المصدر الأول لاخبار اليمن

بين الخطاب الإعلامي والواقع.. تركيا ومصر شريكا الاحتلال في إبادة غزة

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية:

أظهرت المواقع الملاحية لتتبع السفن عبر الأقمار الاصطناعية، عدد الرحلات التجارية بين موانئ الاحتلال الإسرائيلي والموانئ المصرية والتركية من جهة أخرى خلال الفترة من 1- 8 أغسطس الجاري والتي بلغت 92 رحلة.

البيانات أشارت إلى أن عدد السفن التركية التي وصلت إلى موانئ الاحتلال 11 سفينة، في حين غادرت 21 سفينة الموانئ المحتلة باتجاه الموانئ التركية.

وخلال نفس الفترة 1- 8 أغسطس، وصلت 23 سفينة إلى الموانئ المحتلة قادمة من الموانئ المصرية، بينما غادرت 37 سفينة أخرى الموانئ المحتلة باتجاه الموانئ المصرية.

الرحلات التجارية بين موانئ مصر والاحتلال منذ طوفان الأقصى أكتوبر 2023، بلغت 1475 رحلة، معظمها وصلت إلى ميناء أسدود، بحسب التقارير، ثم ميناء حيفا.

من جهة ثانية، بلغ عدد الرحلات التجارية بين تركيا والاحتلال خلال نفس الفترة 770 رحلة اغلبها إلى ميناء حيفا ثم اسدود

تشير المواقع الملاحية إلى أن عدد رحلات الشحن بين الموانئ التركية والموانئ المحتلة منذ بداية العام الجاري 2025م، بلغت 406، في حين بلغت الرحلات بين الموانئ المحتلة والموانئ المصرية 721.

تركيا أعلنت في مايو 2024، أنها علقت الصادرات والواردات مع “إسرائيل” بحجة أن الاحتلال يمنع وصول المساعدات الغذائية إلى غزة، بينما كان الإعلان ذا أثر رمزي وسياسي؛ إلا أنه اصطدم بواقع روابط تجارية متجذرة.

 

خطاب دبلوماسي تركي مزدوج

 

على المستوى الدبلوماسي أدانت أنقرة ما يقوم به الاحتلال في غزة، وتبنت في فترات متفاوتة لهجة حادة ضد “إسرائيل”؛ إلا أنها لم تقم بأي تحرك عسكري يتوازى مع تصريحاتها وتهديداتها وطالبها بإنهاء الحرب والحصار على القطاع.

وسط الدبلوماسية التركية تجاه الوضع في غزة، يتضح أن أنقرة تمارس الخطاب العلني الغاضب من الاحتلال، مع الاحتفاظ بعلاقات اقتصادية معهم، ما يجعلها شريك غير مباشر في إبقاء الكيان متصلًا اقتصاديًا بشكل يخدم مصالح “تل أبيب” على الساحة الدولية، واستمرار عملياته في غزة.

على الرغم من الخطاب السياسي التركي ضد الاحتلال؛ إلا أن هناك علاقة اقتصادية تجارية تقف خلف مشهد التعاطف العلني، حيث تُشير بيانات التجارة الدولية إلى أن العلاقات الاقتصادية بين تركيا و”إسرائيل” لم تنقطع فعلياً حتى خلال أعتى مراحل القصف على غزة.

فوفق بيانات الأمم المتحدة و”تريدينغ إيكونوميكس”، بلغت قيمة الصادرات التركية إلى الاراضي المحتلة، في عام 2024 نحو 1.5 مليار دولار.

منذ إعلان أنقرة تعليق الصادرات والواردات مع الاحتلال، في مايو 2024، فإن هذه الخطوة لم تلغ حقيقة أن الميزان الإجمالي للعلاقة بين تركيا والاحتلال ظل قائماً على معادلة مزدوجة “خطاب سياسي منحاز للفلسطينيين، ومصالح اقتصادية لم تُقطع بالكامل”.

هذا النمط التركي في التعامل المزدوج مع القضية الفلسطينية و”إسرائيل”، يعكس ما يمكن تسميته تبني مواقفة مبدئية في العلن، مع الاحتفاظ بمصالح استراتيجية خلف الكواليس، ولا تقف هذه العلاقة عند التبادل التجاري؛ بل وتشمل التعاون في مجالات السياحة والنقل، الطاقة كذلك.

 

تخفيف عزلة “إسرائيل” الاقتصادية

 

الشراكة المستمرة مع الاحتلال، من الناحية العملية، تُسهم في تخفيف آثار العزلة الاقتصادية على ” إسرائيل”،  فالمواد التركية التي تصل إلى الموانئ الإسرائيلية، سواء كانت مواد غذائية أو صناعية أو إنشائية، تمنح الاقتصاد الإسرائيلي قدرة أكبر على الصمود في ظل الحرب، وهو ما يعكس استمرار قدرته على تمويل العمليات العسكرية.

