المصدر الأول لاخبار اليمن

وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وإيران.. خطوة نحو إنهاء الحرب أم تحضير لجولة جديدة؟

 

 

تقرير / وكالة الصحافة اليمنية //

 

رغم اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران ما زالت لغة التصعيد هي المسيطرة على اللهجة “الإسرائيلية ” والأميركية، ما يطرح سؤالًا حول النوايا الأميركية و”الإسرائيلية” تجاه إيران مستقبلًا، وهل كان وقف إطلاق النار فعلًا رغبة “إسرائيلية” أميركية لإنهاء الحرب مع إيران أم استراحة للتحضير لجولة قادمة من العدوان؟

من خلال القراءة الأولية للمواقف “الإسرائيلية” التي صدرت عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار مع إيران، لا تؤكد المؤشرات تخلي الاحتلال الإسرائيلي عن فكرة العدوان على إيران مجددًا، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي “يسرائيل كاتس” في تصريحات له الجمعة، إنه أصدر تعليماته للجيش بإعداد خطة تنفيذية ضد إيران عقب حربهما الجوية التي استمرت 12 يومًا. مضيفًا أنّ الخطة “تشمل الحفاظ على تفوق الاحتلال الجوي ومنع طهران من إحراز تقدم نووي وإنتاج الصواريخ، والرد على إيران على ما أسماه دعمها الأنشطة الإرهابية المعادية لإسرائيل، في إشارة إلى المقاومة.

ووفق ما صرح به “كاتس” فإن ما أسماها الحصانة انتهت بعد الـ7 من أكتوبر 2023، وستعمل ” إسرائيل” دائمًا لإحباط ما أسماها التهديدات الإيرانية، مضيفًا أن عدوان الاحتلال على الجمهورية الإسلامية مؤخرًا، ليس سوى البداية لما أسماها سياسية “إسرائيلية” جديدة، في إشارة إلى أن العدوان على إيران سيستمر.

 

تهديدات جديدة

 

لم تمر ساعات على تصريحات “كاتس” حتى خرج الرئيس الأميركية دونالد ترمب بتصريحات قال فيها إنه سيفكر في قصف إيران مجددًا إذا عادت إلى تخصيب اليورانيوم، داعيًا طهران إلى العودة لما أسماه بـ “الاندماج في النظام العالمي” وإلا ستزداد الأمور سوءا بالنسبة لها، وفق تعبيره، وبهذه التصريحات جاء الموقف الأميركي متوافقًا مع الموقف الإسرائيلي من حيث إمكانية استئناف العدوان على إيران.

ويبدو أن حكومة الاحتلال غير مقتنعة بنتائج هذه الحرب، خصوصًا أن التقديرات الأمنية والاستخباراتية التابعة لأميركا تقول بأن الضربات الإسرائيلية والأميركية لم تقض على البرنامج النووي الإيراني، وإنما أخرته فقط لسنوات، وهو ما يفسر الموقف “الإسرائيلي” ويؤكده الإعلام العبري؛ ففي مقال للمحلل العسكري الصهيوني في موقع “زمان يسرائيل” العبري أمير بار شالوم، قال إن المعلومات غائبة حتى الآن عن نتائج القصف الأميركي في “فوردو”.

وحسب شالوم، فإن الحديث في التقارير الأمنية ليس عن “تدمير مطلق” للبرنامج النووي  وتصريحات “نتنياهو” جاءت فقط لدعم الرئيس الأميركي ترمب في روايته حول التدمير الكامل للمنشآت النووية الإيرانية لتجنب إحراجه.

ويضيف شالوم أن التقارير “الإسرائيلية” تشير إلى تحذير مهم، وهو أن الإنجاز العسكري يمكن الحفاظ عليه فقط إذا مُنعت إيران من الوصول مجددًا إلى موادها النووية، في تلميح إلى إمكانية تجدد الحاجة إلى ضربات مستقبلية، مما يعزز الشكوك حول عدم تحقيق أهداف الحرب وعدم تدمير المشروع النووي الإيراني وربما عدم التأثير عليه مطلقًا.

كما يشير شالوم إلى مصير نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، محذرًا من احتمال أن يدفع الفشل “الإسرائيلي” الأميركي بتدمير المنشآت النووية المرشد الإيراني قائد الثورة والجمهورية السيد علي خامنئي، لتسريع برنامج القنبلة، لافتًا إلى أن الاتفاق الحالي ليس أكثر من هدنة مؤقتة، معرضة للتفسيرات المتناقضة والانزلاق السريع نحو مواجهة جديدة.

وفي السياق سلطت صحيفة “معاريف” العبرية الضوء على تقييمات سياسية وأمنية تشير إلى أن وقف إطلاق النار الأخير بين “إسرائيل”  وإيران لم ينه المعركة بين الطرفين، بل ترى أنه بداية مرحلة جديدة أكثر خطورة.

وإضافة إلى ما سبق نقلت هيئة البث التابعة للاحتلال عن مسؤولين قولهم إن وقف إطلاق النار مع إيران، الذي أعلنه ترمب، “لا يقدم حلولًا للكثير من القضايا العالقة وعلى رأسها  ما أسمته التهديد الإيراني المستقبلي.

