خاص / وكالة الصحافة اليمنية //
في ظل استمرار الابادة الجماعية على غزة أعلنت عدة دول أوروبية، منها فرنسا وبريطانيا، نيتها الاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر 2025، خلال مؤتمر دولي في نيويورك برعاية فرنسية-سعودية .
ورغم وصف هذه الخطوة بـ”التاريخية”، إلا أنها تظل إجراءً دبلوماسيًّا رمزيًّا لا يُترجم إلى دعم ملموس للشعب الفلسطيني، بل يُعتبر محاولة لتحسين صورة هذه الدول أمام الرأي العام الدولي، بينما تواصل دعمها المالي والعسكري لـ”إسرائيل ” .
لقد جاء هذا الإعلان في وقت تشهد فيه غزة أبشع موجات الإبادة الجماعية، وكان الأجدر بالدول الأوروبية أن تركز جهودها على وقف هذه المجازر المتواصلة بدلاً من تقديم اعترافات رمزية لا تغيّر شيئًا على الأرض والدليل ان هناك أكثر من 150 دولة اعترفت بفلسطين منذ عام 2012، ولم يغير هذا الاعتراف من الواقع شيئاً .
وما يعمق الطعن في مصداقية الاعتراف الأوروبي، أن بعض هذه الدول مثل بريطانيا وفرنسا، وبمساندة واضحة من السعودية، تربط الاعتراف بدولة فلسطين بشروط تتماهى مع المطالب “الإسرائيلية” وعلى رأسها نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وعلى وجه الخصوص حركة حماس ، وهذا الطرح لا يعبر عن نوايا دعم سيادة الدولة الفلسطينية، بل هو محاولة لفرض نموذج استسلامي يُنهي أي شكل من أشكال المقاومة المشروعة ضد الاحتلال .
إن ربط الاعتراف بنزع سلاح المقاومة يعني بوضوح أن هذه الخطوات ليست موجهة لدعم الفلسطينيين بل لمحاصرة إرادتهم السياسية والنضالية، وتجريدهم من أدوات الدفاع عن النفس في مواجهة آلة القتل والتهجير ” الإسرائيلية” وهو موقف يتعارض كلياً مع القوانين الدولة التي تكفل للشعوب المحتلة مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة .
إضافة الى ذلك ، فإن موقف عدد من هذه الدول ومنها بريطانيا يعكس تناقضًا صارخًا بين التصريحات السياسية والواقع العملي؛ فبريطانيا، التي تتصدر المشهد الإعلامي في إعلان نواياها الاعتراف بدولة فلسطين، تكتفي بخطوات رمزية لا تقدم أي فائدة حقيقية للشعب الفلسطيني .
ولو كانت بريطانيا جادة فعلًا في دعم حقوق الفلسطينيين ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون في غزة، لاتخذت أدوات فاعلة ، وفي مقدمتها وقف تصدير الاسلحة وفرضت عقوبات حقيقة على “إسرائيل ” بدلاً من الاكتفاء بمواقف إعلامية لا قيمة لها .
ولا يمكن فصل هذه الاعلانات الصادرة عن بريطانيا وفرنسا والدول الاوربية عن سياقها السياسي الاوسع ، حيث تأتي في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الشعبية والحقوقية لهذه الدول بسبب صمتها المريب تجاه الإبادة الجماعية ، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة ، ولذلك فان الاعتراف بدولة فلسطين يبدوا كجزء من محاولات تجميل الصورة السياسية لتلك الانظمة الغربية ، ومحاولة امتصاص الغضب الشعبي ، واحتواء الانتقادات .
فبدلاً من اتخاذ مواقف حقيقية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي أو إيقاف الدعم العسكري والمالي له، تلجأ هذه الدول إلى خطوات شكلية وإعلانات رمزية لخلق انطباع زائف بأنها تدعم العدالة وحقوق الإنسان، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الابادة الجماعية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني .