المصدر الأول لاخبار اليمن

عدن تحت الماء.. كوارث الفساد والإهمال تغرق الشوارع والأحياء!

عدن | وكالة الصحافة اليمنية

 

في مشهد تراجيدي مرعب يتكرر كل عام، تستيقظ عدن، هذه الأيام، على صوت هدير المطر الذي تحول إلى كابوس يغرق الشوارع ويكشف عن هشاشة بنيانها، حيث تحولت الأمطار الغزيرة إلى سيول عارمة أغرقت المدينة وحاصرت سكانها، فكانت تلك المياه المتدفقة كشاهد حي على سنوات من الفساد والإهمال في مشاريع البنية التحتية، وهو ما فضح عجز السلطة المحلية التي يديرها المجلس الانتقالي.

 

مدينة تحت الماء

صباح السبت الماضي، ومع هطول الأمطار، تحولت شوارع عدن الرئيسية والفرعية إلى برك مائية واسعة، فغمرت المياه الطرق في كلا من المعلا والمنصورة، مُحدثةً شللاً شبه تام في الحركة المرورية، ولم تقتصر الكارثة على الشوارع، بل امتدت لتطال المنازل والمحال التجارية، خصوصاً في المناطق المنخفضة، فكان هذا المشهد تتويجاً لقصة فشل متكرر لا يجد حلاً جذرياً، وهو ما أثار سخطاً شعبياً واسعاً، فصرخ الأهالي بأن ما يحدث لم يكن كارثة طبيعية، وإنما نتيجة مباشرة لسنوات من الإهمال في تنفيذ المشاريع الخدمية.

وفي حي السفارات، الذي يعد من أرقى أحياء عدن، كشفت الصور المتداولة عن واقع مرير، حيث طفحت مياه المجاري في الشوارع، وهو ما أثار موجة استياء واسعة، وربط السكان بين هذا المشهد وواقع بقية الأحياء، فما خفي كان أعظم، مؤكدين أن تردي الخدمات وصل إلى ذروته حتى في المناطق التي من المفترض أن تكون واجهة للمدينة.

 

خيوط متشابكة من الفساد

لم يكن مشهد الشوارع الغارقة محض صدفة، بقدر ما اعتبر واحداً من خيوط متشابكة لحكاية فساد بدأت فصولها منذ سنوات، حيث وجه المواطنون أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى السلطة المحلية وما يعرف بالمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، لافتين إلى عجزهم في إدارة ملف الخدمات، وعدم إظهار أي جدية في محاسبة المتورطين في الفساد.

وفي سياق كشف الخيوط، أطلق الصحفيون والنشطاء سهام انتقاداتهم اللاذعة، والتي ألقت الضوء على ممارسة خطيرة، حيث كشفت أن أكثر من 80% من مشاريع الطرق في عدن خلال الخمس سنوات الماضية أُسندت لشركة مقاولات واحدة، دون أي مناقصات، وبالأمر المباشر، وتعود ملكية هذه الشركة لقيادات بارزة ظهرت بعد عام 2015.

وتبرز المصادر حجم الكارثة من خلال مشروع “خط الجسر” الذي بلغت تكلفته أكثر من 3 ملايين دولار، ليتبين لاحقاً أنه يفتقر لمصارف مياه، وهو ما استدعى تمويل مشروع إضافي بمبلغ 460 ألف دولار لمعالجة الخلل، فكان هذا مثالاً صارخاً على سوء التخطيط والفساد الذي يهدر المال العام دون مساءلة. مضيفة أن هذه المشاريع “لا تصمد أمام رشة مطر واحدة”، ما يكشف زيف التلميع ويفضح الفساد. وطالبت بمراجعة شاملة لنشاط الصندوق، وإخضاع مشاريعه لرقابة حكومية صارمة، وطرحها في مناقصات تنافسية تحت إشراف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، في خطوة لتوضيح المسؤوليات، وإظهار ما وراء الحدث.

كما انتقدت ذات المصادر أداء الجهات المشرفة، معتبراً أن الأمطار لم تفضح الطبيعة، بل كشفت عجز المؤسسات وفسادها، مُطالباً بمحاسبة كل من تسبب في هدر المال العام، مؤكداً أن الأزمات المتكررة لا يمكن أن تنتهي إلا بحلول جذرية ومحاسبة حقيقية للفاسدين.

 

المئات من الملايين تتبخر في مشاريع وهمية

وفي شارع التسعين بالمنصورة، قصة أخرى تروي فصول الفساد، فبالرغم من إنفاق مئات الملايين على إنشاء خزانات أرضية لتصريف المياه، فشلت هذه الخزانات في استيعاب كمية الأمطار، لتغرق الشارع بالكامل، ما يثير تساؤلات حول فعالية المشروع وجودة تنفيذه من قبل “صندوق صيانة الطرق والجسور”.

ويظل السؤال، حسب المصادر، معلقاً في سماء عدن الغارقة: متى ستجد المدينة حلاً جذرياً لمأساة تتكرر، وتفضح واقعاً تتآكل فيه البنية التحتية، وتتبخر فيه الأموال في مشاريع وهمية لا تصمد أمام أول اختبار؟

 

قد يعجبك ايضا