كشف الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، عن تطورات خطيرة في ملف تفجيرات أجهزة “البيجر” التي طالت صفوف المقاومة خلال معركة طوفان الأقصى، والتي خاضها الحزب دعمًا للمقاومة الفلسطينية اعتبارًا من 8 أكتوبر 2023 وحتى توقيع الاتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي والدولة اللبنانية في 27 نوفمبر 2024.
وفي مقابلة متلفزة، أكد الشيخ قاسم أن الحزب شكّل لجنة تحقيق مركزية، ما تزال تواصل عملها حتى الآن، إلى جانب لجان فرعية متخصصة في مختلف الجوانب المرتبطة بهذه القضية الحساسة، والتي تسببت باستشهاد عدد من القادة الميدانيين والشباب والشابات والأطفال اللبنانيين.
وأوضح قاسم أن التحقيقات كشفت وجود ثغرة كبيرة في عملية شراء أجهزة البيجر، حيث اعتقد الإخوة في حينه أن العملية كانت مموهة، لكن تبين لاحقًا أنها كانت مكشوفة بالكامل للإسرائيلي. وأضاف أن عملية الشراء تمت خلال السنة أو السنة ونصف الأخيرة، وتبين أن المتفجرات التي زُرعت داخل الأجهزة كانت من نوع خاص يصعب كشفه بالوسائل التقليدية التي كان يعتمدها عناصر الحزب.
وأشار إلى أن هذه الحادثة تسجل في خانة “التقصير أو القصور”، معتبرًا أن الإجراءات الأمنية كانت قاصرة عن اكتشاف هذه النوعية من المتفجرات. وقال: “لم نكن نعلم أن سلسلة الشراء مكشوفة، ولم تكن وسائلنا قادرة على اكتشاف الفخ، وكانت الضربة كبيرة ومؤلمة”.
وفي هذا السياق، كشف قاسم أن آخر اجتماع شورى للحزب قبل نهاية المعركة عُقد في 18 أيلول 2024، بحضور الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي كان غاضبًا للغاية، وكلف لجانًا داخلية للتحقيق في تفجيرات البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكي.
وتطرّق قاسم أيضًا إلى خرق آخر خطير، يتمثل في شبكة الاتصالات، حيث كان يُعتقد سابقًا أن التنصت الإسرائيلي محدود، قبل أن يتبين أن الاحتلال كان يُجري تنصتًا شبه شامل. وأكد أن الطائرات الإسرائيلية المسيّرة كانت تجمع بيانات بشكل يومي على مدى 17 عامًا، مما أتاح لها بناء تصور واسع عن البنية الجغرافية والقدرات الميدانية للمقاومة.
وفي ظل التحقيقات الجارية، أكد الشيخ قاسم أنه لم يظهر أي خرق بشري واسع أو نوعي داخل الحزب، ولم تتوفر معطيات تشير إلى تجنيد قيادات بارزة. وقال: “حين ينتهي التحقيق، سأتحدث بصراحة كاملة أمام الرأي العام عن مستوى هذا الخرق، إن وجد”.
كما كشف عن محاولة لإيصال شحنة مفخخة مكوّنة من 1500 جهاز بيجر إلى لبنان كانت قد وصلت تركيا، مؤكدًا أن الحزب تحرك بسرعة، وطلب من رئيس الحكومة المؤقتة آنذاك نجيب ميقاتي التواصل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل مصادرتها وتفجيرها.
رغم حجم الضربة، شدد الشيخ قاسم على أن الحزب بقي واقفًا على قدميه، وأن التضحيات الكبيرة منحت المقاومة زخمًا جديدًا لمواصلة الطريق. وأضاف: “قلت في تشييع السيد حسن نصر الله إننا ندخل مرحلة جديدة، ومعها أدوات جديدة، وإمكانات جديدة، وخطط جديدة، لكننا ثابتون”.
وختم الشيخ قاسم قائلًا: “هكذا شعب، وهكذا أمة، وهكذا مقاومة، لا تُهزم. انتصرنا بأننا بقينا واقفين، وبأن إسرائيل لم تستطع التقدم داخل لبنان، ولم تُشعل فتنة داخلية، ولم تُحقق هدفها بإنهاء المقاومة، بل اضطرت إلى الجلوس والتفاوض معنا عبر الدولة اللبنانية”.