المصدر الأول لاخبار اليمن

“ترامب مات” بين الدراما والشائعات!

متابعات | وكالة الصحافة اليمنية

في مشهد يتشابك فيه الواقع مع الخيال، تصدر اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصات التواصل الاجتماعي، ليس بخبر سياسي أو تصريح جريء، بل بشائعة درامية أحدثت ضجة عارمة. “ترامب مات” كانت العبارة التي اجتاحت الفضاء الرقمي، محولةً البحث عن الحقيقة إلى رحلة متسارعة بين التكهنات، التحليلات، والتصريحات الرسمية. هذا المشهد المربك كشف عن ديناميكيات معقدة حيث تتداخل الحقائق الصحية للرئيس مع التصريحات السياسية الغامضة والتنبؤات الثقافية.

 

بحر من الشائعات

الانطلاق المثير لهذه القصة بدأ مع تصريحات نائبه جي دي فانس، التي حملت في طياتها ما هو أبعد من مجرد حديث روتيني عن جاهزية القيادة. ففي حوار مع صحيفة “يو إس إيه توداي”، تحدث فانس عن احتمالية وقوع “مأساة مروعة”، وأكد استعداده لتولي منصب القائد العام. رغم تأكيده على لياقة الرئيس البالغ من العمر 79 عاماً ونشاطه، إلا أن مجرد إثارة فكرة “الخلافة” في هذا السياق كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت نار الشائعات. تعليقات فانس لم تكن مجرد رد، بل فتحت نافذة على سيناريوهات مقلقة، وربطت بشكل مباشر بين الحالة الصحية للرئيس ومصير الأمة، وهو ما يعكس حساسية الوضع السياسي الراهن.

هذه التصريحات اكتسبت بعداً إضافياً على خلفية المخاوف الصحية التي تحيط بترامب. فقد كان الإعلان الرسمي عن إصابته بقصور وريدي مزمن في يوليو الماضي، إضافة إلى ظهور صور توضح تورم يديه وقدميه، بمثابة خيوط درامية تضاف إلى النسيج المعقد للرواية. الأمر هنا لا يتعلق بمرض عابر، بل بحالة صحية تلامس صميم قدرة القائد على تحمل أعباء السلطة. محاولتا الاغتيال التي نجا منهما الرئيس خلال حملته الانتخابية زادت من عنصر الإثارة والدراما في القصة، وجعلت من أي حديث عن “مأساة” محتملة، وإن كان من باب الافتراض، حديثاً ذا صدى عميق.

 

الفن والسياسة

التفاعل مع شائعة الوفاة لم يقتصر على السياسة فقط. فلقد لعبت الثقافة الشعبية دوراً محورياً في إعطاء هذه الشائعة زخماً جديداً. تعليقات مات جرونينج، مؤلف المسلسل الكرتوني الشهير “عائلة سمبسون”، في مؤتمر سان دييجو كوميك كون، أضافت طبقة من الغموض والغرابة. فربطه نهاية المسلسل بوفاة شخصية “معروفة”، ثم ذكر “الرئيس فانس” بشكل غير مباشر، كان بمثابة تأكيد رمزي للتنبؤات التي اشتهر بها المسلسل. هذه التنبؤات، التي طالما ارتبطت بترامب وأحداث سياسية كبرى، جعلت من تصريحات جرونينج، رغم طابعها الفني، محركاً قوياً للشائعة.

الجمهور لم ينظر إلى الأمر كصدفة، بل كشفرة جديدة في رواية “عائلة سمبسون” التي اعتادت على قراءة المستقبل. إن هذا التلاقي بين عالم الترفيه وعالم السياسة لم يكن مجرد صدفة، بل كشف عن مدى تغلغل الثقافة الشعبية في تشكيل الوعي الجمعي، وقدرتها على تحويل التكهنات إلى ما يشبه “الحقائق المسبقة”.

 

تكرار للتاريخ؟

التاريخ يعيد نفسه، وشائعة وفاة ترامب ليست الأولى من نوعها. ففي سبتمبر 2023، تعرض حساب ابنه للاختراق، ونشر المخترق خبراً كاذباً بوفاة الرئيس. هذا التكرار يبرز نمطاً ثابتاً: الشائعات الكاذبة عن وفاة الشخصيات العامة لم تعد مجرد أخبار عابرة، بل أصبحت جزءاً من استراتيجية تهدف إلى إحداث البلبلة والتلاعب بالرأي العام.

وفي كل مرة، كان الرد يأتي مباشرة من ترامب نفسه عبر منصة “تروث سوشيال” الخاصة به، وهو ما يؤكد أن النفي الرسمي يأتي دائماً، ولكن بعد أن تكون الشائعة قد حققت هدفها في إثارة الفوضى والجدل. هذا السيناريو لا يكشف فقط عن هشاشة البيئة الرقمية أمام الأخبار المضللة، بل يسلط الضوء على قدرة هذه الشائعات على تحويل القادة من شخصيات سياسية إلى أيقونات درامية محفوفة بالمخاطر، حيث تتشابك صحتهم وحياتهم مع مصائر الأمم، ويصبح مصيرهم مادة للتكهنات والتنبؤات، وهو ما يجعل كل خبر، مهما كان بسيطاً، يحمل في طياته أبعاداً سياسية عميقة.

 

قد يعجبك ايضا