المصدر الأول لاخبار اليمن

التحركات السعودية على حدود اليمن.. غطاء لحماية “إسرائيل”

رؤية تحليلية | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

إنها لحظة مفصلية في مسار الأحداث الإقليمية، حيث تتقاطع المصالح وتتبدل التحالفات في مشهد سياسي بالغ التعقيد. فمن عمق الصراع الدائر في المنطقة، تبرز تحولات دراماتيكية في سياسات المملكة العربية السعودية، كاشفةً عن أولويات جديدة في سياستها الخارجية، تضع اليمن في خانة العدو الأخطر، وهو ما يفسر تحركاتها الداعمة للكيان المؤقت.

لم تعد الرياض تخفي ميلها إلى التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي المؤقت، بل تسخّر جزءاً من قدراتها العسكرية، وعلى رأسها القوات الجوية، لحماية أمن هذا الكيان. هذه الديناميكية الجديدة تُشكّل تناقضاً صارخاً مع مواقفها المعلنة تجاه القضية الفلسطينية، وتؤكد أن البوصلة الحقيقية لسياستها الخارجية هي مواجهة ما تعتبره تهديداً مباشراً من اليمن.

إن هذا التحوّل يكشف عن رؤية استراتيجية جديدة، تتجاوز الأبعاد التاريخية للقضية الفلسطينية، وتضع المخاوف الأمنية في المقام الأول. فالتحالفات الإقليمية لا تُبنى على الروابط التقليدية، بل على أساس المصالح المشتركة والتهديدات المتصوّرة. وعليه، فإنّ أي دعم مقدم لأطراف يمنية ليس سوى جزء من خطة كبرى، الهدف منها إحكام السيطرة على المشهد اليمني، ولو كان الثمن هو الاصطفاف مع عدو تاريخي، والتغاضي عن جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

خلال الـ48 ساعة الماضية، كثّفت السعودية، تحليقها الجوي في المناطق الحدودية مع اليمن، وتحديدا في المناطق الحدودية المتاخمة لمناطق سيطرة سلطات صنعاء، إلى جانب قيامها بوضع قواتها الجوية في حالة تأهب لاعتراض أي هجمات يمنية ضد “إسرائيل” بذريعة حماية الأجواء السعودية.

في السياق، نقلت “صحيفة الأخبار اللبنانية” عن مصدر عسكري مطّلع أن “الاستنفار الجوي السعودي يأتي في إطار التعاون السعودي – الأميركي – الإسرائيلي”، مشيراً إلى أن “السعودية سخّرت قواتها الجوية، إلى جانب دول عربية أخرى، لحماية الاحتلال، فيما التزمت الصمت حيال جرائم الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني منذ عامين.

 

المسؤوليات المتشابكة

وعلى الرغم من أن هذه المرة هي الأولى التي تنشر فيها الرياض مقاتلاتها بالقرب من الحدود مع اليمن بهدف اعتراض صواريخ وطائرات مُسيّرة يمنية تُطلق في اتجاه الاحتلال، إلا أن هذا التوجه برز بالتزامن مع صدور بيان عن اجتماع لوزراء خارجية “مجلس التعاون الخليجي”، في الكويت، دان العمليات البحرية اليمنية في البحر الأحمر، بطلب من السعودية.

شهدت الأجواء على الحدود اليمنية- السعودية حركة غير مسبوقة، تمثلت في تكثيف تحليق الطيران الحربي ورفع حالة التأهب الجوي. لم تكن هذه المناورات رداً على تصعيد مباشر من جانب صنعاء، وإنما جاءت تحت غطاء “حماية الأجواء السعودية” من هجمات موجهة إلى الكيان . هذا التموضع يلقي بظلاله على طبيعة العلاقة بين الرياض وواشنطن، ويشير إلى أن القوات الجوية السعودية قد أُسند إليها دور غير معلن في شبكة الدفاع الجوي الإقليمية، التي تعمل على تأمين المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وحليفتها في المنطقة، “إسرائيل”.

هذا التنسيق الجوي الجديد يفتح الباب أمام تساؤلات حول أهداف الرياض. ففي الوقت الذي التزمت فيه الصمت إزاء جرائم الإبادة المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، تتسارع خطواتها لتأمين المجال الجوي لمن يتعرضون للقصف من جهة قوات صنعاء. هذا الموقف المزدوج لا يمكن فصله عن التواطؤ الذي كشفت عنه مصادر عسكرية مطلعة، حيث وصفت الاستنفار الجوي السعودي بأنه جزء لا يتجزأ من التعاون الثلاثي السعودي-الأميركي-الإسرائيلي، لاسيما وأن هذا التحول يأتي بالتوازي مع إصدار بيان من مجلس التعاون الخليجي، بطلب سعودي، يدين العمليات البحرية لقوات صنعاء في البحر الأحمر. هذا الربط المباشر بين الموقف السياسي والتحرك العسكري يوضح حجم التنسيق المتنامي وراء الكواليس.

 

لا خطوط حمراء

في هذا المشهد المضطرب، تبرز عمليات قوات صنعاء كعامل حاسم في تغيير المعادلات. فبحسب خبراء عسكريين، فإن العمليات الصاروخية والمسيّرة المكثفة في العمق الصهيوني والبحر الأحمر ليست سوى تمهيد لمرحلة جديدة. هذا التصعيد، الذي أُطلق عليه “لا خطوط حمراء أمامه”، يعكس استراتيجية عسكرية جديدة تتجاوز الخطوط التقليدية للصراع، وتؤكد على أن الرد على الجرائم لن يقتصر على حدود معينة، بل سيتصاعد بشكل لا يمكن التنبؤ به. هذا المشهد المتفاقم يعكس تعقيد الوضع الراهن، حيث تتصادم المصالح وتتداخل الأجندات، ويُبرز أن المنطقة تمثل نقطة محورية تُختبر فيها التحالفات وتُعاد فيها صياغة خرائط النفوذ الإقليمي.

 

 

 

قد يعجبك ايضا