المصدر الأول لاخبار اليمن

لعبة الأطفال الأخيرة أمام المخبز.. موعد مع الموت في غزة

عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

يكبر الأطفال الفلسطينيون وسط دوامة من العنف والتهجير والحرمان من أبسط حقوق الطفولة، كاللعب، والتعليم، والدواء، وحتى كسرة الخبز.

في غزة، حيث بات الرغيف كنزًا نادرًا في ظل الحصار وندرة المواد الغذائية، اصبحت قائمة الانتظار أمام المخابز مشهدًا يوميًا مألوفًا، كان مجموعة من الأطفال يقفون قرب أحد الأفران في حي النخيل المكتظ بالسكان شرق مدينة غزة، ينتظرون دورهم على أمل الحصول على الخبز كي يسدون الرمق.

 

وبينما تأخر تجهيز الأرغفة، سرق الأطفال لحظات من براءة الطفولة، علّها تخفف من وطأة الانتظار وقرصة الجوع فلعبوا في الشارع الضيق، يملؤون الفراغ بأصوات ضحكاتهم، غير مدركين أن دقائق اللعب تلك ستكون آخر ما تبقى لهم من الحياة.

الموت بدلاً عن الخبز

“ذلك الانتظار لم يُكتب له أن ينتهي بالخبز، بل بالموت”.

فجأة، باغتتهم طائرات الاحتلال الإسرائيلي، وقصفت التجمع المكتظ بالمدنيين، مستخدمة قنابل أمريكية الصنع.

سقطت تلك القنابل، على رؤوس الأطفال، فحالت بينهم وبين الرغيف الذي حلموا به لساعات.

لم تكن هناك أهداف عسكرية، فقط أطفال يلعبون بأجساد نحيلة تنتظر ما يسد رمقها، وأمهات ينتظرن، وآباء يأملون.

سقط الشهداء بالعشرات، بينهم أطفال لم يتموا عامهم العاشر، قُطعت أجسادهم الهزيلة، وتفرّقت ألعابهم الصغيرة بين الركام والدماء.

 

مأساة كاملة

صرخة اختصرت مأساة كاملة لشعب يذبح من الوريد إلى الوريد

 

في مشهد يصعب وصفه، وثّقته عدسات الصحفيين والناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، أبٌ يحتضن جثة طفلته الصغيرة، يصرخ بحرقة: “حسبنا الله ونعم الوكيل.. كلهم أطفال.. وحياة ربنا.. كانوا بيلعبوا في الشارع!”.

صرخة اختصرت مأساة كاملة لشعب يذبح من الوريد إلى الوريد، وجسّدت وجعاً أكبر من أن يوصف.. صرخة تُلخص حجم الفاجعة، وتختصر جريمة تُرتكب بحق الطفولة في وضح النهار.

المجزرة الأخيرة بحق براءة الطفولة في غزة لم تكن الأولى و يبدو أنها لن تكون الأخيرة، لكنها كانت فاضحة في تفاصيلها: استهداف مباشر لمكان لا يحمل إلا الجوع والبراءة، مكان اجتمع فيه الأطفال من أجل الخبز… فانتهى بهم الأمر أشلاء على الرصيف.

فسياسة الحصار والتجويع لم تترك مجالاً للرحمة، بل أصبحت أحد أركان سياسة التهجير القسري، التي يسعى الاحتلال لفرضها بالقوة.

وبينما تبقى أصوات الضحايا، ودموع الآباء والأمهات، دليلاً دامغًا على مأساة شعب لم يشهد لها العالم مثيلاً في القرن الحادي والعشرين.. وشاهداً حياً على جريمة لا يجب أن تُنسى، إلا أن ضمير العالم لا يزال صامتاً بشكل مريب ما يشجع الاحتلال على مواصلة ارتكاب جرائم حرب الإبادة الجماعية، كما شجعه على استخدام سياسة “التجويع والقصف” كأداة لفرض التهجير القسري.

قد يعجبك ايضا