من الساحل إلى قلب العاصمة.. خيوط العنكبوت الإسرائيلي تمتد لنسج الفوضى في شوارع صنعاء
تقرير | وكالة الصحافة اليمنية
في خضم الحرب الشاملة التي تشنها الولايات المتحدة وإسرائيل على اليمن، برزت مؤخرًا أدوات محلية تعمل كواجهة تنفيذية مخطط خطير، حيث تشير الوقائع والوثائق المسربة إلى وجود تحالف ثلاثي خطير يجمع بين المخابرات الأمريكية الإسرائيلية من جهة والنظام الإماراتي من جهة ثانية وما يسمى بـ”العفافيش” من جهة ثالثة.
أخطر أدوات الحرب الناعمة
يمثل هذا التحالف أخطر أدوات الحرب الناعمة ضد اليمن بعد فشل العدوان العسكري المباشر في تحقيق أهدافه، حيث تحولت الاستراتيجية الغربية من القصف الجوي إلى حرب الوكالة عبر أدوات محلية بعد أن أثبتت السنوات التسع الماضية فشل الذراع العسكرية في كسر إرادة اليمنيين.
وتكشف المصادر أن هذا المخطط يأتي في إطار حرب نفسية واقتصادية وعسكرية متعددة الأبعاد تهدف إلى شل قدرة اليمن على الصمود ودعم القضية الفلسطينية، كما تسعى الولايات المتحدة و”إسرائيل” إلى تحويل البحر الأحمر إلى قاعدة عسكرية لحماية الملاحة البحرية التي تزود الكيان بالغذاء والسلاح لاستكمال مخططه الكبير، في حين تظهر الإمارات كحلقة الوصل الرئيسية في هذه المعادلة الخطيرة.
تشكل مجموعة “العفافيش” التي تنقسم إلى تيارين رئيسيين -التيار الأول يمثله ما يسمى بـ”المؤتمر الشعبي العام في المنفى” بقيادة الشخصيات التي فرت بعد 2 ديسمبر 2017، والتي تتمركز حاليًا في المخا وعدن والعاصمة الإماراتية أبو ظبي ومصر والأردن وغيرها من الدول، والتي تمثل الواجهة السياسية والإعلامية للمشروع.
التيار الثاني يتمثل في العناصر المتخفية داخل اليمن – ولا ترتبط بحزب المؤتمر الشعبي العام – لكنها تعمل في الخفاء بين أوساط المجتمع اليمني مستغلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ويعتبرون الذراع التنفيذية لهذا المخطط الكبير، حيث “تربط هذه العناصر علاقات معقدة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عبر وساطة إماراتية مكشوفة” بحسب التقارير الأمنية في صنعاء.
وقد كشفت وثائق سرية حصلت عليها جهات أمنية عن سلسلة من اللقاءات السرية جمعت طارق عفاش مع ضباط رفيعي المستوى من الموساد في القاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي خلال الأشهر الستة الماضية فقط.
وكلاء إسرائيل
كما تم الكشف عن توقيعه اتفاقيات سرية مع الكيان الإسرائيلي تتضمن بنودًا خطيرة تمنح إسرائيل حقوقًا استراتيجية في جزيرة ميون وميناء المخا مقابل دعم مالي وعسكري سخي.
هذه العلاقات المشبوهة ليست وليدة اللحظة بل هي امتداد لسياسة نظام عفاش في الولاء للقوى الأجنبية، باعتباره أداة طيعة في يد الوصاية الخارجية منذ عقود، وهو ما يفسر السرعة التي تحول بها رموز العائلة الحاكمة سابقًا إلى وكلاء مخلصين للمشروع الإسرائيلي تحت غطاء ما يسمى بالشرعية الجديدة التي قد تفرض على مكونات الطرف اليمني التابع لتحالف الحرب على اليمن.
يعتمد المخطط الأمريكي الإسرائيلي على أربع ركائز أساسية تشكل في مجموعها نظامًا متكاملًا للحرب الشاملة، حيث تأتي الركيزة المالية في المقدمة بضخ الأموال الإماراتية السخية عبر قنوات سرية وعلنية لشراء الذمم والولاءات، وتشير تقارير استخباراتية يمنية إلى أن الإمارات خصصت ما لا يقل عن 50 مليون دولار شهريًا لتمويل نشاط الخلايا التابعة لعائلة عفاش خلال العام الجاري فقط، تحت عناوين زائفة مثل “مطالب الشعب المعيشية” و”الجمهورية والعلم”.
كما يتم استغلال مناسبات وطنية مثل ذكرى تأسيس المؤتمر في 24 أغسطس، وذكرى ثورة 26 سبتمبر، وكذلك 2 ديسمبر، لبث الخطاب التحريضي وتأجيج الغضب الشعبي ضد “أنصار الله”، بينما يتم تبرئة دول التحالف ومن خلفها أميركا والاحتلال الإسرائيلي من حصار اليمن وتدهور اقتصاده.
