ترمب يصعق نتنياهو ويبطش بالبنتاغون.. اليمن يهزم أمريكا والأطلسي
من هم أبرز المتضررين إلى جانب نتنياهو من إعلان ترمب وقف الحرب على اليمن؟
تحليل/ د. ميخائيل عوض/ وكالة الصحافة اليمنية//
لا يفاجئنا ترمب بمواقفه وإعلاناته التي تقع كالصاعقة على رؤوس حاميَّة، وأخرى مازالت متحجرة ولا تستطيع التفكير من خارج الصندوق.
قلنا منذ زمن؛ أنَّ ترمب ومشروعه والتزاماته لا تتوافق مع خطط ومشاريع نتنياهو، بل ربما باتت متصادمة. وأكدنا بالوقائع بأنَّ العلاقة بين الرجلين ليست على ما يرام، بل في طريقها إلى التصادم.
فنتنياهو وإسرائيل منصة ركنية في مشروعات لوبي العولمة وحكومة الشركات الخفية. وترمب يخوض حرباً لا هوادة فيها لسحق لوبي العولمة وأدواته، وتدمير حكومة الشركات في أمريكا وفي كل مكان.
ناور نتنياهو وأحنى ظهره للعاصفة، وقَبِل الإملاء بوقف حرب غزة قبل يوم من دخول ترمب البيت الأبيض. وعندما التقط أنفاسه، وتسلَّم الأمر من لوبي العولمة تمرد على ترمب، وعاد إلى حرب تدمير وإبادة غزة، ولم يتعظ أو يستجيب لتنبيهات ترمب، ولا أخذ بإعلاناته مراراً عن ضرورة وقف الحرب، وإطلاق الأسرى، ومرةً بحضور نتنياهو كالصوص الممعوط في المكتب البيضاوي.
اشتدَّ ساعد نتنياهو، وانتفخت أوهامه، عندما أعطى ترمب أمراً بالحرب على اليمن، وأنذر إيران بلهجة حازمة. وافترض أنَّ ترمب كُسِر، وأصبح طوع يد البنتاغون، القوة المحورية في لوبي صناعة الحروب والعولمة.
تعنتر كثيراً في لبنان وسورية وغزة، وتطاول على اليمن بضربات مؤلمة بعد قصف مطار بن غوريون. وكان لافتاً الإعلان الأمريكي بأنَّ ضربات اليمن لم تشارك بها أمريكا وبدون علمها.
بينما كانت الطائرات الإسرائيلية تدمر ما تبقى من حطام لمطار صنعاء، واستهدفت معمل الاسمنت، ومخازن الوقود، كان ترمب قد أَنجز اتفاقاً مع اليمنيين بوساطة عُمانية، لوقف العدوان من وراء ظهر نتنياهو ودون إبلاغه.
ثمَّ صَعقه ترمب بإعلان وقف حربه على اليمن من المكتب البيضاوي بحضور رئيس وزراء كندا، وزاد بإرباكه بإعلانه عن خبر هام جدا سيعلن قريباً، وقبل زيارته الخليج. المرجح أن يكون الحدث على صلة بإعلان عودة التفاوض يوم الأحد ١١ الشهر الجاري مع إيران. والأرجح بحسب تسريبات ممثله ويتكوف في التفاوض أن يكون الحدث إعلان وقف الحرب على غزة، والشروع بصفقة تبادل مع حماس، و/أو تموين غزة لمنع تجويعها وتهجيرها قسراً.
في المكتب البيضاوي عندما استدعى نتنياهو على عجل وبالإعلام، وأَجلسه كالصوص الممعوط يصغي لكلام ترمب، أصابه الذهول من إعلان موعد التفاوض على أعلى مستوى مع الإيرانيين، لتأتيه الصعقة. الصفعة الأخطر بإعلان ترمب وقف حربه على اليمن بعد سبعة أسابيع أُنهِكت بحريته، واستُنزِفت ذخيرتها، ولم تفلح طائراته بتحقيق أي هدف، والحرب على اليمن لم ترهب إيران ولا ألزمتها بتقديم تنازلات في المفاوضات .
مؤشرات إعلان ترمب وقف الحرب على اليمن
إعلان ترمب فُهِم عند الجميع وفي أعلى المستويات في إسرائيل كصفعة مؤلمة على وجه نتنياهو، وفُسِر قرار وقف العملية دون إعلام إسرائيل ومن خلف ظهرها بمثابة مؤشر واضح على تخلي ترمب عن نتنياهو وعن إسرائيل، وفك علاقة التبني لها، وتالياً تركها تواجه مصيرها بنفسها، وبدون تبني وتمويل وتذخير وقيادة أمريكية لحروبها، وللدفاع عن مكانتها وهيمنتها وتسيِّدها في الإقليم. الأمر المستحيل بلا إدارة وقيادة أمريكية.
