المصدر الأول لاخبار اليمن

أمريكا و”إسرائيل”.. ما وراء تطبيع ودعم الاعتداءات في دول المنطقة؟

عامر محمد الفايق | وكالة الصحافة اليمنية:

تكشف التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة في المنطقة وروسيا عن معالم خطة ممنهجة تتبناها كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز حدود المواجهة العسكرية إلى مشروع أوسع؛ لإعادة تشكيل المنطقة، وإضعاف الخصوم، وإعادة تعريف موازين القوى الدولية.

وبداية من تجاوز القانون الدولي وتحييد مجلس الأمن تشير المعطيات إلى نمط واضح في تجاوز الشرعية الدولية، حيث أصبحت ضربات الولايات المتحدة و”إسرائيل” تتم بشكل أحادي دون العودة إلى مجلس الأمن، ما يعكس حالة من “التطبيع مع الفوضى غير القانونية”، خاصة في العراق وسوريا ولبنان وإيران وفلسطين واليمن.. بحيث يتم تطبيع وشرعنة اعتداءتها والاغتيالات السياسية والعسكرية.. وتجاهل القوانين الإنسانية وارتكاب جرائم الابادة والتجويع في الحرب على غزة.

 

استراتيجية الضربات المستمرة

 

في الاستراتيجية العدوانية الممنهجة لسنوات والتي تتبناها “إسرائيل” والولايات المتحدة فقد شنتا اعتداءات متتالية على سوريا منذ عهد الرئيس السابق بشار الأسد وحتى اليوم، مع اختلاف مستوى الاعتداء المتزايد في الوقت الحالي.
وفي إيران نفذ العدوان الإسرائيلي عمليات اغتيال لعلماء نوويين وقيادات في الحرس الثوري، ولاتزال التهديدات تتوالى وباستمرار بتكرار الهجمات.
وفي لبنان وعقب اغتيال قيادات من حزب الله يجري تكثيف الضغوط على حزب الله، سياسيا وعسكريا، مع غارات مباشرة والتحريض على نزع سلاح المقاومة.
كما أصبحت العراق ساحة مفتوحة للطائرات المسيرة والاستهدافات العدوانية، علاوة على ما تمارسه في غزة من جرائم الإبادة والتجويع والحصار، وأخطر ما فيها هو التمهيد الإعلامي والسياسي لبدء “عملية تهجير قسرية” للفلسطينيين، كما صرّح بذلك مجرم الحرب نتنياهو مؤخرًا، بدعم أمريكي وصمت دولي.

 

اليمن في مرمى الاستهداف

 

رغم الحرب المستمرة على اليمن منذ 2015، عاد اليمن مؤخرًا إلى واجهة المواجهة الإقليمية مع “إسرائيل” والولايات المتحدة، بسبب موقف صنعاء الصريح والفاعل في دعم غزة كجزء من محور المقاومة.
فقد شن العدوان الأمريكي الإسرائيلي البريطاني ضربات متكررة على مناطق في صنعاء والحديدة وتعز وصعدة وذمار،وتسبب بتدمير منشآت مدنية وبنية تحتية بحجة “وقف هجمات أنصار الله على السفن”.

لطالما سعى التحالف الجديد لواشنطن إلى إضعاف القدرات الدفاعية اليمنية ومنع تطورها في مجال الصواريخ والطيران المسيّر.
وفي المقابل، تشن أميركا حربًا نفسية اعلامية واسعة لشيطنة اليمن إعلاميًا، واصفة إياه بمصدر “تهديد للملاحة العالمية” في البحر الأحمر، فضلًا عن استغلال الأوضاع الإنسانية كورقة ضغط للابتزاز السياسي والعسكري.

ذلك كله يأتي ضمن استراتيجية صهيونية عالمية أشمل تهدف إلى “شلّ أي طرف قادر على تهديد التفوق الإسرائيلي أو كسر الهيمنة الأمريكية في المنطقة”، ويُعدّ اليمن، اليوم، واحدًا من أبرز هذه الأطراف.

أما بشأن الملف الروسي الأوكراني، فتدعم أمريكا وبشكل مطلق أوكرانيا، مع شن هجمات بالطائرات المسيّرة التي تستهدفت موسكو ومدن روسية، وتتعمد الولايات المتحدة دعم استمرار الصراع دون حل يذكر؛ بهدف إنهاك روسيا وإشغالها عن الساحة الدولية، وخاصة المنطقة العربية والإسلامية.

 

الهدف الاستراتيجي: “الصفقة الكبرى”

 

وفق ما تناقلته وسائل إعلام عبرية ومنها صحيفة (يديعوت أحرونوت والقناة 12 العبرية) ووسائل إعلام أمريكية، وتحليل خبراء استراتيجيين، فإن المشروع الأمريكي في المنطقة لا يتوقف عند دعم “إسرائيل”، بل يشمل تفكيك التحالفات الإقليمية المناوئة لإسرائيل ما بين (إيران، حزب الله، حماس، الحشد الشعبي، سلطة صنعاء)، وذلك من أجل فرض “إسرائيل” كقوة مهيمنة إقليميا وعسكريًا وسياسيًا في المنطقة.
ونتيجة ذلك سيتم التحكم بمسارات الغاز والطاقة في شرق المتوسط وتهيئة الأرض لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” القائم على التطويع السياسي والاقتصادي والأمني.

وذلك يفرض التساؤل: لماذا تدعم أمريكا الاحتلال الإسرائيلي بهذا الشكل؟ وثمة معطيات أخرى تجيب على السؤال.

أولًا: التحالف الاستراتيجي التاريخي بين الولايات المتحدة و”اسرائيل” قائم على تقاطع المصالح، ليضمن تفوق “إسرائيل’ العسكري في المنطقة ضد كل خصومها.

ثانيًا : كبح صعود القوى الجديدة المعادية للنفوذ الأمريكي لدول مثل (إيران، روسيا، الصين)، وبالتالي تطبيع الوجود الإسرائيلي ودمجه في منظومة إقليمية بديلة.

وفي الأخير فإن الخطة الأمريكية-الإسرائيلية ليست ردود أمنية أو قرارات آنية، بل هي “استراتيجية كبرى” لإعادة رسم خريطة المنطقة، عبر “نزع السلاح من الخصوم، إنهاك الأعداء، تهجير السكان، وتكريس التفوق الإسرائيلي” ، مع جعل القانون الدولي مجرد أداة انتقائية، وتهميش الأمم المتحدة كليًا.

وفي ظل هذا الواقع، يصبح من الضروري على دول وشعوب المنطقة العمل لإفشال هذه الخطة، ويمكن ذلك من خلال العمل على بناء تحالفات جديدة وتعزيز الردع النفسي والإعلامي والسياسي والعسكري وكشف الرواية الحقيقية للرأي العام العالمي، وتوحيد الجهود بين المقاومة في فلسطين ولبنان وإيران والعراق واليمن. 

قد يعجبك ايضا