قد لا تصدق… هكذا قضى سكان صنعاء أيام عيد الأضحى!
صنعاء في عيدها الكبير.. روح تتجدد أجواء عيدية لم تنته أيامها بعد، يمتلئ بها ربى العاصمة اليمنية صنعاء، عاصمة الروح – كما أطلق عليها الدكتور عبدالعزيز المقالح – تكاد تلمسها في عيون الكبار والصغار في آن واحد رغم بؤس الحياة التي يعيشها اليمني منذ أكثر من ثلاثة أعوام. أطفال هنا يمرحون وشباب هناك يصافحون بعضهم […]
صنعاء في عيدها الكبير.. روح تتجدد
أجواء عيدية لم تنته أيامها بعد، يمتلئ بها ربى العاصمة اليمنية صنعاء، عاصمة الروح – كما أطلق عليها الدكتور عبدالعزيز المقالح – تكاد تلمسها في عيون الكبار والصغار في آن واحد رغم بؤس الحياة التي يعيشها اليمني منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
أطفال هنا يمرحون وشباب هناك يصافحون بعضهم ونساء يتبادلن أطراف الحديث، والجميع تضمهم قطعة أرض لها سور، باطنه فيه الجمال وظاهره من قبله يأتي الناس من كل فج عميق. تلك هي حكاية سكان العاصمة صنعاء خلال الأيام الأربعة الماضية، أيام العيد.
استطلاع خاص/ وكالة الصحافة اليمنية
على جذع شجرة مرتفعة في حديقة الثورة وسط المدينة يتكئ الحاج (عبدالله الجيشي) 65 عاما، من أبناء محافظة حجة. يتحدث عن زيارته وأسرته إلى الحديقة قائلا: “جئنا لنقضي نهار العيد في الحديقة فوجدناها مكتظة بالزائرين.. كلهم معيّدين وسعداء بخروجهم إلى هذا المكان الجميل”، ويضيف: “جئت من محافظة حجة من أجل قضاء فترة العيد في صنعاء الجميلة، لأن أجواء صنعاء خلال فترة العيد تكون بديعة جدا خاصة الأماكن العامة فيها”.
وقال الجيشي أيضا: “لا ينقصنا شيء ولله الحمد، فكل شيء موجود، وليس هناك من طلب سوى أن يدفع الله عنا الحرب ويرفع عنا اعتداء الدول على بلادنا، هذا الاعتداء الذي نغّص عيشة الناس وكدر حياتهم، غير أنه لم يمنعهم من التعبير عن سعادتهم بالعيد”.. مشيراً إلى أن الحرب الاقتصادية التي تشنها دول التحالف إلى جانب حربيها العسكرية والنفسية لن يؤثرن في نفوس اليمنيين ولن يستطيع التحالف بما حشد أن يحقق مطامعه في اليمن رغم مساعدة من باعوا من اليمنيين الذين استلموا ثمن دماء الأبرياء وآلام الفقراء، وخص بالقول الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي وحكومته.
تفاؤل أهلها
“ما أن تطؤ قدماك بوابة مكان عام في مدينة صنعاء حتى تجده ممتلئاً بالزائرين الذين قدموا إليه من كل محافظات اليمن، فصنعاء التي لم يمل التاريخ من الحديث عنها لا تمل العيون من النظر إلى جمالها ولا يمل القلب من سكنها، فهي أول مدينة سكنت على وجه الأرض بعد طوفان نوح عليه السلام” حسبما أوردت (ليلى محمد) 25 عاما، من محافظة صنعاء.
وتضيف ليلى التي زارت حديقة السبعين ثاني أيام العيد قائلة: “ورغم آلاف الصواريخ التي انهالت على المدينة، ورغم أنك تكاد لا تجد بيتاً إلا وأكلت الحرب من أبنائه، ورغم أنها تشهد أزمة اقتصادية تاريخية، إلا أنك لو سألت أحد سكانها عن العيد، فلن تجد منه إلا ما يزيدك شعوراً بالتفاؤل ويرسم الفرحة على محياك”.
