تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
في مشهد يعكس حجم الإرباك الذي تعانيه أمريكا وبريطانيا وكيان الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة جبهة صنعاء، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي بمعية القوات الأمريكية والبريطانية عدوانها العسكري ضد اليمن، عبر غارات جوية استهدفت أعيان مدنية خالصة أبرزها مطار صنعاء الدولي، مصانع الإسمنت في الحديدة وعمران، وعدداً من محطات الكهرباء ومنشآت حيوية في العاصمة.
غير أن هذا التصعيد لم يكن سوى انعكاس مباشر لحالة الفشل السياسي والعسكري في احتواء التأثير المتصاعد لصنعاء في معادلة الحرب على غزة، بعد مرور أكثر من 18 شهراً على بدء العدوان الصهيوني.
استهداف المدنيين.. مؤشر على العجز لا القوة
العودة إلى استهداف الأعيان المدنية – ومنها مطار مدني مغلق أمام الملاحة الجوية منذ سنوات – يكشف عن عجز عملياتي واستخباراتي في ضرب أهداف عسكرية حقيقية، وهو ما أكده عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي في تصريحاته لقناة الميادين: “اللجوء لاستهداف المدنيين يعكس فشلًا ذريعًا في تحقيق أي تقدم ميداني”.
فالعدو، حين يعجز عن إخماد الفعل العسكري القادم من صنعاء – سواء باستهداف مطارات عسكرية أو منصات إطلاق – يلجأ إلى إيقاع الأذى بمقدرات الشعب، في محاولة يائسة لكسر الإرادة الشعبية المساندة لغزة، وهو رهان ثبت مرارًا فشله أمام صلابة اليمنيين وارتباطهم العميق بقضية فلسطين.
بنك أهداف يتوسع وجرأة في المواجهة
الرد اليمني على الاعتداءات السابقة، كما يبدو من السياق العام، لم يتأخر كثيرًا ولم يكتفِ بالشعارات، بل جاء على شكل تصعيد نوعي وضربات دقيقة استهدفت مواقع حساسة في عمق كيان الاحتلال كان أخرها استهداف مطار “بن غوريون”، الأمر الذي أربك منظومة الملاحة الجوية الصهيونية وأجبر شركات طيران عالمية على إلغاء رحلاتها.
ولم يتوقف الرد عند كيان الاحتلال، بل طال حاملات الطائرات الأميركية والقطع البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وهي مناطق حساسة تشكل عصبًا استراتيجيًا للمصالح الأميركية والغربية.
هذه الهجمات شكلت صدمة لواشنطن، وأعادت إلى الأذهان هشاشة حضورها البحري في منطقة طالما اعتبرتها بحيرة آمنة.
تعاظم الحضور اليمني في معركة غزة
منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، سعت واشنطن وحكومة الاحتلال لتفكيك حلقات محور المقاومة عبر تحييد الجبهة اليمنية، سواء عبر الضغوط أو التهديدات أو القصف.
إلا أن ما حصل كان عكس الهدف تمامًا، إذ تحولت صنعاء إلى لاعب ميداني نشط في ساحة المواجهة، عبر فرض حصار جوي على كيان الاحتلال واستهداف مراكز حيوية بصواريخ ومسيرات طويلة المدى.
بل إن هذه المشاركة – وفق مراقبين – تجاوزت البعد الرمزي إلى تأثير استراتيجي مباشر، تمثل في إرباك خطوط الإمداد والملاحة، وفرض معادلات جديدة على واشنطن نفسها، التي باتت تعيد تموضع قطعها البحرية مرارًا بفعل الهجمات اليمنية.
وحدة الساحات تتجسد عمليًا
الردود المتزامنة من اليمن وغزة ولبنان والعراق تؤكد أن مفهوم “وحدة الساحات” لم يعد مجرد خطاب تعبوي، بل تحوّل إلى عقيدة عملياتية مشتركة، تتكامل فيها الجبهات وتتصاعد فيها مستويات التنسيق، وهو ما عبّرت عنه بوضوح لجان المقاومة في فلسطين حين وصفت العدوان على اليمن بأنه “اعتداء على المقاومة بأكملها، سيواجه برد موحد يعيد رسم معادلات الردع في المنطقة”.
الضربات تُغيّر المعادلة لا العكس