دمٌ وكلمةٌ في مواجهة الإبادة.. مجزرة مجمع ناصر الطبي تُعرّي الوحشية الصهيونية!!
غزة| وكالة الصحافة اليمنية
تحوّل مجمع ناصر الطبي في خان يونس، المفترض أن يكون ملاذاً آمناً، إلى مسرح لجريمة مركّبة وممنهجة، كشفت مرة أخرى عن الأبعاد المروّعة للعدوان المتواصل على قطاع غزة. في مشهد دراماتيكي يمزج بين الدم والنار، استهدف العدو الصهيوني المجمع، ليسقط 20 شهيداً، بينهم أطباء، وعمال إنقاذ، وكوكبة من الصحافيين الذين كانوا يحاولون نقل الحقيقة إلى العالم. هذه المجزرة ليست مجرد حادثة، بل هي تجسيد للسياسة الممنهجة في استهداف مقومات الحياة في القطاع، وتأتي في سياق يزداد فيه الحصار والتجويع، في ظل دعم أمريكي غير محدود.
تكتيك الإعدام المزدوج
وفقاً للمصادر الطبية والدفاع المدني في غزة، فإن الهجوم لم يكن عشوائياً، بل تم تنفيذه على مرحلتين، في تكتيك متعمد لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا. بدأ القصف باستهداف مبنى الاستقبال والطوارئ، ما أدى إلى سقوط شهداء، من بينهم الصحافي حسام المصري. هذا الهجوم الأول كان بمثابة فخ، حيث تجمع الصحافيون وطواقم الدفاع المدني لتقديم المساعدة وتغطية الحدث. وبعد دقائق قليلة، عاود العدو استهداف المكان بصاروخ مباشر، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد آخر من المسعفين والصحافيين.
الشهداء الأربعة من الصحافيين، محمد سلامة، حسام المصري، مريم أبو دقة، ومعاذ أبو طه، كانوا جزءاً من النسيج الحيوي الذي يحاول نقل المأساة، لكنهم تحولوا إلى ضحايا لها. هذه الجريمة رفعت عدد الصحافيين الشهداء إلى 245، في دليل دامغ على أن العدو يستهدف الكلمة والصورة، ويسعى بشتى الطرق لطمس معالم جرائمه.
دوافع وحشية وإدانة دولية
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكد في بيان رسمي أن الجريمة تمثل “استهتاراً وقحاً بالقانون الدولي الإنساني”، وأنها جزء من “الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الغاصب”. وأشار المرصد إلى أن الهجوم لم يكن عشوائياً، حيث تم رصد طائرة مسيرة صهيونية تستخدم لأغراض التصوير فوق المجمع قبل الهجوم، ما يؤكد أن القصف كان متعمداً ويستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة. هذا النمط من “القصف المزدوج” ليس حادثاً منفرداً، بل هو سياسة متكررة تستهدف شلّ عمليات الإغاثة، وإسكات الشهود، وتقويض أي حماية للمدنيين.
تأتي هذه الجريمة في ظل تصريحات من مسؤولين أمميين ودوليين، أبرزهم المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، التي طالبت بفرض عقوبات على صفقات الأسلحة لـ”إسرائيل”، مشيرة إلى أن الدول الأوروبية “لم تقم بما يكفي للضغط على إسرائيل”. هذه المواقف تعكس إدراكاً متزايداً لحجم التواطؤ الدولي الذي يتيح للعدو مواصلة جرائمه دون رادع.
إدانة وتأكيد على المسؤولية
فصائل المقاومة الفلسطينية أدانت بشدة المجزرة، واعتبرتها “وصمة عار على جبين البشرية”. فـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” أشارت إلى أن المجزرة تكشف “الوحشية والسادية المطلقة للعدو الإسرائيلي”، وأن “إصرار أمريكا ورئيسها المجرم على توفير الغطاء للعدو يتيح له مواصلة جرائمه”.
من جهتها، أكدت “حركة حماس” أن اغتيال الصحافيين “جريمة حرب ومجزرة مروّعة تهدف لثني الصحافيين عن نقل الحقيقة”، وطالبت بتحرك دولي فوري لوقف الإبادة الممنهجة في غزة. كما أدانت “حركة الجهاد الإسلامي” و”لجان المقاومة الفلسطينية” و”حركة المجاهدين” هذه الجريمة، مؤكدة أنها تعكس “انحطاط وإجرام” العدو، ودعت إلى حراك شعبي ودولي لمواجهة هذا العدوان.
إن ما حدث في مجمع ناصر الطبي هو حكاية جديدة تُضاف إلى سجل الإبادة الجماعية في غزة وشهادات حية على أن الحياة، والكلمة، والمساعدة الإنسانية، أصبحت أهدافاً مباشرة في حرب لا تعرف الرحمة، وتُشنّ بغطاء دولي مأساوي.