استقبل عدد من المسؤولين البارزين في الحكومة التابعة للتحالف في اليمن وفدًا إسرائيليًا في محافظة عدن جنوبي اليمن، في خطوة تكشف مستوى تباين مواقف هذه الحكومة مع موقف الشعب اليمني المناصر للقضية الفلسطينية والمناهض للاحتلال الإسرائيلي.
ونشرت صحيفة جيروزاليم بوست مساء أمس، مقالًا للصحفي الصهيوني جوناثان سباير، الذي زار عدن والتقى بعدد من تلك القيادات وأخرى في ما يسمى بـ “المجلس الانتقالي الجنوبي” التابع للإمارات، كاشفًا عن تفاصيل مهمة حول الأوضاع والمواقف السياسية هناك.
وكشفت الصحيفة أن زيارة سباير تأتي في سياق بحث “إسرائيل” عن شركاء محتملين للغرب في اليمن لمواجهة نفوذ “أنصار الله”، الذين لم يتأثروا بعد بأي هجوم أميركي أو إسرائيلي، ولا يزال حظرهم لملاحة إسرائيل في خليج عدن والبحر الأحمر مستمرًا، على الرغم من الهجمات الجوية المتكررة.
وأكدت الصحيفة الصهيونية أن هذه اللقاءات تشير إلى اهتمام إسرائيلي متزايد بالساحة اليمنية، وربما وجود قنوات اتصال غير رسمية في ظل التهديدات المشتركة التي يمثلها اليمن على الاحتلال وداعميه.
وقد نقل الصحافي سباير عن من أسماه باللواء محسن الداعري، الذي يحمل صفة “وزير الدفاع” في الحكومة التابعة للتحالف، استياءه الشديد من قرار الولايات المتحدة إبرام وقف إطلاق نار مع صنعاء في مايو الماضي.
وقال سباير أن الداعري، أعرب – خلال لقائه – عن أسفه لعدم واشنطن تنفيذ عملية برية مشتركة واسعة النطاق ضد صنعاء؛ للاستفادة من النشاط الجوي الأمريكي خلال فترة التصعيد، مشيرًا إلى أن أميركا تجاهلت حكومته ولم تنسق أو حتى تبلغها بالتصعيد على صنعاء ولا حتى بإعلان وقفه المفاجئ، مما أثار استياءً كبيرًا لديها.
وبحسب الصحفي فقد عبر له الداعري عن ارتياحه من ناحية أخرى لعدم تحركهم في عملية برية ضد صنعاء خلال فترة التصعيد الأميركي؛ “لأن الولايات المتحدة كانت ستتخلى عنا وتتركنا نواجه الحوثيين كما فعلت بإسرائيل”، حد قوله.
وتطرق إلى فشل خطة أميركية بريطانية سعودية إماراتية في إسقاط الحديدة وصنعاء في وقت سابق بذريعة ما أسماها بـ “ضغوط دولية”، مما حرم القوات الموالية للتحالف من فرصة استعادة السيطرة على مناطق حيوية على البحر الأحمر، في إشارة إلى الرغبة في تقديم الحماية للملاحة الإسرائيلية التي أوقفتها صنعاء بشكل كلي.
من جانبه، صرح ضابط برتبة في قوات المجلس الانتقالي الجنوبي للصحفي سباير بأنهم “بحاجة فقط إلى ضوء أخضر من واشنطن، للتحرك ضد صنعاء”، بحسب الصحيفة التي قالت إن هذا التصريح يؤكد رغبة المجلس الانتقالي الجنوبي واستعداده للعمل مع شركاء خارجيين، كالاحتلال الإسرائيلي.
وكان مسؤولون إسرائيليون أرعوا أسباب فشل عدوانهم المتكرر على اليمن في تحقيق أي نتيجة تذكر، إلى صعوبة فهم المجتمع اليمني، مؤكدين ضرورة دعم قوى يمنية معادية لصنعاء ومستعدة للتعاون مع الاحتلال في أي معركة برية، في إشارة إلى الجماعات والفصائل التابعة للتحالف السعودي الإماراتي الغربي.
وتأتي هذه اللقاءات في الوقت الذي يشتد فيه العدوان الصهيوني على غزة والتجويع بحق سكانها، وبعد ارتكاب الاحتلال مجازر إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية راح ضحيتها 204,672 شهيدًا وجريحًا منذ أكتوبر عام 2023، وفي ظل تخاذل عربي وصمت دولي.
وتهدف هذه اللقاءات المشبوهة إلى محاولة إيقاف صنعاء عن ردع الاحتلال، وهي الجبهة العربية الوحيدة الداعمة لغزة والمستمرة منذ بداية العدوان دون توقف.