وبذلك، يمكن القول إن تركيا، بقرارها عدم فرض قطيعة اقتصادية شاملة منذ اليوم الأول للعدوان، كانت جزءاً من شبكة إمداد عالمية أبقت الاحتلال قادراً على العمل بكفاءة، ما يمنح “إسرائيل” متنفساً في عزّ الحصار الدبلوماسي الذي تدعو إليه دول أخرى.

 

قمع مؤيدي فلسطين

 

في أكتوبر 2024، هاجمت الشرطة التركية متظاهرين في إسطنبول وأنقرة نظموا مظاهرات دعمًا لفلسطين، بدعوة من مبادرة “1000 شاب من أجل فلسطين”، حيث تجمع المحتجون في ساحة الاستقلال بإسطنبول، لإحياء الذكرى الأولى للإبادة الجماعية في غزة، وحاول المتظاهرون السير نحو مديرية التجارة الإقليمية للتنديد بالهجمات الإسرائيلية، لكن الشرطة منعتهم وهاجمتهم بغاز الفلفل والدروع.


شرطة تركيا تعتقل مؤيدين لفلسطين في إسطنبول وأنقرة

وفي أنقرة، تدخلت الشرطة أيضًا وأوقفت احتجاجًا لنفس المجموعة، حيث تم اعتقال حوالي 20 شخصًا، ما أثار استياء المتظاهرين الذين أصروا على عدم مغادرة المنطقة حتى يتم الإفراج عن أصدقائهم.

 

تبادل تجاري

 

لا يخفى على أحد أن هناك سجل طويل من التعاون الأمني بين القاهرة و”تل أبيب وقد توسع هذا التنسيق في بعض المراحل ليشمل تبادل معلومات أمنية ذات علاقة بالحدود، حيث شهد العام الجاري ترابط علاقات اقتصادية جديدة كبرى، ابرزها صفقة الغاز الضخمة بين مصر والاحتلال، بقيمة بلغت 35 مليار دولار؛ لتوريد الغاز من الاراضي المحتلة إلى مصر.

مثل هذه العلاقات الاقتصادية تعمّق روابط المصالح بين البلدين وتضع معادلات ضغط مختلفة في سياسة القاهرة تجاه تل أبيب خلال أزمات إنسانية وسياسية؛ فوجود تبادل اقتصادي بهذا الحجم يجعل من الصعب على أي طرف أن يلتزم بقطيعة كاملة قد تضرّ بمصالحه الوطنية.

من منظور أوضح، تعتبر مصر شريك غير مباشر فيما يحدث في غزة، فالقاهرة لديها أدوات فاعلة، كالاقتصاد بين الطرفين، والتنسيق الأمني، والتحكم بمعبر رفح،  وجميع هذه العوامل، تُمكن “إسرائيل” عمليًا من مواصلة مجازرها في غزة، وتقليل كلفة العزلة الدولية التي تحيط بالاحتلال.

وعلى الرغم من أن مصر لا تقوم بتزويد الاحتلال بالأسلحة؛ لكنها تمتلك نفوذًا عمليًا مؤثرًا، إلا أنها تتحمل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية تجاه ما يحصل من جرائم إبادة في غزة، خاصة مع تحكمها بفتح أوإغلاق معبر رفح الطريق الأسهل لوصول المساعدات الغذائية إلى الفلسطينيين وبالذات قطاع غزة الذي يموت سكانه من الجوع.

 

السيسي – نتنياهو اتهامات متبادلة

 

رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو، قال في تصريحات علنية، أن مصر تتحمل مسؤولية منع دخول المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، وأشار إلى أن مصر هي من تحاصر قطاع غزة، وأنها تتحكم في تدفق المساعدات.

ليخرج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هذه الاتهامات، مؤكدًا أن معبر رفح لم يغلق من جانبها.

وسط هذه الاتهامات، أعلنت وزارة الصحة في حكومة غزة، ارتفاع عدد الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 217 شخصاً بينهم 100 طفل.

وقالت الوزارة في بيان إن الساعات الـ24 الماضية شهدت تسجيل 5 وفيات جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية، بينها طفلان.

بينما أعلن مستشفى العودة في النصيرات، أنه استقبل 3 قتلى و3 جرحى، جراء استهداف القوات الإسرائيلية تجمعاً قرب نقطة لتوزيع المساعدات في شارع صلاح الدين، جنوبي منطقة وادي غزة وسط القطاع.

قد يعجبك ايضا