سجل استشهاد الطفلة ذات الـ 13 عامًا، يقين حماد، في دير البلح بوسط غزة، واحدًا من أوجع مشاهد القتل الإسرائيلي، يقين، طفلة فلسطينية، مثل كل الأطفال الذين يكبرون بأحلامهم قبل أعمارهم، يحققون طموحهم منذ نعومة أظافرهم، وتُكتب نهايتهم، قبل أن يكتبون مناهج أيامهم على جدران الحياة.
يقين حماد، أصغر ناشطة فلسطينية، كانت توثق حياة أبناء القطاع بحلوها ومرها، تحت القصف ووسط النار، بين الخيام وفي الأزقة، أو في لحظات استراحة عابرة يسرقها المرهقون من الزمن.
أظهرت الطفلة، التي صادرت روحها آلة الموت الإسرائيلية، تفاصيل الحياة في غزة، مثل الذهاب إلى المدرسة، اللعب مع الأطفال، توزيع الطعام، وغيرها من الأعمال التي كانت تشكل لمحات أمل، يقتات عليها الجميع ليستمروا في الثبات والصمود.
فتاة بعمر الزهور، كانت تتقاسم مع أبناء جيلها، لحظاتهم، تُشارك في حملات دعم الأيتام والأسر النازحة؛ لتحصد متابعة الآلاف من الناس داخل وخارج القطاع.
الفتاة بكل براءتها، وعفويتها، تحولت بعد غارة إسرائيلية غادرة، من وجه مبتسم إلى ضحية جديدة، تُضاف إلى سجلات الوحشية الصهيونية.
عندما وصلت يقين إلى سن الـ11 أصبحت أصغر ناشطة إعلامية في غزة وأصغر متطوعة في فريق خيري، حملت هم غزة تمامًا ككبارها، ووصل صوتها إلى العالم، بعدسة هاتفها، من زاوية مخيم تهجير، يكتظ برائحة الجوع والشتات، طفلة صغيرة، لا تعرف الخوف، تبتسم في أحلك الظروف؛ لتُشعر من حولها أن أصحاب الحق، سينتصرون والقضية كلها مسألة صبر واستبسال.
تمتعت “يقين” بشخصية مرحة وذكية، امتلكت القدرة على جذب المتابعين بحضورها التلقائي، حظيت بشعبية كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتيك توك، في أحد منشوراتها على وسائل التواصل كتبت ذات مرة : “أحاول إدخال البهجة إلى قلوب الأطفال الآخرين حتى يتمكنوا من نسيان الحرب”.
وفي منشور آخر كتبت: ” كان اليوم يومًا فرحًا لأيتام غزة – كنا نمنحهم ملابس جديدة لنُدخل السرور إلى قلوبهم”.
في الحقيقة الطفلة يقين لم تمت، لقد أصبحت ذكرى تحفر في جدار الظلم، طفولة لا تغيب عن سماء الحقيقة، صورة تطل من بين الركام، تذكر الجميع بأن الحرب لا تصادر ضحكات الأطفال، لا تباغت أحلامهم فقط، بل وتقتلهم، دون رحمة.
هذا ما حدث لأصغر ناشطة فلسطينية في يوم الجمعة 23 مايو من هذا العام، صاروخ إسرائيلي يستهدف منزلها، ليتم انتشالها من تحت الأنقاض جثة، تحكي قصة بطولية لـ طفلة لم تتخل عن أرضها وأهلها، رغم ضراوة الاحتلال.