المصدر الأول لاخبار اليمن

ترمب يسدد رمياته عالمياً

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

بعد أنَّ أَمنَّ نفسه في توازنات أمريكا، وعزز مشروعه، وسدد ضربات كاسرة لحكومة الشركات وصناعة الحروب.
فأنهى ذراعها العولمية وكالة التنمية USAID، وصفى نفوذها في الدولة الاتحادية والوكالات، وأضعف قبضة وزارة العدل ودجنها، وأضعف وزارة الخارجية، ويعيد تشكيلها بتصفية بيروقراطيتها العولمية، وعطل جهاز الأمن القومي، وأقال المستشار وكلف وزير الخارجية بادارته، للحد من نفوذه على الإدارة وتقرير سياساتها الخارجية، ونجح بتهميش البنتاغون بعد أن حشره في زاوية اليمن، وحجَّمَه مستفيداً من عجز وهزيمة البحرية الأمريكية. وأفشل الثورة الملونة التي حاولها سوروس. بات أقوى في فرض رؤيته وتحقيق التزاماته العالمية ويسعى لتحصين انجازاتها والتحوط من خبث وقوة حكومة الشركات وادواتها.

أَمر بوقف الحرب على اليمن، دون علم أو استشارة نتنياهو. ولم يلزم الحوثيين إلا بوقف متبادل مع أمريكا. ووجه صفعة ثانية لنتنياهو بأن اتفق مع حماس على إطلاق سراح الأسير الأمريكي (عيدان ألكسندر)، بمقابل تأمين غزة بالغذاء والإيواء، وحكماً إلزام نتنياهو بوقف حربه، وإعلان هزيمته الوجودية.
وفي ذات التوقيت؛ أعلن حزب العمال الكردستاني وقف الحرب وحَل نفسه. بينما بدأ الأردن حملة على الإخوان، وتستعد الكويت لمثلها. في إشارات عما يفكر به، للتعامل مع ما تبقى من أذرع العولمة ولوبياتها في الإقليم والعالم.

لأنه تمكن من أمريكا وبات في وضع مريح، لم يعطي لوبي العولمة فرصة في إشغاله بحرب إقليمية بين باكستان و الهند التي يقودها رئيس وزراء مأزوم، ويعمل بأوامر حكومة الشركات المنكسرة في أمريكا، كما تعمل فصائل الإسلام السياسي والعسكري في كشمير كما شقيقاتها العالمية عند ذات المعلم، فافتعلت أسباب لتبرير الحرب غير الضرورية ولا المتوفرة لها أسباب وعوامل وشروط ، سوى حاجة لوبي العولمة في حربه ضد لوبي الأمركة الترامبي .وامر بوقف فوري للنار فارضاً خطته ومشروعه، لوقف الحروب التي لا تخدم إلا لوبي العولمة وصناعة الحروب.

 

وقبل وصوله إلى السعودية لجباية تريليونات الدولارات، واستلام الطائرة الرئاسية هدية من قطر، وقصد أميرها إغرائه ورشوته، ليصفح عنه بسبب علاقته بالإخوان المسلمين، وتمويل الإرهاب الذراع الأكثر توحشاً للوبي العولمة، أعلن عن عدم إلزامه محمد بن سلمان بالتطبيع مع إسرائيل، بل وزاد من جعبته مفاجأة مدوية من شانها أن تفجر إسرائيل بتسريبات أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية، وتالياً فرض حلاً على إسرائيل يستحيل أن تقبله أو تمرره، بعد أن أصبحت “يمينية –تلمودية” ويهيمن عليها كلياً اسرائيل “يهودا”، بعد أن أضعفت إسرائيل “الإشكنازية”.

 

في ذات السياق ألزم زيلنسكي باللهاث خلف محاولة هدنة، والاستجابة لدعوة بوتين للتفاوض في تركيا، بدون شروط مسبقة. ومن تسديداته إعلان نجاح جولة المفاوضات النووية مع إيران، بعد أن اتفق على المسائل والقضايا الجوهرية في جدول الأعمال، وشرع الفنيون والخبراء بعملهم التكميلي.
وجاءت ضربته المحكمة، بالإعلان عن نجاح المفاوضات الاقتصادية مع الصين، وقرب إعلان التوافق.

