المصدر الأول لاخبار اليمن

مغامرة إيران باستهداف قواعد أمريكا في المنطقة.. الطريق الأقرب لخنق واشنطن استراتيجيًا

تقرير/وكالة الصحافة اليمنية//

تتخذ المواجهة بين الاحتلال الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، نهجًا تصاعديًا في الصراع القائم بينهما منذ قيام الثورة الإسلامية والذي بلغ ذروته مطلع الأسبوع الجاري، عندما وجه الاحتلال ضربات جوية داخل العمق الإيراني، واستهدف منشآت نووية وقتل قيادات بارزة وعلماء ذرة في قصف مباغت على العاصمة طهران.

التوقعات الإسرائيلية بشل قدرات حرس الثورة الإسلامية في إطار استراتيجية الصدمة، تلاشت في نفس اليوم، بعد أن رتبت القيادة الإيرانية أوراقها سريعًا، وأصدرت جملة تعيينات جديدة، حفاظًا على التوازن الذي أرادت “إسرائيل” تحطيمه بضربة استباقية أولى.

 

تدرك إيران جيدًا أن الاحتلال الإسرائيلي، لا يتصرف بمفرده، وأن البدء بخوض الحرب، هي رغبة إسرائيلية – أمريكية بعد التعنت الأمريكي في المفاوضات التي جرت بينهما في مسقط وروما.

 

الإدارة الأمريكية منحت إيران فرصة 60 يومًا لإعادة تخصيب اليورانيوم عند الرقم “صفر”، فيما ردت طهران بأنها لن تخضع لهذا الابتزاز وأن من حقها تطوير قدراتها النووية السلمية، وخلال المفاوضات كان رئيس وزراء الاحتلال، يُهدد بضرب إيران، بحجة أنها أفشلت المفاوضات وتمردت على شروط واشنطن، وفيما كانت المفاوضات تتجه نحو جولة سادسة في مسقط، خلطت طائرات “إسرائيل” الأوراق وبعثرت آمال الخروج باتفاق يضمن حق إيران في المضي قدمًا في برنامجها.

 

تتسع المعركة الآن، القصف متبادل بشكل يومي، أمريكا تدعم “إسرائيل” استخباراتيًا، وتزود طائراتها بالوقود؛ إلا أن مهمتها الفعلية لم تبدأ بعد. إيران تدرك النوايا الأمريكية تجاه نظامها الثوري وبرنامجها النووي ونفوذها في المنطقة، وتؤكد استعدادها للرد بقوة؛ لكن السؤال الذي يفرض نفسه وسط النار، لماذا تنتظر طهران الطلقة الأمريكية نحوها، ولماذا لا تكون الضربة الاستباقية لقواعد واشنطن في الشرق الأوسط، إيرانية المنطلق.

 

 استراتيجية الحروب الأمريكية

 

المؤشرات التي لا تخفى على إيران، أو مراقبي الوضع في المنطقة، أن المشاركة الأمريكية المعلنة في الحرب، مسألة وقت، وهي استراتيجية لطالما نفذها الجيش الأمريكي في معظم حروبه (الحلفاء يمهدون، ثم تحصد واشنطن الثمرة).

 

بحسب وسائل إعلامية أمريكية وعبرية، يُصعد البنتاجون من استعداده العسكري في الشرق الأوسط، ووفقاً لموقع The Aviationist المتخصص، فإن أسرابًا من مقاتلات إف-22 رابتور وإف-35 لايتنينغ 2 في طريقها بالفعل إلى المنطقة، وذلك بعد ما وصفه وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث بـ”تعزيز الوضع الدفاعي في المنطقة”.

 

في المحيط الهندي، وتحديدًا في قاعدة “دييغو غارسيا” ، القريبة من إيران تتمركز القاذفات الأمريكية بي 52، وهذا التهديد الذي يستهدف المنشآت النووية الإيرانية، ألحقه الرئيس الأمريكي ترامب أمس الثلاثاء، بتصريح نشره في منصة “تروث سوشيال” هدد فيه باغتيال السيد علي خامنئي.

 

وبصرف النظر عن مدى صدق ترمب المعروف بكثرة الكذب واستغلال الحرب النفسية، فإن هذا التصريح إعلان حرب أمريكي صريح، وتأكيد على أن واشنطن تريد الذهاب بالحرب إلى أبعد مدى.. فماذا تنتظر إيران؟

 

ورقة ضغط إيرانية

 

في المقابل، يأتي تهديد إيران باستهداف “القواعد الأمريكية” بمثابة ورقة ضغط، إذا ما شاركت واشنطن في الحرب أو شن أي هجوم عليها. ومع أن أمريكا الداعم الرئيسي للاحتلال في المعركة الحالية، وكل المؤشرات تقود إلى طريق التدخل الأمريكي المباشر، تحافظ طهران على صيغة التهديد للمناورة وخلق حالة تشويش لدى خصومها، وتأكيد بأن الحرس الثوري قادر على إلحاق الضرر بهذه القواعد، كما حصل عقب اغتيال قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، حين ضربت الصواريخ الإيرانية قاعدة “عين الأسد” في العراق عام 2020.