وبحسب المسؤولين فإن “إسرائيل” لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي أو تطوير صواريخ باليستية تهددها، وستتحرك بقوة إذا رصدت أي تحرك إيراني بهذا الاتجاه”، في تلميح إلى احتمالية استئناف العدوان على إيران .

 

مخاوف إسرائيلية 

 

وعن التفسيرات لتصريحات ” كاتس ” على ضرورة الحفاظ على التفوق الجوي  كشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية الجمعة، عن مخاوف إسرائيلية من احتمال حصول طهران على طائرات مقاتلة صينية، عقب انتهاء الحرب التي استمرت 12 يومًا.

وقالت الصحيفة “إن وسائل إعلام عسكرية أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن مسؤولين إيرانيين أعربوا من جديد عن اهتمامهم بشراء طائرة مقاتلة صينية متطورة من طراز J-10C خلال زيارة وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده إلى العاصمة بكين، مضيفة أنه “شوهد الوزير الإيراني جالسًا في قمرة قيادة الطائرة المقاتلة، وإن لم تكن من أحدث الطرازات المُنتجة في الصين، فقد خضعت مؤخرًا لإختبار أثبت قدراتها على بعض أفضل الطائرات التي يُقدمها الغرب”.

ووفق “إسرائيل هيوم” فإن إيران فكرت سابقًا في توقيع صفقة شراء كهذه مع الصين، لكن بكين فضلت عدم إثارة غضب واشنطن واختارت الإمتثال لحظر الأسلحة المفروض على إيران.

وقالت الصحيفة أنه “من المحتمل الآن، بعد  الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران، أن تعيد الصين النظر في قرارها”، خصوصًا أنها مثلت انتهاكًا صارخًا للقوانين الدورية وأن تكرارها قد يشجع واشنطن لاستهداف عواصم وبلدان أخرى، بما فيها بكين.

وألمحت الصحيفة إلى احتمالية خوض “إسرائيل ” قريبا معركة ضد سلاح الجو الإيراني المُطوّر بفضل الصين.

ووفق مراقبين فإن التلويح الإسرائيلي الأميركي بإمكانية التصعيد من جديد ضد طهران، يعود إلى قراءة أولية لخطاب إيران الذي بات أكثر حدة تجاه طرفي الحرب العدوانية والاحتمالية الكبيرة على عدم رضوخها للشروط الأميركية بشأن إنهاء برنامجها النووي خلال أي مفاوضات قادمة، وهو ما أكده المسؤولون الإيرانيون في تصريحاتهم بعد وقف إطلاق النار.

في إطار ذلك يقول أمير سعيد إيرواني، السفير والممثل الدائم لجمهورية إيران الإسلامية لدى الأمم المتحدة، في مقابلة مع موقع “المينتور” نشرت الجمعة أن إيران تؤكد ثباتها على موقفها القاضي بضرورة إجراء التخصيب داخل البلاد.

فيما يقول السفير الإيراني لدى روسيا، كاظم جلالي، إن بلاده ستواصل برنامجها النووي السلمي، ولا يمكن حرمان أجيالها القادمة من التكنولوجيا النووية السلمية.

وأمام مؤشرات التصعيد من الجانب “الإسرائيلي” والامريكي تبدوا إيران غير واثقة بالجانب الأميركي وتستعد لأي تصعيد قادم ، وهذا ما أكده بيان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني  الذي أصدره الثلاثاء، ويؤكد فيه أن يد القوات المسلحة الإيرانية على الزناد ولا تثق بكلام الأعداء ومستعدة للرد الحاسم في حال أي اعتداء.

إضافة إلى ذلك حملت الردود الإيرانية على وقف إطلاق النار رسائل تحذيرية لأميركا و”إسرائيل ” من مغبة الاستمرار في عدوانهما، وفي هذا السياق يأتي بيان مقر خاتم الأنبياء المركزي العسكري في إيران الذي جدد التأكيد على “أنّ القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإذ لا تثق مطلقًا بالضمانات المصطنعة والكاذبة التي يطلقها قادة أميركا المجرمون والكيان الصهيوني المعتدي، فإنها تمتلك إشرافًا استخباراتيًا وعملياتيًا كاملًا، وهي على جاهزية تامة بنسبة 100 في المئة للتصدي لأي عدوان محتمل من العدو”.

وفي الـ 13 من يونيو الجاري شنت “إسرائيل ” عدوانًا على  إيران دام 12 يومًا، فيما ردت طهران بضربات بالصواريخ والمسيرات ضد عشرات الأهداف في مدن ومستوطنات الكيان الإسرائيلي تسببت بدمار هائل في البنية التحتية والمواقع العسكرية .

وفي الـ 22 من يونيو دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة بقصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية، فيما استهدفت طهران قاعدة “العديد” الأميركية في قطر ردًا على الهجوم قبل أن يعلن الرئيس دونالد ترمب وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن أميركا أنقذت “إسرائيل”.

