في مجلس الأمن الدولي بشأن الاعتداء على الدوحة.. واشنطن تمنع الرد وتمنح الكيان الإسرائيلي حق العدوان
خاص | وكالة الصحافة اليمنية
انتهت جلسة مجلس الأمن الدولي حول العدوان على قطر بصدور إدانة واسعة من قبل المجتمعين، في حين استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في موقفها المبرر اعتداءاتها. هذا التطور يأتي في سياق يبرز التحديات التي تواجه آليات القانون الدولي والمنظمات الأممية في التعامل مع انتهاكات الكيان الإسرائيلي.
تفاصيل الجلسة ومبررات الاحتلال
وخلال الجلسة، وجهت دول عديدة إدانة واضحة للاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر، مستنكرةً الهجوم الذي استهدف دولةً كانت وما زالت تلعب دورًا محوريًا في الوساطة وتقديم الدعم في القضايا الإقليمية. ومع ذلك، لم يثنِ هذا الإجماع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن موقفها. حيث استغل مندوب الكيان الإسرائيلي منصة مجلس الأمن لتبرير الهجوم على الأراضي القطرية، مستندًا في ذلك إلى سابقة الغارة الأمريكية على الأراضي الباكستانية لاستهداف أسامة بن لادن.
وقد أكد مندوب الاحتلال، في حواره مع المندوب الباكستاني، على أن الكيان الإسرائيلي يرى في هذه السابقة ضوءًا أخضر لمواصلة انتهاكاته وتأكيد حقه في ملاحقة قادة حماس في أي مكان، بغض النظر عن سيادة الدول الأخرى. هذا الموقف يعتبر استراتيجيًا يهدف إلى شرعنة استخدام القوة العسكرية خارج الحدود، ويفتح الباب أمام المزيد من التوترات الإقليمية.
ردود الفعل والمآلات
في المقابل، لم تتجاوز ردود فعل الدول الأعضاء في مجلس الأمن المطالبة بقرارات وإجراءات رادعة، وهو ما يصطدم بواقع الصلاحيات المحدودة للمجلس، وخاصة في ظل وجود حق النقض (الفيتو). هذه المطالبات، على أهميتها، لم تترجم إلى أفعال حاسمة، مما يسمح لسلطات الاحتلال بالخروج من الجلسة بانتصار معنوي، حيث بدا أن الإدانة لم تكن كافية لردعها أو إجبارها على التراجع.
ويشير هذا المشهد إلى أن مجلس الأمن، رغم دوره في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، لا يزال يواجه تحديات كبيرة في فرض قراراته على الكيان الإسرائيلي. وبدلاً من أن تؤدي الجلسة إلى تغيير ملموس على الأرض، فإنها كشفت عن الفجوة بين الخطاب الدبلوماسي والواقع السياسي الذي تستغله سلطات الاحتلال لتوسيع نطاق اعتداءاتها وتبريرها. هذا الوضع يثير تساؤلات حول فعالية المنظمات الدولية في حماية الدول من الانتهاكات السيادية، ويسلط الضوء على ضرورة وجود آليات أكثر حزمًا لمواجهة الاعتداءات.
صباغ السياسة والمصالح
القيود التي تواجهها الدول المعتدى عليها من قبل الكيان الإسرائيلي في الحديث عن حق الرد بالمثل خلال جلسات مجلس الأمن، تبرز تعقيدات النظام الدولي وتوازن القوى القائم. هذا الواقع يعكس عدة عوامل متداخلة، تتجاوز مجرد النصوص القانونية وتدخل في صباغ السياسة والمصالح.
الدبلوماسية وسياسات التهدئة
تفضل العديد من الدول، وخصوصا تلك التي لديها علاقات معقدة ومتشابكة مع القوى الكبرى، النهج الدبلوماسي في مواجهة الاعتداءات. الحديث عن “حق الرد بالمثل” في المحافل الدولية قد يُفهم على أنه تصعيد أو دعوة للعنف، وهو ما قد يتعارض مع سياسات تلك الدول التي تميل إلى التزام الهدوء واستخدام القنوات الرسمية. هذا النهج يهدف إلى تجنب المزيد من التصعيد العسكري الذي قد يضر بمصالحها ويزعزع الاستقرار الإقليمي. كما أن المطالبة بتدخل مجلس الأمن، وتحديدًا بتطبيق البند السابع، يُعتبر وسيلة لإلقاء المسؤولية على المجتمع الدولي بدلاً من تحملها بشكل منفرد.
تأثير القوى الكبرى
يظل تأثير الولايات المتحدة، حليفة الكيان الإسرائيلي الرئيسية، هو العامل الأبرز في تحديد مسارات النقاشات داخل مجلس الأمن. أي حديث عن حق الرد العسكري من قبل دولة أخرى يُقابل على الأغلب بمعارضة شديدة، أو حتى يواجه تهديدًا بالـ “فيتو”. هذا الواقع يفرض على الدول الأعضاء، وحتى الدول المعتدى عليها، التكيّف مع هذا السياق السياسي والالتزام بحدود معينة في خطاباتها. فتركيز المندوبين على “حقوق” أقل استفزازًا، مثل الحقوق السياسية والدبلوماسية، يوفر لهم مساحة آمنة للتعبير عن الإدانة دون تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تثير اعتراضات القوى الكبرى.
تجاهل وتحدي المواثيق الدولية
في المقابل، يظهر موقف الكيان الإسرائيلي في الجلسة، والذي يتسم بالاستخفاف الواضح بالمواثيق والأعراف الدولية، استغلالاً صريحاً للتوازنات القائمة. إن تهديد مندوب الكيان الإسرائيلي بالحق في شن الهجمات دون هوادة، يؤكد على أن السلطات لا ترى في مجلس الأمن مرجعية رادعة، بل ترى فيه منصة يمكنها من خلالها تبرير أفعالها أو تجاهل الإدانات الصادرة عنه. هذه الازدواجية في التعامل مع القانون الدولي، حيث تلتزم بعض الدول بحدود الخطاب الدبلوماسي في حين يتجاهل الكيان الإسرائيلي تلك الحدود، يسلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين النظرية والممارسة في العلاقات الدولية.