قرار ترمب وقف الحرب على اليمن لم يأتي صاعقةً في سماء صافية، بل سبقه قرار إقالة مستشار الأمن القومي، بسبب موقفه من إيران، وتواصله مع نتنياهو، وتسريبات محادثة سيغنال. وجاء القرار بعد أن أعلن وزير الدفاع الأمريكي تقليص عدد الضباط في الجيش الأمريكي بين١٠% من الرتب الصغيرة الى ٢٠% للرتب الكبيرة، وتقليص موازنات الجيش، وإعادة هيكلته، ليتساوق مع مشروع ترمب لأمريكا اولاً، ووقف الحروب، وتبديد الثروات في خدمة لوبيات صناعة الحروب والشركات ولوبي العولمة.
ضربة واحدة لنتنياهو والبنتاغون ولوبي صناعة السلاح
فوقف الحرب إضافةً لكونه صفعة مؤلمة لنتنياهو، وتبديد لأوهامه، ومؤشر لخسارته الإسناد الأمريكي في حروبه، فهو أيضاً ضربة كاسرة للبنتاغون ولوبي صناعة السلاح والحروب، سيستكملها بحملة تطهير في الجيش، والبطش برجال لوبي العولمة والحروب. ما يُرجح تَمكُنُه من فرض أجنداته، وإنفاذ رؤيته وأولوياته، ونجاحه في إضعاف وتهميش عناصر قوة لوبي العولمة في المؤسسة الأمريكية. فالبنتاغون، وبيروقراطية وزارة الخارجية، والدولة الاتحادية، كانت مساند وأعمدة سيطرة لوبي العولمة على أمريكا وإدارتها واستثمارها لصالحه في الحروب التي يسميها ترمب عبثية لا فائدة لأمريكا منها.
من غير المستبعد أن يُتِم ترمب مفاجآته وصفعاته للوبي العولمة وأدواته في الإقليم، بإعلان عن قرب اتفاق نووي مع إيران، تشير المعطيات إلى نضجه وتوفر ظروفه عند الفريقين، ومن بين الأدلة شروع الخبراء بالتفاوض، ما يعني أنَّ الأمور الأساسية حُسِمت. وبإعلان موعد العودة إلى التفاوض، وبإعلان ترمب عن خبر كبير وسار قريباً، يصبح احتمال الاتفاق كبيراً. ومع تقدم المفاوضات، وكسر عنق البنتاغون، يصبح إلزام نتنياهو بالخنوع، وقبول وقف النار في غزة، وتجرع كأس الهزيمة المُرَّة، أو إعلان ترمب الصريح التخلي عن نتنياهو وإسرائيل وتركها لشأنها أمراً مؤكداً. ومن المؤشرات عدم زيارة إسرائيل في جولته الخليجية، ما سيطلق مفاعيل وتطورات دراماتيكية في انعكاساتها على حرب نتنياهو وعلى مكانته في إسرائيل، وعلى إسرائيل ومستقبلها ووجودها في المنطقة.
فإسرائيل بلا إسناد دولي، وبلا تبني وتمويل أمريكا لا تقوى على البقاء.
قلنا وأكدنا وشرحنا مراراً؛ أنَّ ورطة ترمب في اليمن إما تكون مقتلته، ويبدأ نفاذ عهده باكراً. ورجحنا أنها مناورة مُتقنة منه، لاختبار وتبديد قوة البنتاغون وحلفائه، وعندما يفشلون يصبحون لقمه سائغة في فمه، يسهل عليه توجيه ضربات كاسرة للبنتاغون ونتنياهو وأدوات لوبي العولمة في الإقليم، لتصفيته والتفرغ لإنجاز مهامه ورؤيته. ومن المعطيات الدَّالة حملة الأردن على الإخوان المسلمين، وما يجري من تحضير لحملة مشابهة في الكويت. والمنطقي أنَّ دور إردوغان والجولاني وسيدهم ماكرون آت، آت..
وقف الحرب على اليمن بداية الغيث، والجاري من أحداث ومؤشرات تقطع بانتهاء عصر التبني الأمريكي لإسرائيل، وتمويلها وتفويضها بإدارة الإقليم والسيطرة عليه.
وأنها في الزمن لخسارة كل حلفائها، وأدواتها المحلية والعربية والإسلامية، فدورها الوظيفي قد انتفى.
وبخسارة نتنياهو والبنتاغون، وهزيمتهم في الحرب على اليمن، مقدمات لهزيمة إسرائيل في غزة. وبالحملة على الإخوان وفصائل الإرهاب المتوحش وسيدهم إردوغان، تفقد كُل وآخر أوراقها وأدواتها، لتبدأ رحلتها في الأزمات والتداعي، وانحسار القوة، وتراجع حضورها وسطوتها، بتسارع وانكشاف أوهام وعنتريات نتنياهو الخلبيَّة، وكذا تداعي وانهيار حملات التوهين والتوهيم، ونفخ عضلات نتنياهو، وتكبير حجم قدرات إسرائيل وتمكُنِها.
الزمن الجاري قلناه منذ جولة سيف القدس ؛٢٠٢١هو زمن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر. وجزمنا ونعيد التأكيد؛ أن إسرائيل هُزمت في الحرب، ولو أنَّ المحور لم ينتصر.
هزيمتها كما أعلن غالانت ونتنياهو تعني؛ لا مكان لها في المنطقة.