غزة | وكالة الصحافة اليمنية |
مسنة فلسطينية بغزة منهكة من المرض، فتاة مشنجة ورجل فاقد وعيه، تاهوا عن الأطباء والممرضين، بين زحام المرضى في بركسٍ أعد خصيصًا لهم بجانب مبنى الطوارىء في مجمع ناصر الطبي، جنوبي القطاع، والذي يستقبل المصابين والشهداء “كأولوية”.
فأن تكون مريضًا بغزة في حربٍ طاحنة، كالتي تفتك بقطاع غزة منذ عامين، فهو مما لا يجب أن يحدث، لعدم وجود إمكانيات لإستقباله.
“كأن من لم يصب بالصواريخ والقصف عليه ألا يمرض وإلا يموت”، تقول الشابة لمدة أبو عليان، التي تقف بجانب شقيقتها بين إحدى الأسرى والممرات المكدسة بالمستشفى.
وتضيف أنه “لا يوجد أطباء كفاية ولا ممرضين، ولا أسرة، وأختي أصيب بتشنج مفاجىء ولم يستقبلها أحد”.
وتشير إلى أن أحد الأطباء الجدد استقبل شقيقتها بعد صرخاتها لأكثر من عشرة دقائق.
كما تفيد “الأسرة مليئة بالمرضى والبركس جوه حار، والتمريض مشغول من كثرة الناس، ولم نجد لأختي سرير وبقيت في الممرات ملقاة فترة طويلة”.
وتشهد مشافي قطاع غزة المتبقية من حرب الإبادة المستمرة، كارثة صحية على كافة المستويات، فيما يتعلق بالمرضى وإمكانيات استقبالهم من معدات وأدوية وأسرة، ومن عدد الأطباء المتواجدين، سيما في ظل استقبالها المتواصل على مدار الساعة للمصابين والشهداء.
وبسبب حالة الطوارىء واستهداف المشافي والحصار، انعكس الأمر على المرضى العاديين الذين يتوجهوا للمستشفيات، سواء من أمراض مزمنة أو معدية وأيضًا مصابين بفيروسات مجهولة، نتيجة حالة المجاعة وسوء التغذية.
لا إمكانيات ولا قدرات طبية
يقول الشاب محمود بركة لوكالة “صفا” إن “ما يجري في المستشفى لا يحتمل، أمي تعاني من إسهال واستفراغ من مدة، وكلما أحضرناها نتعب لا إمكانيات ولا عدد كافي من الأطباء والممرضين”.
ويفيد بأنه ومنذ ما يقارب الشهر ووالدته تعاني، دون قدرة الأطباء على معرفة سبب معاناتها.
ويقول مدير عام وزارة الصحة بغزة منير البرش “إن المستشفيات تعاني من أزمة بسبب ارتفاع عدد المصابين بالفيروسات، والتي لا نعرف مصدرها أو نوعها”.
وحسب البرش، فإن معظم المواطنين الذين يتواردون على المشافي، يعانون من التهابات غير نمطية وتفاقم وضع سوء التغذية الحاد، مشيرًا لوجود بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية بشكل خارج عن السيطرة.
“إنفلونزا واستفراغ متواصل ولا أدري ما الذي أصابه”، تقول والدة أحد المرضى في مجمع ناصر الطبي.
وتوضح أن ابنها البالغ 12 عاماً، يعاني من ارتفاع في درجات الحرارة، قائلة “الأطباء يستخدمون المسكنات، وبالكاد تنزل حرارته حتى تعود للارتفاع وهو بحاجة للبيات بالمستشفى، وفحوصات كثيرة”.
وتستدرك “لكن الأطباء يرفضون عمل دخول له للمبيت، ومما هو واضح فالسبب كثرة الأعداد على الأسرة”.
وتتساءل “ما ذنب ابني، هل ذنبه أنه غير مصاب ولا شهيد من اليهود، لما لا يكون لنا حق في علاجه كباقي أطفال العالم؟!”.
علاجات عرضية فقط
ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة انتشار واسع لسلالة جديدة من الإنفلونزا في قطاع غزة، بسبب الحرب والظروف الصحية والبيئية الكارثي التي يواجهها.
ويقول رئيس المكتب إسماعيل الثوابتة لوكالة “صفا”، إن السلالة الجديدة من الإنفلونزا، سريعة الانتشار خاصة بين نازحي الخيام، و الاكتظاظ الشديد، وانعدام توفر المياه والتهوية.
ويشدد على أن المستشفيات وعددها قليل بسبب استهداف معظمها بالقصف، تتعامل مع هذه الموجة المرضية في ظل نقص حاد في الكوادر والمستلزمات، وتعتمد على الرعاية الأولية والعلاجات العرضية فقط.
ويؤكد عدم وجود بروتوكولات علاجية متكاملة نتيجة إجراءات الاحتلال.
ويقدر عدد الإصابات بالفيروسات المجهولة بالقطاع نتيجة سوء التغذية، بالآلاف، خاصة بين الأطفال وكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة.
ويواصل الاحتلال منع دخول عشرات الأصناف من الأدوية الأساسية، في خرق واضح للمادة (56) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزمه بتوفير الرعاية الطبية للسكان تحت الاحتلال.
وتحذر مؤسسات طبية محلية ودولية في القطاع، من أن استمرار الوضع البيئي والصحي الراهن، وعدم توفر العلاجات اللازمة، تهدد بالانتشار الواسع للفيروسات داخل قطاع غزة.
ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب “إسرائيل” بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 62 ألف شهيد، بالإضافة لما يزيد عن 156 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.