أثار مقترح تشريعي أمريكي قُدم مؤخرًا في الكونغرس تحت عنوان “استعادة الديمقراطية التونسية” ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والشعبية التونسية، حيث وُصف بأنه محاولة تدخل سافرة في الشأن الداخلي، وغطاء لابتزاز سياسي تمارسه واشنطن تحت شعارات “الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
ويطالب المقترح، الذي تقدم به النائبان الجمهوري جو ويلسون والديمقراطي جيسون كرو، بفرض عقوبات على مسؤولين تونسيين، وتعليق المساعدات الأمنية والعسكرية، مع إعداد قوائم في غضون 180 يوماً تتضمن أسماء متهمين بالفساد و”انتهاكات حقوق الإنسان”.
كما يمنح الرئيس الأمريكي صلاحية رفع العقوبات في حال عودة تونس إلى دستور 2014 وتنظيم انتخابات بإشراف دولي.
رفض رسمي وشعبي تونسي
في أول تعليق برلماني، وصفت النائب فاطمة المسدي المقترح بأنه “قانون استعماري”، مضيفة بسخرية: “سنقترح في المقابل مشروع قانون لاستعادة غزة من الاحتلال”، في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية.
من جانبه، اعتبر القيادي في المعارضة هشام العجبوني أن “واشنطن هي آخر من يحق لها إعطاء دروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان”، متهمًا الولايات المتحدة بالتورط المباشر في “الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج في غزة”.
أما المتحدث باسم حزب التيار الشعبي، محسن النابتي، فقد وصف المقترح بـ”الابتزاز السياسي” الذي تمارسه “لوبيات ضغط أمريكية بسبب الموقف التونسي الرافض للتطبيع مع إسرائيل”، مضيفًا أن واشنطن تحاول فرض خيارين على تونس: “إما تقاسم السلطة مع وكلائها المحليين، أو رهن الاقتصاد التونسي تحت الوصاية الصهيونية”.
إدانة لمعايير مزدوجة
في السياق ذاته، رأى رئيس المكتب السياسي لـ”مسار 25 جويلية”، عبد الرزاق الخلولي، أن المشروع “غير ملزم قانونيًا” وأن واشنطن اعتادت على توظيف مثل هذه المبادرات كأداة ضغط “لإعادة إنتاج أدواتها ونفوذها في المنطقة”.
محللون: استهداف للموقف من فلسطين
ويرى مراقبون تونسيون أن المقترح التشريعي يعكس ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية الأمريكية، ويأتي في سياق معاقبة تونس على مواقفها المستقلة، خاصة دعمها العلني للقضية الفلسطينية ورفضها التطبيع مع إسرائيل.
ويؤكد هؤلاء أن محاولات التدخل تحت عناوين براقة مثل “حقوق الإنسان” و”الديمقراطية” لم تعد تنطلي على الشعوب، بل تكشف حقيقة الضغوط الغربية على الدول التي تتخذ مواقف سيادية ومستقلة.