 

لماذا قد تعود الحرب؟

 

حمل العدوان على إيران أهدافًا إسرائيلية وأميركية تجاوزت القضاء على البرنامج النووي الإيراني إلى التخطيط للإطاحة بالنظام الإسلامي، باعتباره الخطر الأكبر على الوجود الإسرائيلي في فلسطين والأميركي في المنطقة. بدا ذلك جليًا من خلال الخديعة التي مارستها واشنطن تجاه طهران في ملف المفاوضات، والتي مثلت غطاءً للضربة الإسرائيلية المباغتة التي استهدفت قيادات عسكرية وسياسية وعلماء في مجال الطاقة النووية، وتحريك آلاف المجندين العملاء لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في الأراضي الإيرانية بعد تجهيزهم بالمعدات العسكرية اللازمة، إلى جانب توجيه نتنياهو كلمة للإيرانيين يطالبهم بإسقاط النظام و”تحرير أنفسهم” وفق قوله.

ومع أن الضربة التي تلقتها إيران في اليوم الأول كانت قاسية ويصعب على أي نظام استيعابها، إلا أنها استطاعت امتصاص آثارها بسرعة قياسية وبادرت لسد الفراغ في القيادة العسكرية، وخلال أقل من 18 ساعة كانت الصواريخ الإيرانية تمطر سماء فلسطين المحتلة، ثم أخذت موجات الصواريخ والمسيرات في عملية “الوعد الصادق 3” تتخذ مسارًا تصاعديًا في النوع والقدرة التدميرية، ما أربك الاحتلال وخلط الأوراق التي رتبها، ومع نهاية الأسبوع والأول كانت الصواريخ الإيرانية المدمرة تحوّل مساحات عمرانية ومواقع عسكرية واستراتيجية داخل فلسطين المحتلة إلى ركام، ولا تزال غالبية الآثار تخضع للتعتيم الذي تفرضه الرقابة العسكرية الإسرائيلية.

يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة في مقالة على موقع “الجزيرة نت” إن إيران صمدت أمام العدوان الإسرائيلي، وأثبتت أن لديها منظومة صاروخية هجومية دقيقة ومدمّرة، وأن لديها أوراق قوّة لم تستخدمها بعد، وقد أبقتها لأي معركة قادمة في ظل علاقاتها المتوتّرة مع إسرائيل، والتي ازدادت توترًا بعد العدوان الأخير”.

كما يرى أن إبداء إيران قدرة على التكيّف والاستعداد لحرب استنزاف طويلة، لا يحْتملها الاحتلال، سارع بقبول إسرائيل وقف الحرب الذي تدخل به ترمب لإنقاذ نتنياهو، إلى جانب أن “حجم الأضرار في إسرائيل، وخلال أيّام، كان كبيرًا وغير متوقّع، في المنشآت العسكرية والصناعية والحيوية، إضافة إلى شلل الحياة الاقتصادية والتعليم وحرية الملاحة الجوية، حيث تحوّلت إسرائيل برمّتها إلى طوارئ على مدار الساعة ليلًا ونهارًا” حد قوله.

ولعل أكبر دافع لوقف الحرب من الجانب الإسرائيلي والأميركي يأتي كنتيجة طبيعية لانهيار منظومات الدفاع الجوي الغربية التي تحمي سماء الكيان الإسرائيلي، خصوصًا أن الصواريخ الإيرانية – على ترشيد عددها – كانت خلال الأيام الأخيرة تمتلك سيادة كبيرة في فلسطين المحتلة، وفي هذا الشأن نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية عن مسؤولين قولهم إن أميركا استهلكت خلال 12 يومًا من الحرب 20 في المئة من مخزونها العالمي من الصواريخ الاعتراضية لحماية “إسرائيل”.

يقول الحيلة أيضًا إن “لكل طرف نقاط قوّة ونقاط ضعف تكشّفت في المعركة السريعة التي لم تتجاوز الأسبوعين، وبالتالي أصبح توقّف المعركة ضرورة للجميع لمعالجة نقاط الخلل، وتعزيز نقاط القوّة؛ استعدادًا لأي معركة أخرى قد تنشب، لا سيّما إذا فشلت المفاوضات الإيرانية الأميركية المرتقبة”.

فرضية يعزز احتمال حدوثها تصاعد الخطاب الأميركي المهدد بجولة جديدة من العدوان على إيران، وفي المقابل الخيارات التشريعية الإيرانية الداعمة لحق طهران في برنامجها النووي، خاصة تصويت البرلمان على مشروع قرار يقضي بقطع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية  وتلويح طهران المستمر بكشف المزيد من قدرتها الصاروخية التي لم تكشف عنها بعد، وتنفيذها حملات أمنية لملاحقة جواسيس الموساد والمخابرات الأميركية التي كان لها الدور الكبير في عمليات الاغتيال والتفجيرات خلال الحرب الأخيرة، ما يدلل على أن طهران تستعد لخوض أي تصعيد غربي على عكس الجولة المنتهية التي فرضت عليها بغتة.

قد يعجبك ايضا