اليمن وغزة على عهد ووعد السيد حسن نصرالله.. سنصلي في الأقصى
تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//
بنظرته الثاقبة وإيمانه الصادق ووعده الحق، تحمل السيد حسن نصرالله عبء الدفاع عن اليمن ومشروعية حربه. فحمل قضيته في قلبه وعقله، وناصرها بلا تردد أو هوادة، كما لم يفعل أحد. وتعامل مع أهله وقضيته كقضية قومية ودينية وإنسانية ذات أولوية، ولم يحد قيد أنملة، برغم عواصف التشهير والتطاول وتحميله شخصياً مسؤوليات ما لحق باللبنانيين، وخاصة الشيعة من عسف واضطهاد ومصادرة أملاك وطرد من دول الخليج.
عبقريته وإيمانه راسخ كالعارف بمسارات الأزمنة والتاريخ وحقائق الجغرافية والقاطع بالثقة بأن اليمن وشعبه وقيادته قادرون، وهم “رجال؛ رجال” وسيكونون أشدَّ الأنصار والأوفياء لروحه ودمه ولأرواح الشهداء.
الرهان الاستراتيجي على اليمن
في إطلالته الأولى بعد الطوفان العجائبية، أوفى اليمن شعباً وقيادةً ولجاناً وجيشاً حقهم، وشرح بإسهاب عن صدقهم وأمانتهم وقدراتهم، ورسم على اليمن رهانات استراتيجية.
هو حقاً قائد استثنائي وشامل، قلَّ أَن تلد الأمم كمثله. فإيمانه عميق، وقراراته صائبة ودقيقة، ومعرفته استثنائية، ووعده حق لا يخيب.
وعد بالنصر مجدداً، وشرح عناصر القوة، ووصف إسرائيل بأوهن من بيت العنكبوت، وأنذر المستوطنين بالرحيل قبل فوات الأوان، عندما لن يجدوا مطاراً او مرفأً أو وسائط للهروب.
عدد المواقع والمصانع، ومناطق وعناصر ضعف وهشاشة إسرائيل، وحذر من أنَّ بنيتها التحتية البالغة كلفتها ١٣٠ مليار دولار لن يستغرق تدميرها نصف ساعة، وحذر.
صاروخ اليمن يثبت كذبة قوة إسرائيل وأمريكا
اليوم مع صاروخ اليمن الميمون، الذي دكَّ مطار بن غوريون، وأسقط كذبة وافتراءات قوة إسرائيل وأمريكا وعالمهم المهيمن، وصاحب القوة التي ترهب أمم وقارات ودول، وتُسقِط نُظم عن بعد.
تتضح حقيقة الأمور، وتُعري حملات التضليل والتوهيم والتوهين. وتجعل “عراضات” نتنياهو الصوتية وعضلاته “الخلبية”، بقصف معسكرات خاوية في سورية، وقصف أكشاك من خشب وتنك في القرى الحدودية، واغتيال مواطنين عزل، ما هي إلا “عنتريات” خاوية لا أكثر.
صاروخ من اليمن على بعد٢٤٠٠ كيلو متر، يجاوز كل قواعد وبحرية أمريكا والأطلسي، وستة طبقات دفاع جوي، بما فيها درة الانتاج الأمريكي “الثاد” يصل هدفه ويتبختر، فينبأ بالخبر اليقين!
خبر أن اليمن قادر، واقترب من وضع تهديد السيد نصرالله موضع التنفيذ، بتحويل إسرائيل إلى صحراء معتمة، بلا كهرباء ولا ماء ولا انترنت ولا صناعات لا يحتمل العيش فيها المستعمرون.
من بعد ٢٤٠٠ كم صاروخ يمني يضرب مطار بن غوريون، ويَخرج “سريع” ويعلن الحصار الجوي على إسرائيل، وتندهش قيادتها وأحبابها، ولا يجدون طريقةً أو سلاحاً أو قدرةً على معاقبة اليمن، الذي قاتل أقوى قوى الكون. وينتصر منذ ٢٠٠٤ أول حرب على “صعدة”، فقد استنفذ وأفشل كل القوى والأدوات والتحالفات والحشود العسكرية، وآخرها حلف الازدهار وأساطيل ترمب.
إنه يمن الإيمان والحكمة، والرجال الصادقون، والشعب الذي يتقاطر أسبوعياً بالملايين إلى الساحات، يهتف “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، يا قدس إنَّا قادمون.”
قد يقول قائل؛ الجنوب والبقاع كان أقرب، وصواريخه أكثر فعاليةً، وأقدر، والمسافة تقاس بعشرات الكيلومترات، ولا أطواق حماية ودفاع عربية وإسلامية وأمريكية أطلسية عن إسرائيل، تعيق وصول الصواريخ اليمنية وتقلل فاعليتها. فلماذا لم تفعلها المقاومة من لبنان، وعلى عين وحياة السيد حسن نصرالله؟
هو قول محق، وتساؤلات في مكانها، وحوافزها وقائع الميدان. فكما اليمن يسجل أسطورة لم يتنبأ بها أحد، كذلك في الميدان تسطر غزة وكتائبها أساطير لم تخطر على بال، ولم يتخيلها العقل قط.