وأوضحت أن هذا العيد مختلف عن الأعياد الماضية قائلة: “هذا العيد مختلف جدا عن أعياد الخمس السنوات التي مرت، فقد عاد اهتمام إدارة الحدائق بالتشجير في الحدائق العامة وعاد الاهتمام بالزوار وسلامتهم، كما أن بعض الحدائق التي أغلقت بسبب الحرب مثل حديقة الثورة، تم افتتاحها من جديد مع إضفاء بعض لمسات الجمال فيها”.
عيد نازح
وقال (أسامة إبراهيم) 17 عاما، من أبناء محافظة الحديدة: “جئت مع أهلي نازحاً من الحديدة، وكنت أسمع عن صنعاء وأشاهدها في التلفزيون وسمعت من أبي أنها مدينة جميلة، لكنني وجدتها في الواقع أحلى مما في التلفزيون والكتب وأحلى مما قال لي والدي”.
وخلال العام الجاري ركزت أمانة العاصمة – صنعاء – على الحدائق العامة وإصلاح بعض الشوارع التي نالت منها الحفر، مولية ذلك اهتماماً كبيراً كان له أثره الواضح في الواقع بما لا يدع مجالاً للشك عن الجهود الكبيرة التي سخرت من أجل إعادة الحياة في ما أوشك على الهلاك.
لمسات
يقول (فؤاد الهرش) مدير عام حديقة الثورة العامة بصنعاء: “قمنا بزراعة 10 آلاف متر مربع من المسطحات الخضراء في البوابة رقم (1) قبل شهر رمضان المبارك، وخلال الشهر الكريم قمنا بزراعة 15 ألف زهرة في المدرجات، وبعد عيد الفطر المبارك زرعنا خمسة آلاف زهرة متنوعة لاستكمال المدرجات، بالإضافة إلى شلالين بتمويل الصندوق الاجتماعي للتنمية وبمساهمة مباشر من الأستاذ (محمد غمضان) المدير التنفيذي للصندوق الاجتماعي للتنمية ومهندسين الصندوق، والأستاذ محمد الشرقي مدير برنامج النقد مقابل العمل، لجهودهم الكبيرة، حيث قاموا بإخراج 18 طن من مخلفات أتربة متراكمة من سنوات سابقة في الحديقة، إلى جانب قيامهم بعملة طلاء كبيرة للبردورات وعمل رسوم جميلة حول سور الحديقة وطلاء شبك السور والمظلات الخرسانية والكراسي والأشجار واستمر عملهم المتواصل حتى فجر عيد الأضحى”.
72 ساعة عمل
وأضاف الهرش قائلا: أنه “تم تشغيل أحد الشلالات يوم العيد، وصيانة شبكة الري عند بوابة الحديقة وحتى اللحظة (ثاني أيام العيد) وصلت إلى 72 ساعة عمل متواصلة لم أغادر فيها الحديقة ولم أعيد على أسرتي من أجل خدمة الزائرين، بسبب انفجار أنبوب الري قبل العيد بيومين وهو ما أدى إلى وجودنا المتواصل حتى يوم العيد لإصلاحه بعد قص الأسفلت وتغيير الأنبوب بتكلفة 700 ألف ريال وبتوجيه مباشر من أمين العاصمة الأستاذ (حمود عباد) والمدير التنفيذي لصندوق النظافة ومدير عام الحدائق.
وكان أمين العاصمة، تفقد في التاسع من ذي الحجة الجاري الترتيبات بحدائق الثورة وبرلين آزال من حيث أعمال النظافة وتهيئتها لاستقبال الزوار بحلول عيد الأضحى.
احتياط واجب
وعن احتياطات الأمن والسلامة في الحديقة قال الهرش: “كانت بعض الألعاب المجانية في الحديقة بحاجة إلى الصيانة فعملنا على صيانتها ووفرنا عدد 28 من أفراد الأمن وثلاثة ضباط ومساعدين من أفراد الشرطة الراجلة يقومون بدوريات دائمة صباح مساء حفاظاً على الأمن والسلامة.. وكان هناك نزول ميداني للجنة مكلفة من أمانة العاصمة لفحص مدينة الملاهي حيث تم فحصها وعمل الصيانة اللازمة لها”.