 

هذا هو ترمب؛ المحارب الحازم العارف ما يريد، والجاد بتغيير أمريكا، وإعادة هيكلتها، والساعي لتحريرها، والتحرر من حكومة الشركات ولوبي العولمة وأدواته في أمريكا وفي العالم.

وبإعلان وتكوف أَنَّ ترامب لا يحب الحروب، ويتجاهلها كلما توفرت فرص لتحقيق غايته بالتفاوض، وعبر السلام، ترتسم ملامح الحقبة الترامبية العالمية، التي يبدو أنها ستسير على محورين؛

محور تصفية واحتواء وتدجين لوبي العولمة وحكومة الشركات وأذرعها، كما في أمريكا أيضاً في العالم.
ومحور تعزيز مكانة ودور أمريكا عالمياً، واستعادتها وتطويرها داخلياً، بعد إعادة هيكلة دولتها، وتغيير طبيعتها، وتحريرها من سيطرة حكومة الشركات الخفية، التي اغتصبتها ونهبتها، ووظفتها لفرض عولمتها بالحروب والتدمير، لتأمين نهبها للعالم والبشرية وجهدها لتسويق أنماطها وقيمها.

والحال جارية على هذا النحو، وفي الواقع المعاش وأحداثه، وأمريكا قوة مهيمنة ومقررة عالمياً، وتتغير. فالمنطقي أنها ستغير في العالم وتوازناته ومساراته المستقبلية، وستكون منطقتنا وإقليمنا من أكثر الأقاليم تأثراً، وستحدث فيه التغيرات الدراماتيكية والمتسارعة.

إسرائيل تشكلت، وصُنِّعَت وتَأَمنت، وأُطلقت يدها لتتسيد، بصفتها منصة لوبي العولمة، الأكثر أهمية والأعلى قيمة وجدوى.
ترمب يتحول بأمريكا الترامبية للتخلي عنها. فمشروعه وبيئته ورؤيته تتعارض معها، ومع دورها، ووظيفتها. بل نتنياهو بحماقته تصادم مع ترمب واستفزه.
وإسرائيل في أعلى درجات تأزمها، وصراع قبائلها، وقادها نتنياهو في حرب وجودية، وكرر قوله؛ إذا لم تنتصر بها، فلا مكان لها في المنطقة.
إسرائيل هُزمت بالحرب، وفقدت دورها الوظيفي، ولم تعد مهمة لأمريكا. وأوروبا مأزومة، وقاصرة، وعاجزة، وأزماتها تتفجر تباعاً، ولن تؤمنها. أما الصين وروسيا؛ فلا أساس لفكرة أنَّ أحدهما سيرث عبئها ويؤمنها.
ماذا تبيع إسرائيل؟ ولماذا ستبقى زرعاً خبيثاً في بيئة لم ولن تقبلها؟

سمات الترمبية أنها تسعى للصفقات والربح، وجباية الأموال، وتأمين أمريكا وتحصينها. وإذا تأمنت بالتفاوض والتهديدات، والهوبرات، فلماذا تحارب؟!، ولماذا الحروب؟!
ترمب ذكي، تاجر محارب، مجرب، عازم وعارف ماذا يريد، ويسدد ضرباته، وتصيب.

أصاب في جَز مرتكزات لوبي العولمة، وفرض الضرائب الجمركية، ووفر بإجراءاته تريليون دولار من إنفاق الدولة الاتحادية، ووفر ترليون من الضرائب. وسيجمع ٤ تريليون من الخليج، والاتفاق مع إيران. وزعم أنه ألزم الشركات، وأصحاب الأموال بتوظيف ترليونات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي. وبإجراءاته أخرس الخبراء والباحثين، الذين هولوا كثيراً بالمخاطر المترتبة على إجراءاته، ولم يحصل أي من تهويماتهم وأفكارهم البالية. ويستمر بإجراءاته.
كما في الاقتصاد، وإعادة هيكلة النظام والدولة، كذلك في فرض أجنداته عالمياً، ويغير في قواعد التفاهمات والاشتباكات.
على من سيكون الدور بعد نتنياهو وإسرائيل؟
نتابع لنعرف المستقبل ومساراته.
عالم جديد يولد، وأمريكا تتغير، وسيتغير العرب والإقليم.

 

قد يعجبك ايضا