف المتحدث أن “عدد المفقودين يُضاعف ما تم نشره على وسائل الإعلام، فبدون استثناء كل أسرة داخل غزة لديها مفقودون تحت الأنقاض، لأنه بكل بساطة لا يوجد مكان لم يُقصف داخل القطاع، اليهود دمّروا كل شيء”.

أما عن عدد الشهداء، فقال محمد لـ”عربي بوست” إن المنظر مروع، الجثث ملقاة في الشوارع بالعشرات، تجد الناس يبحثون عن وجوه أقاربهم وبعدها ينتقلون لمرحلة البحث عن أمتار من الكفن لإكرام الشهيد ودفنه.

وأشار المتحدث إلى أن الكفن أصبح من الرفاهيات في غزة، إن وجدت بضعة أمتار فأنت محظوظ، وسط كم الجثث المكوم في الشوارع وفي مداخل المستشفيات وداخل غرفها من الجرحى.

“من غادر منا ارتاح، كلنا مشروع شهداء ننتظر دورنا ،ننام في الليل ساعة أو ساعتين، ونجلس في مكان واحد نشهد ونذكر الله وننتظر أي صاروخ محتمل يمكن أن يُنهي حياتنا”، يضيف المصدر.

 

الكفن أصبح من الرفاهيات داخل قطاع غزة

 

القصف لا يتوقف

قال محمد، بعد نزوحه إلى جانب وادي غزة بسبب قصف منزله، إن أهل غزة لا ينامون لا ليل ولا نهار، لأن القصف لا يتوقف ثانية واحدة على القطاع.

وأضاف المتحدث أن القصف لم يترك مكاناً لم يدمره، فحتى المناطق التي طلب منا الاحتلال النزوح إليها جنوب القطاع تم قصفها، لهذا كلنا ننتظر دورنا لننال الشهادة.

وأكد محمد أنه نزح رفقة أسرته إلى منطقة وادي غزة، بين منطقة الشمال والجنوب، بعد دعوة الاحتلال لهم، ورغم ذلك تم قصف المنطقة واستُشهد طفله الوحيد، وأُصيب عدد كبير من أفراد العائلة.

“أحتاج هدنة إنسانية لخمس دقائق حتى أواسي زوجتي وأعزيها في وفاة طفلنا، الذي استُشهد في غارة إسرائيلية على الحي الذي نسكنه”، هكذا تحدث محمد”.

وأشار محمد إلى أن سماء غزة مضيئة 24 ساعة بالصواريخ والقنابل، “نرفع أعيننا إلى السماء وننتظر المكان الذي يسقط فيه الصاروخ، وفي كل مرة نقول: هذا الصاروخ من نصيبنا”.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com