وكان التحالف استهدف في العام 2015 الجهة الشمالية من حديقة الثورة ما سبب إغلاقها لأكثر من ستة أشهر بينما أضافت لها أزمة المشتقات النفطية عبئاً آخر، حيث انقطع لفترة تزيد عن العام ما أدى إلى موت أكثر من 300 شجرة.
إمداد طارئ
وكانت أمانة العاصمة أمدت الحديقة في يوليو المنصرم بخمسة آلاف لتر ديزل، استطاع القائمون على الحديقة تشغيل مولد الكهرباء من 6- 7 ساعات في اليوم، وهو ما حافظ على ما تبقى من الأشجار القديمة بالإضافة إلى الحفاظ على الأشجار المستحدثة، كما تم توفير ألفي لتر من الديزل من الإدارة العامة للحدائق ليتم تشغيل المولد بمعدل ثلاث ساعات في اليوم الواحد لري المزروعات في الحديقة.
ووجه الهرش رسالة بعد الشكر إلى أمين العاصمة طالبه من خلالها بمد الحديقة بالديزل أو إدخال خط الكهرباء التجارية حتى تتمكن الإدارة من المحافظة على الحديقة كي لا تذهب جهود الأشهر الماضية أدراج الرياح.
واجبنا خدمتكم
من جانبه قال المهندس (عبدالكريم إسماعيل الحوثي)، وكيل مساعد أمانة العاصمة لقطاع الاشغال والمشاريع: “نحن مسؤولون كأمانة العاصمة مسؤولية كاملة عن الحدائق وتقديم الخدمات وتقديم كل ما هو جديد لراحة المواطن، وبالتالي نحن نعمل بحرص من أجل أن يحظى الناس بالسعادة والنشوة والراحة أثناء زيارة الحدائق من خلال ما يجده في الحديقة من مناظر جديدة وأشياء تشد انتباهه من مسطحات خضراء وزراعة أشجار جديدة تضفي رونقاً جميلاً على منظر الحديقة، إلى جانب إيجاد المسابح داخل حديقة 26 سبتمبر وحديقة الثورة، وكذا بناء نوافير جديدة في حديقة السبعين وشلالين في الثورة، حيث أضافوا لمسات جديدة لم تكن موجودة في السابق، كما تم صيانة جميع النوافير في جميع الحدائق وعمل الاحتياطات اللازمة بما يكفل تشغيلها دون حدوث أي خطر يمكن أن ينغّص فرحة العيد للزوار والمواطنين.
معوقات وحلول
وقال (علي قاسم اللحجي)، وكيل أمانة العاصمة – مدير عام مكتب الأمين: “عملنا على تجهيز جميع حدائق العاصمة وعددهن 49 حديقة، حيث أوجدنا لهن شبكات الري وقمنا بزراعتهن، كما عملت إدارة الحدائق بجد دون كلل على إيجاد الحدائق بالصورة التي تليق بهن ويرضاها الله.. وكل هذا تم في حدود الممكن لأنه لا يوجد لدينا إيرادات ولا نفقات ولكننا بما نجده فينا من إرادة ونزاهة استطعنا عمل ذلك”.
وأضاف اللحجي قائلا: “كانت الإمكانيات الشحيحة أكبر معوق لنا في العمل بالإضافة إلى سوء الإدارة خلال الأربع سنوات الماضية، ولكننا تغلبنا على ذلك بعد إيجاد إدارة جديدة لأمانة العاصمة.. وقد جئنا إلى حديقة الثورة وفيها مئات الأشجار الميتة فقمنا بإزالة ما يزيد عن 70 شجرة خاصة ما يشكل منها خطراً كبيراً، وزرعنا أشجاراً جديدة وما زلنا نعمل بكافة جهودنا من أجل راحة المواطنين وسلامتهم.
انتهى العيد لكن الفرحة لم تنته بعد، وانقضت إجازته لكن انطباع الناس عن حدائق ومتنزهات أمانة العاصمة خالدة تحدثهم عن ذلك الجمال الذي أضافته المساحات الخضراء إلى جمال الياجور في مباني عاصمة الروح.