المصدر الأول لاخبار اليمن

الجولاني عند ماكرون؛ المستجير من الرمضاء بالنار!

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

تباينت الآراء في تقييم مستوى استقبال الجولاني في فرنسا، وكذلك التحليلات والتوقعات، وذهبت بعضها لاعتبارها مفصلية في تقرير مستقبل سورية وإدارتها. وذهب آخرون إلى اعتبارها استدعاء من وكيل لوبي العولمة، للاتفاق مع الجولاني على تسليم سورية لمجلس عسكري، وحكومة مؤقتة، مع ضمان بقائه رئيساً شكلياً بلا صلاحيات إلى حين دنو ساعة خلعه.

أنصار الجولاني ومحبيه رحبوا وهللوا، وتعاملوا معها على أنها تعويم بعد أن خبا نجمه وتراجع حضوره، وبات معزولاً في قصر الشعب، يحاول لفت الإعلام التواصلي بممارسة رياضة كرة السلة مع وزيره وبالثياب الرسمية.

في حقيقة الأمر والمعطيات المادية الملموسة لا تتعدى وظيفتها إشغال مساحات إعلامية، للتذكير بأن الجولاني رئيساً لسورية. وكذا ليمارس ماكرون مهنته في الاستعراضات اللغوية وحركات الجسد، لتأكيد دوره ووظيفته ممثلاً ووكيلاً لروتشيلد ولوبي العولمة في أوروبا. وبخسارة لوبي العولمة أمريكا صار ماكرون نجمه المفضل، بعراضاته وبهوراته، يستخدمه لوبي العولمة وحكومة الشركات واجهة لتعطيل جهود ترمب العالمية في أوكرانيا كذلك في أوروبا والإقليم.

 

تجمع القوى والأدوات لإعاقة ترمب

وقد تكون محاولة بائسة في سعي لتجميع القوى والأدوات، وتظهيرها كقوة إعاقة لخطوات ترمب الجارية في سعيه لإضعاف أدوات لوبي العولمة في الإقليم، تمهيداً لشطبه. فقد جاءت الزيارة على وقع إعلان ترمب وقف حربه الخاسرة على اليمن، وإشاراته الدَّالة على إدارة ظهره لنتنياهو وإسرائيل، وإملاءاته للشروع في تصفية الإخوان المسلمين في الأردن والكويت، لإكمال المهمة على إردوغان.

ينقص قمة “الجولاني- ماكرون” حضور إردوغان الذراع القوية والنشطة عند لوبي العولمة، وأمير قطر الممول السخي.

كشف المؤتمر الصحفي المشترك حقيقة أنَّ الزيارة شكلية اعلامية استعراضية لا أكثر. ولم يترتب، ولن يترتب عليها أية نتائج عملية، ويصح فيها قول “يا طالب الدبس من قفى النمس يكفيك شر العسل”..

الجولاني أوفى وظيفته فلا إسرائيل بحاجة إليه بعد أن وفر لها فرص تدمير الجيش السوري ومعداته وحصونه. ولا هو قادر أن يقدم مكسباً لنتنياهو العاجز في غزة

الجولاني فقد جاذبيته، وأوفى وظيفته في إشاعة التوحش ويديره لتحقيق التتريك. ولم يعد في جعبته ما يقدمه سوى التفاوض مع إسرائيل برعاية وتمويل قطري إماراتي، وإدارة “إردوغانية –ماكرونية” ويصح فيه القول؛ “الله طعمه الحاج والناس راجعة”. فلا إسرائيل بحاجة إليه بعد أن وفر لها فرص تدمير الجيش السوري ومعداته وحصونه. ولا هو قادر أن يقدم مكسباً لنتنياهو العاجز في غزة، والمأزوم في إسرائيل، والمصعوق من تخلي ترمب عنه وعن إسرائيل. وبحسب الأدبيات الإسرائيلية؛ إسرائيل ذاتها أصبحت قاب قوسين من خطر الزوال. فما الذي يقدمه الجولاني باستسلامه وبيعه سورية لنتنياهو، وتلزيم اقتصادها لماكرون؟

زيارة خائب الرجا للمتعوس، وكلاهما في حالة إفلاس، لا يضيف أحدهما شيئاً للآخر، ولا يستطيع تعويمه أو تقويته. فماكرون يترنح في فرنسا، والنخب المعولمة التي فوضَتَّها حكومة الشركات بإدارة أوروبا جُلُّها مأزوم ويَعد أيامه العادية، ويدرك أن زمنه ينفذ، بين استهدافه من ترمب، وبسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة، والمرجح انفجارها في زمن العجز المطلق عن الإحاطة بها واحتوائها. فكيف بمعالجاتها ؟!

زيارة ترمب والصراع المرتقب

مستقبل سورية وحرب غزة، وكيف سترسو المعادلات في الإقليم، ومتى، وكيف سيرحل الجولاني وهيئته، وحجم الصراع المرتقب بين فصائل تحرير الشام والغرباء، مرتبط إلى حد كبير بنتائج زيارة ترمب للخليج، وكم سيجبي من تريليونات الدولارات، وما ستؤول إليه المفاوضات الإيرانية الأمريكية المرجح وصولها إلى خواتيم إيجابية ليبنى على الشيء مقتضاه، وترتسم حدود القوة وخطوط الصراع، بما في ذلك وضع ومستقبل تركيا وإردوغان.

المؤكد؛ وبالتجربة والوقائع المعاشة، أنَّ ترمب محارب صلب وذكي وهجومي، ولم يسبق أن غفر لمن خانه أو غدر به. وتجربته مع نتنياهو وإسرائيل خير وأكبر دليل لمن لا يتعظ.

تذكروا وتفكروا وتعقلوا؛ إسرائيل الولد المدلل لأمريكا، ونتنياهو الحاكم في أمريكا حكومة الشركات، والذي أخضعها لمشيئته وقرارات حزبه، وألزم بايدن رئيسها أن يقدم له فروض الطاعة، رفسه ترمب وعامله كإمعة، وكصوص منتوف. فأين منه إردوغان والجولاني وماكرون؟!

إنه زمن اللامعقول، والبجعات السود. فتنبهوا، ولا تنبهروا، وتعقلوا، كي لا تُصعقوا وتأخذكم المفاجآت دوماً.

قد يعجبك ايضا