في هذا الشأن، قالت صحيفة ” نيويورك تايمز” إن إيران جهزت صواريخ ومعدات عسكرية أخرى لشن ضربات على قواعد أميركية في الشرق الأوسط إذا انضمت إلى “إسرائيل” في حربها على طهران.

 

الصحيفة نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم أنهم اطلعوا على تقارير استخباراتية، تفيد بأن البدء بهجوم أمريكي، سيضطر إيران إلى زرع ألغام في مضيق هرمز وضرب القواعد الأمريكية، ليؤكد تقرير إيراني صحة ذلك.

في المقابل، أقر مسؤولان إيرانيان بأن البلاد ستهاجم القواعد الأميركية في الشرق الأوسط، بدءً من تلك الموجودة في العراق، إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الحرب.

 

تهديد سخيف

 

إذن ما الذي يمنع طهران من توجيه ضربة استباقية للقواعد الأمريكية، طالما أن التدخل الأمريكي ضدها مرهون بقرار من البيت الأبيض، الذي يبدو أنه لن يتأخر في إصداره، إلا في حالة قبولها بالشروط الأمريكية، وهي شروط أغلق السيد خامنئي الباب أمامها من خلال رفضه تهديدات ترامب ووصفها بالسخيفة.

 

على أرض الواقع، تمتلك إيران ترسانة صواريخ باليستية، وصواريخ كروز وطائرات مسيرة، حيث تمتلك طهران، أجيالاً جديدة من صواريخ أكثر دقة وخفة ورؤوسًا حربية متعددة، بعض هذه الصواريخ تعمل بالوقود الصلب مما يزيد من قوة الدفع ويقلل من وقت التحضير للإطلاق.

 وفي النطاق العسكري، تنتشر القواعد الأمريكية في دول خليجية، مثل البحرين – قطر – الإمارات، وهي دول تقع في مرمى الاستهداف الإيراني.

 

قواعد أمريكا في المنطقة

 

تتوزع القوات الأمريكية في أكثر من 19 موقعًا في ما يسميه الغرب بـ “الشرق الأوسط”، ثمانية منها تعتبر قواعد دائمة، والقواعد الأقرب للصواريخ الإيرانية هي: قاعدة العديد الجوية في قطر، وقاعدة الظفرة الجوية في الإمارات، والقواعد البحرية الأمريكية في البحرين: مقر الأسطول الخامس الأمريكي، وقاعدة عين الأسد الجوية في العراق، بالإضافة إلى معسكر عريفجان في الكويت، وقاعدة موفق السلطي الجوية في الأردن، والقواعد في سوريا (مثل التنف وعين عيسى).

 

إذا لم تباغت إيران هذه القواعد بضربات استباقية، فإنها قد تقع بين كماشتي واشنطن وحلف والناتو، بعد استنزافها عسكريًا واستهلاك عدد كبير من صواريخها الباليستية، ما قد يدفعها لاحقًا إلى تقديم التنازلات، وأي تنزلات ترضي الغرب غير  “تغيير النظام” وتبعات ذلك على الكثير من الجوانب السياسية في إيران ومحيطها والمنطقة بكلها.

 

يمكن القول أن توجيه ضربة استباقية إلى قواعد أمريكا في الخليج مهما كان تأثيرها على المنطقة؛ إلا أن ذلك سيخلق حالة ردع متوازن والعودة إلى طاولة المفاوضات من مصدر قوة، شريطة الدخول في المغامرة؛ كون النتائج السيئة تكمن في السلوك المتردد، خاصة إذا كنت تمتلك أوراق اللعب خلف وأمام الكواليس.

 

 

مواجهة صنعاء لـ واشنطن

 

تستطيع إيران استلهام نتائج معركة اليمن مع أساطيل أمريكا في البحر، فالجرأة اليمنية زلزلت الهيبة الأمريكية لحاملات الطائرات التي تناوبت على التواجد في البحرين الأحمر والعربي قبل أن تفر بفعل صواريخ ومسيرات صنعاء إلى آخر نقاط في البحرين، ما تسبب في انتكاسة للبحرية الأمريكية بعد إخراج أربع حاملات طائرات عن الخدمة وسحبها إلى قواعدها في أمريكا.

لولا هذه الجراءة والاستبسال والصبر، ومواصلة استهداف البوارج الأمريكية وقصف “تل ابيب” معًا، لكانت الأهداف التي رسمها الاحتلال وواشنطن، أكثر تعقيدًا ولطال أمد المواجهة وربما زاد الكلفة على صنعاء، لكن ستراتيجية صنعاء في المواجهة نجحت في تقليص التأثير إلى أقصى مدى، وأربكت الإدارة الأمريكية، وهو ما يعني أن مواجهة واشنطن تحتاج إلى الضرب بيد من حديد لتحطيم صورتها أمام العالم.

قد يعجبك ايضا