تقول مصادر رفيعة لوكالة الصحافي اليمنية إن “الهدف الأساسي من تحريك العفافيش هو إثارة الفوضى الداخلية، عبر خلق احتجاجات وصراعات مسلحة، لإجبار اليمن على الانشغال بأزمات داخلية بدلًا من مواصلة دعم غزة”، وتضيف المصادر “التوقيت المتزامن مع تصاعد العمليات اليمنية ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر يؤكد ذلك، حيث بات العدو عاجزًا عن مواجهة اليمن عسكريًا، فلجأ إلى خيار الحرب بالوكالة عبر أدوات محلية بعضها عميلة وبعضها مخدوعة”.
شعارات قديمة جديدة
وأكدت المصادر أن “العدو يحاول دفع العفافيش إلى تكرار سيناريو “فتنة ديسمبر” عبر استغلال الأوضاع الاقتصادية، حيث يتم تحريض المواطنين بشعارات مثل “الجوع كافر” و”ثورة الجياع” و”نهب المرتبات” وشعارات أخرى تحت اسم الاسراف بالاحتفالات بالمولد النبوي، بينما يتم توجيه اللوم لأنصار الله وتبرئة الإمارات والسعودية من تدمير الاقتصاد اليمني”، مردفة: “الشعب اليمني، الذي خرج منتصرًا من فتنة عفاش وحجور والبيضاء، أصبح أكثر وعيًا بهذه المخططات، ولن يسمح لأدوات العدو بتكرار السيناريو”.
وقالت مصادر استخباراتية إن “العدو الإسرائيلي يسعى لاختراق المؤسسة العسكرية والأمنية بتجنيد عناصر نافذة في الجيش والأمن لتمرير المعلومات الاستخبارية الحساسة”، وكان قد تم الكشف مؤخرًا عن محاولة إنشاء ما يسمى بـ”قوة 400” كخلية تجسسية متقدمة لرصد تحركات قوات صنعاء ونقاط إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة.
وتضيف المصادر الاستخباراتي، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن ثمة ركيزة إعلامية تمثل بعدًا خطيرًا في هذه المعادلة عبر حرب نفسية ممنهجة تشنها منصات إعلامية موالية للإمارات لبث الشائعات ونشر الفوضى النفسية بين صفوف المواطنين، حيث يحاول العفافيش تقديم أنفسهم كـ”منقذين” للشعب من الأزمات بينما هم في الحقيقة أدوات تنفيذية للمشروع الإسرائيلي.
أما الركيزة الرابعة وفق المصادر فتتمثل في التنسيق العسكري المباشر مع قوات التحالف الأميركي، من خلال انضمام طارق عفاش رسميًا إلى ما يسمى بـ”تحالف البحر الأحمر” الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية السفن الإسرائيلية، وهو ما يمثل خيانة وطنية وتبعية صريحة للعدو.
قاعدة متقدمة لإسرائيل
على الصعيد الميداني، يتمثل أخطر جوانب هذا المخطط في المحاولات الحثيثة لتحويل الساحل الغربي اليمني إلى قاعدة متقدمة للعدو الإسرائيلي، حيث تكثف العفافيش جهودها لتحويل جزيرة ميون الاستراتيجية إلى قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة، وقد كشفت مصادر ميدانية موثوقة عن وجود خطط مدروسة لتهجير السكان الأصليين من الجزيرة بالقوة تحت ذرائع أمنية واهية.
كما يتم حاليًا بناء منشآت عسكرية متطورة وتجهيز مواقع تشويش إلكتروني متقدمة لمراقبة حركة الملاحة في باب المندب، ولا يقل مطار المخا خطورة عن جزيرة ميون، حيث يشهد المطار الذي تم بناؤه بتمويل إماراتي تحت غطاء مشروع إنساني نشاطًا مشبوهًا، مع وصول طائرات شحن غير نظامية تحمل معدات عسكرية متطورة وأسلحة إسرائيلية الصنع، فيما تؤكد تقارير استخباراتية دقيقة وجود ما لا يقل عن 15 ضابطًا إسرائيليًا في المنطقة تحت ستار “خبراء أمنيين” تابعين لشركات أمنية خاصة، هذا بالإضافة إلى التقارير التي تتحدث عن نية العفافيش إعلان ما يسمى بـ”محافظة الساحل الغربي” ككيان إداري منفصل في محاولة لتكريس الانفصال العملي تحت الإشراف الإماراتي الإسرائيلي.
الدور الإماراتي في هذا المخطط يبدو جليًا ولا لبس فيه، حيث تحولت أبو ظبي إلى محطة رئيسية في شبكة الخيانة التي تربط بين العفافيش والكيان الإسرائيلي، فبالإضافة إلى التمويل السخي الذي يقدر بمليارات الدراهم، توفر الإمارات غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا للخونة، كما تسهل لقاءاتهم السرية مع المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، وقد ظهر هذا جليًا في الزيارات المتكررة لطارق عفاش إلى أبو ظبي وجيبوتي والتي تم خلالها عقد سلسلة من الاجتماعات السرية مع ضباط المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، هذا بالإضافة إلى الدور الإعلامي الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام الإماراتية في تلميع صورة العفافيش وتقديمهم كبديل شرعي للحكم في اليمن، وهو ما يؤكد أن الإمارات تتصرف كحليف استراتيجي للكيان الإسرائيلي في المنطقة أكثر من كونها دولة عربية.
رفض شعبي