المقاومة اللبنانية قادرة التجاوز و النهوض من جديد
للحرب أحكامها، ولقياداتها حق الاختيار، والتقرير متى وكيف ومن أين تخوض حربها، ومتى تضرب ضرباتها. فلم يكن خطأ بايناً أو محققاً أَن لم يأمر السيد بتدمير البنى التحتية، وجعل فلسطين أرضاً لا تقبل بقاء المستعمرين.
وقد يكون في الأمر إنَّ؛ كالاختراقات والسيطرة الالكترونية الإسرائيلية، التي يمكن أنها حالت دون انطلاق الصواريخ لأهدافها. وفي قول آخر أنَّ رجالها أصيبوا وخرجوا من الميدان باكراً بفعلة البيجرات.
لسنا واثقين من الأمر، ولا نعرف الأسباب التي حالت دون دك البنى التحتية، وإطلاق يد قوة الرضوان وعزيز وأخواتها للعبور. لكن ثقتنا مطلقة بأن رجال “السيد والعماد وسليماني”، والأسلحة التي أوصلوها، والخبرات والعلوم التي زرعوها، قادرة على التجاوز والنهوض من جديد، والتمكن واستعادة فاعلية السلاح لاستخدامه. مادام الرجال سطروا ويسطرون الأساطير في ميادين غزة، وفي القرى، والمواجهات على الحافة، وكان رجال المسيرات والصواريخ عند الوعد، وأمطروا تل ابيب، وألزموا نتنياهو أن يهرول لطلب وقف النار.
لم تفت الفرص، ولا انكسر المحور، ولم يتخلى عن خيار المقاومة والاشتباك، ومازال في غزة واليمن يحقق إنجازات إعجازية.
غزة قلبُ قلب المحور، واليمن أصلب القبضات، وإن اهتز عاموده الصلب في لبنان وتوعك، إلا أنه لم يقع ولن يقع أبداً.
أن تستمر غزة صامدة صابرة، وتقدم التضحيات، وتجوع ولا ترفع راية بيضاء، ولا تقبل شروط نتنياهو لوقف النار.
أن ينهض رجالها الأساطير من بين الركام، ويؤلمون الجيش وقواته، ويستأنفون الكمائن والهجمات، وتدمير الآليات، وإيقاع نخبة الجيش الإسرائيلي بالكمائن والعبوات، وتعود قذائف الياسين والعبوات وتثخن القوات البرية، وتلزم نتنياهو بالوقوف على التخوم مرتهباً من الهجمات. وأن يبدأ جيشه بالتمرد، ورفض الخدمة، والالتحاق، يعني أنَّ الحرب جارية وأنَّ محور المقاومة بقلبه وقبضته قادر ويؤهل المسارح لهزيمة إسرائيل، ومنعها من تحقيق أي من أهداف حربها. بل وأكثر هزيمة أمريكا وحلفها وأساطيلها وعلى رأسها ترمب، المحارب والمقامر، والذي هدد وتوعد اليمن، وعبره إيران، وأخفق. بل صار يعزل قادته، بدءاً من مستشاره للأمن القومي، والبقية تأتي. فأبطال اليمن وغزة يفقدون إسرائيل آخر عناصر قوتها، التي تتظاهر بها، ويفاخر بها نتنياهو.
البنية التحتية عُطب إسرائيل وعقب أَخيلها، وقد جاوزت في اعتداءاتها كل الضوابط والقواعد والقوانين، ولم تترك مشفى أو مدرسة أو فريق إسعاف إلا واستهدفته، ودمرت بالتشارك مع الأمريكيين وقبلهم السعوديين كل البنى التحتية في اليمن.
والقاعدة الإيمانية التي يلتزمها اليمن والمحور: واعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم…
سلمت الأيادي والعقول والقلوب الصابرة المجاهدة. فالأمل معقود على غزة وشعبها، بثباته وصبره، وعلى الفصائل التي تقاتل بشراسة وأسطورية. وعلى يمن الخير والسعادة والإيمان والحكمة.
نَم قرير العين يا سيد حسن نصرالله، يا أعزَّ الرجال، وأقدر القادة. فالرجال مازالوا على الوعد، وما زرعته ورفاقهم الشهداء والقادة يثمر، وتستمر وتستمرون نماذج حجة في أعناق الأمة وشعوبها ورجالها الأشداء المؤمنين.
فالوفاء لكم يبقى ويتعزز، والتزام عهد وولاء وبيعة، ليتحقق وعدك ونصلي في الأقصى.
هذا وعد غزة والضفة ورجالها، ووعد الأرواح التي تُزهق في كل مكان، وهذا التزام الفصائل في فلسطين، وقبضة المحور التي تتجسد باليمن قبضة فولاذية لا تلين ولن تنكسر.